الأحد ديسمبر 22, 2024

تفسير قوله تعالى: {مَأ كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإيمَانُ}

سيدنا محمد ﷺ وباقي الأنبياء عليهم السلام يلهمهم الله منذ صغرهم التوحيد فيكونون عارفين بالله، فالآية {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] لا يجوز أن تُفَسّرَ بأنَّ سيّدنا محمّدًا ﷺ كان جاهلًا بربه حاشا؛ بل الآية معناها كما فسرها العلماء أن سيّدنا محمّدًا ما كان يعرف الشرائع، أي: الأحكام قبل أن ينزل عليه الوحي.

قال الثعلبي في تفسيره: «{مَا كُنتَ تَدْرِي} قبل الوحي {مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}، يعني: شرائع الإيمان ومعالمه»([1]).اهـ.

وقال البغوي في تفسيره: «وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي ﷺ يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم، ولم يتبيّن له شرائع دينه – أي: تفاصيله – »([2]).اهـ.

وقال ابن الجوزي في تفسيره: «{مَا الْكِتابُ}، يعني: القرآن {وَلَا الْإِيمَانُ}، يعني: شرائع الإيمان – أي: تفاصيله»([3]).اهـ.

وقال الرازي في تفسيره: «وأما الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله على الإجمال فقد كان حاصلًا منذ خلقه الله من أول الأمر»([4]).اهـ.

وقال أبو حيان في تفسير البحر المحيط: «وقال القاضي: {وَلَا الْإِيمَانُ} الفرائض والأحكام، قال: وكان قبل مؤمنًا بتوحيد الله ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل فزاد بالتكليف إيمانًا. وقال القشيري: يجوز إطلاق الإيمان على تفاصيل الشرع»([5]).اهـ.

[1])) تفسير الثعلبي، الثعلبي، (1/2023).

[2])) تفسير البغوي، البغوي، (7/201).

[3])) زاد المسير، ابن الجوزي، (7/299).

[4])) مفاتيح الغيب، الرازي، (4/69).

[5])) البحر المحيط، أبو حيّان، (9/500).