قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: خَلَقَ الْخَلْقَ بِعِلْمِهِ وَقَدَّرَ لَهُمْ أَقْدَارًا وَضَرَبَ لَهُمْ ءَاجَالًا وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَىْءٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ.
الشَّرْحُ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ الأَزَلِىِّ وَتَقْدِيرِهِ الأَزَلِىِّ وَقَدَّرَ سُبْحَانَهُ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالرِّزْقِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدَّرَ ءَاجَالَ الْخَلائِقِ وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَىْءٌ مِمَّا حَدَثَ وَمِمَّا يَحْدُثُ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ فَالْمَخْلُوقَاتُ الَّتِى خَلَقَهَا فَدَخَلَتْ فِى الْوُجُودِ وَالَّتِى سَتُخْلَقُ وَلَمْ تَدْخُلْ فِى الْوُجُودِ بَعْدُ كُلٌّ بِعِلْمِهِ الأَزَلِىِّ الَّذِى هُوَ عِلْمٌ وَاحِدٌ شَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ الْمُمْكِنَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَبِالْوَاجِبِ الْعَقْلِىِّ وَبِالْمُسْتَحِيلِ الْعَقْلِىِّ بِهِ هُوَ عَالِمٌ كُلَّ مَا حَدَثَ وَكُلَّ مَا سَيَحْدُثُ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا وَلا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْعِلْمِ.