الإثنين أبريل 7, 2025

خَاتِمَةٌ

خُلاصَةُ مَا مَضَى مِنَ الأَبْحَاثِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَةِ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ اعْتِقَادًا فَهُوَ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ.

وَمَنْ عَرَفَ وَنَطَقَ وَلَمْ يَعْتَقِدْ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلا بِمُؤْمِنٍ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ لِخَفَاءِ بَاطِنِهِ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ يَتَظَاهَرُ بِالإِسْلامِ وَيَكْرَهُ الإِسْلامَ بَاطِنًا أَوْ يَتَرَدَّدُ فِي قَلْبِهِ هَلِ الإِسْلامُ صَحِيحٌ أَمْ لا فَهُوَ مُنَافِقٌ كَافِرٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/145]، فَهُوَ وَالْكَافِرُ الْمُعْلِنُ خَالِدَانِ فِي النَّارِ خُلُودًا أَبَدِيًّا.

وَقَوْلُ الْبَعْضِ: يَصِحُّ إِيـمَانُ الْكَافِرِ بِلا نُطْقٍ مَعَ التَّمَكُّنِ قَوْلٌ بَاطِلٌ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: »مَنْ نَشَأَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ يَكْفِيهِ الْمَعْرِفَةُ وَالِاعْتِقَادُ بِصِحَّةِ إِسْلامِهِ وَإِيـمَانِهِ لَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِالْمَرَّةِ«.

ثُمَّ مَنْ صَحَّ لَهُ أَصْلُ الإِيـمَانِ وَالإِسْلامِ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ الْعَمَلِيَّةِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَجْتَنِبِ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى أَنْ مَاتَ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ فَقَدْ نَجَا مِنَ الْخُلُودِ الأَبَدِيِّ فِي النَّارِ، ثُمَّ قِسْمٌ مِنْهُمْ يُسَامِحُهُمُ اللَّهُ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِلا عَذَابٍ وَقِسْمٌ مِنْهُمْ يُعَذِّبُهُمْ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُسَامِحُهُ وَمَنْ لا يُسَامِحُهُ.

وَأَمَّا مَنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ تَابَ فَأَدَّى جَمِيعَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَاجْتَنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ فَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ« حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُسْلِمُ أَوْ أُقَاتِلُ؟ قَالَ: أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ، فَأَسْلَمَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا«، أَيْ لِأَنَّهُ نَالَ الشَّهَادَةَ بَعْدَ أَنْ هَدَمَ الإِسْلامُ كُلَّ ذَنْبٍ قَدَّمَهُ فَالْفَضْلُ لِلإِسْلامِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَنْفَعْهُ أَيُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ. وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ الْتَحَقَ بِالْمُجَاهِدِينَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ قَوْمَهُ الَّذِينَ هُمْ مُسْلِمُونَ خَرَجُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ أَلْهَمَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّسُولَ فَسَأَلَ فَأَرْشَدَهُ الرَّسُولُ إِلَى أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ يُقَاتِل.