الدَّرْسُ الرَّابِعُ
تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى/11].
أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَرَدَ أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِى تَعْبُدُهُ فَنَزَلَتْ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَذِهِ صِفَةُ رَبِى عَزَّ وَجَلَّ».
وَقَدْ كَانَ سُؤَالُ الْيَهُودِ هَذَا تَعَنُّتًا وَاسْتِهْزَاءً وَلَيْسَ طَلَبًا لِلْعِلْمِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِصِفَاتٍ وَكَمَا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ فَهُوَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقِّهِ.
قَالَ تَعَالَى ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ أَىِ الْوَصْفُ الَّذِى لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ فَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَهُوَ جُمْلَةُ الْعَالَمِ.
أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ وَحْدَهُ الأَزَلِىُّ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لَهُ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةٌ لا ابْتِدَاءَ لَهَا وَصِفَاتُ غَيْرِهِ مَخْلُوقَةٌ تَتَحَوَّلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلا يَطْرَأُ عَلَيْهِ تَحَوُّلٌ وَلا تَغَّيُّرٌ فَهُوَ تَعَالَى يُغَيِّرُ وَلا يَتَغَيَّرُ وَيُطَوِّرُ وَلا يَتَطَوَّرُ.
وَيُسَاعِدُ النَّظَرُ إِلَى الْعِبَارَاتِ التَّالِيَةِ فِى فَهْمِ هَذَا الْمَوْضُوعِ الَّذِى هُوَ مِنْ مَوَاضِيعِ التَّوْحِيدِ
الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا لَهَا بِدَايَةٌ اللَّهُ خَلَقَهَا.
الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا يَجُوزُ عَلَيْهَا أَنْ تَفْنَى مِنْ حَيْثُ الْعَقْلُ.
صِفَاتُ اللَّهِ لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَحَوَّلُ وَلا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَطَوَّرُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ.
صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ تَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّلُ وَتَتَبَدَّلُ وَتَتَطَوَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا.
الْمَخْلُوقَاتُ لا تَخْلُقُ ضُرًّا وَلا نَفْعًا وَلا تَخْلُقُ شَيْئًا مِنَ الأَفْعَالِ فَمَنْ قَطَّعَ تُفَّاحَةً لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ.
الْمَخْلُوقَاتُ ذَوُو أَشْكَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ حَتَّى الثَّمَرُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِيهِ الْحَامِضُ وَفِيهِ الْحُلْوُ.
الْمَخْلُوقَاتُ لَهَا أَحْجَامٌ وَلَهَا أَمْكِنَةٌ تَسْتَقِرُّ فِيهَا.
الْمَخْلُوقَاتُ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ خَلَقَهَا تَحْتَاجُ إِلَى اللَّهِ.
الْمَخْلُوقَاتُ لا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُعْبَدَ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ وَمُحْتَاجَةٌ لِمَنْ خَلَقَهَا.
قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ «التَّوْحِيدُ هُوَ إِفْرَادُ الْقَدِيمِ أَىِ الأَزَلِىِّ مِنَ الْمُحْدَثِ أَىِ الْمَخْلُوقِ».
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ ءَايَةً فِيهَا تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقَاتِ.
(2) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾.
(3) مَا سَبَبُ نُزُولِ سُورَةِ الإِخْلاصِ.
(4) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾.
(5) مَاذَا يُقَالُ عَنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِ.
(6) مَاذَا قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى التَّوْحِيدِ.