الخميس نوفمبر 21, 2024

الدَّرْسُ الرَّابِعُ

تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى/11].

   أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ.

   وَرَدَ أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِى تَعْبُدُهُ فَنَزَلَتْ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَذِهِ صِفَةُ رَبِى عَزَّ وَجَلَّ».

   وَقَدْ كَانَ سُؤَالُ الْيَهُودِ هَذَا تَعَنُّتًا وَاسْتِهْزَاءً وَلَيْسَ طَلَبًا لِلْعِلْمِ.

   وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِصِفَاتٍ وَكَمَا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ فَهُوَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقِّهِ.

   قَالَ تَعَالَى ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ أَىِ الْوَصْفُ الَّذِى لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ فَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَهُوَ جُمْلَةُ الْعَالَمِ.

   أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ وَحْدَهُ الأَزَلِىُّ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لَهُ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةٌ لا ابْتِدَاءَ لَهَا وَصِفَاتُ غَيْرِهِ مَخْلُوقَةٌ تَتَحَوَّلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلا يَطْرَأُ عَلَيْهِ تَحَوُّلٌ وَلا تَغَّيُّرٌ فَهُوَ تَعَالَى يُغَيِّرُ وَلا يَتَغَيَّرُ وَيُطَوِّرُ وَلا يَتَطَوَّرُ.

   وَيُسَاعِدُ النَّظَرُ إِلَى الْعِبَارَاتِ التَّالِيَةِ فِى فَهْمِ هَذَا الْمَوْضُوعِ الَّذِى هُوَ مِنْ مَوَاضِيعِ التَّوْحِيدِ

  • اللَّهُ أَزَلِىٌّ لا بِدَايَةَ لَهُ.                           

الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا لَهَا بِدَايَةٌ اللَّهُ خَلَقَهَا.      

  • اللَّهُ أَبَدِىٌّ لا نِهَايَةَ لَهُ.                         

الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا يَجُوزُ عَلَيْهَا أَنْ تَفْنَى مِنْ حَيْثُ الْعَقْلُ.

  • صِفَاتُ اللَّهِ أَزَلِيَّةٌ لا بِدَايَةَ لَهَا صِفَاتُ اللَّهِ أَبَدِيَّةٌ لا تَفْنَى. 

صِفَاتُ اللَّهِ لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَحَوَّلُ وَلا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَطَوَّرُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ. 

  • صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ مَخْلُوقَةٌ لَهَا بِدَايَةٌ وَيَجُوزُ عَلَيْهَا الْفَنَاءُ.       

صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ تَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّلُ وَتَتَبَدَّلُ وَتَتَطَوَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا.      

  • اللَّهُ خَالِقُ الْعَالَمِ وَمَا فِيهِ خَالِقُ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَرَازِقُهُمْ.

الْمَخْلُوقَاتُ لا تَخْلُقُ ضُرًّا وَلا نَفْعًا وَلا تَخْلُقُ شَيْئًا مِنَ الأَفْعَالِ فَمَنْ قَطَّعَ تُفَّاحَةً لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ.     

  • اللَّهُ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ وَاحِدٌ فِى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ .

الْمَخْلُوقَاتُ ذَوُو أَشْكَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ حَتَّى الثَّمَرُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِيهِ الْحَامِضُ وَفِيهِ الْحُلْوُ.  

  • اللَّهُ لَيْسَ جِسْمًا لَيْسَ لَهُ حَجْمٌ لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ.

الْمَخْلُوقَاتُ لَهَا أَحْجَامٌ وَلَهَا أَمْكِنَةٌ تَسْتَقِرُّ فِيهَا.

  • اللَّهُ لا يَحْتَاجُ لِلْمَخْلُوقَاتِ.

الْمَخْلُوقَاتُ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ خَلَقَهَا تَحْتَاجُ إِلَى اللَّهِ.

  • اللَّهُ وَحْدَهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.

الْمَخْلُوقَاتُ لا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُعْبَدَ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ وَمُحْتَاجَةٌ لِمَنْ خَلَقَهَا.

قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ «التَّوْحِيدُ هُوَ إِفْرَادُ الْقَدِيمِ أَىِ الأَزَلِىِّ مِنَ الْمُحْدَثِ أَىِ الْمَخْلُوقِ».

أَسْئِلَةٌ:

   (1) اذْكُرْ ءَايَةً فِيهَا تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقَاتِ.

   (2) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾.

   (3) مَا سَبَبُ نُزُولِ سُورَةِ الإِخْلاصِ.

   (4) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾.

   (5) مَاذَا يُقَالُ عَنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِ.

   (6) مَاذَا قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى التَّوْحِيدِ.