هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري بن بردزبه الجُعْفِيّ ولاءً. وبَرْدِزْبَه بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء.
ولد في يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة؛ بخرتنك، قرية قرب بُخارى، وبخارى من أعظم مدن ما وراء النهر بينها وبين سمرقند مسافة ثمانية أيام، وتوفي فيها سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة.
والبخاري حافظ الإسلام، وإمام الأئمة الأعلام، جبل الحفظ وإمام الدنيا ثقة الحديث، إمام المسلمين وقدوة الموحدين وشيخ المؤمنين والمعول عليه في أحاديث سيد المرسلين، وكان رحمه الله في غاية الحياء والشجاعة والسخاء والورع والزهد في الدنيا دار الفناء والرغبة في الآخرة دار البقاء.
توفي والده وهو صغير، فنشأ في حِجْر أمه، وأقبل على طلب العلم منذ نعومة أظفاره، وبدت عليه علامات الذكاء والبراعة منذ حداثته، فقد حفظ القرءان وهو صبي ثم استوفى حفظ حديث شيوخه البخاريين، ونظر في الرأي وقرأ كتب ابن المبارك حين استكمل ست عشرة سنة، ورحل في طلب الحديث إلى جميع محدثي الأمصار، وكتب بخراسان والعراق والحجاز والشام ومصر وغيرها، وسمع من العلماء والمحدثين، وأكب عليه الناس وتزاحموا عليه.
وقد تحدث عن نفسه فيما ذكره الفِرَبْري عن محمد بن أبي حاتم ورّاق البخاري قال: سمعت البخاري يقول: «ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب»، قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟، قال: «عشر سنين أو أقل»، إلى أن قال: «فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، يعني أصحاب الرأي»، قال: «ثم خرجت مع أمي وأخي إلى الحج، فلما طعنت في ثمان عشرة سنة صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين، ثم صنفت التاريخ بالمدينة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وكنت أكتبه في الليالي المقمرة»، قال: «وقلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت أن يطول الكتاب».
اشتغل وهو صغير في طلب العلم وسماع الحديث، فسمع من أهل بلده مثل محمد بن سلام ومحمد بن يوسف البيكنديين، وعبد الله بن محمد المسندي وابن الأشعث وغيرهم، ثم حج هو وأمه وأخوه أحمد وهو أسن منه سنة عشر ومائتين، فرجع أخوه بأمه وبقي في طلب العلم فسمع بمكة من الحميدي وغيره، وبالمدينة من عبد العزيز الأويسي ومطرف بن عبد الله وغيرهم، ثم رحل إلى أكثر محدثي الأمصار في خراسان والشام ومصر ومدن العراق، وقدم بغداد مرارا واجتمع إليه أهلها واعترفوا بفضله وشهدوا بتفرده في علمي الرواية والدراية، وسمع ببلخ من مكي بن إبراهيم وغيره، وبمرو من علي بن الحسن وعبد الله بن عثمان وغيرهما، وبنيسابور من يحيى بن يحيى وغيره، وبالري من إبراهيم بن موسى وغيره، وببغداد من شريح بن النعمان وأحمد بن حنبل وغيرهما، وبالبصرة من أبي عاصم النبيل ومحمد بن عبد الله الأنصاري وغيرهما، وبالكوفة من طلق بن غنام وخلاد بن يحيى وغيرهما، وبمصر من سعيد بن كثير بن عفير وغيره، وسمع من أناس كثيرين غير هؤلاء، ونقل عنه أنه قال: «كتبت عن ألف وثمانين نفسا ليس فيهم إلا صاحب حديث»، وقال أيضا: «لم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل».
وكان رحمه الله قوي الذاكرة سريع الحفظ، ذكر عنه المطلعون على حاله ما يتعجب منه الأذكياء ذوو الحفظ والإتقان فضلا عمن سواهم؛ فقد قال أبو بكر الكلذواني: «ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ الكتاب من العلم فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الحديث من مرة واحدة».
وقال محمد بن أبي حاتم وراق البخاري: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل: تحفظ جميع ما أدخلته في المصنف، قال: «لا يخفى علي جميع ما فيه».
