الجمعة أكتوبر 18, 2024

حين يلتقي المرء شخصاً آخر ويبدأ معه حديثاً ثم يسترسل معه في الحديث دون أن يبادره بالسؤال عن اسمه ما هو الشعور الذي في داخل ذلك الشخص؟

إن أدنى ما قد يتولد فيه من شعور هو أن محدثه لم يعره اهتماماً كافياً لأنه تناسى التعرف على عنوانه العام وهو اسمه. بينما لو قدم له هذا السؤال في اول لقاء هو الأفضل أو في أثناء الحديث: ما هو اسمكم؟ أو وددت التعرف على اسمكم لتحركت مشاعره متجهة إلى مخاطبه، والتعارف سنة.

وأنه من اللائق أن يدخل أناس مع آخرين في أحاديث قد تمتد لساعات وتسألهم عن أسمائهم.

وترك ذلك قد يرجع في بعض الأحيان إما إلى حالة كبر موجودة فيهم أو إلى انعدام أو ضعف اهتمامهم بالتعارف أو إلى تقصير أو قصور في ثقافة التعامل بين الناس. وأيا كانت الحالة ينبغي للمرء ويفضل له أن يتعرف على اسم محدثه.

وقد يتساءل المرء: ما هو الداعي للتعرف على اسم شخص سيفارقني وربما لن أراه في المستقبل؟ وما الذي سأجنيه من ذلك؟

والجواب: وما الذي يخسره المرء حينما يسأل عن اسم من يلقاه؟ بل لربما أصبح هذا صديقاً حميماً للمرء في الحياة. وكم من أفراد أصبحوا أصدقاء حميمين لآخرين بسبب التعرف على أسماء بعضهم البعض، وحاجة الناس بعضهم إلى بعض كثيراً ما تجمعهم.

إن التعرف على اسم الشخص الآخر فضلاً عن أنه عادة حسنة إن سلمت النية وحسن القصد فهو يسهم في كسب مودة ذلك الشخص ومحبته والدخول إلى قلبه وقد يكون احدنا جرب أن يتعرف على اسم من لاقاه أو اسم محدثه وأحس بذلك الشعور الذي يتولد فيه.

ويشكل التواضع دوراً كبيراً في السؤال عن اسم الشخص الآخر، لأن المتواضع لا يجد حاجزاً في التعرف على الآخرين بل يكون سعيداً وهو يتعرف عليهم.

حكي عن بعضهم أنه كان إذا التقى بمن لم تسبق له معرفته اتخذ لذلك أسلوباً لائقاً تدرج فيه إلى سؤاله حتى يجد المرء غضاضة في إخباره فلا يستشعر منه أنه يدخل في خصوص لا ينبغي له أن يسأل عنه، تعرف على اسمه الكامل وأسماء أولاده وذويه المقربين ووقف على طبيعة عمله وآرائه العامة. ثم يحتفظ بهذه المعلومات في ذهنه كجزء من الصورة التي اختزنها في مخيلته لهذا الصديق، فمتى التقاه ثانية وسعه أن يربت على كتفه ويسأله عن الأزهار الجميلة التي تنبت في حديقة داره، فلا عجب إذن ان يكون له على مر الأعوام معارف وأصدقاء.

ومتى ذكرت اسم شخص صادفته وناديته به في المرة التالية التي تلقاه فيها فثق أنك أديت له مجاملة لطيفة باقية الأثر، أما لو نسيت اسمه أو نطقت به خطأ فقد لا يشعر الطرف الآخر بأنك تهتم به.

ومن هنا فإن المرء بحاجة إلى أن ينشط ذاكرته في حفظ أسماء من يلتقي بهم من الناس.

ومن الطرق الناجحة في تذكر الأسماء ان تستمع جيداً إلى الشخص وهو يلي لك باسمه وأن تردده أكثر من مرة وفي أثناء الحديث لكي يرسخ في ذهنك وأن تربه بذاكرة بصرية.

وعن حفظ وتذكر الأسماء ينقل عن بعضهم أنه كان لا يستطيع أن يذكر اسم كل شخص التقى به. كان إذا لم يسمع اسم محدثه واضحاً قال له: آسف لم أستطع أن ألتقط الاسم تماماً. فإذا كان السام على كشيء من الغرابة سأل: كيف يتهجأ؟ ثم يأخذ على عاتقه خلال المناقشة أن يكرر الاسم عدة مرات ويحاول أن يربطه في ذهنه بصورة صاحبه وملامحه وتعبيراته ومظر العام ومتى خلا لنفسه كان يدون الاسم على قرطاس ثم يتأمله مليا ويحصر ذهنه فيه.

وتذكر الأسماء ليست مسألة صعبة بل هي سهلة وهو بالمران يقوى ويسهل ا:ثر فأكثر ولكن كثيراً من الناس يتعذر عليه بسبب ضعف حفظه لأسماء من يلقاهم بازدحام الأعمال كثرة الانشغالات ولكن لو علم أولئك أهمية التعرف على الناس وتذكر أسمائم لما قصروا في ذلك.

فلكي يكسب المرء حب الناس له ينبغي له أن يعلم ان اسم الشخص الآخر هو شيء مؤثر عنده، ويحفظه لاسم هذا الشخص يشعر الأخير بأنه يهتم به وبذلك يدخل المرء إلى قلبه فيحبه.