الخميس نوفمبر 21, 2024

بَابُ صِفَةِ الأَئِمَّةِ

 

   (السُّنَّةُ أَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ اقْرَؤُهُمْ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ قُرْءَانًا (وَأَفْقَهُهُمْ فَإِنْ زَادَ وَاحِدٌ فِي الْفِقْهِ) عَلَى مَنْ سَاوَاهُ بِالْقِرَاءَةِ (أَوْ) زَادَ فِي (الْقِرَاءَةِ) عَلَى مَنْ سَاوَاهُ فِي الْفِقْهِ (فَهُوَ أَوْلَى) لاِمْتِيَازِهِ بِزِيَادَةِ فَضِيلَةٍ (وَإِنْ زَادَ وَاحِدٌ فِي الْفِقْهِ وَزَادَ ءَاخَرُ فِي الْقِرَاءَةِ فَالأَفْقَهُ أَوْلَى) لأِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْفِقْهِ فِي الصَّلاةِ أَهَمُّ لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ فِيهَا بِخِلافِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ مِنْهَا مَحْصُورٌ. وَقِيلَ الأَقْرَأُ أَوْلَى لِحَدِيثِ مُسْلِمٌ: »إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ« وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَوِينَ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ كَالْفِقْهِ لأِنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الأَوَّلِ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلا يُوجَدُ مِنْهُمْ قَارِئٌ إِلاَّ وَهُوَ فَقِيهٌ فَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى تَقْدِيْمِ قَارِئٍ فَقِيهٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِقَارِئٍ. (فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ (قُدِّمَ أَشْرَفُهُمَا) نَسَبًا (وَأَسَنُّهُمَا وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنَ النَّسَبِ وَالسِّنِّ (قُدِّمَ أَقْدَمُهُمَا هِجْرَةً، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ قُدِّمَ أَوْرَعُهُمَا) كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّحْقِيقِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَقْدِيْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى السِّنِّ وَالنَّسَبِ وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ تَأْخِيرُهَا عَنِ السِّنِّ وَتَقْدِيْمُهَا عَلَى النَّسَبِ. وَلا تَصْحِيحَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ. وَجَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِتَقْدِيْمِ الْوَرَعِ عَلَى الثَّلاثَةِ وَقَالَ الإِسْنَوِيُّ: إِنَّهُ الصَّوَابُ وَلا ذِكْرَ لَهُ فِي الْمُهَذَّبِ أَصْلاً. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السِّنِّ وَالنَّسَبِ وَالْجَدِيدُ تَقْدِيْمُ السِّنِّ لأِنَّهُ فَضِيلَةٌ فِي الذَّاتِ وَالنَّسَبُ فِي الآبَاءِ وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ أَوْلَى، وَالأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مَعَهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ »يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ إِسْلامًا« وَفِي رِوَايَةٍ: »سِنًّا« وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَالِكِ بنِ الْحُوَيْرِثِ »إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ« زَادَ مُسْلِمٌ: وَكَانُوا – أَيْ مَالِكٌ وَرِفْقَتُهُ – مُتَقَارِبِينَ فِي الْفِقْهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْتَوِينَ فِي النَّسَبِ وَالْهِجْرَةِ وَالإِسْلامِ وَالْمُرَادُ بِالسِّنِّ مَنْ مَضَى عَلَيْهِ فِي الإِسْلامِ زَمَنٌ أَكْثَرُ مِنْ زَمَنِ الآخَرِ فِيهِ مِنْهُ. وَبِالنَّسَبِ إِلَى قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَيُقَدَّمُ الْهَاشِمِيُّ وَالْمُطَّلِبِيُّ عَلَى غَيْرِهِ وَسَائِرُ قُرَيْشٍ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ، وَجَمِيعُ الْعَرَبِ عَلَى الْعَجَمِ. وَالْهِجْرَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَيُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، وَمَنْ سَبَقَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَتْ، وَأَوْلادُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ سَبَقَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى أَوْلادِ غَيْرِهِمْ وَبِالْوَرَعِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: مَا يَزِيدُ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنَ الْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ وَاجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ اهـ فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: فَيُقَدَّمُ بِحُسْنِ الذِّكْرِ ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَطَيِّبِ الصَّنْعَةِ وَالصَّوْتِ ثُمَّ حُسْنِ الْوَجْهِ لأِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ حَدِيثُ »فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاءً فَأَحْسَنُهُمْ وَجْهًا« (فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَتَشَاحَّا (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) دَفْعًا لِلنِّزَاعِ.

