قال الشيخ: قول سيدنا علي «ارتحلت الدنيا» هذا يذهب من هنا وذاك يأتي من هناك إلى هنا.
قال الشيخ: قال سيدنا علي رضي الله عنه: «ويل لمن لم يتعلم، وويل لمن تعلم ولم يعمل».
قال الشيخ: سيدنا علي رضي الله عنه روى عنه كميل بن زياد: «لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه».
قال الشيخ: قال عبد الله بن عباس: «افهموا عني ما أقول حتى لا يخرج من هنا أحد فيقول عني ما لم أقل» رواه البيهقي.
قال الشيخ: عليكم بالإصغاء وتوجيه القلب إلى ما يملى عليكم، رب إنسان يحضر بجسمه ويكون غائبا بقلبه، هذا يكون كالذي حضر السوق وخرج من غير أن يشتري ما يربحه أو يبيع ما يربح فيه.
قال الشيخ: سيرتنا أن لا نحابي في دين الله تعالى([1]).
قال الشيخ: إذا سمعتم كلاما قبيحا فيه كفر انظروا في أنفسكم ماذا يفهم القائل من هذه العبارة هل يفهم المعنى الكفري الذي أنتم تفهمونه أم يفهم معنى ءاخر، لكن يحذر من هذه الكلمة حتى يتجنب فيما بعد، كذلك اللفظ إذا كان له معنيان أحدهما كفر والآخر ليس كفرا لا تقولوا كفر حتى تعرفوا ماذا عنى بهذه العبارة، تقولون له إن عنيت بهذه الكلمة هذا المعنى الكفري كفرت وإن لم تكن تعني هذا المعنى الكفري ما كفرت.
قال الشيخ: الذي يحب المال إلى حيث لا يبالي إن كان بالحلال أو بالحرام هذا يضر نفسه، أما مجرد حب المال ليس حراما.
قال الشيخ: من تكلم بلفظ ظاهر في الكفر وليس صريحا لا يقال له كفرت حتى يعرف أنه أراد المعنى الكفري، أما من تكلم بلفظ صريح في الكفر فيحكم عليه بالكفر كالذي يقول أخت ربك، أو قال أنا لا أؤمن بمحمد هذا صريح لا يقال له ماذا أردت، يحكم بكفره.
أما إذا قال شخص الصلاة على النبي مكروهة فهذا ليس صريحا في الكفر لأنه في اللغة كلمة النبي لها معنيان، الرجل الموحى إليه بالنبوة، والمعنى الآخر الأرض المحدودبة، لا نكفره حتى ننظر ماذا يفهم من هذا لأن الصلاة في الأرض المحدودبة مكروهة لأن الشخص لا يخشع في صلاته عليها، أما إن عرفنا أنه لا يفهم من كلمة النبي إلا معنى النبي الذي أرسله الله ولا يفهم من النبي الأرض المحدودبة نكفره. الظاهر في اصطلاح الأصوليين والفقهاء ما لم يكن صريحا، أما الصريح ما ليس له تأويل. إذا قالوا ظاهر ليس معناه أنه ليس له معنى إلا هذا، معناه أن هذا المعنى هو الأقرب لهذا اللفظ، هذا معنى
الظاهر.
قال الشيخ: الله تعالى يجعلكم من العاملين بحديث قدسي رواه الحاكم وصححه: «حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتناصحين في وحقت محبتي للمتواصلين في وحقت محبتي للممتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في» حقت أي ثبت.
فكونوا عباد الله إخوانا متناصحين كما أمر رسول الله ﷺ وليتفقد بعضكم بعضا فإذا مضت مدة لم ير فيها أحدكم أخاه فليسأل عنه أو ليزره، وبهذا تقوى المحبة وتقوى الدعوة. وفقكم الله وبارك الله فيكم وعليكم.
وورد فيمن اتصف بهذا بأنهم يكونون على منابر من نور يوم القيامة. أما معنى «المتناصحين» هو أن يدل بعضهم بعضا على الخير الذي يحبه لنفسه ويحذره من الشر، وأما معنى «المتواصلين في الله» فهو أن يزور بعضهم بعضا، وأما معنى «المتباذلين» فهو أن يتهادوا فيما بينهم فإن الهدية تقوي المحبة، وينبغي التباذل ولو بشيء خفيف كالسواك وما أشبه ذلك، وأهم هذا كله التناصح وهو أن يرغب لأخيه ما يرغب لنفسه من الخير وأن يبعده عما يكرهه لنفسه مما هو شر عند الله، ومن لم يتيسر له التزاور لبعد المسافة يراسله بالكتابة مع إرسال السلام من غير طول العهد.
هذا وأوصيكم بتقليل الكلام وأن توصوا غيركم أيضا بذلك فإن في تقليل الكلام سلامة من كثير من المهالك، وأوصيكم بعدم التسرع في الحكم على من بلغه بان فلانا قال كذا بأنه كفر، من سأله سائل عن كلمة ليسأله ماذا تفهم من هذه الكلمة أي معنى تفهم، لأن الكلمة قد تكون صريحة في معنى كفري لكن قائلها لا يفهم منها ذلك المعنى بل يفهم منها معنى ليس كفرا، أما إن سأله فذكر ما هو كفر فليقل له تشهد منه إن كنت قلته بإرادة.
وكثيرا ما يبلغني عن بعض المدرسين أنه أفتى بأن كلمة كذا كفر فكفر قائلها ويكون ذلك التكفير في غير محله إما لكون تلك الكلمة تحتمل معنيين معنى كفريا ومعنى غير كفر فيتسرع المدرس فيقول هذا كفر فيكون أهلك نفسه وأهلك السائل. الحذر الحذر من هذا التسرع.
وأوصيكم بالتزام التواضع ونبذ الترفع على الناس. عليكم بتحسين الظن من بعضكم في بعض وأن يرى الواحد منكم الفضل في أخيه.
هذا وأسأل الله لي ولكم أن يوفقنا للزوم سنة نبينا محمد، اللهم أحينا على السنة وأمتنا على السنة وابعثنا على السنة والحمد لله رب العالمين وأستغفر الله لي ولكم وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى.
قال الشيخ: أوصيكم بالصبر على مشقة التعليم والحلم، فالحليم هو الذي لا يستفزه الغضب. اليوم في هذا الزمن تعليم علم أهل السنة ازداد أهمية لأن المنحرفين كثروا، اليوم فيما بينكم في هذا البلد وفي غيره توجد ثلاث فرق كل تدعو إلى الضلال باسم أهل السنة فالناس إذا تعلموا علم أهل السنة لا يفتتنون بهم، يحفظون من الافتتان بهذه الفرق الثلاث.
بعلم أهل السنة والجماعة هؤلاء يحذرون ولا يدخل الشخص معهم، لذلك لا بد من علم أهل السنة حتى يحذر الشخص من هؤلاء الضالين ولا ينجر معهم، لأن انجرار الناس مع هؤلاء سببه الجهل، لما جهلوا بعلم أهل السنة والجماعة انجر كثير من الناس إلى هذه الفرق الثلاث، وعلم أهل السنة والجماعة هو الذي يحفظ الناس من الانجرار مع الوهابية وحزب الإخوان وحزب التحرير وغيرهم من أهل الضلال فليحذروا هؤلاء.
فهنيئا للصغار الذين تعلموا علم أهل السنة من أول نشأتهم وهنيئا لمن يعلمهم هذا العلم بارك الله في الجميع الذين يعلمون والمتعلمين، المعلمين والمتعلمين.
قال الشيخ: ذكر أهل العلم أن من ءاداب المعلم أن يكون حليما، لأنه بالحلم يتحقق معنى التعليم. كذلك تحمل المتاعب من المتعلمين والمتعلمات هذا أيضا ييسر فائدة التعليم والتحصيل، فكونوا على هذه الحال مع النية الخالصة لله تعالى فإن الأعمال بالنيات. فمهما كان العمل شاقا من أعمال العبادات لا يقبله الله إلا بنية خالصة لله تعالى، الله لا يقبل عملا أشرك العبد فيه معه غيره، المجاهد في سبيل الله يتعرض لأن يقتل فإذا كانت فيه نيته خالصة فهذا إن قتل فهو شهيد وإن رجع سالما فله أجر عظيم، أما إن نوى أن يقول الناس عنه فلان بطل فليس له شيء عن قتل وإن لم يقتل. بارك الله بكن ونفع الله بكن.
قال شيخنا رحمه الله ناصحا أحدهم: إياك أن تبتعد من الجمعية، مهما رأيت من بعض الأفراد إياك إياك، إن رأيت من بعض الأفراد ما لا يعجبك انصحه بينك وبينه لعله يستقيم، أما أن تبتعد من أجل أنك رأيت من بعضهم شيئا فهذا لا خير لك فيه.
