قال خالد الجندي في نفس المصدر في كتابه «فتاوى معاصرة» (ص91): «من شرب الخمر خلع ثوب الإيمان عن نفسه وتجرد من إيمانه».
الرَّدُّ: لا ينخلع الإيمان عن الإنسان إلا إذا وقع في نوع من أنواع الكفر الثلاثة: الكفر القولي أو الكفر الاعتقادي أو الكفر الفعلي.
وقال تاج الدين السبكي في طبقاته ما نصّه: ولا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفر أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف بقلبه فلا يزول اسم الإيمان والإسلام بشرب الخمر أو الزنا أو الظلم أو السرقة أو شهادة الزور إلا إذا استحلها فإنه يصير كافرًا. قال الإمام الطحاوي في بيان عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة: «ولا نكفّر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحلَّه».اهـ. أي: لا يكفَّر المسلم بارتكاب المعاصي والذنوب والكبائر مهما كثرت طالما يعتقد حرمتها، إنما يعتبر مسلمًا عاصيًا ونسمّيه فاسقًا. فمن ترك الصلاة والصيام والزكاة مع اعتقاده فرضيتها هذا مؤمن ناقص الإيمان، قال النووي في «شرح مسلم» باب: بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ما نصّه: في باب قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن». قال النووي: القول الصحيح الذي قاله المحققون أنَّ معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان.
وهذا من الألفاظ التي تدل على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة. وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث أبي ذر وغيره: «من قال لا إلـٰه إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق» رواه مسلم. وفي حديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا إلى ءاخره ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم: «فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن فعل شيئًا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارته ومن فعل ولم يُعاقب فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذّبه». فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله مع إجماع أهل الحق أن شارب الخمر والسارق والزاني لا يكفَّرون.