الخميس نوفمبر 21, 2024

الدَّرْسُ الأَرْبَعُونَ

بَيَانُ حُرْمَةِ الرِّبَا

 

     الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾.

     وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ءَاكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ اهـ [رَوَاهُ مُسْلِمٌ] ثُمَّ الرِّبَا أَنْوَاعٌ ثَلاثَةٌ رِبَا الْقَرْضِ وَرِبَا الْفَضْلِ وَرِبَا النَّسَاءِ. وَرِبَا الْقَرْضِ أَنْ يُقْرِضَ الشَّخْصُ شَخْصًا مَالًا وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الرَّدَّ مَعَ الزِّيَادَةِ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ شَرْطًا يَجُرُّ بِهِ مَنْفَعَةً. وَذَلِكَ كَأَنْ يُقْرِضَ إِنْسَانًا مُحْتَاجًا أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ مَعَ زِيَادَةِ عَشْرَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَتَعَامَلَ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْهَنَهُ دَارَهُ لِيَسْكُنَهَا مَجَّانًا أَوْ بِسِعْرٍ مَخْفُوضٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَنَّ الْقَرْضَ لِعِبَادِهِ لِلْمُوَاسَاةِ لا لِلِاسْتِرْبَاحِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقْرِضَهُ وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رُكُوبَ سَيَّارَتِهِ وَاسْتِعْمَالَهَا إِلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ الدَّيْنَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَهُ سَاعَةً عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَالَهُ فِى وَقْتِ كَذَا أَخَذَهَا أَوْ تَمَلَّكَهَا.

     وَأَمَّا رِبَا الْفَضْلِ فَهُوَ أَنْ يُبَادِلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْوَزْنِ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْوَزْنِ وَكَذَلِكَ أَنْ يُبَادِلَ الْحِنْطَةَ الْبَيْضَاءَ [وَالْحِنْطَةُ هِىَ الْقَمْحُ] بِالْحِنْطَةِ السَّمْرَاءِ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْكَيْلِ أَوِ السُّكَّرَ الأَبْيَضَ بِالسُّكَّرِ الأَحْمَرِ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْكَمِّيَّةِ أَوِ الْمِلْحَ الْجَبَلِىَّ بِالْمِلْحِ الْبَحْرِىِّ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْكَمِّيَّةِ وَهَكَذَا بَيْعُ كُلِّ مَطْعُومٍ بِمَطْعُومٍ مِنْ جِنْسِهِ بِلا مُسَاوَاةٍ كَأَنْ يُبَادِلَ نَوْعًا مِنَ التَّمْرِ بِنَوْعٍ ءَاخَرَ بِلا مُسَاوَاةٍ بِالْكَمِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْفَعَ قِيمَةً مِنَ الآخَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ رِبًا حَرَامٌ مِنَ الْكَبَائِرِ.

     وَأَمَّا رِبَا النَّسَاءِ بِفَتْحِ النُّونِ فَهُوَ مُبَادَلَةُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مَعَ تَسَاوِى الْوَزْنِ لَكِنَّهُ مَعَ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ إِلَى أَجَلٍ طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ أَوْ أَنْ يُبَادِلَ سُكَّرًا بِسُكَّرٍ مِثْلِهِ بِالْكَمِّيَّةِ لَكِنْ مَعَ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ عَنْ مَجْلِسِ الْمُبَادَلَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ دَفَعَ إِنْسَانٌ قِطْعَةَ ذَهَبٍ إِلَى صَائِغٍ لِيُعْطِيَهُ حُلِىَّ ذَهَبٍ مِنْ غَيْرِ تَسْوِيَةٍ بِالْوَزْنِ فَذَلِكَ رِبًا وَلا نَظَرَ إِلَى قِيمَةِ الصَّنْعَةِ شَرْعًا فَإِذَا قَالَ الصَّائِغُ أُعْطِيكَ هَذَا الْحُلِىَّ وَوَزْنُهُ عَشْرُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ الَّتِى وَزْنُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ أَجْلِ قِيمَةِ صَنْعَةِ يَدِى كَانَ ذَلِكَ رِبًا.

     وَمِنَ الرِّبَا لَوْ دَفَعَ إِلَى الصَّرَّافِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ غَيْرِ مَسْبُوكَةٍ لِيُعْطِيَهُ عَدَدًا مِنَ الْجُنَيْهَاتِ الذَّهَبِيَّةِ الْمَسْبُوكَةِ بِلا تَسْوِيَةٍ فِى الْوَزْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ رِبًا.

     وَالدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ بَعْدَ الآيَةِ الْقُرْءَانِيَّةِ قَوْلُهُ ﷺ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ اهـ [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

