الجمعة ديسمبر 12, 2025
تفسير لفظ اليد الوارد في القرءان:
قال الإمام علي رضي الله عنه: “سيرجع قوم من هذه الأمة عند اقتراب الساعة كفارا ينكرون خالقهم فيصفونه بالجسم والأعضاء” والوهابية أدعياء السلفية الذين يشبهون الله بخلقه جعلوا الله جسما له أعضاء فهم إخوة اليهود وإن ظنوا بأنفسهم أنهم موحدون لأن اليهود قالوا إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السبت فاستلقى على قفاه. واعلم أخي المسلم أن اليد في لغة العرب تأتي بمعان عديدة منها النعمة ومنها القدرة والقدرة هي القوة كما في قوله تعالى: “والسماء بنيناها بأيد” ولا يجوز حمله على الظاهر لأن ظاهره جمع يد وهو مستحيل في حق الله تعالى، لذلك نقول بأيد أي بقوة، وتأتي اليد بمعنى العهد كما في قوله تعالى: “يد الله فوق أيديهم” أي عهد الله فوق عهودهم أي ثبت عليهم عهد الله لأن معاهدة الصحابة للرسول تحت شجرة الرضوان في الحديبية على أن لا يفروا معاهدة لله تبارك وتعالى لأن الله تعالى هو الذي أمر نبيه بهذه المبايعة. وأما قوله تعالى: “بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء” فمعناه أن الله غني واسع الكرم. وأما قوله تعالى في توبيخ إبليس: “ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي” فيجوز أن يقال المراد باليدين العناية والحفظ فدل قوله تعالى: “بيدي” على أن ءادم خلق مشرفا مكرما بخلاف إبليس، ولا يجوز أن نحمل كلمة بيدي على معنى الجارحة أي العضو، لو كانت لله جارحة لكان مثلنا ولو كان مثلنا لما استطاع أن يخلقنا لذلك نقول كما قال بعض العلماء أي خلقته بعنايتي بحفظي معناه على وجه الإكرام والتعظيم له، أي على وجه الخصوصية خلق ءادم أي أراد له المقام العالي والخير العظيم. أما إبليس ما خلقه بعنايته لأن الله عالم في الأزل أنه خبيث هذا الفرق بين إبليس وءادم. قال العلماء: يصح أن يقال لله يد لا كأيدينا على معنى الصفة لا على معنى الجسم، لأن الله لو كان له يد بمعنى الجسم لكان مثلا لنا ولو كان مثلا لنا لجاز عليه ما يجوز علينا من الموت والفناء والتغير والتطور ولم يكن إلها. قال أهل السنة كالإمام أبي الحسن الأشعري: “ما أطلق الله على نفسه أطلقناه عليه وما لا فلا”. فنحن نؤمن بإثبات ما ورد في القرءان كاليد على أنها صفة يعلمها الله لا على أنها جارحة، لأن الجوارح وهي الأعضاء مستحيلة على الله لقوله تعالى: “ليس كمثله شىء”. أما الوهابية أدعياء السلفية فيقولون باللسان: له يد لا كأيدينا وفي الاعتقاد يعتقدون الجسم الذي تعرفه النفوس.
 
وأما الوقوف بين يدي الله للحساب فمعناه حسابهم عند عرض أعمالهم عليهم وليس المعنى أن الله تعالى يكون في موقف القيامة ويكون الناس حوله لأن الله تعالى ليس جسما يتحيز في مكان. لا يتحيز في مكان ولا جهة ولا في الفراغ ولا ضمن بناء ولا هو في هواء العرش ولا هو جالس عليه لأن الجلوس والاستقرار من صفات الخلق والله لا يتصف بهذا كله لقوله تعالى: “ليس كمثله شىء” وتلك الهيئة التي يتصورها بعض الناس من أن الله يكون ذلك اليوم في موقف القيامة والناس حوله يجتمعون للحساب هذه الهيئة لا تجوز على الله لأن هذه هيئة الملوك تحف بهم رعاياهم. الذي يظن أن معنى الوقوف بين يدي الله يوم القيامة القرب منه بالمسافة هذا ما ءامن بالله.