أوصيك بأن لا تبتعد بل تلصق بالجمعية وتساعدهم في كل أمورهم، وتسلم لي على اثنين وتوصيهما بأن يلتصقا بالجمعية ويشاركا الجمعية في كل أمورها بما يستطيعان، ولا ينفرا من الجمعية ولا يتسلما شيئا لا يعجب الجمعية، وإن قال لكما بعض الأفراد كلاما منفرا فانصحوهما. أما أن يتكلما في الجمعية بما ينفر الناس الذين هم ليسوا من جماعتنا من الجمعية فهذا حرام ذنب كبير، لأن الذي يبتعد من جمعيتنا يقع في أيدي أولئك الكفار، إما جماعة حزب الإخوان أو جماعة الوهابية أو في جماعة محمد الخزنوي أو نحوهم، وهؤلاء كلهم جهال وإن كانوا يدعون العلم.
فالكلمة التي تخرج منكما مما فيه تنفير من الجمعية كذلك ذنب كبير، لأنكم بهذه الكلمة تبعدون الناس الذين ليسوا من جماعتنا من جماعتنا فيلجأون إلى أولئك الضالين فيضلوا. اعلما أن هذا ذنب كبير، الطعن في جمعيتنا ذنب كبير، لأن الذي يطعن في جمعيتنا كأنه يقول اتركوا هؤلاء واذهبوا إلى أولئك. أولئك هم حزب الإخوان وهم كفار لأنهم يستحلون دماء المسلمين، والوهابية كذلك كفار يستحلون دماء المسلمين، عندهم من ليس منهم ليس مسلما، عندهم كافر إلا أن كان منهم، أليس لهذا يذبحون الرجال والنساء والأطفال في الجزائر، أنا أعلمكما والآخرة أمام الجميع، إياكما أن تتكلما في الجمعية عند أي إنسان بما ينفر عن الجمعية، لأن الذي يطعن في الجمعية كأنه يسوق الناس إلى الكفر.
محمد الخزنوي ضال مضل لا يعرف الكفر من الإيمان، ما تعلم من أبيه إنما كان وكيل أبيه بمحصولات المزارع ونحو ذلك ثم كفر كفرا، خالف أباه وجده، أبوه قال الطريقة: ليست واجبة، وهو قال: الطريقة واجبة، هذا ليس من أهله، خرج من أهله، فإذا أنتم تركتم الجمعية كأنكم تقولون للناس هذه الجمعية فيها ما فيها فاتركوها وتوجهوا إلى حزب الإخوان أو الوهابية أو جماعة محمد الخزنوي أو أمثالهم كحزب التحرير.
كيف تعيبون على الجمعية إن ظهر فيهم أناس يعملون عملا خبيثا لأجل المال أو الجاه. إذا كان في زمن الرسول ﷺ ظهر أناس منافقون يصلون مع الرسول في المسجد ثم خرجوا من عنده فيما بينهم يتكلمون في الرسول، إذا كان في المدينة وجد أناس خبيثون! كيف يطعن بالجمعية لأن بعض من كان منهم شذ بأعمال خبيثة، هل هذا يوجب الطعن بالجمعية؟! أليس ممن كتب الوحي للرسول من كفر بعد ذلك، بعضهم مات على الكفر وبعضهم رجعوا إلى الإسلام.
أن تعيروا الجمعية لأن بعض الأفراد منهم شذ هذا دليل جهلكم. يطعن في أولئك الذين شذوا وضلوا لا يطعن بجماعتنا لأن بعض الأفراد شذوا بأعمال غير مرضية، أليس الرسول ﷺ قال مرة في المسجد: «يا فلان اخرج يا فلان اخرج» رواه الطبراني والطبري. طرد الذين معه في المسجد من المنافقين، الله كشف له.
قال الشيخ: أي كلمة تؤدي إلى إضعاف هذه الدعوة فهي من الكبائر. كل من ينفر الناس من الجمعية بفعله أو بقوله فهو فاسق ملعون من أهل الكبائر. الذي يشير إلى إضعاف هذه الجمعية فهو عدو دين الله، كأنه يحارب الدين. ولا سيما الذي يضعف أمر هذه الجمعية لأجل المال أو الرئاسة، هذا خسيس، وإن أكثر من العبادة فهو خسيس. الذي يحارب هذه الجمعية كانه يقول للناس سوقوا أولادكم إلى المدارس التي تعلم الكفر. الذي يحذر الناس من أمثال رجب ديب ثوابه كثواب الذي يجاهد الكفار بالسلاح.
قال الشيخ: الذي يقوم اليوم بحماية عقيدة أهل السنة والجماعة والدفاع عنها ونشرها بين الناس وبمحاربة فرق الضلال والتحذير من كفرياتهم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويلتزم مذهب أهل السنة والجماعة له أجر خمسين من الصحابة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لحديث أبي ثعلبة الخشني الذي رواه الترمذي قال رسول الله ﷺ: «إن من ورائكم أيام الصبر المتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه كان له أجر خمسين منكم».
وثوابه أكبر من مائة ألف حجة نافلة وأكثر من ثواب مائتي ألف ركعة نافلة، ومن بناء خمسمائة مسجد إن لم تدع الضرورة لبنائها وأكثر من ثواب مائة خـتمة من القرءان. وإن مات ولو على فراشه له أجر شهيد وله في الجنة مسافة خمسين ألف سنة. ولو كان مرتكبا لبعض الكبائر تغفر له ويكون له شأن ومرتبة عالية في الجنة.
والذين يدرسون بمدارسنا كتدريس اللغة العربية بنية حسنة كي يتعلم الأولاد علم الدين ويحذروا من الكفر ولكي لا يذهبوا إلى أهل الضلال داخلون في هذا أيضا، وكل العاملين في مؤسسات الجمعية إن كانوا على هذه الصفة داخلون في هذا أيضا، والذين يدرسون على هذه الآلة الكمبيوتر الإنترنت ويحذرون من أهل الضلال ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر داخلون في هذا أيضاز
قال شيخنا حين استأذنه شخص بالسفر إلى العمرة: إن كنت اعتمرت قبل الآن لا تذهب وضع هذا المال في الجمعية، إن هذا أفضل من ألف عمرة نافلة، لأن الجمعية تكافح الكفر وتدخل الناس في الإسلام، وهذا العمل أفضل من ألف حجة نافلة.
قال الشيخ: نحن فئة من المسلمين لا نتبع منهجا جديدا ولا فكرة مستحدثة منذ خمسين سنة، ولا فكرة مستحدثة منذ مائتي سنة، ولا فكرة مستحدثة منذ ستمائة سنة، وأما هذه الأفكار: الأولى لسيد قطب وتقي الدين النبهاني، والثانية لمحمد بن عبد الوهاب، والثالثة لابن تيمية ومنها أخذ ابن عبد الوهاب بعض أفكاره. (نحن لسنا مثلهم)
إنما نحن على المنهج الذي ينتسب إليه مئات الملايين من المسلمين، أشعرية شافعية، أشعرية من حيث العقيدة، وهي عقيدة مئات الملايين من المسلمين، ومن حيث الأحكام العملية نحن شافعية. والإمام الأشعري هو إمام أهل السنة الذي لخص عقيدة الصحابة والتابعين، كان في القرن الثالث الهجري، وتوفي في أوائل القرن الرابع، لم يأت إلا بإيراد الأدلة العقلية والنقلية، ومذهب الشافعي مضى عليه ألف ومائتا سنة. ولا نستحل اغتيال رجال الحكومات لأجل أنهم يحكمون بالقانون نحن بريئون من هذه الفئة. وأما مسألة بيان المكفرات في الألفاظ الكفرية، نحن لا نحمل مذهبا جديدا إنما اتبعنا في ذلك أئمة من المذاهب الأربعة كما يقول الحافظ مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين: «فقد ألف أئمة من المذاهب الأربعة في بيان الألفاظ الكفرية». ولسنا نحن مسخرين لدولة من الدول من أجل المدد المالي والله أعلم. ومن نسب إلينا غير ذلك فالله حسيبه».
قال الشيخ: أكثر الناس هذه الأيام يسهرون على التلفزيون هذا شيء لا خير فيه، لو كانوا يسهرون على قراءة القرءان والذكر كان خيرا لكن يسهرون على التلفزيون، هذا التلفزيون يعلم الفساد اليوم لأنه تعرض فيه أشياء قبيحة، الشاب الصغير يفسد إن أكثر النظر إليه، لا تكثروا النظر إليه، الخير الذي فيه الناس يخبرونكم عنه كتحذير من شر جديد، أو يتعلم الشخص شيئا جديدا لينفع الناس في أمور دنياهم، أما النظر إلى هذا الفساد فشره أعظم، بعض الناس بسبب ما يرونه في التلفزيون نفوسهم تفسد، قلوبهم تفسد فينجرون إلى هلاك.
