خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ
قال الإمام الهرري t: «قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهلِي» رواهُ الترمذيُّ، ومعناهُ: الذي يُحسِنُ مُعامَلَةَ زَوجَتِهِ، يُعامِلُها بِالتَّواضعِ والعَطْفِ والرحمة والإحسانِ والعفوِ إذا هي أساءَتْ هو مِن أفضلِ الرجال؛ لأنَّ الذي يكونُ مع امرأتِهِ هكذا يكونُ معَ الغيرِ هكذا. كثيرٌ من الرجالِ على خِلافِ هذا الحديثِ يُعاملونَ نِسَاءَهُمْ، لا يَتَوَاضَعُ معَها، يَتَرَفَّعُ عليهَا هذا لا ينبَغِي، ينبَغِي أن يَتَوَاضَعَ معها ويُحْسِنَ إليها ويَصْفَحَ ويعفوَ عن سَيِّئَاتها، لا يُقَابِلُ الإساءَةَ بِالإساءَةِ».
وَقَالَ t: «كَلِمَةُ الأَهْلِ في اللغَةِ تُطْلَقُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى. الزَّوْجَة يُقَالُ لَهَا أَهْلٌ، وَالأَقْرِبَاءُ يُقَالُ لَهُمْ أَهْلٌ. الرَّسُولُ u قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»، مَعْنَاهُ: الزَّوْجَةُ، قَالَ: «وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»، أَيْ: أَنَا أَفْضَلُكُمْ فِي مُعَامَلَةِ أَزْوَاجِي. هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ تَوْصِيَةٌ بِحُسْنِ مُعَامِلَةِ الأَزْوَاجِ. الرَّسُولُ مَا كَانَ يُعَامِلُهُنَّ مُعَاملَةَ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِنَّ، كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِنَّ، يَأْتِي إِلَى بَابِ هَذِهِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبيْتِ وَرْحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَلَى هَذِهِ، وَعَلَى هَذِه، وَعَلَى هَذِهِ، مِنْ شِدَّةِ تَوَاضُعِهِ. أَكْثَرُ النَّاسِ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا جَبَّارِينَ عَلَى الزَّوْجَاتِ مُتَرَفِّعِينَ؛ هَذَا خِلَافُ الشَّرِيعَةِ، خِلَافُ مَا يَرْضَاهُ اللهُ. فِي أُورُوبَّا النِّسَاءُ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ ثُمَّ تَزَوَجَّهُنَّ بَعْضُ الْجَزَائِريِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ وَاللُّبْنَانِيِّينَ يَشْكِينَ فَظَاظَةَ وَسُوءَ خُلُقٍ فِي مُعَامَلَتِهِنَّ، هَذَا لَا يَنْبغِي. هَذِهِ الَّتِي أَسْلَمَتْ تَزَوَّجَتْ بِهَذَا الْمُسْلِمَ فَإِنْ عَامَلَهَا مُعَامَلَةً حَسَنَةً تَقْوَى فِي الدِّينِ، أَمَّا إِذَا عَامَلَها مُعَامَلَةً سَيِّئَةً قَدْ يُنَفِّرُها مِنَ الدِّين. بَعْضُ النَّاسِ فِيهِمْ قَسَاوَةٌ وَفَظَاظَةٌ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْإسْلَامِ. لَا يَتَرَفَّعِ الشَّخْصُ عَلَى زَوْجَتِهِ؛ بَلْ يَكُونُ مُتَوَاضِعًا مَعَهَا، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، يَكُونُ مُتَوَاضِعًا مَعَ زَوْجَتِهِ، لَكِنْ يَأْمُرُهَا بِمَا فَرَضَ اللهُ وَيَنْهَاهَا عَنِ الْمَعَاصِي. مَوَالِي أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُمْ أَلَيْسَ كَانَ لَهُمْ أَرِقَاءُ أَعْتَقُوهُمْ، كَثِيرًا أُعْتِقُوا، هَذَا إِذَا قُرِئَ بِفَتْحِ الْمِيمِ. أَمَّا الْمُوَالي، مَعْنَاهُ: الَّذِي يُنَاصِرُ أَهْلَ الْبَيْتِ، كُلُّ مَنْ يُنَاصِرُ أَهْلَ البَيْتِ، كُلُّ مَنْ يُنَاصِرُهُمْ يُقالُ لَهُ: مُوَالي أَهْلِ الْبَيْتِ. أَهْلُ البَيْتِ هُمْ أَزْوَاجُ الرَّسُولِ وَءَالُ عَلِيٍّ وَءَالُ عَقِيلٍ وَءَالُ جَعْفَرٍ وَءَالُ الْعَبَّاسِ هَؤُلَاءِ يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ. الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْصى بِإِكْرَامِهِمْ بِإِكْرَامِ أَهْلِ الْبَيْتِ، أَكَّدَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: «أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي».
بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَفَاتهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ ظَلَمُوهُمْ، بَنُو أُمَيَّةَ ظَلَمُوهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ، إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
أَضَاعُوا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ أَغْلَبُ حُكَّامِهِمْ، هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْبَيْتِ هَاشِمِيُّونَ، وَبَنُو أُمَيَّةَ لَيْسُوا مِنْ هَاشِمٍ. الرَّسُولُ هَاشِمِيٍّ. فَالْهَاشِمِيُّونَ يَقْدُمُونَ عَلَى الْأُمَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ قَبَائِلِ الْعَرَبِ».