ثانيا: مِنَ
الأَحَادِيْثِ الْمَرْفُوْعَةِ:
– قولُهُ
ﷺ: ((إِنَّ قُلُوبَ بَنِي ءَادَمَ
كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ
يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ))([1]).
§
قَالَ
القَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ: ” أَيْ أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِحَسَبِ
قُدْرَتِهِ وَمَشِيْئَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ وَلَا
يَفُوْتُهُ مَا أَرَادَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالإِصْبِعِ هَهُنَا
النِّعْمَةُ”([2])([3]).
§
وقَالَ
أَبُو بَكْرِ بنُ العَرَبِيِّ: ” هَذَا يَسْتَحِيْلُ([4])
عَلَى اللهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَدَّ إِلَى قَانُوْنِ التَّأْوِيْل” ([5]).
§
وَقَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ ([6]):
” أَيْ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ مِنْ نِعَمِهِ، يُقَالُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ
أُصْبُعٌ، أَيْ أَثَرٌ حَسَنٌ إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ نِعْمَةً حَسَنَةَ” ([7]).
– وحديثُ رسولِ اللهِ ﷺ
الذي فيه: ((لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ)) ([8]).
§
قَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ: ” وَمَعْنَاهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَمْنَعَ مِنَ الْمَعَاصِي
مِنَ اللهِ وَلَا أَشَدَّ لَهُ كَرَاهِيَةً لَهَا مِنْهُ تَعَالَى”([9]).
§
وَقَالَ
القَاضِي عياضٌ: “الغَيْرَةُ مُشْتَقٌّ مِنْ تَغَيُّرِ حَالِ الغَيْرَانِ لِمَا
رَءَاهُ مِنْ قَبِيْحِ فِعْلِ مَنْ غَارَ عَلَيْهِ، وَتَغَيُّرِّ قَلْبِهِ
وَهَيَجَانِ حَفِيْظَتِهِ بِسَبَبِ هَتْكِ حَرِيْمِهِ لَدَيْهِ عَنْهُم
وَمَنْعِهِم مِنْ ذَاكَ، وَاللهُ تَعَالَى يَتَقَدَّس عَنْ تَغَيُّرِ ذَاتِهِ
وَصِفَاتِهِ، وَغَيْرَتُهُ مَا غَيَّرَهُ مِنْ حَالِ العَاصِي كَانَ
بِانْتِقَامِهِ مِنْهُ وَأَخْذِهِ لَهُ وَمُعَاقَبَتِهِ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ” ([10]).
– وأمَّا ما وردَ في الحديثِ القدسيِّ:
((يَا ابْن ءَادَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِيْ)) ([11]).
§
قَالَ
القَاضِي عياضٌ: “قَدْ فَسَّرَ فِي هَذَا الحَدِيْثِ مَعْنَى الْمَرَضِ،
وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَرَضُ العَبْدِ الْمَخْلُوْقِ” ([12]).
§
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ ([13])
وَمُلَّا عَلِيٌّ القَارِي([14])
وَالْمُنَاوِيُّ([15]):
” قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا أَضَافَ الْمَرَضَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى وَالْمُرَادُ الْعَبْدُ تَشْرِيفًا لِلْعَبْدِ ([16])“.
– حديث: ((يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ
امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُوْلُ: قَطْ قَطْ)) ([17]).
§
قَالَ
أَبُو بَكْرِ بنُ العَرَبِيِّ: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: مَعْنَى
“قَدَمَهُ” خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ يُسَمَّى قَدَمًا، أضَافَهُ إِضَافَةَ
الْمِلْكِ إِلَى نَفْسِهِ “ ([18]).
