الخميس نوفمبر 21, 2024

بَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ

   جَمْعُ مِيقَاتٍ بِمَعْنَى أَوْقَاتٍ. (الصَّلاةُ الْمَكْتُوبَةُ) أَيِ الْمَفْرُوضَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (خَمْسٌ) بِالإِجْمَاعِ. وَأَصْلُهُ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ».

   وَحَدِيثُهُمَا «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ: أَعَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لا إِلاَّ أَنْ تَطَّوَعَ». وَالأَصْلُ فِي مَوَاقِيتِهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ يُصَلِّي بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ».

   وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ عَلَى تَرْتِيبِ وُقُوعِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ (الظُّهْرُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَآخِرُهُ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ) سِوَى مَا كَانَ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ مِنَ الظِّلِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ وَقَعَ لِكُلِّ شَاخِصٍ ظِلٌّ طَوِيلٌ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ يَنْقُصُ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى وَسَطِ السَّمَاءِ وَهِيَ حَالَةُ الاِسْتِوَاءِ وَيَبْقَى حِينَئِذٍ ظِلٌّ فِي غَالِبِ الْبِلادِ وَقَدْ لا يَبْقَى ظِلٌّ أَصْلاً فِي بَعْضِ الْبِلادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءَ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ، ثُمَّ تَمِيلُ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَيَتَحَوَّلُ الظِلُّ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ حُدُوثًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ زِيَادَةً إِنْ كَانَ، وَذَلِكَ هُوَ الزَّوَالُ.

   فَإِذَا زَادَ مِنْ هُنَالِكَ قَدْرُ الشَّاخِصِ فَهُوَ مَصِيرُ الظِّلِّ مِثْلَهُ. قَالَ فِي شَهْرِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمُرَادُ بِالزَّوَالِ مَا يَظْهَرُ لَنَا لا الزَّوَالُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ وَلَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ حَاصِلاً بَعْدَ الزَّوَالِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ وَكَذَا فِي الصُّبْحِ أَيْضًا.

   (وَالْعَصْرُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ وَزَادَ أَدْنَى زِيَادَةٍ) لِيُعْرَفَ بِهَا وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقِيلَ الظُّهْرِ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا وَرُدَّ هُوَ وَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ وَقْتِ الظُّهْرِ حَتَّى يَمْضِيَ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْمُسَمَّى بِالْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى صَلاةِ جِبْرِيلَ لَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِيهِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ». وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِأَنَّ مَعْنَى صَلَّى الظُّهْرَ فِيهِ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَآخِرُهُ) اخْتِيَارًا (إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَيْهِ) بَعْدَ ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ (ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاِخْتِيَارِ) الْمَحْمُولُ عَلَى قَوْلِ جِبْرِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» (وَيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إِلَى الْغُرُوبِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ». وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ» ثُمَّ هُوَ بِلا كَرَاهَةٍ إِلَى الاِصْفِرَارِ، وَمِنْهُ بِكَرَاهَةٍ أَيْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الصَّلاةِ إِلَيْهِ.

   (وَالْمَغْرِبُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ) وَتَكَامَلَ غُرُوبُهَا، وَتُغَرَّبُ فِي الْعُمْرَانِ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ مِنْ رُؤُسِ الْجِبَالِ وَإِقْبَالِ الظَّلامِ مِنَ الْمَشْرِقِ (وَلا وَقْتَ لَهَا إِلاَّ وَقْتٌ وَاحِدٌ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الْجَدِيدُ (وَهُوَ بِمِقْدَارِ مَا يَتَوَضَّأُ، وَيَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، وَيُؤَذِّنُ، وَيُقِيمُ) وَيُصَلِّيهَا بِسُنَّتِهَا لأِنَّ جِبْرِيلَ صَلاَّهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلافِ غَيْرِهَا وَلِلْحَاجَةِ إِلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا اعْتُبِرَ مِقْدَارُهُ إِذِ الْوُضُوءُ وَالسَّتْرُ لا يَجِبُ تَقْدِيْمُهُمَا عَلَى الْوَقْتِ، وَالأَذَانُ وَالإِقَامَةُ لا يَصِحَّانِ قَبْلَهُ وَشَمِلَتِ السُّنَّةُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا بِنَاءً عَلَى اسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَدَلَ الْوُضُوءِ بِالطَّهَارَةِ وَهُوَ حَسَنٌ شَامِلٌ لِلْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ إِذِ الزَّمَانُ الْمَضْرُوبُ إِلَيْهِ مَعَ الطَّلَبِ أَكْثَرُ، وَضَمَّ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الإِقْنَاعِ وَسُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرُهُمَا إِلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ لُبْسَ الثِّيَابِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الإِسْنَوِيُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْعِبْرَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، ثُمَّ ضَمَّ إِلَيْهِ أَكْلَ لُقَمٍ لِكَسْرِ سَوْرَةِ الْجُوعِ. وَتَعَقَّبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْقِيحِ فَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَأْكُلُ إِلَى أَنْ يَشْبَعَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيْمُ: يَمْتَدُّ وَقْتُهَا إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ صَلاةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ». وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ» وَفِي لَفْظٍ لأِبِي دَاوُدَ فَوْرُ هَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا لأِنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الإِمْلاءِ وَهُوَ مِنَ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِيثِ وَقَدْ ثَبَتَ، وَأَمَّا حَدِيثُ جِبْرِيلَ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الاِخْتِيَارِ مَعَ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ لأِنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ وَالأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إِسْنَادًا.

