الدرس الثالث والخمسون
حال المؤمن عند الموت والعقيدة المنجية
الحمد لله رب العالمين وسلام الله ورحمته وبركاته على سيد المرسلين وعلى ءاله الطيبين الطاهرين.
أما بعد فقد قال رسول الله ﷺ ما من نفس تموت لها عند الله خير تحب أن ترجع إلى الدنيا ولو أن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا ويقتل مرة أخرى لما يرى من كرامة الشهادة اهـ [رواه مسلم] أى فضل الشهادة فى سبيل الله. وذلك لأن المؤمن التقى قبل أن تفارق روحه جسده تأتيه ملائكة الرحمة هو يراهم ويسمع كلامهم أما الذين عنده لا يرونهم ولا يسمعون كلامهم، هو يسمع من ملائكة الرحمة يقال له السلام عليك يا ولى الله أى يا حبيب الله عندما يسمع هذه الكلمة يمتلىء سرورا يذهب عنه الخوف من الموت ومن القبر، يحب أن يموت بسرعة أن تفارق روحه الدنيا بسرعة لأنه سمع تبشير الملائكة، كذلك عزرائيل يبشره، لذلك يحب الخروج من الدنيا ولا يخاف من القبر وذلك لأن هؤلاء ملائكة الرحمة منظرهم يفرح وجوههم كالشمس. بعض الناس يأتون إليهم من هؤلاء ملائكة الرحمة عدد كثير وبعض الناس أقل. ثم تلك الساعة بعض الناس الأتقياء يرون الرسول ﷺ يرفع عنهم الحجاب، هذا الحجاب الذى من هنا إلى المدينة يصير كالزجاج يرى الرسول ﷺ يضحك إليه ويبشره. بعد هذا لا يبقى فى روحه شىء من الفزع من الموت والقبر، ومع أن هذا المؤمن التقى يقاسى ألم سكرات الموت وسكرات الموت ألمها شديد أصعب ألم يمر على الإنسان فى حياته هو سكرات الموت. ومع هذا هذا المؤمن التقى وهو يقاسى سكرات الموت عندما يأتى هؤلاء ملائكة الرحمة قلبه يمتلىء فرحا.
ثم إن بعض المؤمنين يموتون فجأة من غير أن يمرضوا وهم عند الله لهم درجات عالية. سيدنا نبى الله داود مات فجأة من غير أن يلزم الفراش من المرض قبض الله روحه [رواه الحاكم فى المستدرك]. كذلك ابنه سليمان مات فجأة. هو سليمان عليه السلام الله تعالى كان ينبت فى مصلاه شجرة فيقول لم خلقت فتقول أنا لكذا وكذا خلقت فإن كانت لدواء كتب الدواء الذى منها تذكره [رواه الحاكم فى المستدرك على الصحيحين]. مرة نبتت فى مصلاه شجرة فقال لم خلقت فقالت لخراب هذا البيت معناه إشارة لموتك معناه حان موتك فسأل ربه أن يخفى موته عن الجن لأنه كان يقهر الجن والله تعالى أعطاه سرا، رؤوس الشياطين يطيعونه قسم منهم يبنون له أبنية وقسم منهم يخرجون له الجواهر من البحار يشغلهم أشغالا شاقة وإذا أحد خالفه الله ينزل به عذابا شديدا فطلب من الله أن يخفى موته عن الجن. مرة كان متكئا على عصاه فقبض الله روحه وهو واقف فمضى عليه سنة وهو واقف متكىء على عصاه والجن لا يعلمون بموته كانوا يعملون فى الأعمال التى هو أمرهم بها كلفهم بها ما شعروا بموته. بعد ذلك دويبة أكلت عصاه فوقع على جنبه الأيمن فعرف الجن أنه مات. ثم الجن شكروا هذه الدويبة صاروا يأتون لها بالماء، هى تبنى بيتها على سقوف البيوت التى من خشب، الجن صاروا يأتونها بالماء الذى تبل به التراب الذى هى تبنى به بيتها فرحا بما فعلت. هذه الحشرة معروفة فى بلاد العرب تبنى بيوتها على السقوف وعلى المكتبات أى شىء هو خشب تبنى بيتها والكتب تأكلها والسقف الخشبى تنخره.
