تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ
لا يُعْفَى الْجَاهِلُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الأُصُولِ، وَلا يُعْذَرُ فِيمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنَ الْكُفْرِ لِعَدَمِ اهْتِمَامِهِ بِالدِّينِ.
وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ يُسْقِطُ الْمُؤَاخَذَةَ لَكَانَ الْجَهْلُ خَيْرًا مِنَ الْعِلْمِ وَهَذَا خِلافُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سُورَةَ الزُّمَر/9]، إِلَّا أَنَّ مَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ وَنَحْوَهُ لا يَكْفُرُ بِإِنْكَارِ فَرْضِيَّةِ الصَّلاةِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ أَنَّ هَذَا دِينُ الإِسْلامِ.
وَالْفَرْضُ الأَوَّلُ فِي حَقِّ الأَهْلِ تَعْلِيمُهُمْ أُصُولَ الْعَقِيدَةِ كَيْلا يَقَعُوا فِي الْكُفْرِ بِجَهْلِهِمْ بِالْعَقِيدَةِ فَإِنِ اعْتَقَدُوا أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ نُورَانِيٌّ أَبْيَضُ فَاسْتَمَرُّوا بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى ذَلِكَ فَمَاتُوا عَلَيْهِ خُلِّدُوا فِي النَّارِ نَتِيجَةَ اعْتِقَادَاتِهِمُ الْفَاسِدَةِ.
قَالَ الْفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: »لا يَغُرَّنَّكَ كَثْرَةُ الْهَالِكِينَ«، فَهَلْ هَذَا الْجَهْلُ فِي الْعَقِيدَةِ هُوَ نَتِيجَةُ مَحَبَّةِ الأَهْلِ لِأَبْنَائِهِمْ؟
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [سُورَةَ الذَّارِيَات/56] وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ الآيَةِ: أَيْ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ.
وَبَعْدَ أَنْ جَاءَنَا الْهُدَى وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَتْ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ بِهِ فَلا عُذْرَ لَنَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [سُورَةَ الإِسْرَاء/15].