تنبيه
قوله صلى الله عليه وسلم «كان الله ولم يكن شىء غيره» هو إحدى روايات هذا الحديث وهي أصرح في إثبات الأزلية لله تعالى من رواية «كان الله ولم يكن شىء قبله»، وتؤيدها رواية أبي معاوية «كان الله قبل كل شىء»، ورواية «كان الله ولا شىء معه»، بخلاف رواية «ولم يكن شىء قبله» وفي ذلك ردٌّ لما زعم ابن تيمية من ترجيح رواية «ولم يكن شىء قبله» محتجًّا لذلك بحديث «أنت الأول فليس قبلك شىء». والذي دعاه إلى ذلك أنه يرى حوادث لا أول لها فرأى أن رواية «ولم يكن شىء قبله» تناسب معتقده هذا.
قال الحافظ ابن حجر [(1163)]: «وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية. ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجّح الرواية التي في الباب – يعني «ولم يكن شىء قبله» – على غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق – يعني رواية ولم يكن شىء غيره – لا العكس. والجمع يقدم على الترجيح بالاتفاق» اهـ.
ولابن تيمية خلط عجيب في نقده على مراتب الإجماع [(1164)] فإنه نسب إلى البخاري أنه روى هذا الحديث بثلاثة ألفاظ «ولا شىء غيره» «ولا شىء قبله» «ولا شىء معه». ولا وجود لهذه الألفاظ الثلاثة في البخاري بل الموجود في البخاري لفظان أحدهما «كان الله ولم يكن شىء غيره» والثاني «كان الله ولم يكن شىء قبله». ولم يَروِ البخاري «كان الله ولا شىء معه» بالمرة.
فكيف يحصل هذا الخلط من رجل يقول عنه الذهبي «وكأن السنة نصب عينيه»؟ وإن كان قوله [(1165)] الأخير جرحه بأنه متكبر كما ذكره السخاوي [(1166)]. فليعلم المنصفون حقيقة هذا الرجل. هذا وقد ضعَّف أحاديث كثيرة ثابتة كما قال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» [(1167)] في ترجمة الحِلّي.
ـ[1163] سنن الترمذي: باب ومن سورة بني إسرائيل، والسنن الكبرى للبيهقي (6/ 381)، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (1/ 136).
ـ[1164] رواه البخاري في صحيحه: كتاب مناقب الأنصار: باب المعراج، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات.
ـ[1165] المحصول (1/ 462).
ـ[1166] رواه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات.
ـ[1167] أي خمر الجنة الذي لا يُسكر ولا يُصدع الرأسر