كذلك كثيرا من الناس يموتون وهم فى الصلاة وبعضهم وهم يمشون وبعضهم وهم يتحدثون مع الناس ويضحكون فى أثناء الضحك يموتون ليس كما يقول بعض الناس من مات فجأة نزل عليه غضب الله. الولى يموت فجأة والكافر الفاجر يموت فجأة، هذا ليس علامة على أن هذا الميت لا خير له عند الله. والصالحون أولياء الله كثير منهم يشدد عليهم عند الموت فيزدادون درجات بهذا الألم الذى يقاسونه، الله يحفظهم من أن يتخبطهم الشيطان لأن الشيطان يبذل جهده فى إغواء المؤمن عند الموت لإخراجه من الإيمان إلى الكفر. الصالحون لا يؤثر فيهم إغواء الشيطان قلوبهم تبقى ثابتة على الإيمان أما بعض الناس من شدة الألم قد يسبون الله يعترضون على الله فيكون ختم لهم بسوء الخاتمة. الله يحفظنا من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت.
ثم إن المؤمن الولى إنما صار وليا لأنه تعلم علم الدين العقيدة والأحكام على مذهب أهل السنة، اعتقد عقيدة أهل السنة التى كان عليها الرسول والصحابة ومن تبعهم بالاتصال إلى هذا الوقت أما من لم يتعلم علم أهل السنة مهما عمل من العبادات مهما اجتهد فى العبادات فلا يصير وليا مهما أكثر من الذكر مهما أكثر من قراءة القرءان مهما أكثر من الحج والصدقات لا يصير وليا.
لذلك أهم أمور الدين عقيدة أهل السنة وهى معرفة الله بالتنزيه ومعرفة رسوله، هذا أصل العقيدة عقيدة الإيمان، هذا أصل عقيدة الإسلام. الله تبارك وتعالى لم يكن فى الأزل غيره. قبل أن يخلق الله تعالى العالم ما كان مكان ولا جهة ما كانت الجهات الست فوق وتحت ويمين وشمال وأمام وخلف، ما كانت، ما كان نور ولا ظلام، والله تبارك وتعالى موجود ليس لوجوده ابتداء وما سوى الله كله لم يكن ثم كان هو خلقه. أول ما خلق الله الماء والعرش ثم مضى زمان لا نور فيه ولا ظلام ولا ليل ولا نهار، بعد ذلك بزمان خلق الله الليل والنهار، خلق الظلام أولا قبل النور. ثم الله تبارك وتعالى خلق العالم على صنفين صنف حجم وصنف صفة الحجم، الحجم إما أن يكون كثيفا وإما أن يكون لطيفا. الضوء والريح والظلام والروح هؤلاء حجم لطيف لا ينضبط باليد لا يجس باليد حتى يضبط وقسم من الحجم شىء يجس باليد كالإنسان والحجر والشجر والنجم والشمس والقمر، كل هؤلاء حجم يجس باليد. قبل أن يخلق الله العالم ما كان حجم لطيف ولا حجم كثيف ثم الله تعالى جعل للحجم اللطيف والكثيف صفات. الحجم اللطيف والحجم الكثيف له مقدار إما أن يكون شيئا صغيرا وإما أن يكون شيئا كبيرا وإما أن يكون بين الصغير والكبير. أصغر حجم خلقه الله مما تراه العيون هو الذى يقال له الهباء هذا الذى يرى فى ضوء الشمس عندما يدخل من النافذة كالغبار. وأوسع حجم خلقه الله مساحة هو العرش وهو سرير له أربعة قوائم. الله تعالى لا يوصف بالحجم الكبير ولا بالحجم الصغير لأنه لو كان له حجم لكان له أمثال فى خلقه لذلك الله ليس حجما صغيرا ولا حجما كبيرا، كذلك الله منزه عن صفات الحجم. ما هى صفات الحجم الحركة والسكون. الحجم إما ساكن وإما متحرك وإما متحرك وقتا وساكن وقتا. العرش والسموات السبع دائما ساكنات والنجوم دائما متحركة والإنسان والبهائم والجن يتحركون مرة ويسكنون مرة. كذلك الحجم اللطيف الضوء والظلام له حركة وسكون، الليل يأخذ مساحة من الأرض ثم بعد طلوع الشمس ينزاح هذا الظلام ويحل النور محله يأخذ الضوء مساحته. الله تعالى لا يوصف بأنه حجم لطيف ولا بأنه حجم كثيف ولا بأنه متحرك ولا بأنه ساكن. أى صفة من صفات العالم لا تجوز على الله.
هذا معنى الآية ﴿ليس كمثله شىء﴾ هذه الآية تدل على هذا المعنى لفظها وجيز ومعناها واسع. من اعتقد أن الله هكذا أى ليس كمثله شىء عرف الله أما من اعتقد خلاف هذا فهو لم يعرف الله. هذه الآية تنزه الله عن أن يكون متحيزا فى جهة فوق وعن أن يكون متحيزا فى جهة تحت فمن اعتقد أن الله متحيز فى جهة فوق كالوهابية فإنهم شبهوا الله بخلقه فليسوا عارفين بخالقهم بل هم جاهلون بخالقهم. لو كان الله متحيزا فى جهة فوق لكان له أمثال كثير ولو كان متحيزا فى جهة تحت لكان له أمثال كثير. هو الله تبارك وتعالى خلق الجهات الست وجعل بعض خلقه فى جهة فوق كالعرش واللوح المحفوظ وجعل بعض خلقه فى جهة تحت كالبشر والجن والبهائم. جهة فوق جعلها للملائكة. الملائكة كثيرون أكثر الملائكة حول العرش، حافون من حول العرش محيطون به يطوفون بالعرش كما نحن نطوف بالكعبة فى مكة. هو أمرهم بذلك كما أمر المؤمنين من الإنس والجن بالطواف بالكعبة أما الله تبارك وتعالى ليس ساكنا العرش ولا الكعبة إنما الملائكة أمروا بأن يطوفوا بالعرش ونحن أمرنا بأن نطوف بالكعبة فى مكة. هذا العرش الذى هو أكبر جسم الله تعالى حفظه فى مكانه لو لا أنه بقدرته حفظه هناك كان هوى وما ثبت هناك لحظة. كذلك السموات السبع ما ثبتت لحظة لولا أن الله أمسكها بقدرته ومنعها من أن تهوى إلى أسفل منعها من الهوى إلى أسفل. وهذه الأرض التى تحملنا هو بقدرته أمسكها وإلا لحظة ما ثبتت. كانت هوت إلى تحت. والله تبارك وتعالى، تعالى وتنزه عن أن يكون متحيزا فى جهة فوق وعن أن يكون متحيزا فى جهة تحت فالله تبارك وتعالى هو حامل العرش والملائكة الذين يحملون العرش. هو الذى حفظهم فى مركزهم وإلا أولئك الملائكة ما ثبتوا هناك. من يمسكهم هناك من يمنعهم من الهوى إلى أسفل لولا أن الله أبقاهم هناك بقدرته. سخافة عقل الاعتقاد بأن الله قاعد على العرش.
العرش الله خلقه ثم حفظه فى ذلك المكان فلم يهو إلى أسفل. هؤلاء الوهابية عقولهم سخيفة يعتقدون أن الله الذى خلق العرش قاعد على العرش وأولئك الملائكة يحملون العرش، أى سخافة عقل هذه.
