الجمعة ديسمبر 12, 2025
تفسير لفظ الوجه الوارد في القرءان والحديث:
اعلم أخي المسلم أن الوجه في لغة العرب يأتي بمعان عديدة منها الطاعة كما في حديث ابن حبان “وأقرب ما تكون المرأة إلى وجه الله إذا كانت في قعر بيتها”. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله” رواه البخاري، والمعنى أن الله تعالى حرم على النار أي الدوام فيها إلى الأبد من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله أي إن قال ذلك معتقدا في قلبه لا منافقا ليرضي المسلمين وهو في قلبه غير راض بالإسلام. وأما قوله تعالى: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام” أي يفنى كل من على وجه الأرض، وفناء البشر معناه مفارقة أرواحهم لأجسادهم، ومعنى الوجه في هذه الآية الذات أي يبقى الله. أما من اعتقد أن الوجه إذا أضيف إلى الله في القرءان أو في الحديث معناه الجزء والحجم الذي هو مركب على البدن فهو لم يعرف ربه لأن هذه هيئة الإنسان والملائكة والجن والبهائم فكيف يكون خالق العالم مثلهم. وقد قال الإمام علي رضي الله عنه: “سيرجع قوم من هذه الأمة عند اقتراب الساعة كفارا ينكرون خالقهم فيصفونه بالجسم والأعضاء”. وليس من عقيدة الإسلام اعتقاد أن الله له وجه بمعنى الجزء المركب على البدن إنما هو من عقيدة الوهابية أدعياء السلفية الذين يشبهون الله بخلقه ويعتقدون أن الله جسم له أعضاء فهم إخوة اليهود وإن ظنوا بأنفسهم أنهم موحدون ففي كتابهم المسمى “قرة عيون الموحدين” تأليف عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب يقول المؤلف: “وروى ابن جرير عن وهب بن منبه: فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ثم يقولون فأذن لنا بالسجود قدامك” فإذا كان هذا كلام زعيم من زعماء الوهابية وحفيد من ينتسبون إليه ويسمونه زورا وبهتانا مجدد القرن الثاني عشر، ويتنافسون في شرح كتبه وطبعها وتوزيعها مجانا لزيادة الضلال والإفساد في الأرض، فماذا نقول عن التائهين من الوهابيين من أهل هذا العصر فما أبقوا في الكفر من بقية. وأما قوله تعالى “فأينما تولوا فثم وجه الله” فقد جاء في تفسيرها عن مجاهد تلميذ ابن عباس: “قبلة الله”، ففسر الوجه بالقبلة، والمعنى: فأينما توجهوا وجوهكم في صلاة النفل في السفر وأنتم راكبون الدابة فثم قبلة الله، أي فتلك الوجهة التي توجهتم إليها هي قبلة لكم. وقد يراد بالوجه الجهة التي يراد بها التقرب إلى الله تعالى، فإذا قال قائل: عملت هذا لوجه الله أو ابتغاء وجه الله فمعناه عملت هذا للتقرب إلى الله تعالى وموافقة وامتثالا لأمره. وأما قوله تعالى: “كل شىء هالك إلا وجهه” فقد فسره الإمام البخاري في صحيحه في كتاب تفسير القرءان بقوله: “إلا ملكه” أي إلا سلطانه، وملك الله صفة من صفاته أزلي لا ابتداء له أبدي لا انتهاء له، لا يفنى، أما ملك غيره يفنى. فاثبت أخي المسلم على هذه العقيدة تكن ناجيا بإذن الله يوم القيامة.