وقال محمد بن حمدوية: سمعت البخاري يقول: «أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح».
وقال محمد بن الأزهر السجستاني: كنت في مجلس سليمان ابن حرب والبخاري معنا يسمع ولا يكتب فقيل لبعضهم: مَا لَهُ لا يكتب فقال: يرجع إلى بخارى ويكتب من حفظه، ولعل من أعجب ما نقل عنه في ذلك ما قاله الحافظ أبو أحمد بن عدي كما في تاريخ بغداد ووفيات الأعيان وغيرهما سمعت عدة مشائخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وأرادوا امتحان حفظه، فعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: «لا أعرفه»، فسأله عن آخر فقال: «لا أعرفه»، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: «لا أعرفه»، فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: «الرجل فَهِمٌ»، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب رجل آخر من العشرة وسأله كما سأله الأول والبخاري رحمه الله يجيب بما أجاب به الأول، ثم الثالث والرابع حتى فرغ العشرة مما هيأوه من الأحاديث. فلما علم البخاري أنهم فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: «أما حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا، وحديثك الثاني قلت كذا وصوابه كذا» والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فردَّ كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل، وعند ذكر هذه القصة يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: «هنا يخضع للبخاري فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب، فإنه كان حافظًا، بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة».
وقد كان غزير العلم واسع الاطلاع، خرج جامعه الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث كان يحفظها، ولشدّة تحريه لم يكن يضع فيه حديثـًا إلا بعد أن يصلي ركعتين ويستخير الله، وقد قصد فيه إلى جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحاح المستفيضة المتصلة دون الأحاديث الضعيفة، ولم يقتصر في جمعه على موضوعات معينة، بل جمع الأحاديث في جميع الأبواب، واستنبط منها الفقه والسيرة، وقد نال من الشهرة والقبول درجة لا يرام فوقها.
قال شيخه محمد بن بشار الحافظ: «حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمـن الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى»، وقال أيضًا: «ما قدم علينا مثل البخاري»، وقال الإمام الترمذي: «لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كبير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل ».
سبب تأليف صحيح البخاري:
قال البخاري: كنا عند إسحاق بن راهويه فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم . قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح.
وهذا يدل على همة هذا الإمام حيث أخذت هذه الكلمة منه مأخذها، وبعثته للعمل على تأليف كتابه، وسماه كما ذكر ابن الصلاح والنووي «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه».
ولما أخرجه للناس وأخذ يحدث به، طار في الآفاق أمره، فهرع إليه الناس من كل فج يتلقونه عنه حتى بلغ من أخذه نحو من مائة ألف، وانتشرت نسخه في الأمصار، وعكف الناس عليه حفظًا ودراسة وشرحًا وتلخيصًا، وكان فرح أهل العلم به عظيمًا.
من فقه البخاري في صحيحه:
قصد البخاري في صحيحه إلى إبراز فقه الحديث الصحيح واستنباط الفوائد منه، وجعل الفوائد المستنبطة تراجم للكتاب – أي عناوين له – ولذلك فإنه يذكر متن الحديث بغير إسناد، وقد يحذف من أول الإسناد واحدًا فأكثر، وهذان النوعان يعرفان بالتعليق، وقد يكرر الحديث في مواضع كثيرة من كتابه يشير في كل منها إلى فائدة تستنبط من الحديث، والسبب في ذلك أن الحديث الواحد قد يكون فيه من العلم والفقه ما يوجب وضعه في أكثر من باب، ولكنه غالبـًا ما يذكر في كل باب الحديث بإسناد غير إسناده في الأبواب السابقة أو اللاحقة، وقد يختلف سياق الحديث من رواية لأخرى، وذكر في تراجم الأبواب علمًا كثيرًا من الآيات والأحاديث وفتاوى الصحابة والتابعين، ليبين بها فقه الباب والاستدلال له، حتى اشتهر بين العلماء أن فقه البخاري في تراجمه.
عدد أحاديث صحيح البخاري:
وقد بلغت أحاديث البخاري بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات (7593) حديثـًا حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي لأحاديث البخاري، ويرى الحافظ ابن حجر العسقلاني أن عدد أحاديث البخاري (7397) حديثـًا.
وفي البخاري أحاديث معلقة وجملتها (1341)، وعدد أحاديث البخاري المتصلة من غير المكررات قرابة أربعة آلاف.
ومن مؤلفاته: الأدب المفرد، ورفع اليدين في الصلاة، والقراءة خلف الإمام، وبر الوالدين، والتاريخ الكبير، والأوسط، والصغير، وخلق أفعال العباد، والضعفاء، والجامع الكبير، والمسند الكبير، والتفسير الكبير، وكتاب الأشربة، وكتاب الهبة، وأسامي الصحابة إلى غير ذلك من مؤلفاته الكثيرة التي أورد كثيرًا منها الحافظ ابن حجر رحمه الله في مقدمة فتح الباري.
من شروح صحيح البخاري:
لم يحظ كتاب بعد كتاب الله بعناية العلماء مثل ما حظي كتاب صحيح البخاري، فقد اعتنى العلماء والمؤلفون به: شرحًا له واستنباطًا للأحكام منه وتكلمًا على رجاله وتعاليقه وشرحًا لغريبه وبيانًا لمشكلات إعرابه إلى غير ذلك، وقد تكاثرت شروحه حتى بلغ عدد شروحه والتعليقات عليه أكثر من مائة وثلاثين شرحًا، وأشهر هذه الشروح :
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري:
وهو للحافظ العلامة شيخ الإسلام أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة (852 هـ)، وشرحه من أعظم شروح البخاري، بل هو أمير تلك الشروح كلها فلا يدانيه شرح، وقد استغرق تأليفه خمسًا وعشرين سنةً إذ بدأ فيه سنة (817هـ) وأكمله سنة (842هـ) قبل وفاته بعشر سنين، وأولم وليمة كبرى لما أكمله أنفق فيها خمسمائة دينار، ولم يتخلف عنها من وجهاء المسلمين إلا اليسير، وقد لقي هذا الشرح ما يستحق من الشهرة والقبول حتى إنه كان يشترى بنحو ثلاثمائة دينار، وانتشر في الآفاق حتى غطت شهرته سائر الشروح، وهو يقع في ثلاثة عشر مجلدًا ومقدمة في مجلد ضخم مسماة بهدي الساري لمقدمة فتح الباري.
وقد جاء هذا الشرح مكملاً لأصله، جمع مؤلفه فيه أقوال أكثر من سبقه ممن تعرض لمسائل من العلم ذات صلة بصحيح البخاري، وناقشها مناقشة العالم الحاذق الفذ، فبين رسوخ قدمه في العلم، واطلاعًا واسعًا منه على كتب من سبقه، حتى ليظن الناظر في كتابه أنه نشر فيه كتبهم وأقوالهم، فناقش وقارن ورجح ما صح عنده، كما امتاز هذا الشرح بجمع طرق الحديث التي تبين لها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا.
قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح[(74)]: وقال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي: لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة اهـ.
(2) عمدة القاري في شرح البخاري :
وهو للعلامة بدر الدين محمود بن أحمد العينى الحنفي المتوفى سنة (855هـ)، وهو شرح كبير بسط الكلام فيه على الأنساب واللغات والإعراب والمعاني والبيان واستنباط الفوائد من الحديث والأجوبة والأسئلة.
(3) إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري :
وهو شرح شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني القاهري الشافعي المتوفى سنة (923هـ) وهو في الحقيقة تلخيص لشرحي ابن حجر والعيني، وهو متداول مشهور.
(4) الكواكب الدرارى في شرح صحيح البخاري :
وهو شرح شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني المتوفى سنة (786هـ) وهو شرح مفيد جامع قد أكثر النقل عنه الحافظان ابن حجر والعيني.
قال الحافظ ابن حجر: هو شرح مفيدٌ، على أوهامٍ فيه في النقل لأنه لم يأخذه إلا من الصحف.
