الخميس نوفمبر 21, 2024

بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ

   أَيْ كَيْفِيَّتِةِ )وَمَنْ أَرَادَ الْغُسْلَ( الْوَاجِبَ )نَوَى الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ( إِنْ كَانَ جُنُبًا أَوِ )الْحَيْضِ( إِنْ كَانَتْ حَائِضًا، أَوِ النِّفَاسِ إِنْ كَانَتْ نُفَسَاءَ وَلا يَصِحُّ غُسْلُ الْجَنَابَةِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ وَعَكْسُهُ فِي الأَصَحِّ إِنْ تَعَمَّدَتْ، فَإِنْ غَلِطَتْ صَحَّ جَزْمًا، وَلا يَصِحُّ اغْتِسَالُ النُّفَسَاءِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ وَعَكْسُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلامُ الْكِفَايَةِ )أَوْ نَوَى الْغُسْلَ لاِسْتِبَاحَةِ مَا لا يُسْتَبَاحُ إِلاَّ بِالْغُسْلِ( كَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ وَالْوَطْىءِ لِلْحَائِضِ، بِخِلافِ مَا يُسْتَبَاحُ بِدُونِهِ، وَإِنْ سُنَّ لَهُ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ نَوَى فَرْضَ الْغُسْلِ أَوْ أَدَاءَ الْغُسْلِ كَفَى أَيْضًا، وَلا يَكْفِي نِيَّةُ الْغُسْلِ فَقَطْ فِي الأَصَحِّ بِخِلافِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَالْوُضُوءَ لا يَكُونُ إِلاَّ عِبَادَةً )وَيَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ( لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَمِينَهُ ثُمَّ يُفْرِغُ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعَرِ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ» وَأَفْهَمَ قَوْلُهَا كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، أَنَّهُ يُسَمِّي فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَهُوَ الأَصَحُّ فِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ: فَإِنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنِ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَإِلاَّ نَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ لِيَخْرُجَ مِنَ الْخِلافِ فِي الاِنْدِرَاجِ وَأَنَّهُ يُشْرَعُ فِي أَوَّلِهِ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ ثَلاثًا وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ، وَأَنَّهُ يُكَمِّلُهُ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي يُؤَخِّرُهُمَا لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ تَقْديِمِهِمَا وَتَأْخِيرِهِمَا لِصِحَّةِ الرِّوَايَتَيْنِ )ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعَرِهِ( لِحَدِيثِ عَائِشَةَ السَّابِقِ وَفِيهِ أَنَّ التَّخْلِيلَ قَبْلَ الإِفَاضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الأَصْحَابُ مِنْهُمُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ لأِنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ. وَذَكَرُوا قَبْلَ التَّخْلِيلِ تَعَهُّدَ الْمَعَاطِفِ كَغُضُونِ الْبَطْنِ وَالإِبْطِ وَالْتِوَاءِ الأُذُنِ لأِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ وَأَبْعَدُ عَنِ الإِسْرَافِ وَذَكَرَ فِي الْمُهَذَّبِ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ أَيْضًا وَحَكَى فِي شَرْحِهِ الاتِّفَاقَ عَلَيْهِ )ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ( أَيْ بَاقِيهِ يَبْدَأُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الْوُضُوءِ )وَيَدْلُكُ مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ يَدُهُ مِنْ بَدَنِهِ( خُرُوجًا مِنْ خِلافِ مَنْ أَوْجَبَهُ )يَفْعَلُ ذَلِكَ( الْمَذْكُورَ مِنَ الإِفَاضَةِ وَالتَّخْلِيلِ وَالدَّلْكِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ )ثَلاثًا( وَوَجْهُهُ فِي الإِفَاضَةِ عَلَى الرَّأْسِ حَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ وَفِي بَاقِي الْجَسَدِ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوُضُوءِ وَفِي الدَّلْكِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَرَّةِ الأُولَى وَالْمُرَادُ بِتَثْلِيثِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَ الاِنْتِقَالِ إِلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِثُمَّ كَمَا هُوَ قِيَاسُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ وَصَرَّحَ بِهِ الأَصْحَابُ )فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ تَغْتَسِلُ مِنَ الْحَيْضِ اسْتُحِبَّ لَهَا أَنْ تُتْبِعَ أَثَرَ الدَّمِ( بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ )بِفِرْصَةٍ( بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قِطْعَةٍ )مِنَ الْمِسْكِ( بِأَنْ تَجْعَلَهَا عَلَى قُطْنَةٍ وَتُدْخِلَهَا فَرْجَهَا فَإِنْ تَرَكَتْهُ كُرِهَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ فَقَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا» قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا. فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ» وَاسْتَتَرَ بِثَوْبِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَذَبْتُهَا فَعَرَّفْتُهَا الَّذِي أَرَاد إهـ يَعْنِي تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. وَوَقْتُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ، وَقِيلَ قَبْلَهُ، وَرُدَّ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَسَوَاءٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْمُتَزَوِّجَةُ وَالْخَلِيَّةُ. وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ (فَإِنْ لَمْ تَجِدْ) مِسْكًا (فَطِيبًا غَيْرَهُ( لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِينًا – بِالنُّونِ (فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَالْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ النِّيَّةُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الْوُضُوءِ (وَإِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الشَّعَرِ وَالْبَشَرَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: «إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَبُلُّوا الشَّعَرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» وَرَوَى أَيْضًا حَدِيثَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهُ فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ» وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّعَرُ خَفِيفًا أَمْ كَثِيفًا، مِنَ الرَّأْسِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ مُسْتَرْسلاً أَمْ غَيْرَهُ وَيَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ إِنْ لَمْ يَصِلِ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا إِلاَّ بِالنَّقْضِ. وَشَمِلَتِ الْبَشَرَةُ بَشَرَةَ مَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيِ الأُذُنَيْنِ وَمِنْ شُقُوقِ الْبَدَنِ وَمِنْ أَنْفِ الْمَجْدُوعِ وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَكَذَا الأَظْفَارُ عَلَى تَكَلُّفٍ. وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ دَاخِلُ الْفَمِ وَالأَنْفِ وَالْعَيْنِ وَفَرْجِ الثَّيِّبِ.