قال الشيخ: إن من خير ما تنفق فيه الأوقات إحياء العلم النافع والمثابرة على نشره للكبار والصغار، فإن في ذلك حفظ حقوق الله وحقوق العباد. فأهم العلم العلم بالله وبرسوله، فلا ينبغي أن يكون الإنسان قاصر الرغبة في الازدياد من العلم، فقد قال الله تعالى لنبيه: {وقل رب زدني علما} [طه: 114]. ولم يأمر نبيه بطلب شيء من الازدياد منه إلا العلم، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا يشبع مؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة» رواه ابن حبان. ففي هذه الآية وهذا الحديث تحريض مؤكد على تحصيل العلم ونشره فلا يفتكم هذا الخير العظيم واصرفوا إليه هممكم؛ وفقكم الله.
قال الشيخ: عليكم بالتمكن بعلم التوحيد لتدافعوا عن دين الله وتصلحوا ما أفسده كثير من الناس ثم معرفة الكفريات للحذر منها وللتحذير منها، اجتهدوا وابذلوا أوقاتكم في علم الدين بارك الله فيكم وعليكم.
قال الشيخ: نحن ما أتينا بدين جديد لكن الذي لا يميز قد يقول إذا سمع منا كلاما هو حق وصحيح من جهله أننا أتينا بدين جديد، نحن والحمد لله على الخط الذي كان عليه الصحابة ومن تبعهم إلى يومنا هذا من علماء الإسلام، ما فتحنا للناس خطا جديدا، يعلم ذلك من يعلم.
قال الشيخ: حسن الخلق معناه: بذل المعروف للناس أي الإحسان للناس وكف الأذى عن الناس وتحمل أذى الغير، فمن تمسك بهذه الوصايا فهو من الأعلين درجة عند الله، لو كان لا يصوم إلا رمضان ولا يصلي إلا الصلوات الخمس فهو كالرجل الذي يقوم الليل يصلي والناس نيام ويصوم صياما متتابعا هذا وهذا درجتهما سواء هذا بحسن خلقه وذاك بكثرة الصلاة والصيام.
قال الشيخ: من النصائح التي مرت على مسامعكم وهي تقليل التنعم أو تركه، والنصيحة الثانية تقليل الكلام أي لا ينبغي أن يتكلم الشخص إلا فيما يعنيه أي إلا فيما ينفعه في دينه أو في معاشه أي في أمور معيشته ويدخل في ذلك إيناس الغريب، من لقي مسلما غريبا مطلوب أن يؤنسه بالكلام الطيب ولا يتركه يستوحش وليس معنى تقليل الكلام أن يظل الرجل مطبقا شفتيه لا يتكلم لا بخير ولا بشر، لا، أما بالخير فيتكلم ويكثر جهده من ذكر الله تعالى وتعليم الناس ما ينفعهم في دينهم وما أشبه ذلك، والأمر الثالث ترك الغضب فإن الغضب مهلكة كبيرة ما أكثر من يهلكون بسبب الغضب، كثير من الناس الذين يتكلمون بألفاظ الكفر إنما يتكلمون بسبب الغضب يكون سبب كفرهم الغضب يحملهم الغضب على الكفر، وكذلك القطيعة بين المتحابين وبين الأقارب أكثر أسبابها الغضب، أما ترك التنعم ففيه فوائد كبيرة لمن تأمل، لأن التنعم يدعو الإنسان إلى الجشع وزيادة الطمع في حب المال، ثم إن الإنسان إذا تعود التنعم ثم تغيرت حالته يحاول أن يصل إلى ذلك التنعم بأي وسيلة من الوسائل إن كان بطريق الحلال وإن كان بطريق الحرام همه أن يعود إلى ذلك التنعم إلى الحال الذي كان عليه من التنعم هذا همه، ثم إن التنعم مبخلة أي يخلي الإنسان يبخل عن الدفع في وجوه الخير، يقول إذا دفعت هذا المال لهذا المسكين أو لهذه المصلحة الدينية يضعف تنعمي أو يذهب تنعمي فيبخل عما فيه فلاحه ويكون حاجزا بينه وبين أعمال البر.
قال الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته من عبد الله بن محمد بن يوسف الهرري المعروف بالحبشي إلى إخوانه عصبة الخير الذين ينتسبون إلينا، أنتم عصبة الخير عصبة الكفاح عصبة الدفاع عن مذهب أهل السنة والأحكام الضرورية تكفرون من كفر وتدفعون التكفير عمن لم يكفر، اعتمادكم على ما قرره علماء الشرع الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة، من كفروه تكفرونه ومن لم يكفروه لا تكفرونه، بارك الله فيكم أيدكم الله ونصركم الله ونفع بكم عباده. وأوصيكم بالتحاب والتواصل والتزاور فإن القليل مع هذا كثير والكثير بدون هذا قليل.
قال الشيخ: الله تبارك وتعالى أمر عباده بأن يتقنوا عملهم بالإخلاص له فيما يوافق الشرع ووعد العاملين على هذا المنهج بالفوز العظيم، فمطلوب من إخواننا الذين يعملون في أمور الجمعية أن يبذلوا جهدهم بلا توان ولا كسل رغبة بالأجر من الله مع الاحتياط التام للمحافظة على مصلحة الجمعية، فمن قام بهذا فقد نال أجرا عظيما عند الله لأن هذه الجمعية أسست لحفظ عقيدة أهل السنة والجماعة، فالعامل فيها مخلصا لله تعالى له أجر عظيم وفوز عظيم ويثاب ثواب المجاهد في سبيل الله، لأن الجهاد جهادان جهاد بالسنان وجهاد بالبيان نحن عملنا جهاد بالبيان، ابذلوا جهودكم في هذا المجال تفوزوا من الله تبارك وتعالى بالفوز العظيم. إياكم والكسل لأن الكسل استعاذ منه رسول الله ﷺ، في جملة دعواته ذكر الاستعاذة من الكسل، المقصود من ذلك ترك التواني في كل عمل خير يحبه الله تعالى أي أداؤه بإخلاص وهمة قوية. بارك الله فيكم ونفعكم الله تعالى حتى تلحقوا بالسابقين الأولين من أهل الخير والفضل ممن سبقكم من خيار المؤمنين.
قال الشيخ: عليكم بالقناعة بالقليل من الرزق، فإن القناعة باليسير من الرزق فيها سلامة الدين والدنيا، وعليكم بإكثار ذكر الموت فإنه يساعد على القناعة باليسير من الرزق، والاستعداد للآخرة وإيثار الآخرة على الدنيا، إياكم والتمادي على الخروج للتنزه في فترات متقاربة كما اعتيد عندكم فإن هذا من أسباب الغفلة في القلوب. قال الشيخ أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه: الغفلة سواد القلب. والغفلة هي سبب المعاصي والمكروهات. واجعلوا ما يصرف لذلك ولكثير من المشتهيات كشرب السيجارة فيما هو من الضروريات كالقيام بنشر عقيدة أهل السنة والأحكام الضرورية التي أعرض اليوم الأغنياء وأهل المقدرة عن القيام بها وأنتم تعلمون ذلك، وهل هناك أغنياء يقومون بها؟ فلمن تتركونها؟! فالواجب عليكم أن تسعوا لذلك بقدر جهدكم لا فوق الجهد، قال الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286] ولنقتد بالصحابة رضوان الله عليهم فإنهم لو كانوا على مثل حالنا اليوم من تتبع الراحات وتكثير المال ما انتشر الإسلام إلى الشرق والغرب، وكان الإسلام مقتصرا على الحجاز والجزيرة العربية. كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في جيش موجه إلى خارج الجزيرة العربية وكان العدو الذي يقصدونه ملكهم أرسل في جيشه بنتا له بارعة الجمال وكان ألبسها التاج والجواهر وقال لتشجيع جيشه على قتال المسلمين: من نجح في هذه المعركة وقتل قائد جيش المسلمين فله بنتي هذه، ثم كان النصر للمسلمين، وكان قائد المسلمين وعد أيضا بأن من جاءني برأس هذا الملك فله بنته هذه. ثم انتصر المسلمون فقتل الملك وأسرت البنت فقال قائد المسلمين: من الذي قتل الملك؟ فعبد الله بن الزبير ما قال أنا، أخفى نفسه، فقال قائد المسلمين للبنت: من الذي قتل أباك الملك أتعرفينه؟ فقالت: نعم، فتصفحت الوجوه حتى أشارت إليه. انظروا إلى رغبة الصحابة في الآخرة وإخلاص العمل لله. من مناقبه أن الرسول عليه الصلاة والسلام احتجم ذات يوم ثم أعطى دمه إلى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقال له: «غيبه في أخفى مكان» رواه ابن عساكر، فشربه، فقال الرسول ﷺ: «ماذا فعلت بالدم»؟ قال: غيبته في أخفى مكان، شربته. فكان من بركة هذا الدم أنه صار من أقوى الناس قلبا وصبرا على العبادة، لأن دم النبي طاهر مبارك. كان إذا قام للصلاة كأنه شجرة نابتة في مكانها. رزقنا الله حسن اتباعهم والفوز بالنجاة والنعيم المقيم في الدار الآخرة ءامين.