ثم إن الوهابية يوردون ءايات قرءانية ويفسرونها على الظاهر لا يفسرونها كما فسرها أهل السنة والجماعة، الحذر الحذر منهم. القرءان بعض ءاياته لا يجوز تفسيرها على الظاهر بل تلك الآيات لها معان غير الظاهر. بعض الآيات ظاهرها أن الله فى جهة فوق وبعض الآيات ظاهرها أن الله فى جهة الأرض لا يؤخذ بظاهر تلك الآيات ولا بظاهر الآيات الأخرى بل يؤخذ بقوله تعالى ﴿ليس كمثله شىء﴾ لا يغرنكم قولهم الرحمٰن على العرش استوى أى جلس على العرش، لا تصدقوهم، ليس معنى الآية جلس بل معناها قهر معناه الله قهر العرش أى قهر كل شىء فلا يؤخذ بظاهر ءاية ﴿الرحمٰن على العرش استوى﴾ ولا بظاهر ءاية ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ هذه الآية الثانية ظاهرها أن الله محيط بالعالم بذاته بحيث إن الإنسان إذا صلى إلى أى جهة يكون متجها إلى ذات الله. الآية لا تفسر بهذا الظاهر بل لها معنى ءاخر. فثم قبلة الله معناه أى جهة تتجهون إليها وأنتم على ظهر الدابة تصلون السنة، مثلا راكب الفرس يصلى الفرض على الأرض ثم عندما يركب فرسه ويتجه إلى جهة من الجهات مسافرا يجوز أن يصلى النافلة راكبا على الفرس متوجها إلى جهة سفره أما الفرض فيصليه الإنسان مستقبلا للكعبة.
أوصيكم بالحذر من الوهابية. الوهابية ما عرفوا الله يقولون الله قاعد على العرش وله أعضاء يطلع وينزل، جعلوه كخلقه. ثم أيضا يكفرون المؤمنين بغير سبب. عندهم من قال يا محمد كفر. عندهم قتله حلال. والذى يقول يا رسول الله عندهم كافر والذى يزور قبر ولى أو نبى ليعطيه الله البركة عندهم كافر. والذى يعلق على رقبته الحرز الذى فيه القرءان عندهم كافر. والذى يعمل المولد عندهم كافر. الآن فى المولد خففوا كانوا يقولون الذى يعمل المولد كافر والذى يذبح فى المولد ويطعم الناس هذا أحرم من لحم الخنزير. أما الآن لأن الناس كرهوهم لقولهم هذا خففوا. أما الذى يقول يا محمد يكفرونه. فى أيام الرسول الناس كانوا يقولون يا محمد وبعد وفاة رسول الله كانوا يقولون يا محمد حتى إن عبد الله بن عمر بعد وفاة رسول الله رجله أصابها شلل فقيل له اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد فشفيت رجله فى الحال. هذا من الصحابة والرسول كان يحبه وقال عنه صالح يعنى ولى. هذا عبد الله بن عمر قال يا محمد ما كفره أحد. هذه الوهابية الملعونة يكفرون من يقول يا محمد، هم الكفار.
الوهابية دينهم جديد منذ مائتين وخمسين سنة ظهروا فى أرض تبعد من مكة نحو ألف كيلومتر. وحزب الإخوان دينهم جديد منذ ستين سنة طلع فى مصر. وحزب التحرير كذلك عقيدتهم فاسدة دينهم طلع منذ ستين سنة كذلك. حزب التحرير يقولون الإنسان هو يخلق أفعاله التى يفعلها بإرادته، إن مشى هو يخلق هذا المشى وإن نظر إلى شىء يقولون هو يخلق هذا النظر وإذا تكلم يقولون هو يخلق الكلام وإن فكر فى شىء يقولون هو يخلق هذا التفكير.
أهل السنة يقولون الله يخلق كل شىء، الأجسام والأفعال حركات الناس ونطقهم ونظرهم وتفكيراتهم الله يخلقها هكذا عقيدة أهل السنة الذين هم موافقون للقرءان والحديث.
هذا الذى نعلمكم ويعلمه جماعتنا هو ما كان عليه الصحابة ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا. اذهبوا إلى مصر إلى المغرب إلى الجزائر إلى باكستان إلى الهند إلى إفريقية إلى تركية كل هؤلاء علماؤهم يقولون كما أقول لكم. نحن لا نعلم دينا جديدا إنما نعلم ما جاء به الرسول ﷺ وعلمه أصحابه. بارك الله فيكم.