تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء} [سورة المائدة/١١٢].
قال القرطبي: وقيل إن القوم أي الحواريين – لم يشكوا في استطاعة البارئ سبحانه لأنهم كانوا مؤمنين عارفين عالمين، وإنما هو كقولك للرجل: هل يستطيع فلان أن يأتيَ وقد علمت أنه يستطيع، فالمعنى: هل يفعل ذلك؟ وهل يجيبني إلى ذلك أم لا؟
وقد كانوا عالمين باستطاعة الله تعالى لذلك ولغيره عِلم دلالة وخبر ونظر فأرادوا علم معاينة كذلك، كما قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى}[سورة البقرة/٢٦٠] وقد كان إبراهيم علم ذلك عِلم خبر ونظر، ولكن أراد المعاينة التي لا يدخلها ريب ولا شبهة، لأن علم النظر والخبر قد تدخله الشبهة والاعتراضات وعلمَ المعاينة لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}[سورة المائدة/١١٣] كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.[سورة البقرة/٢٦٠] ليس معناه أن علم إبراهيم يحتمل الشك.