قال الشيخ: تجنب معصية صغيرة خير من ألف ركعة من النوافل.
قال الشيخ: أوصيكم بالإكثار من ذكر الموت، الذي يكثر من ذكر الموت تضعف رغبته بالدنيا، يخف تعلقه بالدنيا.
قال شيخنا رحمه الله: ناصحا امرأة أخرجت أولادها من مدارس جمعيتنا: اختاري ما عند الله، الأولاد لم تختارون لهم الدنيا، بدل أن تختاروا لهم أن يكونوا أقوياء في الدنيا اختاروا لهم أن يكونوا أقوياء في الدين. في الماضي في هرر إذا كان الشخص له عدة أولاد يحرر واحدا منهم للعلم حتى يصير عالما، ينفق عليه حتى يطلع عالما ثم يساعده ليتزوج، الآن من كان منكم له ثلاثة أولاد فأكثر ليفرغ واحدا للعلم يضعه في المعهد الشرعي.
الأكل والشرب مهما كان حلوا نهايته الغائط، كذلك الثياب مهما كانت حلوة نهايتها أن ترمى في المزابل.
الذي لا يتعلق بملذات الدنيا روحه تتنور فتكون في ترق في الأعمال الصالحة وتصون عرضه بين الناس، الناس يمدحونه، وفي الآخرة والقبر حالته تكون طيبة.
اتباع الهوى نتيجته المذلة عند الناس وخسران في الآخرة. من له عقل كامل ينظر للآخرة لا ينظر للحالة الراهنة. أحد الأغنياء ما تعلم الكتابة مع ذلك الله رزقه مالا كثيرا صار أغنى أغنياء بلده وتزوج اثنتي عشرة امرأة أي من غير جمع بينهن ورزقه الله أربعة وخمسين ولدا، الله أعطاه عقلا قويا فاشتغل في بناء منازل لملك البلاد، من هنا انفتح عليه الرزق حتى صارت بلده تقترض منه في بعض الأوقات، كان تعلم الدين لكن لم يتعلم في المدارس.
الرزق ليس للشهادات، الرزق على حسب ما كتب الله لكل إنسان، أناس يحملون الشهادات ورزقهم ضيق، وأناس ليس معهم شهادة الله رزقهم رزقا واسعا، فلا تعلقوا قلوبكم بنيل الشهادات وتنسوا ءاخرتكم. هنا يوجد في بيروت من يحملون شهادتين مثلا ولا يجدون رزقا واسعا ليتزوجوا، يدورون للتفتيش عن عمل وكذلك في أوروبا أيضا.
فلا تقدموا تعلم العلوم الكونية على تعلم العلوم الدينية، ثم إذا علمتموهم العلم الواجب فلا بأس بأن تعلموهم العلوم الكونية النافعة.
قال الشيخ: أوصيكم بوصية تنفعكم في الدنيا والآخرة: إطالة الصمت، قال جابر بن سمرة: «كان رسول الله ﷺ طويل الصمت قليل الضحك، ضحكه كان تبسما». ونحن إن اتبعناه واقتدينا به فقللنا كلام الدنيا وأطلنا الصمت من الكلام الذي ليس فيه نفع يكون خير كبير، ولو كان بعض الناس في بعض الـمجالس يظنون بكم الغباء أو الجهل إذا أطلتم الصمت لا تبالوا بهذا. أوصيكم بالاجتهاد وترك الكسل لأمور الآخرة، وأوصيكم بالتشاور، والتشاور في الشرع أمر عظيم، الله تعالى أمر نبيه بمشاورة أصحابه مع أنه غني عن ذلك بالوحي، عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له مجلس شورى.
فليلتزم كل منكم بالتواضع والحلم والتطاوع، القليل مع التواضع والتطاوع كثير والكثير بدونهما قليل.
وعليكم بملازمة حضور المساجد فإن في ذلك تقوية لدعوة التوحيد، واقتدوا بمن كان قبلكم من الصالحين كأبي مسلم الخولاني رضي الله عنه الذي كان يقطع مسافة أربعة أميال لصلاة الصبح من داريا إلى مسجد دمشق، وأما هنا لا يكلفكم الذهاب قطع ميل واحد بل قد يكون بينكم وبين المساجد ربع ميل أو أقل، فما هذه الغفلة، فإن لم تعمروا المساجد في شبابكم فمتى تعمرونها، اغتنموا فرصة الشباب، أولئك الأولون كانوا يذهبون للجماعة في الليل في الظلام، أما اليوم فالطرق منورة بالكهرباء وقد قال رسول الله ﷺ: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» رواه الترمذي والبيهقي والحاكم وغيرهم. هذا الفضل العظيم فات في هذا العصر في البلاد التي فيها ضوء الكهرباء بالليل، فإن فاتكم هذا فلا يفتكم هذا الذي هو سهل عليكم، فإنه اليوم من المغرب إلى نحو طلوع الشمس نور الكهرباء موجود، أنا يحزنني حين أذكر هذا أي أنه فاتنا ذلك.
قال الشيخ: إخواني اغتنموا الخير، بدعوة الناس وتنشيطهم لحضور مجلس العلم والذكر يكن لكم أجوركم وأجور من تجرونه إلى هذا الخير (أي أجر يشبه أجره) وفي ذلك مكافحة الكفر والضلال لأن كثيرا من الناس اليوم لا يعرفون خالقهم إنما يقولون بألسنتهم لا إله إلا الله. ظهر من الناس من يقول غن الله ذكر والمطر بوله، هذا ظهر في سوريا ولبنان وهم يظنون بأنفسهم أنهم من المسلمين، لا يكفي أن يكون الشخص ولد بين أبوين (مسلمين)، وأنتم تعلمون أنهم لا يتلقون في مدارسهم العقيدة تفهما ولا ءاباؤهم أي الأغلب لا يعلمون أبناءهم العقيدة. بذل الجهد في جر الناس في تعلم هذه العقيدة من أفرض الفروض والواجبات والقربات إلى الله.
قال الشيخ: قال رسول الله ﷺ: «من أعطي فشكر وابتلي فصبر وظلم فغفر وظلم فاستغفر أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» رواه الطبراني وأبو نعيم. الله تبارك وتعالى أثنى على من هذه صفته، الصفة الأولى الشكر على ما أعطاه الله، ومعنى الشكر وضع النعم التي أنعم الله بها عليه فيما يرضاه الله ووضع المال في محله أي فيما يرضى الله تبارك وتعالى، وأعظم ما يرضى الله تبارك وتعالى في صرف المال هو ما يؤيد به دينه العقيدة والأحكام على مذهب أهل السنة، فعليكم بالاهتمام بهذا، ثم الأجر يختلف باختلاف حال الشخص فمن ينفق في سبيل الله في هذا الأمر مع قلة ما في يده من المال أعظم ثوابا عند الله مما يدفعه المكثر فاهتموا بهذا الأمر، لا يقل الرجل كيف أنفق وأنا ليس عندي إلا القليل، فقوة اليقين تدفع الشخص إلى بذل القليل الذي عنده، فاغتنموا هذا الأجر بارك الله فيكم. أخلصوا النية لله، الله تعالى لا يقبل عملا إلا ما كان خالصا له، أخلصوا النية لله وتواضعوا، كل منكم يتواضع ويعامل أخاه بما يحبه لنفسه، لا يذهب أحدكم مذهب الاستبداد والترفع، هذا خرابن هذا لا يناسب الدعوة إلى الله، الدعوة إلى الله تحتاج إلى التواضع والتوافق والتحاب، اسلكوا هذا المسلك حتى تنجحوا في عمل الدعوة.
قال الشيخ: الاستمرار كل اليوم على الطعام اللذيذ لا خير فيه، أهل الله لا يشكلون، شكلا واحدا من الطعام يأكلون. تعويد النفس على ذلك عادة الصالحين فيه خير. الرسول ﷺ كان أياما عديدة يواصل على التمر والماء، الغداء والعشاء تمر وماء تمر وماء، وأحيانا خبز مفتوت والمرق، هذا في الأقل، خبزه كان من الشعير، ما أكل قط خبزا مرققا. والخبز المرقق هو الصافي اللين الخفيف.
يروى عن سيدنا عيسى أنه قال: «لبس المسوح واستفاف الرماد والنوم على المزابل كثير على من يموت» معناه: النوم على المزابل أهون من القبر، القبر بيت ظلمة ووحشة وأشياء أخرى، على من ينتظره القبر النوم على المزبلة كثير. ما بنى بيتا سيدنا عيسى، كان ينام في المسجد أو في مكان صادفه.
قال الشيخ: أوصيكم بأن تطيعوا ءاباءكم وأمهاتكم وتحترموا معلميكم وتحترموا إخوتكم وأخواتكم الذين أكبر منكم. وعلموا بيان الكفر، سب الله كفر، سب الأنبياء كفر، سب الملائكة كفر، سب دين الإسلام كفر، سب الصلاة والصيام كفر، سب القرءان كفر يخرج من الإسلام، يكون كافرا من قال هذه الكلمات.
ومما ينبغي تعليمه أن كل دين سوى الإسلام باطل لا يحبه الله، وأن الأنبياء كلهم دينهم الإسلام، موسى وعيسى وءادم وغيرهم كلهم دينهم الإسلام. موسى وعيسى وءادم وغيرهم كلهم دينهم الإسلام. بعض الناس ينشأون وهم يظنون يعتقدون أن عيسى لم يكن على الإسلام بل كان على ما عليه هؤلاء النصارى، هذا لا ينفعه الشهادتان ولا صلاة ولا صيام مع هذا الاعتقاد.
قال الشيخ لبضع النسوة: أوصيكن بالحلم والصبر، كما قال سيدنا عيسى عليه السلام لما قال هل الحواريون: هل بعدنا من شيء؟ قال: نعم، أمة أحمد علماء حكماء بررة أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء. وفي رواية: علماء حلماء. الحلم من أحسن الخصال، الأنبياء لولا أنهم حلماء ما نفعوا أقوامهم هذا النفع العظيم، لكن التزموا الحلم والصبر فنفعوا أممهم، فالحلم من أفضل الخصال، من فقد الحلم لا يكثر نفعه. قول الحواريين: «هل بعدنا من شيء» أي: هل بعدنا من مؤمنين.
قال الشيخ: الشاب لا يجوز له أن يقترن بما يبعده عن التقوى لأنه يجره إلى ما فيه فساد، لا تصاحبوا إلا إنسانا يساعد على الدين، ولا تكثروا من النظر في التلفزيون، التلفزيون يعلم الفساد اليوم، يشوش الخاطر، الذي يداوم النظر فيه نفسه تنجر إلى الملاهي وإلى المعاصي، ينجر فكره عن المحافظة على الدين، تسوء حاله، ثم قد يصل إلى حد بعيد في الفساد، لذلك الرسول ﷺ قال: «لا تصاحب إلا مؤمنا» رواه البيهقي والترمذي وأبو داود. أي إلا مؤمنا تقيا لا يأخذك إلى المعاصي، لا يأخذك إلا إلى الخير، بعض التلاميذ فيما يرونه في التلفزيون نفوسهم تفسد، قلوبهم تفسد فينجرون إلى هلاك، فإن صاحب إنسانا لا يصاحب إنسانا يفسد عليه دينه، انتقوا من بين الطلبة من حاله حسن فإن وجدتم وإلا فلا تصاحبوا واحدا منهم.
ثم حافظوا على الصلوات الخمس، حافظوا على صلاة الصبح في وقتها، بسبب التلفزيون أكثر الناس لا يصلون الصبح في وقتها، بسبب السهر على التلفزيون حرموا خيرا كثيرا، اتباع عادات الكفار هو الذي جر أكثر المسلمين إلى هذه الحالة، المسلمون في الماضي يصلون العشاء ثم ينامون، قبل الفجر يستيقظون ثم لا ينامون إلا إلى الليلة القابلة، خيرات كثيرة في وقت الصبح، الذي يصلي صلاة الصبح في وقتها ثم يقرأ: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» ثلاث مرات، أو يقرأ وهو ثان رجليه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الـملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات هذا يلقى خيرا في يومه إلى الغروب، وإن قرأ بعد المغرب الله يحفظه في هذه الليلة من الشيطان من أذى الجن.
اليوم بعد العشاء يطيلون السهر إما على التلفزيون وإما في حديث الدنيا فيحرمون صلاة الفجر في وقتها.
الرسول عليه الصلاة والسلام يكره الحديث بعد العشاء بالكلام في أمور الدنيا، بعد صلاة العشاء الرسول ﷺ كان ينام ثم لما ينتصف الليل يقوم فيتوضأ ثم يصلي، ثم ينام ثم يستيقظ فيتوضأ ويصلي وينام. ثم المؤذن عندما يؤذن لصلاة الفجر يقوم عند الأذان ثم لا ينام إلا إلى الليل، إلى مثل تلك الساعة. هكذا كانت العادات في الماضي، كان الناس يصلون العشاء ثم بعد قليل ينامون.
أما الذي يطالع درسه قبل أذان الفجر تلك الساعة مباركة يقوى ذهنه، قبل الفجر قبل أذان الصبح يستيقظ قبل ساعة يطالع دروسه تقوى قريحته للحفظ.
قال الشيخ: واجب عليكم أن تبذلوا جهدكم لنشر العقيدة فقد انتشر الفساد بين الناس. بالعلم يعرف العمل الذي يحبه الله والعمل الذي لا يحبه الله. الله يصلح أحوال المسلمين، ابتعادهم عن الدين هو الذي أوصلهم إلى هذا الانحطاط.
وقال ناصحا أحدهم: لا تقصر في أداء الفرائض كيفما كان الحال.
قال الشيخ: يا إخواننا أوصيكم بإيثار الآخرة على الدنيا الفانية وذلك بمخالفة النفس وإيثار ما يبقى على ما يفنى، فلذلك أدعوكم إلى بذل الجهد لمكافحة الجهل بالضروريات وتعليم العقيدة التي هي أساس الدين، والأحكام التي يميز بها الكفر من الإيمان بالأقوال والأفعال لأن من ترك الأمر بالمعروف وبيان المنكر هالك.
وقد صح حديث: «إذا رأيت أمتي تهاب الظالـم أن تقول له يا ظالـم فقد تودع منهم» رواه الحاكم. فإن تماديتم على الجد والاجتهاد لمكافحة الكفر الاعتقادي والفعلي والقولي غاية وسعكم صرتم من الذين يجاهدون الكفر والفساد. من كان كذلك كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله. أنتم تعلمون أنه انتشر أناس يدعون إلى الكفر ومنهم الفرق الثلاثة نفاة التوسل والقطبية والتحريرية، يدعون باسم الدعوة إلى الدين والرشاد والإصلاح. أكبر وسيلة على أن تحققوا هذا الأمر مخالفة النفس والقناعة بالقليل من الرزق.
اذكروا أحوال السلف الصالح واقتدوا بهم ولا تنظروا إلى الراحات واللذات، فقد كان عمر بن الخطاب في سفره إلى بيت المقدس ليصالح أهل الكتاب المستعصين بإغلاق باب الحصن في بيت المقدس الذين طلبوا أن يصالحوا أمير المؤمنين زاده سويق الشعير والتمر والزيت، وكان يلبس ثيابا رثة، فقيل له: لو لبست غير هذا، فلبس ثم خلعه وعاد إلى لباسه الأول، فلما رأوه قالوا: هذا الذي نعرفه في كتبنا، فاستسلموا، كان بإمكانه أن يلبس أفخر الملابس ويتزود غير هذا الزاد، لأن بيت المال في أيامه كان غنيا ولعلكم سمعتم أنه قال: إذا احتجت من بيت المال أخذت ما احتجت ثم قضيت ما أخذت وإن لم أحتج لم ءاخذ.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم إن احتجت أخذت منه بالمعروف فإذا أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت» رواه البيهقي وابن أبي شيبة وغيرهما.
وإياكم أن يشغلكم مراعاة خواطر نسائكم في التنعم، إني والحمد لله لما كنت في سوريا قبل أن أسكن لبنان كان طعامي الخبز والشاي واللبن الرائب وأحيانا البندورة، ولم أشتر قط اللحم. وقد قال المسيح عيسى عليه السلام: «لبس المسوح واستفاف الرماد والنوم على المزابل كثير على من يموت».
الشيخ حسان كان يأتي إلي لـما كنت في الشام كان يقول لي على وجه الـمباسطة: لا يوجد إلا الشاي والخبز. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال الشيخ: أوصي إخواننا بالتحاب فيما بينهم والتواصل والتناصح والتزاور والتباذل في الله تعالى، فإن المسلم إذا أحب أخاه وأخوه أحبه لله لا لغرض دنيوي ولا لقرابة يكون في ظل العرش يوم القيامة، يوم القيامة لا يصيبه حر الشمس، والتباذل معناه أن يعطي هذا شيئا وأن يعطي هذا شيئا فإن هذا يقوي المحبة، قال رسول الله ﷺ: «تهادوا تحابوا» رواه البيهقي. معناه: إن تهاديتم فهذا أعطى شيئا لأخيه وهذا أعطى شيئا تزداد المحبة، وأوصيكم بالإقبال على العلم بالتعلم والتعليم فإن علم أهل السنة حياة الإسلام. وعليكم بتجنب الكفريات التي شاعت في كثير من البلاد ولا سيما في هذا القرن، وقد قال الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين: فقد ألف جمع من أئمة المذاهب الأربعة رسائل في بيان الكلمات الكفرية اهـ. فعليكم بالحلم فإن الحلم زين العلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبارك الله فيكم وسدد خطاكم.
قال الشيخ: كل منا عليه أن يعمل بحديث: «الدين النصيحة» النصيحة هي أن يعين الرجل أخاه على ما يرضي الله ويبتعد عما يسخط الله فمن عمل بهذا فهو من المفلحين ومن لم يعمل فهو من الخاسرين، واذكروا حديث: «إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة التواضع» رواه البيهقي وغيره. فليلزم أحدكم نفسه أن يتواضع لأخيه لا أن يكون مترفعا عليه رئيسا عليه قائدا له إلى ءارائه، واعملوا بحديث: «حقت محبتي للمتحابين في والمتناصحين في وحقت محبتي للمتواصلين في حقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في» وليبذل بعضكم لبعض شيئا ما ولو عود سواك، ليس من شرط التباذل أن يكون بالمثل بل لو أهدى أحدكم أخاه ألف دينار فمطلوب من الآخر أن يهديه بما في وسعه ولو سواكا من أراك عملا بهذا الحديث وبحديث: «تهادوا تحابوا» رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي، وعليكم بمخالفة النفس فإن النفس تحب الترفع والتعالي.
قال الشيخ: أوصيكم بترك التنعم، الأنبياء ما كانوا يتنعمون، التنعم يدعو إلى الغفلة وتركه يدعو إلى الخشية والاستعداد للآخرة، ثم ترك الغضب، ثم إطالة الصمت. في صحف إبراهيم عليه السلام التي أنزلها الله عليه التوصية بترك الكلام إلا فيما يعنيك، الكلام الذي لا يحتاجه الشخص في دينه ومعيشته تركه فيه سلامة الدين.
أصحاب رسول الله ﷺ لو كانوا متنعمين ما انتشر الإسلام في الشرق والغرب، الصحابة كانوا يذهبون لنشر الدين وأحيانا لا يكون مع الواحد منهم إلا تمرة واحدة يمصونها كل النهار، التنعم لا خير فيه، التنعم يقعد الشخص عن الترقي. ثم ليكن التعليم بحلم، قال العلماء: الحلم زين العلم، المعلم إذا كان حليما ينفع أكثر مما إذا لم يكن حليما، الأنبياء لولا حلمهم ما انتفع الناس بهم هذا النفع العظيم.
قال الشيخ: قال رسول الله ﷺ: «قال الله تعالى حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتناصحين في وحقت محبتي للمتواصلين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في» رواه الحاكم.
فليحمد الله من وفقه الله للعمل بهذا الحديث. فيا إخواننا اثبتوا على هذا فإنما قوي هذا الدين في الصدر الأول بالتواصل والتزاور والتباذل فيما بينهم، وهذا كان عمل الصحابة، كان المهاجرون من مكة إلى المدينة يؤويهم أهل المدينة، يعطون المهاجرين قسما من أموالهم، حتى إن بعضهم تنازل لمهاجري عن إحدى امرأتيه، يطلقها ليتزوجها المهاجري برضاها، فبهذا التعاون والتواصل والتزاور والتباذل وصلوا إلى تلك القوة القوية، في ربع قرن وصلوا إلى المغرب الأقصى. فيا أيها الإخوان هذا الفلاح، هذا النجاح، اعملوا به وفقكم الله لذلك ءامين.
قال الشيخ: أوصيكم بالتحاب والتواد والتناصح والتواصل والتزاور والتباذل ولو بشيء قليل، يبذل هذا لأخيه سواكا أو شيئا سهلا ثم الآخر يبذل ما تيسر له، إن التباذل يقوي المحبة، والتزاور مهم جدا لا يمضي على أحدكم مدة واسعة لم ير فيها أخاه ولا سأل عنه، وإن استطاع أن يزوره زاره وإن لم يستطع يرسل سلاما له أو يكالمه بواسطة التلفون، إن عملتم بهذا فأنتم كثير وإن لم تفعلوا فأنتم قليل، إن فعلتم فأنتم أقوياء وإلا فأنتم ضعفاء، والذي يسهل هذا التواضع، والتواضع يدعو إلى التطاوع.
قال الشيخ: أوصيكم بلزوم مجالس علم الدين وتبليغ العلم، العالم إذا علم الناس أمور الدين فاستفاد به خلق له أجره وأجر الذين اتبعوه، الرسول ﷺ له أجره وأجر ما عملته أمته من الخير لأنه هو الذي علمهم.
قال الشيخ: كونوا جرءاء في قول الحق فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرب أجلا ولا يؤخر رزقا. الذي لا يتعلم علم الدين يكون مذبذبا.
قال الشيخ: اليوم نشر عقيدة أهل السنة وبيان الكفريات أفضل من بناء مليون مسجد، الاشتغال بالتعليم هو الأهم. قولوا لإخواننا إذا أرادوا أن يعلموا الناس أن الله موجود بلا مكان، قبل أن تقولوا بلا مكان قولوا للناس في الأزل لم يكن شيء إلا الله، الله لا بداية لوجوده، كان الله ولم يكن شيء غيره ما كان نور ولا ظلام ولا عرش ولا سماء ولا هذه الجهات الست ما كانت، ثم بعد أن خلق العرش والأرض والسماوات لم يحل فيها، هذا معنى موجود بلا مكان.
في الحبشة قيل لي إن رجلا لما قيل له: «الله موجود بلا مكان» قال: «إذا هو متنقل». لأنه يخشى على بعض الناس قولوا لهم ذلك قبل أن تقولوا بلا مكان.
قال شيخنا رحمه الله لمن أقيم عندها درس: هذا خير كبير، خير من الدنيا وما فيها، الدنيا للزوال، كان في قوم عاد ملك اسمه شداد بن عاد، هذا حكم الدنيا كلها كان تحت يده مائتان وستون ملكا هو يحكمهم عاش تسعمائة سنة، كان كافرا، لما سمع أنه توجد الجنة وصفتها كذا وكذا لم الجواهر والذهب وقال: أنا أعمل مثلها، ثم لما انتهى من بنائها بعد ثلاثمائة سنة مات قبل أن يدخلها.
ثم قال الشيخ لساكنة البيت: الله أراد بك خيرا أن يسر لك درسا في البيت، هذا خير كثير احمدي الله احمدي الله.
قال الشيخ: عليكم بترك الغضب، عليكم بترك الغضب، الغضب يهدم الدين، بعض الناس بسبب الغضب يكفرون، بعض الناس يغضبون على الله فيكفرون، حكت لنا امرأة تعيش هنا في بيروت قالت لي أخت في سوريا توفيت فذهبت إلى الشام ووصلت بعد العصر وكانت دفنت قبل وصولنا، ولحق بي أولادي ووصلوا بعد المغرب فذهبنا إلى القبر ليلا مع أولاد التي توفيت، فصار القبر يدق، صار يطلع صوت والتراب يتحرك، أولاد أختي لما رأوا ذلك حفروا القبر قالوا لعلها دفنت وهي حية، لعلها تكون بعد حية، ففتحوا القبر فوجدوا الجثة سوداء فأعادوا التراب عليها، وبعد أن أعادوا التراب عليها عاد التراب إلى الرج، إلى التحرك، كانت دفنت على صلاة العصر والقبر فتح قريب العشاء. ثم بعد ذلك جاءهم إلى البيت الحفار وقال: إن الصوت ما زال يخرج من القبر.