   (وَلَهُ) عَلَى الْقَوْلِ بِضِيقِ وَقْتِهَا (أَنْ يَسْتَدِيْمَهَا إِلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) الأَحْمَرُ وَإِنْ خَرَجَ بِذَلِكَ وَقْتُهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إِلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ. وَفِي وَجْهٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيْمِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِخُرُوجِ بَعْضِهَا بِهِ عَنِ الْوَقْتِ. وَعَلَى الأَوَّلِ هَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ. وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لا. وَهَلْ يُسْتَحَبُّ. وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لا.

   (وَالْعِشَاءُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهَا الْعَتَمَةُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لا يَغْلِبَّنَكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمْ أَلا إِنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يُعَتِّمُونَ بِحِلابِ الإِبِلِ» قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعَتِّمُونَ بِهِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إِلَى شِدَّةِ الظَّلامِ. (وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا غَابَ الشَّفَقُ الأَحْمَرُ) وَلا عِبْرَةَ بِمَا بَعْدَهُ مِنَ الأَصْفَرِ ثُمَّ الأَبْيَضِ (وَآخِرُهُ) اخْتِيَارًا (إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الأَظْهَرُ لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، (وَنِصْفُهُ فِي) الْقَوْلِ (الآخَرِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» (ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاِخْتِيَارِ) الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَانِ (وَيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى فَإِنَّهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الأُخْرَى ثُمَّ هُوَ بِلا كَرَاهَةٍ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْفَجْرُ الأَوَّلُ وَمِنْهُ بِكَرَاهَةٍ أَيْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إِلَيْهِ. (وَالصَّبْحُ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي) وَيُسَمَّى الصَّادِقَ وَهُوَ الْمُنْتَشِرُ ضَوْءُهُ مُعْتَرِضًا بِالأُفُقِ، بِخِلافِ الأَوَّلِ وَيُسَمَّى بِالْكَاذِبِ وَهُوَ يَطْلُعُ قَبْلَهُ مُسْتَطِيلاً ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ (وَآخِرُهُ) اخْتِيَارًا إِذَا (أَسْفَرَ الصُّبْحُ ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاِخْتِيَارِ) الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ (وَيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ») وَحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ» ثُمَّ هُوَ بِلا كَرَاهَةٍ إِلَى الاِحْمِرَارِ وَمِنْهُ بِكَرَاهَةٍ أَيْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إِلَيْهِ.

