الأحد ديسمبر 22, 2024

حديث جابر بأولية النور المحمدي مصنوع مكذوب

والقول إنّ حديث جابر المفتعل الذي فيه: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر، خلقه الله من نوره قبل الأشياء» صحَّ كشفًا، هذا لا معنى له، لأن كشف الوليّ الذي يخالف حديث رسول الله ﷺ لا عبرة به، فقد قال علماء الأصول: «إلهام الوليّ ليس بحجة».اهـ. لأن كشف الوليّ قد يخطئ. ثم هذا الحديث ركيك، والركاكة كما قال علماء الحديث: هي دليل الوَضْع لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتكلم بكلام ركيك المعنى. وممن استدل على ردّ هذا الحديث بركاكة لفظه المحدّث أحمد بن الصّدّيق الغُماريّ فإنه حكم عليه بالوضع محتجًّا بأن هذا الحديث ركيك ومعانيه منكرة([1]).

وذلك لأن الجملة الأولى التي هي: «أول ما خلق الله تعالى نور نبيك» فيها جَعْلُ نور النبيّ أول العالم والمخلوقات على الإطلاق. ثم بالنظر إلى هذه الجملة: «خلقه الله من نوره قبل الأشياء» يترتب أحد أمرين:

فإما أن يكون معنى «مِنْ نوره»، أي: مِنْ نورٍ مخلوقٍ لله على أن الإضافة إضافة الملك إلى المالك وليست إضافة صفة إلى موصوف فيكون المعنى أن أول المخلوقات نور خلقه الله، ثم خلق منه نورَ محمدٍ، فهذا يناقض الجملة الأولى لأن الجملة الأولى تدلّ على أن نور محمد هو أول المخلوقات على الإطلاق، وهذه الجملة «خلقه الله من نوره قبل الأشياء» تدل على أن أول المخلوقات نور خُلِقَ منه نور محمد، فيكون نورُ محمد متأخّرًا عن ذلك النور في الوجود فلا يصح على هذا قول: «نور محمد أول المخلوقات على الإطلاق».

وإما أن تُعتَبَر الإضافة التي في «نوره» إضافة الصفة إلى الموصوف، فتكون البلية أشدّ وأكبر لأنه يكون المعنى أن سيدنا محمدًا جزء من صفة الله وهذا إثبات البعضية لله، والله تعالى منـزَّه عن البعضية والتركيب والتجزؤ وذلك كفر.

فيكون على التقدير الثاني إثبات التبعض لله وذلك ينافي التوحيد، لأنَّ الله واحد ذاتًا وصفاتٍ لم ينحلَّ منه شيء ولا ينحل هو من شيء غيره، فلا تكون صفاته صفة لغيره، ولا تكون أصلًا لغيرها، كما قرَّر علماء التوحيد في مؤلفاتهم.

[1])) المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير، أحمد الغماريّ، (ص4).