ولما سئلت أختها عن حالها كيف كانت قالت: كانت تصلي ولكنها أسقطت الحمل خمس مرات فقالت: لم أصلي، يقتل لي أولادي لا أصلي له. وهذا الكلام كفر، من يقول هذا خرج من الإسلام. هذه المرأة غضبت على ربها ما صبرت فكفرت، لو قالت الحمد لله كان كتب لها أجر لكن اعترضت فكفرت، الاعتراض على الله كفر، جعلت الله ظالـما. الله حكم عدل من وصفه بالظلم كفر. صارت من أهل النار، في القبر تتعذب وفي الآخرة أشد. الله يحسن عاقبتنا، الله يحسن عاقبتنا، الله يحسن عاقبتنا.
قرئ على شيخنا رحمه الله: من وصايا برهان الإسلام الزرنوجي لطلبة العلم: وينبغي لطالب العلم أن يكرر سبق الأمس خمس مرات، والسبق هو تحضير الدرس ومدارسته قبل الحضور بين يدي المدرس، أو المراد التلقي مطلقا، وسبق اليوم الذي قبل الأمس أربع مرات، والسبق الذي قبله ثلاث مرات والذي قبله اثنتين والذي قبله مرة واحدة فهذا أدعى إلى الحفظ.
وينبغي أن لا يعتاد المخافتة في التكرار لأن الدرس والتكرار ينبغي أن يكونا بقوة ونشاط، ولا يجهر جهرا يجهد نفسه كي لا ينقطع عن التكرار.
وينبغي أن لا يكون لطالب العلم فترة أي انقطاع عن التحصيل والمذاكرة فإنها ءافته، وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين رحمه الله تعالى يقول، إنما فقت على شركائي بأني لم تقع لي الفترة في التحصيل.
قال شيخنا رحمه الله لـما عرض عليه هذا الكلام: جيد.
قال الشيخ: حكي أن أبا يوسف رحمه الله تعالى كان يذاكر الفقه مع الفقهاء بقوة ونشاط وكان صهره عنده يتعجب من أمره ويقول: أنا أعلم أنه جائع من خمسة أيام ومع ذلك يناظر بقوة ونشاط.
قال الشيخ: كل منا ليعمل بحديث رسول الله ﷺ: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس بما يحب أن يؤتى إليه» رواه أحمد ومسلم والبيهقي وابن أبي شيبة. هذه الجملة الأخيرة: «وليأت إلى الناس بما يحب أن يؤتى إليه» من عمل بها فاز ومن لم يعمل بها فلا يكون إلا في الحضيض الأسفل، هذه الجملة الأخيرة معناها أن من أسباب النجاة أن يكون المسلم يحب أن يعامله الناس بالعفو والمسامحة والإغضاء والصبر على ما يبدو من أخيه من الهفوات وأنه ينبغي أن يعامل الناس بالمثل أي يصبر على أذاهم ويعمل المعروف معهم لمن عرف له ولمن لم يعرف له، الواحد منا يحب أن يستر عليه أخوه هفوته فينبغي أن يعامل الناس بمثل ذلك أي يتحمل هفوات الناس، هفوات إخوانه، أما من لم يعمل ذلك فلا يترقى عند الله تبارك وتعالى، وهذا هو حسن الخلق الذي قال الرسول ﷺ: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الـمراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» رواه البيهقي والحاكم والطبراني وأبو داود. وحسن الخلق أمر واسع لا بد للوصول إلى ذلك من تحمل أذى الغير وكف الأذى عن الغير وبذل المعروف لمن يعرف له ولمن لا يعرف له، إذا التزمتم هذا الحديث فعملتم به صرتم من الفائزين تكونون ارتقيتم إلى المعالي، ثم بمعنى هذا الحديث في بعض نواحيه حديث ءاخر «ما كان الرفق في شيء إلا زانه» رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان. وفي لفظ ءاخر: «إن الله يحب الرفق في الأمر كله» رواه البخاري والطبراني والنسائي والبيهقي وابن حبان. معنى الرفق هو العمل بالوجه الأحسن كالصبر على معاملة الناس.
قال الشيخ: وقد سمعتم قبل هذا الحديث الذي أخرجه البيهقي: «المؤمن كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن استنيخ على صخرة استناخ» الجمل الأنف أي الذي في أنفه قرحة إن قاده الصغير أو الكبير ينقاد له، إن أثاره يثور وإن أبركه يبرك لو أبركه على صخرة يبرك، معنى الحديث أن المؤمن ليكن لينا في يد أخيه فيما ليس فيه معصية الله، يطاوعه لا يترفع عليه، فيتحبب إليه. من عمل بهذا فاز وبلغ إلى المعالي. فألزموا أنفسكم العمل بهذا، إن فعلتم ذلك تبلغوا المعالي، الدرجات العلى. وإن لم تعملوا بذلك كان الأمر على العكس، والأولى بهذا الذين هم أكبركم سنا مثل أبي حسن والحاج منذر هؤلاء الكبار بالسن أولى بالعمل بهذا، وهو مطلوب من الكل من الشاب والصغير والشيخ والكهل، مطلوب هذا من الجميع لكن الأولى بالتخلق بذلك الكبار، أنتم الكبار كونوا مثلا قدوة لغيركم في هذه الخصال المحمودة تبلغوا المنى إن شاء الله تعالى.
قال الشيخ: نوصيكم بالتطاوع فإن القليل مع التطاوع كثير، والكثير مع عدم التطاوع قليل، وأوصيكم بالتحاب في الله والتزاور فيه، فإن للمتحابين في الله درجة عظيمة. ثبت في الحديث القدسي: «وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين في والمتجالسين في» رواه الحاكم والبيهقي والطبراني وغيرهم. لينصح بعضكم بعضا بالرفق والحكمة وليتفقد بعضكم بعضا ولا سيما إذا طالت غيبة أخيك أو نزلت به مصيبة أو اشتد به مرض، ونوصيكم بالحلم والعفو، وأن يعامل أحدكم أخاه بما يحب أن يعامله به أخوه من الصفح والعفو ومقابلة الإساءة بالإحسان، وهذا شرط الإيمان الكامل الذي يكون به الإنسان من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وصح أن رسول الله ﷺ قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا» رواه مسلم والبيهقي والطبراني وغيرهم.
والتحسس هو التفتيش عن عيوب الناس بالعين. وورد مرفوعا: «تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء» رواه مالك في الموطإ من حديث أبي مسلم عبد الله الخراساني. ورواه ابن عساكر بلفظ: «تهادوا تحابوا وتصافحوا يذهب الغل عنكم» قال في المنتقى شرح الموطأ قوله: يذهب الغل يريد والله أعلم العداوة.
قال الشيخ: قال رسول الله ﷺ: «لا يشبع مؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة» رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي. في هذا الحديث الصحيح حث أكيد على عمل الخير وعلى إدامة النية والسعي في عمل البر ويعين على ذلك إكثار ذكر الموت فإن من يكثر ذكر الموت يكون أكثر استعدادا للآخرة فعليكم بأن لا تنقطعوا عن مجالس العلم وأن ينبه بعضكم بعضا على هذا الأمر فإن التعاون على الخير خير عظيم.
الله الله، لا تصرفوا أوقاتكم في اللهو والباطل، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، ليفكر كل واحد منكم إذا أمسى ماذا عمل في نهاره هذا، عمل عملا يسخط الله أم عمل عملا يرضاه الله فيتدارك نفسه، ما أفسده بالنهار يتداركه بالليل هذا شأن من يحب الآخرة، فخالفوا أنفسكم واقهروها لما ينفعكم في غدكم أي لما بعد مفارقة هذه الحياة الدنيا. الله الله لا تغرنكم الدنيا.
قال الشيخ: صادق الهمة في العلم يحب تكرار ما تلقاه، الشيخ محمد عبد السلام ذكر لي عنه أنه قرأ كتاب المتممة خمس عشرة مرة.
قال شيخنا هذا الكلام عندما ذكر له أن بعض تلاميذه يقول حين يطلب منه حضور درس ولا يفعل: «هذا الدرس في قلبي أحفظه عن ظهر قلب» أي: أنه يريد أكثر من ذلك وأوسع لكي يحضر.
قال الشيخ: ينبغي أن تكونوا بالوصف الذي وصف في هذه السورة: «والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر».