   (وَسُنَنُهُ: الْوُضُوءُ وَالدَّلْكُ وَالتَّكْرَارُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِيهَا (وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَنْقُصَ الْمَاءُ) الْمُسْتَعْمَلُ (فِي الْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ وَلا فِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) «فَقَدْ كَانَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ» كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَفِينَةَ. وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ (فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ وَأَسْبَغَ أَجْزَأَهُ) وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى حَدِّ الإِسْرَافِ. وَفِي الشِّقِّ الأَوَّلِ حَدِيثُ عَائِشَةَ : «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَحَدِيثُ أُمِّ عِمَارَةَ الأَنْصَارِيَّةِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنِادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ وَغُسْلٌ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ تَقَدَّمَ مُوجِبُهُ أَمْ تَأَخَّرَ رَتَّبَ أَعْضَاءَهُ أَمْ لا (عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) لاِنْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِي الْغُسْلِ، وَفِي قَوْلٍ: لا يُجْزِئُ مُطْلَقًا لأِنَّهُمَا وَاجِبَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلا يَتَدَاخَلانِ. وَفِي وَجْهٍ: إِنْ نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَجْزَأَ وَإِلاَّ فَلا كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَفِي ءَاخَرَ: إِنْ رَتَّبَ أَعْضَاءَهُ أَجْزَأَ وَإِلاَّ فَلا لأِنَّ التَّدَاخُلَ يَكُونُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الاِشْتِرَاكُ دُونَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ التَّرْتِيبِ، وَفِي ءَاخَرَ: إِنْ سَبَقَ الأَكْبَرُ أَجْزَأَ لأِنَّهُ حِينَئِذٍ يُؤَثِّرُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ فَلا يُؤَثِّرُ فِيهِ الأَصْغَرُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا بِخِلافِ الْعَكْسِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ لأِنَّ الْجَنَابَةَ إِذَا تَأَخَّرَتْ فَقَدْ وَرَدَتْ عَلَى أَضْعَفَ مِنْهَا فَرَفَعَتْهُ بِخِلافِ مَا إِذَا تَقَدَّمَتْ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ وَقَعَا مَعًا فَكَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الأَصْغَرُ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ سَبَبُ اجْتِمَاعِهِمَا هُوَ الْجِمَاعَ أَجْزَأَ وَإِلاَّ فَلا. وَالْخِلافُ وُجُوهٌ إِلاَّ الأَوَّلَيْنِ (وَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ جَنَابَةٍ وَغُسْلُ حَيْضٍ فَاغْتَسَلَتْ لأِحَدِهِمَا أَجْزَأَهَا عَنْهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِلا خِلافٍ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ نَوَى فِي الْوُضُوءِ رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ حَيْثُ جَرَى فِيهِ الْخِلافُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ مُسْتَغْنٍ عَنِ التَّعْيِينِ لِصِحَّةِ طَهَارَتِهِ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الْوُضُوءِ فَفِي تَخْصِيصِهِ نَوْعُ مُنَافَاةٍ لِمَقْصُودِ الطَّهَارَةِ، وَهُنَا لا يَكْفِي نِيَّةُ مُطْلَقِ الْغُسْلِ فَذُكِرَ بَعْضُ مَا عَلَيْهِ لِلتَّعْيِينِ الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فَلا يُفْهَمُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ (وَمَنْ نَوَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْجَنَابَةِ) بَلْ عَنِ الْجُمُعَةِ فَقَطْ (وَمَنْ نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْجُمُعَةِ) بَلْ عَنِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ (فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اعْتِبَارًا بِمَا نَوَاهُ فِيهِمَا. وَوَجْهُ الإِجْزَاءِ عَنِ الْجَنَابَةِ فِي الأُولَى أَنَّهُ قُصِدَ بِهِ أَكْمَلُ الأَحْوَالِ وَلا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلاَّ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ، وَوَجْهُ الإِجْزَاءِ عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ التَّنْظِيفُ وَقَدْ حَصَلَ. وَيَجْرِي الْخِلافُ فِيمَا لَوِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْعِيدِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ أَوِ الْعِيدِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ مَعًا أَوْ ضَمَّ إِلَيْهِمَا مَنْدُوبًا ءَاخَرَ كَالْعِيدِ أَجْزَأَهُ عَنِ الْجَمِيعِ، وَقِيلَ: لا، لِلتَّشْرِيكِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ. وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَفْظَ الإِجْزَاءِ فِي الْمَنْدُوبِ وَهُوَ الأَصَحُّ فِي الأُصُولِ خِلافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوَاجِبِ.