السبت سبتمبر 7, 2024

ذكر صفاته وصورته الخِلْقية الطّاهرة

تتجلّى عظمة الرسول الأعظم ﷺ في أن الله تبارك وتعالى كمّل صورته وخِلقته، وخلقه سبحانه وتعالى صورة بهية وأعطاه جمالاً رائعاً في وجهه الشريف لم يعطه سبحانه وتعالى أحداً غيره من إخوانه الأنبياء، فهو ﷺ أجمل الخلق قاطبة وهو أجمل الأنبياء صورة بما فيهم نبي الله يوسف عليه السلام، فلقد كان جمالُ وجهه عليه الصلاة والسلام ممزوجاً ومقروناً بالهيبة العظيمة مما يدل على علو قدره ﷺ ومكانته وجاهه عند خالقه وبارئه على غيره من إخوانه الأنبياء والمرسلين، وفي هذا يقول الرسول الأعظم ﷺ: “ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيّكم- يعني نفسه ﷺ– أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتاً” رواه أحمد في مسنده.

وعن جُبير بن مُطعم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقرأ {وَالطُّورِ (1)} فكاد قلبي يطير- اي من حسن صوته ﷺ –وكان ذلك في بدء إسلام جُبير.

وأما عن أوصافه ﷺالخِلْقية وصُورته البهيّة التي وردت في كُتب الحديث الشريف فهي كما يلي:

كان النبيُّ الأعظم ﷺ مرفوع القامة، ربعةً معتدلاً إلى الطول لم يكن ﷺ من قصار الرجال ولا من الطوال، لكنه كان ﷺ معتدلاً إلى الطول أقرب، وكان ﷺ بعيد ما بين المنكبين اي عريض ما أعلى الظهر والصدر وهو دليل النجابة (والمنكب هو مجمع العضد الكتف).

كان المصطفى عليه الصلاة والسلام مشرق الوجه، وجهه أبيض مشرباً بحمرة (والإشراب خلط لون بلون كأن أحد اللونين سقي بالآخر)، يقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه في وصف النبي المصطفى ﷺ: كان أزهر اللون اي أبيض مشرباً بحمرة، رواه البخاري. ويقول واصفه أبو هريرة رضي الله عنه: “ما رأيت شيئاً أحسن من النبي ﷺ كأنَّ الشمس تجري في وجهه” رواه أحمد والترمذي.

ومما قيل شعراً في وصف لون الرسول ﷺ وعظيم أخلاقه:

وأبيضَ يُسْتسْقى الغَمامُ بِوجْهه

 

ثِمالُ([1]) اليتامى عصمة للأرامِل

كان المصطفى عليه الصلاة والسلام أشكل العينين، أي يُخالطُ بياض عينيه خطوط حُمر وهذا محمود ومطلوب، وكان ﷺ أدعج العينين اي عينيه واسعتين، مع كونه ﷺ شديد سواد الحدقة مع شدة بياضها.

وكان النبي المصطفى ﷺ دقيق الحاجبين لم يكن غليظهما، وكان حاجباه ﷺ متقاربين من غير اتصال وكان أهدب الأشفار اي كثير شعر الجفون.

وكان الحبيب المصطفى ﷺ واسع الجبين، أجلى الجبهة اي أن شعر رأسه غير متدل على جبهته، وكان ﷺ أفنى الأنف اي ليس في طرف أنفه نتوء عن أعلاه بحيث لا يكون جميلاً.

وكان النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام سواء البطن والصدر، جهير الصوت، طويل الذراع، قوي المشي إذا مشى كأنما ينحط من صبب اي كأنه ينحدر من مكان عالٍ، وكان من قوة مشيه ﷺ أنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعاً قوياً مسرعاً ولا يمشي ﷺ اختيالاً وكان ﷺ يُقارب خُطاه.

وكان النبي المصطفى ﷺ يقبل ويدبر بكل جسمه اي بكل أجزاء بدنه إذا التفت، فكان ﷺ يسارق النظر ولا يلوي عنقه وإذا توجه إلى شيء توجه إليه بكليته ولا يخالف ببعض جسده بعضاً.

وكان من شأنه عليه الصلاة والسلام أنه كان طيب الرائحة سواء تطيب أم لم يتطيب، وكان عرقه ﷺ الذي يرشح عن جسده الشريف كاللؤلؤ في البياض والصفاء، وكان ريحه ﷺ أطيب من المسك، فقد روى خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان إذا مرّ في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك فيقال: مرّ رسول الله ﷺ.

وورد أيضاً أن الصحابي عقبة بن غزوان قد أصابه مرض الشرى في ظهره وهو ورم كالدرهم حكّاك مزعج يحدث كرباً وإزعاجاً شديداً لصاحبه، فقال له النبي الأعظم ﷺ تجرد اي جرّد ظهرك من ثوبك، فلما فعل وضع الرسول المصطفى ﷺ يده عليه فشفي من مرضه بإذن الله تعالى وعبق الطيب به بعد ذلك إلى آخر حياته، وكان هذا الطيب أحسن من طيب المسك والعنبر وغير ذلك من الأطياب.

يقول الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه في وصف النبي ﷺ: كان رسول الله ﷺ أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خُلُقاً.

وروى البيهقي والطبراني عن أبي عبيدة بن محمد بن عمّار بن ياسر قال: قلت للربيع بنت معوذ: صفي لي رسول الله ﷺ قالت: لو رأيته لقلتَ الشمس طالعة.

وكان الحبيب المصطفى ﷺ شديد سواد الشعر لم يظهره في شعره من الشيب إلا نحو عشرين شعرة بعضها في أول رأسه وبعضها في لحيته وما سوى ذلك بقي على لونه الأصلي.

وكان شعره عليه الصلاة والسلام ليس بالجعد القطط وليس بالسبط اي ليس بالشديد الجعودة ولا بالمنبسط المسترسل بل كان شعره ﷺ بين ذلك. (والقطط هو شديد الجعودة، والسبط هو المنبسط المسترسل).

وكان شعره عليه الصلاة والسلام قد تحلّق حلقاً حلقاً، وكان أحياناً يضرب ويصل إلى أنصاف أذنيه وأحياناً إلى منكبيه الشريفين.

وكان النبي المصطفى ﷺ كث اللحية اي كثير شعرها غليظه.

وكان النبي ﷺ متماسك البدن لم يكن نحيلاً ولا سميناً، وكان عليه الصلاة والسلام شَثْنَ الكفين والقدمين اي غليظهما من غير قصر ولا خشونة (والمراد غلظ العضو في الخلقة لا خشونة الجلد، وذلك يستلزم قوة في القبض والمشي).

سيدي يا رسول الله… يا بحر الجمال والكمال والعطاء يا محمّد… يا سيّد الرّجال الممجّد … يا نِعْمَ المُؤيّد…

وأجمل منك لم تر قطُّ عينٌ

 

وأكملَ منك لم تلد النساءُ

خُلقتَ مُبرأً من كل غيبٍ

 

كأنك قد خُلقتَ كما تشاءُ

يا عُشّاق النبيّ الأعظم محمّد… يا أعظم وأجمل وأحسن إنسان يا مُحمّد

إنّي عشقتُ محمّداً قُرشيّا

 

حُبّاً يفوقُ محبّتي أبويّا

ماذا أُحدّثُ عن جمال مُحمّد

 

أرني كمثل الهاشمي ذكيّا

([1] ) ثِمالُ اليَتَامى: أي ملجأ وغياث، والمُطعمُ في الشّدّة.