خَلْقُ الْقَلَمِ الأَعْلَى وَاللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ:
خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ الأَعْلَى بَعْدَ خَلْقِ الْمَاءِ وَالْعَرْشِ وَهُوَ ثَالِثُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ جِرْمٌ عَظِيمٌ جِدًّا عَلَى شَكْلِ نُورٍ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْقَلَمِ الأَعْلَى اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ وَهُوَ رَابِعُ الْمَخْلُوقَاتِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ تَحْتَ الْعَرْشِ. وَجِرْمُهُ عَظِيمٌ جِدًّا مِقْدَارُهُ وَمِسَاحَتُهُ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، طُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَعَرْضُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْقَلَمَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَجَرَى بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ وَسَطَرَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُلَّ مَا سَيَكُونُ فِي الْعَالَمِ حَتَّى نِهَايَةِ الدُّنْيَا، وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَم ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
وَالدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَىْءٍ كَائِنٍ فِي هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مُسَجَّلٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ [سُورَةَ يَس/12]، وَمِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الإشعارات