§
قَالَ
ابْنُ فُوْرَكَ: “وَحَمْلُ مَعْنَى الْقَدَمِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ
الْمُتَقَدِّمُ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُوْلُ لِلشَّىْء الْمُتَقَدِّمِ
قَدَمًا”، ثُمَّ قَالَ: “وَقَالَ بَعْضُهُم: الْقَدَمُ خَلْقٌ مِنْ
خَلْقِ اللهِ يَخْلُقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُسَمِّيْهِ قَدَمًا وَيُضِيْفُهُ
إِلَيْهِ مِنْ طَرِيْقِ الْفِعْلِ وَالْمِلْكِ، يَضَعُهُ فِي النَّارِ
فَتَمْتَلِئُ مِنْهُ” ([19])،
وَمِثْلُ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ ([20]).
§
قَالَ
الحَافِظُ ابنُ حجرٍ وَبَدْرُ الدِّيْنِ العَيْنِيُّ: “الْمُرَادُ
بِالْقَدَمِ الْفَرَطُ السَّابِقُ أَيْ يَضَعُ اللهُ فِيهَا مَا قَدَّمَهُ لَهَا
مِنْ أَهْلِ الْعَذَابِ” ([21])
([22]).
– وأمَّا حديثُ رسولِ اللهِ ﷺ
والذي فيهِ: ((يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ
الْجَبَّارُونَ، أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ، ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ
بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ، أَيْنَ
الْمُتَكَبِّرُونَ)) ([23]):
§
قَالَ
القَاضِي عياضٌ: “أَرَادَ أَنَّهُ يَطْوِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
بِقُدْرَتِهِ([24]).
§
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ: “وَأَمَّا إِطْلَاقُ الْيَدَيْنِ للهِ تَعَالَى
فَمُتَأَوَّلٌ عَلَى الْقُدْرَةِ “([25]).
§
وَقَالَ
مُلَّا عَلِيٌّ القَارِي: “قَالَ أَصْحَابُ التَّأْوِيلِ: الْمُرَادُ بِالْيَدِ
الْيُمْنَى وَالشِّمَالِ الْقُدْرَةُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الطَّيِّ التَّسْخِيرُ
التَّامُّ وَالْقَهْرُ الْكَامِلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ الْآنَ أَيْضًا، وَلَكِنْ فِي
الْقِيَامَةِ يَكُونُ أَظْهَرَ، وَنَسَبَ طَيَّ السَّمَاوَاتِ إِلَى الْيَمِينِ
وَطَيَّ الْأَرَضِينَ إِلَى الشِّمَالِ تَنْبِيهًا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ
الْمَقْبُوضَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ بَعْدَ أَنْ نَزَّهَ ذَاتَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ
نِسْبَةِ الشِّمَالِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: “وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ”
لِأَنَّ الشِّمَالَ نَاقِصٌ فِي الْقُوَّةِ عَادَةً، وَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنِ
النُّقْصَانِ، وَعَنْ سَائِرِ صِفَاتِ الْحَدَثَانِ”([26]).
– وحديثُ رسولِ اللهِ ﷺ:
((للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ
إِذَا وَجَدَهَ)) ([27]).
§
قَالَ
القَاضِي عياضٌ: “فَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَرْضَى بِتَوْبَةِ
العَبْدِ أَشَدَّ مِمَّا يَرْضَى الوَاجِدُ لِنَاقَتِهِ بِالفَلَاةِ، فَعَبَّر
عَنِ الرِّضَا بِالفَرَحِ تَأْكِيْدًا لِمَعْنَى الرِّضَا فِي نَفْسِ السَّامِعِ
وَمُبَالَغَةً فِي مَعْنَاهُ”([28]).
§
وَقَالَ
الطِّيْبِيُّ ([29])
وَالحَافِظُ ابنُ حجرٍ فِيْمَا نَقَلَهُ عَنِ الخَّطَّابِيِّ: ” مَعْنَاهُ
أَرْضَىْ بِالتَّوْبَةِ وَأَقْبَلُ لَهَا وَالفَرَحُ الْمُتَعَارَفُ فِي نُعُوْتِ
بَنِي ءَادَمَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللهِ تَعَالَى إِنَّما مَعْنَاهُ الرِّضَا([30])([31]).
§
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ: ” قَالَ الْعُلَمَاءُ فَرَحُ اللهِ تَعَالَى هُوَ رِضَاهُ
” ([32]).
– وما وردَ في الحديثِ القدسيِّ: ((يَسُبُّ
بَنُو ءَادَمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ)) ([33]).
§
قَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ: ” أَيْ أَنَا مَالِكُ الدَّهْرِ وَمُصَرِّفُهُ، فَحُذِفَ
اخْتِصَارًا لِلَّفْظِ وَاتِّسَاعًا فِي الْمَعْنَى”([34]).
§
وَقَالَ
القَاضِي عياضٌ: ” وَهَذَا هُوَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
الْمُفَسِّرُوْنَ مِنْ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ فِي الدَّهْرِ هُوَ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ ” ([35]).
§
وَقَالَ
الطِّيْبِيُّ: ” وَالتَّقْدِيْرُ: أَنَا مُقَلِّبُ الدَّهْرِ
وَالْمُتَصَرِّفُ فِيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّمَانَ يُذْعِنُ لِأَمْرِي لَا
اخْتِيَارَ لَهُ” ([36]).
– وأمَّا حديثُ رسولِ اللهِ ﷺ:
((إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ،
أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ)) ([37]):
§
قَالَ
الحَافِظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ: ” قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ
تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ”
([38]).
§
وَقَالَ
الحَافِظُ ابْنُ عَلَّانَ ([39]):
” وَقِيْلَ: هُوَ عَلَى تَقْدِيْرِ مُضَافٍ: أَيْ عَظَمَةُ اللهِ أَوْ
ثَوَابُهُ”([40]).
– وأمَّا حديثُ: ((أَلَا
أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللهِ
فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ،
وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ)) ([41]):
§
قَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ([42])
وَالقَاضِي
عياضٌ([43])
وَالنَّوَوِيُّ ([44])
وَالسُّيُوْطِيُّ ([45]):
“وَمَعْنَى: ((فَآوَى إِلَى اللهِ)) لَجَأَ إِلَيْهِ. ((فَآوَاهُ
اللهُ)) أَيْ قَبِلَهُ وَقَرَّبَهُ، أَوْ ءَاوَاهُ إِلَى جَنَّتِهِ.
وَقَوْلُهُ: ((فَاسْتَحْيَا)) أَيْ تَرَكَ الْمُزَاحَمَةَ وَالتَّخَطِّيَ
حَيَاءً مِنَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ وَالحَاضِرِيْنَ، أَوِ اسْتِحْيَاءً مِنْهُم أَنْ
يُعْرِضَ ذَاهِبًا. ((فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ)) أَيْ رَحِمَهُ وَلَم
يُعَاقِبْهُ. وَقَوْلُهُ: ((فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ)) أَيْ لَم يَرْحَمْهُ
وَسَخِطَ عَلَيْهِ “.
§
وَقَالَ
الكِرْمَانِيُّ مَا حَاصِلُهُ: “وَاعْلَمْ أَنَّ الإِيْوَاءَ وَهُوَ
الإِنْزَالُ عِنْدَكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ
الاسْتِحْيَاءُ لِأَنَّهُ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الإِنْسَانَ مِنْ
خَوْفِ مَا يُغَمُّ بِهِ، وَكَذَا الإِعْرَاضُ لِأَنَّهُ الْتِفَاتٌ إِلَى جِهَةٍ
أُخْرَى، فَهِيَ مُجَازَاةٌ: كَإِرَادَةِ إِيْصَالِ الخَيْرِ فِي الإِيْوَاءِ
وَتَرْكِ العِقَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ” ([46]).
– أمَّا معنى
مَا وردَ في الحديثِ: ((فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ
تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ))([47]):
§
قَالَ
ابْنُ فُوْرَكَ: “أَصْلُ مَعْنَى الضَّحِكِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الظُّهُوْرُ
وَالبُرُوْزُ وَالإِيْضَاحُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ يقَالُ: ضَحِكَتِ
الأَرْضُ بِالنَّبَاتِ إِذَا ظَهَرَ نَبَاتُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِل:
وَالْأَرْضُ تَضْحَكُ مِنْ بُكَاءِ السَّمَاءِ وَسَقْيِهَا أَيْ بِظُهُورِ
زَهْرَتِهَا وَنُوْرِهَا مِنْ مَطَرِ السَّمَاءِ وَسَقْيِهَا، وَأَنَّ مَعْنَى
وَصْفِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِهِ مِنَ الضَّحِكِ فَهُوَ عَلَى مَعْنَى إِظْهَارِ
أَلْطَافِهِ وَفَوَائِدِهِ وَمِنَنِهِ وَنِعَمِهِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا
الْخَبَر أَنْ يُظْهِرَ نِعَمَهُ وَمِنَنَهُ لهَذَا الدَّاخِلِ أَخِيْرًا
الْجنَّةَ”([48]).
§
وَقَالَ
بَدْرُ الدِّيْنِ العَيْنِيُّ: ” وَهُوَ الرِّضَا مِنْهُ وَإِرَادَةُ
الْخَيْرِ لَهُ، لِأَنَّ إِطْلَاقَ حَقِيقَةِ الضَّحِكِ عَلَى اللهِ تَعَالَى لَا
يُتَصَوَّرُ” ([49]).
§
وَقَالَ
ابْنُ الدَّمَامِيْنِيِّ([50]):
” مَعْنَاهُ عِنْدَ العُلَمَاءِ: الرِّضَا، لا ضحكٌ بِلَهَوَاتٍ وَتَعَجُّبٍ
كَمَا هُوَ مِنَّا” ([51]).
§
وَقَالَ
زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيُّ([52]):
” وَهُوَ رِضَاهُ وَإِرَادَتُهُ الخَيْرَ” ([53]).
– ومعنى ما
جاءَ في الحديثِ: ((خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا
تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا))
([54]):
§
قَالَ
أَبُو بَكْرِ بنُ العَرَبِيِّ: ” مَعْنَاهُ لَا يَقْطَعُ وَيَتْرُكُ حَتَّى
تَتْرُكُوا وَتَقْطَعُوا كَمَا تَقَدَّمَ، يُرِيْدُ: لَا يَتْرُكُ ثَوَابَكُم
حَتَّى تَتْرُكُوا طَاعَتَهُ”([55]).
§
وَقَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ: “يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْمُجَازَاةَ عَلَى
العِبَادَةِ حَتَّى تَقْطَعُوا العَمَلَ، فَأَخْرَجَ لَفْظَ الْمُجَازَاةِ
بِلَفْظِ الفِعْلِ لِأَنَّ الْمَلَلَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى الرَّبِّ جَلَّ
جَلَالُهُ وَلَا مِنْ صِفَاتِهِ”([56]).
§
وَقَالَ
القَاضِي عياضٌ: “إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ: أَيْ لَا
يَدَعُ الجَزَاءَ حَتَّى تَدَعُوا العَمَلَ، وَقِيْلَ: “حَتَّى” هَهُنَا
بِمَعْنَى الوَاوِ، فَيَكُوْنُ قَدْ نَفَى عَنْهُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ الْمَلَلَ
فَيَكُونُ التَّقْدِيْرُ: لَا يَمَلُّ وَتَمَلُّوْنَ([57])
تنبيهٌ مهمٌّ: مَنْ قالَ يجوزُ تسميةُ اللهِ ناسيًا وماكرًا ومستهزئًا
ومخادِعًا ومستدرجًا ومُزَيِّفا كفرَ لأنَّه استخَفَّ باللهِ، وكذا يكفرُ مَنْ يُسَمِّي
اللهَ المضلَّ لأنَّه جعلَه اسمًا للهِ كالرحمـنِ، فيكونُ معنى كلامِهِ يجوزُ أن
نقولَ يا مضلُّ أعنِّي، أو أن يسميَ الشخصُ ولدَه والعياذُ باللهِ عبدَ المضلِّ،
هذا لا اختلافَ بينَ العقلاءِ في بطلانِه، فلا يجوز تسميةُ اللهِ بغيرِ ما وردَ في
القرءانِ أو السنةِ الصحيحةِ أو الإجماعِ.
فاللهُ
تعالى منزَّهٌ عن النقائصِ وهذا معنى القُدُّوسِ، وهذا ما يُعطيهِ معنى التسبيحِ
بقولِنا سبحانَ اللهِ سبحانَ اللهِ. قالَ المناويُّ: “سبحانَ اللهِ: أي أُنزِّهُه
عن كلِّ سوءٍ، فسبحانَ: عَلَمٌ للتسبيحِ أي التنزيهِ البليغِ”([58]).
عجيبةٌ:
أبو مسلمٍ الخَوْلانِىُّ ([59])
مرةً كان يُسبِّحُ بالسبحةِ ثم نام فصارتْ السبحةُ تدور فى يدِه وهو نائمٌ وتقولُ:
سبحانكَ يا منبتَ النباتِ ويا دائمَ الثباتِ، ثم استيقظَ فنادى زوجتَه قال يا أمَّ
مسلمٍ تعالَيْ انظري إلى أعجبِ الأعاجيبِ فلما جاءت سكتتِ السبحةُ. ([60])اهـ
يا دائمَ الثباتِ معناهُ الذى وجودُه لا نهايةَ له.
([6])ابن الملقن
الإمام الفقيه الحافظ ذو التصانيف الكثيرة سراج الدين أبو حفص عمر بن الإمام
النحوي نور الدين الأنصاري الشافعي أحد شيوخ الشافعية، ولد سنة ثلاث وعشرين
وسبعمائة وبرع في الفقه والحديث وصنف فيهما مات في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع
الأول سنة أربع وثمانمائة.اهـ طبقات
الحفاظ للسيوطي ج1 ص 541
([8])
صحيح
البخاري
كتاب تفسير القرآن باب تفسير قوله تعالى: ﭐﱡﭐﲺ ﲻ ﲼ ﳑ ﱠ سورة
الأنعام / 151، ورواه مسلم كتاب التوبة باب غيرة الله تعالى.
([11])
صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب فضل عيادة المريض وابن
حبان باب ما جاء في الصفات، ذكر الخبرِ الدالِّ على أنَّ هذه الألفاظَ من هذا
النوع أُطلقت بألفاظِ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارَفُه الناسُ فيما بينهم
دون الحكمِ على ظواهرِها.
([17])صحيح البخاري
كتاب تفسير القرآن باب قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ﴾ سورة ق / 30. صحيح مسلم
كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء.
([23]) صحيح مسلم كتاب صفة
القيامة والجنة باب ج 17 ص 110 والبيهقي في الأسماء والصفات باب ما ذكر في اليمين والكف.
([27]) صحيح مسلم كتاب التوبة باب في الحض على التوبة والفرح بها ومسند أحمد
ج 2 ص 608 والسنن الكبرى للبيهقي جماع أبواب من تجوز شهادته.
([29])
الحسين
بن محمد بن عبد الله الطيبي الإمام المشهور صاحب شرح المشكاة وغيره، وكان ذا ثروة
من الإرث والتجارة فلم يزل ينفق ذلك في وجوه الخيرات إلى أن كان في آخر عمره فقيرا،
وكان كريما متواضعا حسن المعتقد شديد الرد على الفلاسفة والمبتدعة مظهرا فضائحهم
شديد الحب لله ورسوله كثير الحياء ملازما للجماعة ليلا ونهارا شتاء وصيفا مع ضعف
بصره بآخره، ملازما لأشغال الطلبة في العلوم الإسلامية فكان يشتغل في التفسير من
بكرة إلى الظهر ومن ثم إلى العصر لإسماع البخاري إلى أن كان يوم مات فإنه فرغ من
وظيفة التفسير وتوجه إلى مجلس الحديث فدخل مسجدا عند بيته فصلى النافلة قاعدا وجلس
ينتظر الإقامة للفريضة فقضى نحبه متوجها إلى القبلة يوم الثلاثاء في الثالث والعشرين
من شعبان سنة 743هـ اهـ الدرر الكامنة لابن حجر ج2 ص185-186.