معنى السورة أن الناس هالكون إلا الذين ءامنوا بالله ورسوله وأدوا الفرائض واجتنبوا المحرمات وتعاونوا على البر وتواصوا بالحق أي تعاونوا بالحق، وتعاونوا على الصبر، والصبر هو أنواع ثلاثة، الصبر على المشقات والشدائد كقلة المال والأمراض، والصبر على مشقة الطاعات، لأن الطاعات تصادف أحيانا وقت البرد، فمن صبر في ذلك الوقت وأدى الفرض كما أمر الله فهو من الصابرين، وكذلك من صبر على الظمإ والجوع في رمضان فحافظ على الصيام، هذا نوع من الصبر، فمن جمع هذه المذكورات فهو الناجي في القبر وفي الآخرة، لا يخاف إذا خاف الناس ولا يحزن إذا حزن الناس، فاجتهدوا أن تكونوا بهذه الصفة واثبتوا على ما أنتم عليه من دعوة الناس إلى عقيدة أهل الحق الصحابة ومن تبعهم جيلا بعد جيل إلى هذا الوقت، وكافحوا الشاذين عن هذا السبيل من وهابية وجماعة حزب التحرير، والصوفية المنحرفة عن منهج التصوف الحقيقي، فمن تمسك منكم بهذا فهو شهيد أي له أجر شهيد وإن مات على فراشه وذلك لكثرة الفساد في هذا الزمن في الأمة، كما ترون وتشاهدون، هؤلاء حزب سيد قطب لا يتعلمون الفقه إلا ءاراءهم، وأفسدوا صلوات الناس بتحريفهم الاتجاه الصحيح إلى الاتجاه الفاسد لكونهم شاذين لا يتبعون أئمة المذاهب الأربعة إلا ءاراءهم فعندهم ما وافق رأيهم فهو الصحيح وما خالف رأيهم فهو غير صحيح ولو كان مما كان عليه الصحابة ومن تبعهم.
قال الشيخ: هؤلاء الذين يحضرون بأجسامهم ولا يحضرون بأجسامهم ولا يحضرون بقلوبهم ضروا أنفسهم وضروا غيرهم، يكون في مجلسنا أناس من هذا الصنف ضروا أنفسهم وضروا غيرهم، لو كان صادقا في طلب العلم ينصت حتى يفهم ما يقوله العالم بلا تحريف بلا زيادة ولا نقصان، هؤلاء ضرونا، الله يكفينا شرهم.
اكتبوا ورقة وعلقوها: الذي يحضر درس علم شرعي ليكن حاضرا بقلبه حتى يأخذ المسألة على وجهها من غير تحريف ولا تبديل، وأن لا يتكلم مع غيره في أثناء الدرس حتى لا تختلط عليه مسألة بمسألة، ومن أراد السؤال فليوضح سؤاله، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أفهموني ما تقولون وافهموا عني ما أقول». بخط كبير يكتب هذا في ورقة ويعلق هناك وهناك وهناك.
قال الشيخ: من كان يستطيع أن يقوم بخدمة الدين والدعوة فترك ذلك بلا عذر عليه ذنب كبير. مذهب أهل السنة في هذا البلد كأنه ميت، من ترك العمل لإحيائه فهو خاسر، أما من جد فله أجر كبير، من ترك العمل لخدمة الدعوة قلبه ميت، هذا من موت القلوب، إذا لم تجتهدوا الآن وأنتم في سن الشباب فيا حسرتكم بعد أن تصيروا في سن الشيخوخة على ما فوتم على أنفسكم. الذي يترك خدمة الدعوة بلا عذر فأنا غاضب عليه.
قال الشيخ: الذي يكثر ذكر الموت المال الذي بيده إن كان قليلا يجعله كثيرا وإن كان كثيرا يجعله قليلا، كثرة ذكر الموت يبعثه على الزهد.
قال الشيخ: اتقوا الله، فالدنيا لا تغني من الآخرة وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسمه فيما أبلاه، وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به» رواه الطبراني والبيهقي وابن أبي شيبة.
فمهما جمع الإنسان من المال الحرام وتنعم به فإنه زائل فعليكم بتقوى الله وذكر الآخرة وذكر الموت، قال الله تعالى: {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى} فمهما جمع الإنسان من المال وتنعم بأنواع الملذات والمشتهيات لا بد أن يفارق ذلك بالموت. اذكروا ما جرى لمن قبلكم من الذين جمعوا الأموال كقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض والذهب الكثير الذي كان جمعه وكان قدر ذهبه ما لا يوجد اليوم عند دولة من الدول، وكذلك ما جرى لشداد بن عاد الذي حكم الدنيا وكان تحت يده مائتان وستون ملكا وكان على الكفر وأراد أن يبني مدينة أوصافها كما سمعه من أوصاف الجنة فجمع الذهب والجواهر من الدنيا وبنى في ثلاثمائة سنة مدينة شبهها بالجنة ثم دمره الله تعالى وقومه قبل أن يدخلها وكان عمره تسعمائة سنة.
قال الشيخ: عليكم بتقليل الكلام إلا من خير وعليكم بتقليل الرفاهية وترك الغضب، وكف النفس عن المعاصي بترك الهوى وإخلاص النية في الأعمال في الصلاة والصيام والزكاة والحج والذكر، في كل هذا. ترك الغضب أمر مهم، الغضب يؤدي إلى المهالك.
قال الشيخ: عليكم بإعداد الزاد للآخرة وذلك بالإكثار من ذكر الله من تهليل أو تسبيح أو تحميد أو تكبير. شخص سأل الرسول ﷺ فقال له رسول الله: «لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله» رواه أحمد والترمذي وابن أبي شيبة وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي والطبراني والضياء المقدسي.
سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله كل هذا ذكر. الذي يكون لسانه مستمرا بذكر الله يلقى خيرا كثيرا، إن قال سبحان الله وبحمده تغرس له في الجنة شجرة ساقها من ذهب، الشجر الذي يكون في الجنة لا يموت، يبقى على الدوام، الشجرة تعطيه ثمرة لونها لا يفسد، كلما قال سبحان الله وبحمده تغرس له شجرة ساقها من ذهب، الذكر فيه نفع كبير للآخرة. مقدار سوط من أرض الجنة خير من الدنيا وما فيها، السوط ماذا يأخذ من الأرض إذا وضع عليها، كم يأخذ قدر سوط من أرض الجنة هذا خير من الدنيا وما فيها.
قال الشيخ: سيدنا صهيب الرومي رضي الله عنه بعد أن هاجر الرسول ﷺ إلى الـمدينة، وكان فرضا على المسلمين أن يهاجروا أن يتركوا مكة إلى الـمدينة، صهيب كان غنيا جدا، المشركون قالوا له: إن تخليت عن مالك نتركك تذهب وإلا فلا. فتخلى عن ماله كله وهاجر بثيابه التي على بدنه. الشخص الذي تعود على التنعم نفسه تستصعب ترك ما تعودته. هو التنعم من تعود عليه قد يجره ذلك إلى الـمعصية، من ترك التنعم يكتفي بالخبز والتمر، أو الخبز والشاي لا يبالي، التنعم يجر إلى الـمعاصي.
قال الشيخ: بارك الله بكم ونفع بكم، لا بد من الصبر، الذي يريد فوز الآخرة لا بد أن يصبر على الشدائد وعلى أذى الناس ولا سيما الذي يغترب للدعوة إلى الله فإنه يحتاج إلى مزيد صبر وتحمل خشونة العيش.
معاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه رسول الله ﷺ إلى اليمن قال له: «إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالـمنعمين» رواه الإمام أحمد. فعمل بوصية رسول الله ﷺ فنفع نفعا كبيرا، كان هو يعمل في قسم من اليمن وأبو موسى الأشعري في القسم الآخر فانتفع بهما خلق كثر، وكانا يعاملان الناس بالحلم، قال بعض العلماء: «الحلم زين العلم» الحلم من المعلم مطلوب مهم جدا وهو مطلوب من المتعلم أيضا.
ثم من الأمر المهم للمعلم أن لا يخوض فيما لا يعلمه صوابا ولا سيما إذا سئل سؤالا لا ينبغي أن يتكلف الجواب من غير أن يعلم في نفسه أن ما يقوله حقن هذا في حق العالم الذي وصل إلى حد الفتوى فعليه أن يبذل جهده في الجواب للسائل والمستفتي لأن يفتيه للصواب، وما أشكل عليه فليقل فيه لا أدري، أما الذي لم يصل إلى حد الفتوى إنما هو حصل بعض المسائل فإذا كان يقرئ غيره في كتاب فلا يتجاوز حل متن الكتاب الذي يقرئه وإلا هلك.
بعض إخواننا الذين يدرسون بلغني عنهم أنهم أجابوا في مسائل لا صلة لها في الكتاب الذي يقرئون فيه فحصل منهم خطر عظيم لأنهم تجاوزوا حدهم أفتوا بغير علم وأغفلوا قول لا أدري فالحذار الحذار من ذلك.
قال بعض السلف: «لا أدري نصف العلم» معناه: أمر مهم. بارك الله بكم، جعلنا الله من العاملين بسنة نبينا محمد ﷺ، نفع الله بكم.