   فَرْعٌ: رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ النَّوَّاسِ بنِ سِمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ وَلُبْثَهُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ قُلْنَا فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ تَكْفِينَا فِيهِ صَلاةُ يَوْمٍ قَالَ: «لا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، نَصَّ عَلَى حُكْمِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاةِ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ) وَفَعَلَ بَاقِيَهَا خَارِجَهُ (فَقَدْ أَدْرَكَهَا) أَدَاءً وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ إِلاَّ دُونَهَا فَقَدْ فَاتَتْهُ وَصَارَتْ كُلُّهَا قَضَاءً. رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ» زَادَ مُسْلِمٌ «كُلَّهَا» أَيْ مُؤَدَّاةً وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً لَمْ يُدْرِكِ الصَّلاةَ مُؤَدَّاةً وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّكْعَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلاةِ إِذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا، بِخِلافِ مَا دُونَهَا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِالتَّأْخِيرِ إِلَى ذَلِكَ وَقِيلَ: لا يَأْثَمُ فِي الْحَالَةِ الأُولَى. (وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ) فِي الرِّوَايَةِ بِدُخُولِهِ (عَنْ عِلْمٍ) كَأَنْ قَالَ: رَأَيْتُ الْفَجْرَ طَالِعًا وَالشَّفَقَ غَارِبًا. (عَمِلَ بِهِ) وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ (وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الاِجْتِهَادِ (لَمْ يُقَلِّدْهُ) لأِنَّ الْمُجْتَهِدَ لا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا (بَلْ يَجْتَهِدُ) سَوَاءٌ كَانَ بَصِيرًا أَمْ أَعْمَى، (وَيَعْمَلُ عَلَى الأَغْلَبِ عِنْدَهُ) ثُمَّ إِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الْحَالُ فَلا شَىْءَ عَلَيْهِ، أَوْ بَانَ مُصَادِفًا لِلْوَقْتِ فَذَاكَ وَإِنْ بَانَ قَبْلَهُ أَعَادَ فِي الأَظْهَرِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَضَاءٌ فِي الأَظْهَرِ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَىْءٌ أَخَّرَ إِلَى حُصُولِ ذَلِكَ وَالاِحْتِيَاطُ إِلَى وَقْتٍ يَغْلِبُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ عَنْهُ لَخَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ هَجَمَ وَصَلَّى بِلا اجْتِهَادٍ أَعَادَ وَإِنْ صَادَفَ الْوَقْتَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ عَجَزَ عَنِ الأَدِلَّةِ قَلَّدَ عَلَى الأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

   (وَالأَفْضَلُ تَقْدِيْمُ الصَّلاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «الصَّلاةُ لأِوَّلِ وَقْتِهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

   وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ: «لِوَقْتِهَا» وَيَحْصُلُ ذَلِكَ فِي الأَصَحِّ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الصَّلاةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَنَحْوِهِمَا وَيَحْتَمِلُ مَعَهُ الشُّغْلُ الْخَفِيفُ وَالْكَلامُ الْقَصِيرُ وَأَكْلُ اللُّقَمِ (إِلاَّ الظُّهْرَ فِي الْحَرِّ لِمَنْ يَمْضِي إِلَى جَمَاعَةٍ) فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ وَلا ظِلَّ فِي طَرِيقِهِ (فَإِنَّهُ يُبْرِدُ بِهَا) نَدْبًا بِأَنْ يُؤَخِّرَهَا إِلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُمْشَى فِيهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا فَلا إِبْرَادَ بِالْجُمُعَةِ لاِسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا الْمُنْتَفِي مَعَهُ التَّأَذِّي بِالْحَرِّ وَلا بِالْبَلَدِ أَوِ الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ كَمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ وَلا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا فِي بَيْتِهِ أَوْ جَمَاعَةً فِي مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ أَوْ مَنَازِلُهُمْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ أَوْ بَعِيدَةٌ وَفِي طَرِيقِهِمْ كِنٌّ يُظِلُّهُمْ.

   (وَفِي الْعِشَاءِ قَوْلانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ تَقْدِيْمَهَا أَفْضَلُ) كَغَيْرِهَا لِعُمُومِ الأَحَادِيثِ وَلِمُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي تَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الاِخْتِيَارِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ». وَرَوَيَا عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إِنَّهُ أَقْوَى دَلِيلاً. وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إِذَا أَخَّرَهَا لا يَغْلِبُهُ نَوْمٌ وَلا كَسَلٌ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وَإِلاَّ فَالتَّقْدِيْمُ أَفْضَلُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ رَاجِحٌ. وَقَالَ الشَّاشِيُّ هُوَ مُتَّجِهٌ لِلْمُنْفَرِدِ دُونَ الْجَمَاعَةِ لاِخْتِلافِ أَحْوَالِهِمْ.

