الجمعة أبريل 19, 2024
        • تحقيق مقدار المد والصاع الشرعي والفرق المذكور في أحاديث الوضوء والغسل:

        قال الحافظ في «الفتح»([1]): «وحكى ابن الأثير أن الفرَق (بالفتح) ستة عشر رطلًا (وبالإسكان) مئة وعشرون رطلًا، وهو غريب. وأما مقداره فعند مسلم في ءاخر رواية ابن عيينة عن الزهري في هذا الحديث قال سفيان يعني ابن عيينة: الفرق ثلاث ءاصع… ونقل أبو عبيد اتفاق اللغويين على أن الفرق ثلاثة ءاصع».اهـ.

        ثم ذكر أن الصحيح أن الصاع خمسة أرطال وثلث برطل بغداد وضَعَّفَ قول من قال من الشافعية: إن صاع الوضوء ثمانية أرطال، وصاع الزكاة خمسة أرطال وثلث، قال: «ويؤيد كون الفرق ثلاثة ءاصع ما رواه ابن حبان عن عائشة بلفظ: «قدر ستة أقساط» والقِسط بكسر القاف، وهو باتفاق أهل اللغة نصف صاع».اهـ.

        وذكر ابن عابدين في حاشيته([2]) أن الصاع الحجازي خمسة أرطال وثلث بغدادي، وعزاه إلى الصاحبين والأئمة الثلاثة.

        وقال الحافظ أيضًا في شرح حديث عائشة «كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحِلاب» ما نصّه([3]): «وقوله (نحو الحلاب)، أي: إناء قريب من الإناء الذي يسمّى الحلاب وقد وصفه أبو عاصم بأنه أقل من شبر في شبر أخرجه أبو عوانة في صحيحه عنه، وفي رواية لابن حبان: «وأشار أبو عاصم بكفيه» فكأنه حلق بشبريه يصف به دوره الأعلى».اهـ.

        والعجب من ناصر الألباني حيث يستدل على تحريم الزيادة المذكورة بأن البغوي من الشافعية قال: «يحرم الإسراف»، ولم يدر ما هو الإسراف عند الشافعية ليوهم أنهم معه وهو باطل، فإن الإسراف عندهم هو المبالغة في الصب ولا يُعرف لأحد منهم القول بأنه الزيادة على المد فمن ادَّعى فليأت بشاهد.

        وقد صرَّح السرخسي الحنفي في «المبسوط»([4]) بذلك على حسب الحاجة وعبارته: «وإن لم يكفه المد في الوضوء زاد إلا أنه لا يسرف في صب الماء».اهـ.

        فهذا صريح في أن الزيادة المذكورة لا تستلزم الإسراف وإنما الإسراف هو المبالغة في الصب وهو الموافق للّغة وغريب الحديث، قال الفيومي اللغوي([5]) وغيره: «إنه مجاوزة القصد».اهـ.

        وقد مرَّ ذكر النقول عن المذاهب الأربعة في جواز الزيادة من غير تحريم مع نهيهم عن الإسراف في الماء عند الوضوء والغسل.

        [1]() ابن حجر العسقلاني، فتح الباري (1/364).

        [2]() ابن عابدين، رد المحتار (1/158).

        [3]() ابن حجر العسقلاني، فتح الباري (1/371).

        [4]() السرخسي الحنفي، المبسوط (1/45).

        [5]() الفيومي، المصباح المنير (1/274).