   (وَصَاحِبُ الْبَيْتِ) أَيْ سَاكِنُهُ بِمِلْكٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ إِعَارَةٍ أَوْ اذْنٍ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الاِسْتِحْقَاقِ كَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ (أَوْلَى) بِالإِمَامَةِ (مِنْ غَيْرِهِ) الأَفْقَهِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ أَهْلاً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامْرَأَةٍ وَالْحَاضِرُونَ رِجَالٌ اخْتَصَّ بِتَقْدِيْمِ أَهْلٍ زَادَ فِي الْكِفَايَةِ عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ: فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا اسْتُؤْذِنَ وَلِيُّهُ. وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ »لا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ« وَلأِبِي دَاوُدَ: »فِي بَيْتِهِ وَلا فِي سُلْطَانِهِ« نَعَمْ يُقَدَّمُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ) الرَّاتِبُ (أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ حَضَرَ مَوْلًى لَهُ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ فِي مَسْجِدِكَ (وَالسُّلْطَانُ أَحَقُّ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ) فَمِنْ غَيْرِهِمَا أَوْلَى لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنْ لا يُقَدَّمَ فِيهِ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ لأِنَّهُ يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ فَإِنْ أَذِنَ فِي تَقْدِيْمِ غَيْرِهِ فَلا بَأْسَ بِهِ، وَسَائِرُ الْوُلاةِ كَالسُّلْطَانِ وَيُرَاعَى فِيهِمْ تَفَاوُتُ الدَّرَجَةِ (وَالْبَالِغُ أَوْلَى مِنَ الصَّبِيِّ) وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَفْقَهَ لِلإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ بِهِ بِخِلافِ الصَّبِيِّ (وَالْحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ الْمُسَافِرِ) لأِنَّ الْجَمِيعَ يَأْتَمُّونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ فَهُوَ أَوْلَى (وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ) لأِنَّ الإِمَامَةَ مَنْصِبٌ جَلِيلٌ فَهِيَ بِالْحُرِّ الأَكْمَلِ أَكْمَلُ وَأَلْيَقُ فَلَوِ اجْتَمَعَ عَبْدٌ فَقِيهٌ وَحُرٌّ غَيْرُ فَقِيهٍ فَثَلاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، أَوْ عَبْدٌ بَالِغٌ وَحُرٌّ صَبِيٌّ فَالْعَبْدُ أَوْلَى ذَكَرَهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْعَدْلُ أَوْلَى مِنَ الْفَاسِقِ) وَإِنِ اخْتُصَّ الْفَاسِقُ بِزِيَادَةٍ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ لأِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ لا يُحَافِظَ عَلَى الشَّرَائِطِ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ حَدِيثُ »إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ«. (وَغَيْرُ وَلَدِ الزِّنَا أَوْلَى مِنْ وَلَدِ الزِّنَا) لِكَرَاهَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ الاِقْتِدَاءَ بِوَلَدِ الزِّنَا. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنَ الأَوْلَوِيَّةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الاِقْتِدَاءَ بِمُقَابِلِهَا خِلافُ الأَوْلَى لا مَكْرُوهٌ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الأَصَحِّ إِلاَّ الْفَاسِقُ فَيُكْرَهُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ جَزْمًا. (وَالْبَصِيرُ عِنْدِي أَوْلَى مِنَ الأَعْمَى) لأِنَّهُ أَشَدُّ تَحَفُّظًا عَنِ النَّجَاسَاتِ وَقِيلَ الأَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ لأِنَّهُ أَخْشَعُ (وَقِيلَ هُوَ وَالْبَصِيرُ سَوَاءٌ) لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّرْتِيبِ أَنَّ الْوَجْهَ الأَوَّلَ أَقْوَى لأِنَّ فَوَاتَ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ مَانِعٌ مِنَ الصِّحَّةِ بِخِلافِ فَوَاتِ الْخُشُوعِ وَعَلَيْهِ لا يُكْرَهُ الاِقْتِدَاءُ بِالأَعْمَى جَزْمًا فَلَوِ اجْتَمَعَ حُرٌّ ضَرِيرٌ وَعَبْدٌ بَصِيرٌ فَالأَوَّلُ أَوْلَى لأِنَّ الرِّقَّ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ – النَّوَوِيُّ.

