الأحد ديسمبر 22, 2024

تعريف الروح وأن البهائم لها أرواح بنص القرءان والحديث والإجماع

ويجب الإيمان بالروح وهي جسم لطيف لا يعلم حقيقته إلا الله وقد أجرى الله العادة أن تستمر الحياة في أجسام الملائكة والإنس والجن والبهائم ما دامت تلك الأجسام اللطيفة مجتمعة معها، وتفارقها إذا فارقتها تلك الأجسام وهي حادثة ليست قديمة، قال الإمام المجتهد الحافظ محمد بن نصر المروزي: «الروح حادثة بالإجماع»، فمن قال إنها قديمة ليست مخلوقة فقد كفر، وكذلك من قال البهائم لا أرواح لها كما قال بعض المعاصرين المجازفين المتنطعين، وذلك تكذيب للقرءان الكريم وإنكار للعيان، قال الله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *} [سورة التكوير] ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتُؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» رواه مسلم.

فالحق الذي يجب الثبات عليه أن البهائم لها أرواح ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى البهيمة عند الذبح، ومن خالف فأنكر أن يكون للبهائم أرواح فهو معارض لكتاب الله وسنة نبيه وإجماع الأمة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» رواه مسلم.

فكن دائما أيها العاقل على ذُكرٍ من هذه الأدلة الواضحة الجلية ولا تلتفت إلى قول أصحاب النظريات الكاسدة الفاسدة المخالفة للدين كزعم هؤلاء الذين ذكرناهم إن المني فيه حياة، ويقولون بزعمهم «حيوان منوي»، فالإنسان خلق من ماء وتراب كما أجمعت الأمة على ذلك، ونصّ القرءان عليه، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا، وليس من ديدان صغيرة في المني، لأن الله قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ… *} [سورة الإسراء] وقال {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ *} [سورة ص] وقال سبحانه {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *} [سورة آل عمران] .

فالحق أحق أن يتبع ودين الله لا يؤخذ من النظريات الوهمية، فمن أراد السلامة والنجاة في أمر دينه ودنياه وآخرته فعليه بملازمة الحق والثبات عليه وإلا فإن عذاب الله شديد، يقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ *} [سورة البقرة] .

فنصيحتنا لكل مؤمن غيور على دينه ولكل مؤمنة عفيفة ولكل عاقل أن يحذروا هذه الفتاوى الباطلة المخالفة لدين الله تعالى وأن لا يلتفتوا إلى مصدّريها ولو كان ذلك بألف مؤتمر وبألف مقال أو بألف مقابلة فضائية، ولا بقول ألف طبيب ولا بقول ألف شيخ أو دكتور، وليقف كل عاقل وعاقلة عند قول الله تعالى عز وجل: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ *} [سورة الصَّافات] ، وعند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أأدخل الجنة؟ قال: نعم» ومعنى حرمت الحرام أي اجتنبته، ومعنى أحللت الحلال فعلته معتقدا حِلَّهُ. وتأملوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري عن أبي مسعود عقبة ابن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» وهو تهديد ووعيد لمن ترك الحياء الممدوح شرعا، ومعناه أن عدم الحياء يوجب الاستهتار والانهماك في هتك الأستار كما قاله ابن حجر الهيتمي في كتابه فتح المبين لشرح الأربعين. فمن خلع جلباب الحياء يباشر القبائح ولا يبالي. نسأل الله السلامة من المعاصي والفتن، ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين.