السبت سبتمبر 7, 2024

بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ

وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ

وَاللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي الدُّنْيَا وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلًّا، أَمَّا فِي الآخِرَةِ فَرَحْمَتُهُ خَاصَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [سُورَةَ الأَعْرَاف/156].

أَيْ وَسِعَتْ فِي الدُّنْيَا كُلَّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، قَالَ: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا﴾ أَيْ فِي الآخِرَةِ، ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أَيْ أَخُصُّهَا لِمَنْ اتَّقَى الشِّرْكَ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [سُورَةَ الأَعْرَاف/50].

أَيْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْكَافِرِينَ الرِّزْقَ النَّافِعَ وَالْمَاءَ الْمُرْوِيَ فِي الآخِرَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَضَاعُوا أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ الَّذِي لا بَدِيلَ لَهُ وَهُوَ الإِيـمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلامِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ نِعَمِ اللَّهِ سَهْلًا، وَذَلِكَ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَجَعَلَ الْكُفْرَ سَهْلًا فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِاللَّهِ أَوْ شَرِيعَتِهِ تُخْرِجُ قَائِلَهَا مِنَ الإِيـمَانِ، وَتُوقِعُهُ فِي الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ أَسْوَأُ الأَحْوَالِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ أَحْقَرَ مِنَ الْحَشَرَاتِ وَالْوُحُوشِ، سَوَاءٌ تَكَلَّمَ بِهَا جَادًّا أَوْ مَازِحًا أَوْ غَضْبَانَ.

وَقَدْ شُرِحَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَحَكَمُوا أَنَّ الْمُتَلَفِّظَ بِهَا يَكْفُرُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [سُورَةَ الأَنْفَال/55].