   (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الصَّلاةِ قَدْرَ مَا يُصَلَّى فِيهِ الْفَرْضُ) أَخَفَّ مُمْكِنٍ (ثُمَّ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، (أَوْ كَانَتِ امْرَأَةٌ فَحَاضَتْ)، أَوْ نُفِسَتْ وَاسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، (وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ الْفَرْضِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِ وَعُرُوضُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوُجُوبِ لا يُسْقِطُهُ كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الأَدَاءِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لا تَسْقُطُ بِخِلافِ مَا لَوْ لَمْ يُدْرِكِ الْوَقْتَ فَلا وُجُوبَ وَلا قَضَاءَ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الأَدَاءِ وَشَمَلِتِ الْعِبَارَةُ إِدْرَاكَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَثْنَائِهِ وَلا تَلْزَمُهُ الثَّانِيَةُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيُشْتَرَطُ مَعَهُ إِدْرَاكُ قَدْرِ مَا يَتَطَهَّرُ فِيهِ طَهَارَةً لا يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَى الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ بِخِلافِ غَيْرِهَا.

   (وَإِنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ قَبْلَ الطُّلُوعِ بِرَكْعَةٍ لَزِمَهُمُ الصُّبْحُ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ (وَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ قَبْلَهُ بِدُونِ (رَكْعَةٍ فَفِيهِ قَوْلانِ) أَحَدُهُمَا لا يَلْزَمُ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ لأِنَّهَا لا تُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَالثَّانِي وَهُوَ الأَظْهَرُ تَلْزَمُ لإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ وَالإِدْرَاكُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الإِيْجَابُ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّكْعَةُ وَدُونُهَا كَالْمُسَافِرِ يَلْزَمُهُ الإِتْمَامُ إِذَا اقْتَدَى بِمُقِيمٍ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلاتِهِ رَكْعَةٍ أَوْ دُونَهَا (وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ لَزِمَهُمُ الْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ) أَوْ بِدُونِهَا فَفِيهِ الْقَوْلانِ أَظْهَرُهُمَا اللُّزُومُ (وَفِي الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ قَوْلانِ أَحَدُهُمَا) وَهُوَ الأَظْهَرُ يَلْزَمُ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِمَا يَلْزَمُ بِهِ الْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ) وَهُوَ الرَّكْعَةُ وَكَذَا دُونَهَا عَلَى الأَظْهَرِ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوَقْتِ فِي حَالِ الْعُذْرِ وَهُوَ الْجَمْعُ فَفِي حَالِ الضَّرُورَةِ أَوْلَى (وَالثَّانِي يَلْزَمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِقَدْرِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ) يُدْرِكُهَا كَذَلِكَ أَرْبَعٍ لِلْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَرَكْعَةٍ لِلظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَقِيلَ فِي الأُولَى أَرْبَعٍ لِلظُّهْرِ وَرَكْعَةٍ لِلْعَصْرِ وَأَرْبَعٍ فِي الثَّانِيَةِ ثَلاثٍ لِلْمَغْرِبِ وَرَكْعَةٍ لِلْعِشَاءِ وَلا تَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا لاِنْتِفَاءِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَلا يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ إِدْرَاكُ زَمَنِ الطَّهَارَةِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِيهِ امْتِدَادُ السَّلامَةِ مِنَ الْمَوَانِعِ زَمَنَ إِمْكَانِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلاةِ (وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى فَاتَهُ الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ» وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ أَوْلَى بِذَلِكَ (وَالأَوْلَى أَنْ يَقْضِيَهَا مُرَتِّبًا) كَأَنْ يَقْضِيَ الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَالظُّهْرَ قَبْلَ الْعَصْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلافِ مَنْ يُوجِبُهُ (إِلاَّ أَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَدَاءَةُ بِهَا) لِئَلاَّ تَصِيرَ فَائِتَةً حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الْفَائِتَةِ مُعْتَقِدًا سَعَةَ وَقْتِهَا فَبَانَ ضِيقُهُ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى الصَّحِيحِ. (وَالأَوْلَى أَنْ يَقْضِيَهَا عَلَى الْفَوْرِ) مُسَارَعَةً إِلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ أَخَّرَهَا جَازَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ سَوَاءٌ فَاتَتْ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَقِيلَ إِنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ) وَهَذَا هُوَ الأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لأِنَّ تَوْسِعَةَ الْوَقْتِ فِي الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلا تَلِيقُ بِفِعْلِ الْعَاصِي. (وَمَنْ نَسِيَ صَلاةً مِنَ الْخَمْسِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ) لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ فَلَوْ عَرَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ أَوْ لا؟ إِحْتِمَالانِ لِلنَّوَوِيِّ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَّانِيُّ فِي الْبَحْرِ.