الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والثاني خبرُ الرسولِ المؤيَّدِ بالمعجزَةِ].

(الشرحُ): أنَّ خبرَ الرسولِ المؤيَّدِ بالمعجزةِ يوجبُ العلمَ اليقينيَّ القطعيَّ كالخبر المتواتر الذي يستند إلى المشاهدة أو السمع لاستحالةِ أنْ يُبَلِّغَ عنِ الله تعالى خلافَ ما أُمِرَ بتبليغِهِ لتأيُّدِهِ بالمعجزةِ النازلةِ منزلةَ قولِ الله تعالى صدقَ عبدِي فيما يُبَلِّغُ عَنِّي. والمعجزة أمرٌ خارِقٌ للعادةِ قُصِدَ به إظهارُ صِدْقِ مَنِ ادَّعَى أنه نبيٌّ مبعوثٌ من الله تعالى.

وأُريدَ بالرسولِ هنا النَّبِيُّ أيْ ما يشمل النبيَّ غيرَ الرسولِ والنَّبِيَّ الرسولَ. النبيُّ والرسولُ إذا أريد بكلٍّ منهما معنًى غير معنى الآخر يفترقانِ بأن النَّبِيَّ الرسولَ إنسانٌ بعثه الله إلى الخلق لتبليغ الأحكام مع نسخ بعض شرع من قبله أو نزولِ شرعٍ جديدٍ عليه أما النبيُّ غيرُ الرسول فهو من أُوحِيَ إليه بشرعِ مَن قبله وأُمِرَ بتبليغه.

قال المؤلف رحمه الله: [وهوَ يُوجِبُ العِلمَ الاستدلاليَّ].

(الشرحُ): الدليلُ ما يُمكن التوصُّلُ بصحيح النظر فيه إلى العلم بمطلوبٍ خبريٍّ، وخبرُ المعصومِ الذي هو نبيٌّ يفيد العلم القطعيَّ الاستدلالِيَّ أي الحاصلَ بالاستدلالِ أيْ بالنظر في الدليل.

ويُقال في ترتيب هذا الدليل النبيُّ من الأنبياء كمحمد أتى قطعًا بأمر خارق للعادة لا يمكن معارضته من قِبَلِ المعارِضِين بالمثل، ومَن أتى بمثل ذلك فهو صادق قطعًا، فمحمد صادق قطعًا. فهذا الدليل يتألف من مقدمتين ونتيجةٍ.

وهكذا يقال في موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء.

ومِنْ أمثلةِ العلم الاستدلالِيِّ العلمُ بحدوثِ العالَم الذي هو يقينيٌّ فإنه يُستدل على إثباته بدليل مؤَلَّف من قضيتين أيْ حُكْمَينِ ثم نتيجةٍ كأن يقال العالم متغير وكل متغير وكل متغير حادث فالعالم حادثٌ. وكذا إثبات وجود الصانع يُقال فيه العالَمُ حادثٌ وكل حادث له صانعٌ فهاتان قضيتان يُستخرج منهما المطلوبُ وهو العالم له صانع.