خَاتِمَة الكِتَاب
الحمد لله ربّ العالمين، وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيِّدنا محمد سيِّد الأنبياء والمرسلين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجهم وهديهم إلى يوم الدين، أما بعد يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [سورة الأحزاب: 36]، ويقول الله : {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة النساء: 65]، وقال تقدست أسماؤه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة ءال عمران: 31]، وقال تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [سورة الأحزاب: 21]، وقال سيِّدنا وحبيبنا وقدوتنا رسول الله محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى جميع إخوانه الأنبياء والمرسلين: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ»، فعلى العاقل أن يتأمل ما جاء في هذه الآيات والحديث من حال المؤمنين الكاملين الـمُسَلِّمين لربِّهم العاملين بأوامره والمقتدين برسول الله اقتداءً كاملًا المتبعين ما أمر الشرع به المؤثرين لطاعة الله على شهوة أنفسهم وءارائهم وملذاتهم الخاصة فلا يلتفتون إلى حظوظ أنفسهم وميلها إلى الشهوات الزائلة الفانية، فالذكي العاقل الفطن هو الذي يسرع إلى تنفيذ ما أمر الله به سواءٌ انكشفت له الحكمة من تلك الأوامر أو لم تنكشف، ويعتقد اعتقادًا جازمًا بل أدنى تردُّدٍ أن نجاحه وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة هي بتقوى الله، ولذلك أوصي أخواتي النساء بأن يسارعنَ إلى الوقوف عند حدِّ الشرع الشريف وأن لا يلتفتن إلى ما يزينه لهنَّ الشيطان والكافرون من الإنس من التفلتِ والخروجِ على أحكام الشريعة بدعوى تحرُّر المرأة أو التقدّم أو الحضارة أو ما يُسمَّى بحقوق المرأة تحت شعاراتٍ مزيفةٍ يريدون منها للمرأة المسلمة أن تعارض القرءان، بأن تستحلَّ ما حرَّم الله أو أن تعترضَ على أوامر رسول الله ﷺ فيما يتعلق بحجاب المرأة، وأمر تعدد الزوجات وأمرِ عقد النكاح الصحيح بولي الأمر والشاهدين، وأمر سنِّ الزواج، والحضانة ومسالة المصافحة والخلوة وخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه بغير حقٍّ، وتجرئة الزوجة على زوجها بالظلم والسفه والعدوان، وما يُسمَّى المساواة بين الرجل والمرأة مطلقًا في كلِّ الأمور والأحوال، وتحت مسمياتٍ كثيرةٍ وعناوين متعددة يريدون للمرأة أن تكون مبتذلةً مُهانةً رخيصةً بدليل ما نراه في وسائل الإعلامِ بكلّ أنواعها، فمثلًا إذا أرادوا بيعَ حذاءٍ يُعرُّونَ المرأة ويضعونه على ظهرها، وإذا أرادوا بيعَ ما يسُمَّى المكياج ومحمر الشفتين – وهو الطلاء الأحمر الذي يوضعُ على شفاه بعض النساء – تراهم يضعون طرف حذاء أحمر (اسكربينا كعب عالي) في فمها ليروّجوا بيع هذا الطلاء أنه على شفتيها وبلون حذائها، فهل هذه هي حقوق المرأة المزعومة؟ وهل هذه هي كرامة المرأة الـمُدَّعاة؟ وأكثر من ذلك عندما يعملون دعايات للخمور والأسرَّة وبعض أثاث البيوت، فإنهم يطلبون منها أن تقوم بتمثيل دعاية فيلمٍ مصوَّر أشبه ما يكون بأفلام الدعارة، وأشدُّ من ذلك وأكبر منه تجرئتها على الزنى وتحريضها على البغاء باسم الحبِّ والعشق والغراميات مما نشاهده ونسمع عنه من أحداث ومصائب وبلايا في كثيرٍ من الجامعات والثانويات والمعاهد والمدارس، ومما يجري في أكثر المجتمعات المتفلتة في الغرب والشرق من أنَّ بعض الشابات تحمل الواحدةُ منهن من الزنى بعد التنقل من شابٍّ إلى ءاخر وبعد مرور عشرات الشباب عليها بحيث تصيرُ لا تعرف الحمل مِنْ مَنْ ولِمن وكأنها تريد أن تعمل قرعةً لنسبة الولد للزاني الذي يطلع اسمه، وبذلك جعلوها مهانةً مبتذلةً.
وبعد كلِّ هذه القذارات يتكلمون باسم الدفاع عن المرأة على زعمهم، وقد وصلوا في إذلالها وتحقيرها كأسيادهم الجاهليين الذين كانوا يرون أنَّ المرأة كالبقرة أو الحمار الذي يورث ويُقسَّم في التركة، والحقُّ أن لا عزَّة ولا شأنَ ولا كرامةَ للمرأةِ إلَّا باتباع الإسلام وطاعتها لربها واقتدائها بنبيِّها ﷺ، وبذلك تكون مصانةً محفوظةً مكرمةً لها حقوقٌ يُحافظ عليها، وعليها واجباتٌ تلتزمها لتربح الآخرة فتلقى السعادة الأبدية.
فالحمد لله الذي شرَّف أحبابه وأعزَّهم بالتقوى وأذلَّ أعداءه وخذلهم بالمعصية.