(5) شرح الإمام ناصر الدين على بن محمد بن المنير الإسكندراني:
وهو شرح كبير في نحو عشر مجلدات، وقد أكثر النقل عنه ابن حجر في الفتح.
(6) شرح صحيح البخاري :
لأبي الحسن على بن خلف بن عبد الملك المشهور بابن بطال القرطبي المالكي المتوفى سنة (449هـ)، إلا أن غالبه في فقه الإمام مالك.
(7) التوشيح شرح الجامع الصحيح:
وهو شرح للإمام جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911هـ) وكان من المكثرين في التأليف، وقد عنى عناية كبيرة بعلم الحديث دراية ورواية في مختلف مجالاته. وشرحه هذا بمثابة تعليق لطيف على صحيح البخاري ضبط فيه ألفاظ الحديث، وفسر الغريب، وبين اختلاف الروايات التي وردت فيه، مع تسمية المبهم، وإعراب المشكل إلى غير ذلك، وقال عنه: إنه لم يفته من الشرح إلا الاستنباط.
(8) التلويح في شرح الجامع الصحيح:
وهو شرح الحافظ علاء الدين مغلطاى بن قليج التركي المصري الحنفي المتوفى سنة (762هـ).
وهناك شروح كثيرة لصحيح البخاري غير هذه الشروح، منها شروح لم تتم كشرح ابن رجب الحنبلي، والنووي وغيرهما.
وقد لازم الإمام مسلم شيخه البخاري لما قدم البخاري نيسابور، وكان مسلم – رحمه الله – يقفو طريق البخاري وينظر في علمه ويحذو حذوه، حتى قال الدارقطني: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء.
وقال أحمد بن حمدون القصار: رأيت مسلم بن الحجاج جاء إلى البخاري فقبل بين عينيه وقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، ويا سيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله، ثم سأله عن حديث كفارة المجلس فذكر له علته فلما فرغ قال مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك.
وكان مسلم – رحمه الله – ينافح ويناضل عن شيخه البخاري – رحمه الله – وكان يقدمه على جميع شيوخه.
وفاة الإمام البخاري سنة 256هـ:
وفي مقدمة كتاب الجامع الصحيح[(75)]: توفي الإمام البخاري ليلة السبت عند صلاة العشاء، ليلة الفطر، ودُفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت مستهلّ شوال من شهور سنة ستّ وخمسين ومائتين، وعمره اثنتان وستون سنة إلا ثلاثة عشر يومًا، ولم يُعقب ذكرًا، ودُفن بخَرْتَنْك قرية على فرسخين من سمرقند.
فائدة:
في سير أعلام النّبلاء للذّهبي، المجلّد الثّاني عشر، الطّبقة الرّابعة عشرة عند ذكر وفاة أبي عبد الله البخاريّ، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم:
«وقال أبو عليّ الغسّانيّ: أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السّكتيّ السّمرقنديّ، قدم علينا بلنسية عام أربعة وستّين وأربع مائة، قال: قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام، فاستسقى النّاس مرارا، فلم يسقوا، فأتى رجل صالح معروف بالصّلاح إلى قاضي سمرقند فقال له: إنّي رأيت رأيا أعرضه عليك.
قال: وما هو؟ قال: أرى أن تخرج ويخرج النّاس معك إلى قبر الإمام محمّد بن إسماعيل البخاريّ، وقبره بخرتنك، ونستسقي عنده، فعسى الله أن يسقينا. قال: فقال القاضي: نعم ما رأيت.
فخرج القاضي والنّاس معه، واستسقى القاضي بالنّاس، وبكى النّاس عند القبر، وتشفّعوا بصاحبه، فأرسل الله – تعالى – السّماء بماء عظيم غزير أقام النّاس من أجله بخرتنك سبعة أيّام أو نحوها، لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته، وبين خرتنك وسمرقند نحو ثلاثة أميال» اهـ.
ـ[74] فتح الباري (دار الريان للتراث، الطبعة الأولى 1407هـ – 1986م. ص9).
ـ[75] الجامع الصحيح (دار المنهاج – دار طوق النجاة، الطبعة الثانية 1429هـ. ص14).