خَاتِمَةٌ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَعْظَمُ النَّاسِ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا وَأَعْظَمُ النَّاسِ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ أُمُّهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.
فِى هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ عُظْمِ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ لِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ بِلا إِذْنِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَحَرَّمَ عَلَيْهَا أَنْ تُدْخِلَ بَيْتَهُ مَنْ يَكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا لَهَا أَوْ لا وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَمْنَعَهُ حَقَّهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَمَا يَدْعُو إِلَى ذَلِكَ مِنَ التَّزَيُّنِ إِلَّا فِى حَالَةٍ لَهَا فِيهَا عُذْرٌ شَرْعِىٌّ وَالْعُذْرُ كَأَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً لا تُطِيقُ مَا يَطْلُبُ مِنْهَا أَوْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهَا الْجِمَاعَ أَوِ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا بِغَيْرِ حَائِلٍ أَوْ تَكُونَ فِى حَالَةٍ تَفُوتُهَا الصَّلاةُ إِنْ أَجَابَتْهُ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهَا.
وَلا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا فِى مَا فِيهِ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ طَلَبَ مِنْهَا أَنْ تُقَدِّمَ لَهُ الْخَمْرَ لِيَشْرَبَهَا فَلا تُطِيعُهُ لِأَنَّهُ لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِى مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
تَنْبِيهٌ لا صِحَّةَ لِمَا شَاعَ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَطْلُقُ مِنْ زَوْجِهَا إِذَا أَتَاهَا فِى دُبُرِهَا لَكِنْ هَذَا حَرَامٌ لا يَجُوزُ فِعْلُهُ.
وَلِلزَّوْجَةِ حُقُوقٌ عَلَى زَوْجِهَا أَيْضًا مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ يُهَىِّءَ لَهَا النَّفَقَةَ وَالْمَسْكَنَ وَالْمَلْبَسَ وَأَنْ لا يَضْرِبَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلا يَظْلِمَهَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/19].
لَكِنْ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ نَاشِزَةً بِأَنْ كَانَتْ تَمْنَعُ زَوْجَهَا حَقَّهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَوْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ بِلا عُذْرٍ شَرْعِىٍّ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَيَنْبَغِى فِى هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَعِظَهَا زَوْجُهَا وَيُذَكِّرَهَا بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا نَحْوَهُ وَيَأْمُرَهَا بِتَقْوَى اللَّهِ.
وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهَا مِنْ أُمُورِ دِينِهَا أَوْ يُؤَمِّنَ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا أَوْ يَسْمَحَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى مَجَالِسِ الْعِلْمِ الشَّرْعِىِّ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ ذَلِكَ وَيَأْمُرَهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُثَابَرَةِ عَلَيْهَا وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَسَتْرِ عَوْرَتِهَا عَنِ الأَجَانِبِ وَنَحْوِهَا.
وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ وَمَا تَفْعَلُهُ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا زِيَادَةً عَلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الإِحْسَانِ وَفِيهِ أَجْرٌ لِمَنْ أَحْسَنَ النِّيَّةَ.