الجمعة أكتوبر 18, 2024
  • حفظ أسرار الناس:

قال بعض الأكابر: “صدور الأحرار قبور الأسرار”.

ففي كتاب رياض الصالحين للحافظ النووي في باب حفظ السر:

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه حين تأيمت بنته حفصة قال: لقيت عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، فلقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر رضي الله عنه فلم يرجع إلى شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئاً فقال: نعم، قال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها النبي صلى الله عليه وسلم لقبلتها. رواه البخاري.

قوله: “تأيمت” أي صارت بلا زوج، وكان زوجها توفي رضي الله عنه “وجدت” غضبت.

في البخاري وغيره ذكر حذيفة أنه كان يوجد أناس يعرفون أسماء المنافقين معه ثم ماتوا ولم يبق غيره فمن ادعى أن الرسول خصه بشيء دون غيره من الصحابة فقد باين الصواب وذلك ما قاله حذيفة أن الرسول ما خصه بذلك بل إن الذين كانوا معه ممن سمعوا من الرسول ماتوا ولم يبق إلا هو، فصار يعرف بحافظ سر رسول الله.

وروى ابن الجوزي من مناقب عمر بن الخطاب أنه قال: واعتزل صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله عز وجل ولا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره ولا تفش إليه سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله عز وجل. فمهما كان الإنسان كاملا يحتاج إلى المشاورة.

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده، فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فلما رآها رحب بها، وقال: “مرحبا بابنتي” ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جزعها، سارها الثانية فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار، ثم أنت تبكين! فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بم الي عليك من الحق، لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن  في كل سنة مرة أو مرتين، وأنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك، فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، فقال “يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟ فضحكت ضحكي الذي رأيت.