([33]) صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قول الله
تعالى: ﭐﱡﭐﱣ ﱤﱥ ﱦ ﱲﱠ سورة
الجاثية / 24، صحيح مسلم كتاب الألفاظ من الأدب باب النهي عن سب الدهر.
([39]) محمد علي بن محمد علان البكري الصديقي الشافعي: عالم بالحديث، من
أهل مكة، له مصنفات ورسائل، منها ” دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين ولد سنة
996هـ وتوفي سنة 1057هـ. الأعلام للزركلي ج 6 ص 293.
([41])
صحيح البخاري كتاب العلم باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، صحيح
مسلم كتاب السلام باب من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها.
([50])
محمد بن أبي بكر المخزومي المالكي ابن الدماميني بدر الدين
الإسكندراني، ولد سنة 763هـ، وتفقه بالإسكندرية فاق في النظم والنثر والخط، مات سنة
828هـ. اهـ إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر العسقلاني ج3 ص 361.
([52])
شيخ الإسلام زكريا بن محمد السُّنَيْكِيُّ الشافعي، محيي الدين
أبو يحيى وأخذ أنواع العلوم عن شيوخ عصره كالقاياتي وابن حجر والجلال المحلي
والشرف المناوي وغيرهم، وبرع وتفنن وسلك طريق التصوف ولزم الجد والاجتهاد في القلم
والعلم والعمل وولي مشيخة الصلاحية وغيرها، وقضاء القضاة. ومن تصانيفه: ” شرح
الروض” و” شرح البهجة “، و مختصره.اهـ نظم العيقان في أعيان
الأعيان، (حرف الزاي) للسيوطي، وفي الأعلام أنه ولد سنة 823 هـ وتوفي سنة 926هـ.
الأعلام للزركلي ج 3 ص 46.
([59])
قال أبو نعيم: الخولاني
أبو مسلم عبد الله بن ثوب، حكيم الأمة وممثلها، ومديم الخدمة ومحررها، عن علقمة بن
مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين منهم أبو مسلم الخولاني، وكان لا
يجالس أحدًا قط، ولا يُتكلم في شيء من أمر الدنيا إلا تحول عنه، وحصل من مدعي
النبوة الكذاب الأسود العنسي في اليمن أن أرسل إلى أبي مسلم، فقال له: أتشهد أن
محمدًا ﷺ رسول الله؟
قال: نعم، قال: فتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: فأمر بنار عظيمة فأججت
وطرح فيها أبو مسلم فلم تضره، فقال له أهل مملكته: إن تركت هذا في بلدك أفسدها
عليك، فأمره بالرحيل فقدم المدينة وقد قبض رسول الله ﷺ واستخلف أبو بكر، فعقل على باب
المسجد وقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي إليها، فبصره عمر بن الخطاب t فأتاه فقال: من أين الرجل؟ قال: من اليمن، قال: فما فعل عدو الله
بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره، قال: ذاك عبد الله بن ثوب، قال: نشدتك بالله
أنت هو؟ قال: اللهم نعم، قال: فَقَبَّلَ ما بين عينيه ثم جاء به حتى أجلسه بينه
وبين أبي بكر، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى أراني في أمة محمد ﷺ من فعل به كما
فعل بإبراهيم خليل الرحمن عليه السلام.اهـ حلية الأولياء ج 2 ص 138-145.