     قَوْلُهُ ﷺ إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ اهـ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا بُودِلَ نَقْدٌ بِنَقْدٍ أَوْ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومٍ ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ أَوْ قَمْحٌ بِشَعِيرٍ أَوْ تَمْرٌ بِغَيْرِ تَمْرٍ أَوْ مِلْحٌ بِغَيْرِ مِلْحٍ أَىْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَائِنًا مَا كَانَ يَجُوزُ مَعَ الْمُسَاوَاةِ وَبِلا مُسَاوَاةٍ شَرْطَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ يَعْنِى أَنَّ مَنْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ مَعَ الْمُفَاضَلَةِ بِالْوَزْنِ لَكِنْ بِلا تَأْخِيرٍ بِأَنْ قَبَضَ كُلٌّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الْعِوَضَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَىْ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا كَانَ جَائِزًا فَلَوْ بُودِلَ كِيلُو ذَهَبٍ بِأَلْفِ كِيلُو فِضَّةٍ فِى الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا هَذَا أَقْبَضَهُ كِيلُو ذَهَبٍ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَذَاكَ أَقْبَضَهُ أَلْفَ كِيلُو فِضَّةٍ فِى الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا حَلَّ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالتَّرَاضِى. الْبَيْعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التَّفَاضُلُ فِيهِ يَجُوزُ مَهْمَا كَانَتْ نِسْبَةُ التَّفَاضُلِ. لا يُقَالُ لا يَجُوزُ أَنْ يَرْبَحَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَمْثَالِهِ، لا يُقَالُ فِى شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى لا يَجُوزُ ذَلِكَ الرِّبْحُ فِى مَا لَمْ يَشْتَرِطِ الشَّرْعُ التَّمَاثُلَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ، يَجُوزُ مَهْمَا بَلَغَ، مَهْمَا بَلَغَ الرِّبْحُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَشٌّ وَكَذِبٌ فَقَدْ بَاعَ أَحَدُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا اشْتَرَاهُ بِسَبْعِمِائَةٍ بِأَرْبَعَةِ ءَالافٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ الَّذِى كَانَ أَعْلَمَ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ رَدَّ أَلْفَيْنِ لِلْمُشْتَرِى تَقَرُّبًا [ذَكَرَهَا الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِىُّ فِى الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ بِزَوَائِدِ الْمَسَانِيدِ الثَّمَانِيَةِ] وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَانَ أَحَدَ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَحْقَافِ ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ﴾ الآيَةَ [كَمَا فِى الدُّرِّ الْمَنْثُورِ فِى التَّفْسِيرِ بِالْمَأْثُورِ لِلسُّيُوطِىِّ] هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ كَانَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْمَدِينَةَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ ذَهَبَ إِلَيْهِ لِيَتَأَكَّدَ أَنَّهُ هُوَ النَّبِىُّ الَّذِى بَشَّرَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَسَأَلَ النَّبِىَّ ﷺ ثَلاثَةَ أَسْئِلَةٍ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَعَرَفَ بِأَنَّهُ نَبِىٌّ حَقًّا فَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَجُمْلَةُ أَسْئِلَتِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ مَا أَوَّلُ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ وَسَأَلَهُ كَيْفَ يُشْبِهُ الْوَلَدُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَقَالَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ ذَهَبَ الأَبُ بِالشَّبَهِ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ ذَهَبَتِ الأُمُّ بِالشَّبَهِ وَسَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَا يَحْشُرُ النَّاسَ فَقَالَ أَوَّلُ مَا يَحْشُرُ النَّاسَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْمَشْرِقِ فَتَسُوقُهُمْ إِلَى الْمَغْرِبِ اهـ [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِى صَحِيحِهِ] هَذَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَخْرُجُ نَارٌ مِنَ الْمَشْرِقِ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَغْرِبِ يَرْحَلُ النَّاسُ هَرَبًا مِنْهَا إِلَى الْمَغْرِبِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِهِ الأَسْئِلَةَ الثَّلاثَةَ لا يَعْلَمُ جَوَابَهَا إِلَّا نَبِىٌّ فَلَمَّا أَجَابَهُ الرَّسُولُ ﷺ بِهَذَا الْجَوَابِ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ شَكٌّ بِأَنَّهُ نَبِىُّ اللَّهِ.

     الْقَرْضُ شَرَعَهُ اللَّهُ لِلْمُوَاسَاةِ أَىْ لِيُوَاسِىَ صَاحِبُ الْيَسَارِ وَالْغِنَى صَاحِبَ الْحَاجَةِ وَالِاضْطِرَارِ، مَا شَرَعَهُ لِلِاسْتِرْبَاحِ. النَّاسُ الْيَوْمَ جَعَلُوا الْقَرْضَ لِلِاسْتِرْبَاحِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يُقْرِضُ إِنْسَانًا مُحْتَاجًا مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ عَلَى شَرْطِ رَدِّ الزِّيَادَةِ أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ مَجَّانًا إِلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ الدَّيْنَ هَذَا خِلافُ الْقَرْضِ الَّذِى شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، اللَّهُ تَعَالَى شَرَعَ الْقَرْضَ لِفَكِّ الْعُسْرِ لِفَكِّ عُسْرَةِ الْمُحْتَاجِينَ مَا وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَرْضَ لِيُرْبَحَ بِهِ رِبْحٌ مُحَرَّمٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلِذَلِكَ الَّذِى يُقْرِضُ إِنْسَانًا مَالًا وَيَشْتَرِطُ رَدَّ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ وَقَعَ فِى الرِّبَا وَكَذَلِكَ الَّذِى يَشْتَرِطُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ دَارَهُ لِلسُّكْنَى إِلَى أَنْ يَرُدَّ لَهُ الزِّيَادَةَ، هَؤُلاءِ وَقَعُوا فِى الذَّنْبِ الْعَظِيمِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، يَسْتَحِقُّونَ لَعْنَةَ اللَّهِ، أَمَّا مَنْ يُقْرِضُ بِدُونِ شَرْطِ الزِّيَادَةِ وَبِدُونِ جَرِّ مَنْفَعَةٍ لِنَفْسِهِ بَلْ يُقْرِضُ لِفَكِّ الْعُسْرَةِ هَذَا لَهُ ثَوَابٌ عِنْدَ اللَّهِ. وَالْقَرْضُ مَرَّتَيْنِ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ كَثَوَابِ الصَّدَقَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

     مُلاحَظَةٌ. أَحْكَامُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَيْعِ الطَّعَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ الَّتِى ذُكِرَتْ فِى هَذَا الدَّرْسِ هِىَ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيسَ الْمُطَّلِبِىِّ الشَّافِعِىِّ وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهَا فِى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ الأُخْرَى كَمَذْهَبِ الإِمَامِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ.