الخميس نوفمبر 21, 2024

تَفْسِيرُ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾

 

فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَادِي أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لِنُورِ الإِيـمَانِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ نُورًا بِمَعْنَى الضَّوْءِ، بَلْ هُوَ الَّذِي خَلَقَ النُّورَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [سُورَةَ الأَنْعَام/1].

أَيْ خَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، فَكَيْف يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نُورًا كَخَلْقِهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَحُكْمُ مَنْ يَعْتِقَدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نُورٌ أَيْ ضَوْءٌ التَّكْفِيرُ قَطْعًا. وَهَذِهِ الآيَةُ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ حَجْمًا كَثِيفًا كَالسَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَيْسَ حَجْمًا لَطِيفًا كَالظُّلَمَاتِ وَالنُّورِ، فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ حَجْمٌ كَثِيفٌ أَوْ لَطِيفٌ فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ وَالآيَةُ شَاهِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ. أَكْثَرُ الْمُشَبِّهَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَجْمٌ كَثِيفٌ وَبَعْضُهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَجْمٌ لَطِيفٌ حَيْثُ قَالُوا إِنَّهُ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، فَهَذِهِ الآيَةُ وَحْدَهَا تَكْفِي لِلرَّدِّ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ.

وَهُنَاكَ الْعَدِيدُ مِنَ الْعَقَائِدِ الْكُفْرِيَّةِ كَاعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذُو لَوْنٍ أَوْ ذُو شَكْلٍ فَلْيَحْذَرِ الإِنْسَانُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ.