الإثنين ديسمبر 8, 2025

 حديث الجارية

  سؤال النبي ﷺ للجارية السوداء: أين الله، كان سؤالا عن تعظيمها لله وأما قولها: في السماء، معناه عالي القدر جدا. وهذا ما عليه علماء الإسلام الأجلاء. ومن هؤلاء الإمام النووي، إذ يقول في شرحه على صحيح مسلم، طبع دار الكتب العلمية ج٥\ص۲۲:

 “قوله ﷺ أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الإيمان

  أحدهما الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات

 والثاني تأويله بما يليق به فمن قال بهذا قال كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان”.

 ثم قال:  “قال القاضي عياض لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾ ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم”.

 

  قال السندي  في حاشيته على شرح الحافظ جلال الدين السيوطي على “سنن النسائي”. طبع دار إحياء التراث العربي ج٣\ص١٨:

 “قول النبي ﷺ: أين الله، قيل معناه في أي جهة يتوجه المتوجهون إلى الله تعالى، وقولها: في السماء، أي في جهة السماء يتوجهون، والمطلوب معرفة أن تعترف بوجوده تعالى لا إثبات الجهة لله”.

 

 كتاب “تفسير القرطبي”، المعروف كذلك باسم “الجامع لأحكام القرءان”. طبع دار الكتب العلمية ط٢\ج٦ في تفسير قول الله تعالى: ﴿وهو الله في السمـــوات وفي الأرض﴾:

 “أي وهو الله المعظم أو المعبود – أي بحق – في السمــوات وفي الأرض” ثم قال: “والقاعدة تنزيهه جل وعز عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة”. اهـ.

 

 كتاب تفسير القرطبي، طبع دار الكتب العلمية ط٢ ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾:

 “القهر الغلبة، والقاهر الغالب”.

 ثم قال: “ومعنى ﴿فوق عباده﴾ فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان، كما تقول: السلطان فوق رعيته أي بالمنزلة والرفعة”.

 

   كتاب الـمعلم بفوائد مسلم للمازري. طبع المؤسسة الوطنية للكتاب\الجزائر ط٢\ج١\ص٤١٢

 “إنما وجه السؤال بــ (أين) ها هنا سؤال عما تعتقده من جلال البارئ سبحانه وعظمته، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلالته تعالى في نفسها، والسماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين فكما لم يدل استقبال الكعبة على أن الله جلت قدرته فيها، لم يدل التوجه إلى السماء والإشارة على أن الله سبحانه حال فيها”

 

  كتاب القبس لأبي بكر بن العربي المعافري. طبع دار الغرب الإسلامي  ط٢\ج٣\ص٩٦٧

بعد أن بين أن كلمة (أين) قد يراد بها السؤال عن المكان وعن المكانة

 قال: “والنبي ﷺ قد أطلق اللفظ وقصد به الواجب لله وهو شرف المكانة الذي يسأل عنها بــ (أين) ولم يجز أن يريد المكان لأنه محال عليه”

 

  كتاب دفع شبهة التشبيه لابن الجوزي  

  “قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا تحويه السماء ولا الأرض ولا تضمه الأقطار، وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق جل جلاله عندها”

  كتاب إشارات المرام للبياضي طبع دار الكتب العلمية ط١\ص١٦٦

 “فقال لها النبي ﷺ: أمؤمنة أنت؟ قالت: نعم، فقال النبي ﷺ: أين الله؟ سائلا عن المنزلة والعلو على العباد علو القهر والغلبة، ومشيرا أنه إذا دعاه العباد استقبلوا السماء دون ظاهره من الجهة. ثم قال: فأشارت إلى السماء، إشارة إلى أعلى المنازل، كما يقال: فلان في السماء أي رفيع القدر جدا”

 

 ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾

 

 كتاب التفسير الكبير للطبراني ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾:

 “ءأمنتم من في السماء وهو الملك الموكل بالعذاب، يعني جبريل أن يخسف بكم الأرض بأمر الله تعالى”

 

 كتاب التفسير الكبير للرازي. طبع دار الكتب العلمية ط٢ تفسير قوله تعالى: ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾

 “لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين”

 وقال في ج٣٠\ص٦١:

 “واعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى بقوله: ءأمنتم من في السماء، والجواب عنه أن هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين، لأن كونه في السماء يقتضي كون السماء محيطا به من جميع الجوانب، فيكون أصغر من السماء، والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله تعالى شيئا حقيرا بالنسبة إلى العرش، وذلك باتفاق أهل الإسلام محال، ولأنه تعالى قال: ﴿قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله﴾ [سورة الأنعام\1٢] فلو كان الله في السماء لوجب أن يكون مالكا لنفسه وهذا محال، فعلمنا أن هذه الآية يجب صرفها عن ظاهرها إلى التأويل”. اهـ. فالله تعالى خلق السماء وجعلها مسكنا للملائكة فلا يحتاج إليها، لأن الاحتياجية تنافي الألوهية.

 

 كتاب تفسير القرطبي. ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾

 “وقيل: هو إشارة إلى الملائكة. وقيل: إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى: أأمنتم خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون”.اهـ.

 وقال: “ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي، ومنزل القطر (أي المطر)، ومحل القدس (أي جبريل)، ومعدن (أي مكان) المطهرين من الملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته، كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان. ولا مكان له ولا زمان. وهو الآن على ما عليه كان”

 وفي ج١١ في تفسير سورة الأنبياء الآية ٨٨:

 “وقال أبو المعالي: قوله ﷺ (لا تفضلوني على يونس بن متى) المعنى فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه، وهو في قعر البحر في بطن الحوت. وهذا يدل على أن الباري سبحانه وتعالى ليس في جهة”.

  كتاب تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي

 ﴿ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾ ﴿ من في السماء﴾ “هذا مجاز وقد قام البرهان العقلي على أنه تعالى ليس بمتحيز في جهة”

 ثم قال: “لكن خص السماء بالذكر لأنها مسكن ملائكته”

 ثم قال: “وقيل جبريل وهو الملك الموكل بالخسف وغيره وقيل « من » بمعنى علا والمراد بالعلو القهر والقدرة لا بالمكان”