   (وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ قَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) لِحَدِيثِ: »ثَلاثَةٌ لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلاةً رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ« رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَإِنَّمَا يُكْرَهُ إِذَا كَرِهُوهُ لِمَعْنًى مَذْمُومٍ شَرْعًا كَوَالٍ ظَالِمٍ كَمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الإِمَامَةِ وَلا يَسْتَحِقُّهَا أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً أَوْ يُعَاشِرُ أَهْلَ الْفُسُوقِ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَىْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلا كَرَاهَةَ وَالْعَتَبُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ وَكَذَا لا يُكْرَهُ إِذَا كَرِهَهُ الأَقَلُّ أَوْ نِصْفُهُمْ وَحَيْثُ كُرِهَ اخْتُّصَتِ الْكَرَاهَةُ بِهِ فَلا يُكْرَهُ لِمَنْ كَرِهَهُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلامِ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ عَنِ النَّصِّ.

   (وَلا تَجُوزُ الصَّلاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وَلَوْ بِبِدْعَةٍ (وَلا) خَلْفَ (مَجْنُونٍ، وَلا مُحْدِثٍ) حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ، (وَلا نَجِسٍ) نَجَاسَةً لا يُعْفَى عَنْهَا، لأِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ، (وَلا) تَجُوزُ (صَلاةُ رَجُلٍ) خَلْفَ خُنْثَى لاِحْتِمَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَاقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ بَاطِلٌ (وَلا) صَلاةُ (خُنْثَى خَلْفَ امْرَأَةٍ) لاِحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلاً (وَلا خُنْثَى خَلْفَ الْخُنْثَى) لاِحْتِمَالِ كَوْنِ الإِمَامِ امْرَأَةً وَالْمَأْمُومِ رَجُلاً، وَالصَّبِيِّ كَالرَّجُلِ فِيمَا ذُكِرَ بِخِلافِ الْمَرْأَةِ فَتَجُوزُ صَلاتُهَا خَلْفَ الْخُنْثَى لأِنَّ أَسْوَأَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً. وَالْمُرَادُ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أَمَّا الْوَاضِحُ فَتَجُوزُ صَلاةُ الرَّجُلِ خَلْفَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

   (وَلا) تَجُوزُ صَلاةُ (طَاهِرَةٍ خَلْفَ الْمُسْتَحَاضَةِ) لأِنَّهَا حَامِلَةُ نَجَاسَةٍ (وَقِيلَ يَجُوزُ ذَلِكَ) لِلْعَفْوِ عَنْهَا وَهَذَا هُوَ الأَصَحُّ إِلاَّ الْمُتَحَيِّرَةَ فَلا تَجُوزُ الصَّلاةُ خَلْفَهَا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا. وَالْخِلافُ جَارٍ فِي قُدْوَةِ السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ وَمَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ.

   (وَلا تَجُوزُ صَلاةُ قَارِىءٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ) وَهُوَ مَنْ لا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ بِكَمَالِهَا (وَلا أَخْرَسَ وَلا) خَلْفَ (أَرَتَّ) بِالْمُثَنَّاةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الإِدْغَامِ (وَلا أَلْثَغَ) بِالْمُثَلَثَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ – وَهُوَ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا بِغَيْرِهِ (فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الْجَدِيدُ الأَظْهَرُ لأِنَّ الإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنِ الْمَأْمُومِ إِذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا، وَمَنْ لا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ لا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ. وَالأَخْرَسُ كَالأُمِّيِّ فِي عَدَمِ الْقِرَاءَةِ، وَكَذَا الآخَرَانِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْفَاتِحَةِ بِكَمَالِهَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيْمُ: الْجَوَازُ فِي السِّرِّيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ. وَفِي ثَالِثٍ مُخَرَّجٍ الْجَوَازُ فِيهِمَا لأِنَّ الْمَأْمُومَ تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَالَيْنِ. وَعَلَى الأَوَّلِ يَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ لِمَنْ ذُكِرَ بِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ.

   (وَلا تَجُوزُ صَلاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ) بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُسَافِرًا لأِنَّ الإِمَامَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ لَيْسَ مَعَهُمْ فِيهَا فَيَصِيرُ كَالْجُمُعَةِ بِغَيْرِ إِمَامٍ. وَقِيلَ يَجُوزُ إِنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ كَمَا تَجُوزُ صَلاةُ الظُّهْرِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَهَذَا هُوَ الأَصَحُّ. (وَفِي جَوَازِهَا) أَيِ الْجُمُعَةِ (خَلْفَ صَبِيٍّ أَوْ) بَالِغٍ (مُتَنَفِّلٍ قَوْلانِ) أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي وَهُوَ الأَظْهَرُ الْجَوَازُ إِنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمَا لِصِحَّةِ صَلاتِهِمَا وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ اتِّفَاقِ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَإِنْ كَانَ أَحَدَ الأَرْبَعِينَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلاثِ لَمْ تَصِحَّ جَزْمًا.

   (وَلا تَجُوزُ الصَّلاةُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي صَلاةً تُخَالِفُهَا فِي الأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ كَالصُّبْحِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْكُسُوفَ وَالْكُسُوفِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الصُّبْحَ) وَالْمَكْتُوبَةِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْجِنَازَةِ خَلْفَ الْمَكْتُوبَةِ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ بِخِلافِ الصَّلاةِ خَلْفَ صَلاةٍ تُخَالِفُهَا فِي النِّيَّةِ دُونَ الأَفْعَالِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ كَالظُّهْرِ خَلْفَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ، وَالْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ، وَالأَدَاءِ خَلْفَ الْقَضَاءِ وَبِالْعَكْسِ. (فَإِنْ صَلَّى أَحَدُ هَؤُلاءِ) الْمَمْنُوعِينَ مِنَ الاِقْتِدَاءِ (خَلْفَ أَحَدِ هَؤُلاءِ) الْمَمْنُوعِ مِنَ الاِقْتِدَاءِ بِهِمُ الْكَافِرِ فَمَنْ بَعْدَهُ (وَلَمْ يَعْلَمِ) الْمُقْتَدِي حَالَ الإِمَامِ حِينَ الاِقْتِدَاءِ بِهِ (ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ إِذِ الْكَافِرُ لا يَخْفَى حَالُهُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ وَالأُمِّيُّ (إِلاَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الْمُحْدِثِ) حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (فَإِنَّهُ لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) لأِنَّهُ لا أَمَارَةَ عَلَى الْحَدَثِ فَلا تَقْصِيرَ مِنَ الْمُقْتَدِي (وَيَجِبُ) الإِعَادَةُ (فِي الْجُمُعَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلاةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ فِي غَيْرِهَا صَلاةُ فُرَادَى لِفَقْدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُهَا وَفِي قَوْلٍ لا تَجِبُ إِنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي غَيْرِهَا صَلاةُ جَمَاعَةٍ فِيهَا الْفَضِيلَةُ وَهَذَا هُوَ الأَصَحُّ، فَإِنْ كَانَ أَحَدَ الأَرْبَعِينَ وَجَبَتِ الإِعَادَةُ جَزْمًا، وَكَالْمُحْدِثِ فِيمَا ذُكِرَ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ فَلا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحْدِثِ وَشَمَلَ كَلامُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ الإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ كَافِرٍ يُخْفِي كُفْرَهُ وَهُوَ الأَصَحُّ لأِنَّ الْكَافِرَ لا يَكُونُ إِمَامًا بِحَالٍ، بِخِلافِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّهُ قَدْ يَؤُمُّ فِي صُورَتَيْ دَوَامِ الْحَدَثِ. وَشَمَِلَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ صَلاةٍ يُخَالِفُهَا فِي الأَفْعَالِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ الرُّويَّانِيُّ لِظُهُورِ الْعَلامَةِ غَالِبًا وَالثَّانِي لا إِعَادَةَ كَالصَّلاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ وَمَالَ إِلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ.