بَابُ صَلاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
404- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَرَسِّلًا، مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ، لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
405- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَدْعُوَهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْنَا قُوَّةً وَبَلاغًا إِلَى حِينٍ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ تَعَالَى سَحَابَةً، فَرَعَدَتْ، وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَقِصَّةُ التَّحْوِيلِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ زَيْدٍ وَفِيهِ: فَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ.
406- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ الدُّعَاءُ بِإِمْسَاكِهَا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
407- وَعَنْهُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قُحِطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا [وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ عَمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَتِ الْوَهَّابِيَّةُ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّوَسُّلُ بِغَيْرِ الْحَيِّ الْحَاضِرِ فَقَدْ رَوَى الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ تَوَجَّهُوا بِي إِلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبِيِّكَ] فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
408- وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ [أَيْ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ حَدِيثَةُ عَهْدٍ]» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
409- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» أَخْرَجَاهُ.
410- وَعَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ: «اللَّهُمَّ جَلِّلْنَا [أَيْ عَمِّمْ أَرْضَنَا] سَحَابًا كَثِيفًا [أَيْ مُتَرَاكِمًا]، قَصِيفًا [قَصَفَ الرَّعْدُ قَصِيفًا صَوَّتَ]، دَلُوقًا [انْدَلَقَ السَّيْلُ أَقْبَلَ مُتَدَفِّقًا]، ضَحُوكًا [أَيْ لامِعًا ذَا بَرْقٍ]، تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذًا [الْمَطَرَ الصَّغِيرَ جِدًّا]، قِطْقِطًا [أَصْغَرَ مِنَ الرَّذَاذِ]، سَجْلًا، يَا ذَا الْجَلالِ وَالْاكْرَامِ» رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ.
411- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَسْتَسْقِي، فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا، رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى السَّمَاءِ [الْوَهَّابِيَّةُ تَحْتَجُّ بِهَذَا لإِثْبَاتِ الْجِهَةِ وَالتَّحَيُّزِ لِلَّهِ تَعَالَى، يُقَالُ لَهُمْ يَنْقُضُ هَذَا حَدِيثُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»]، تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ، فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
412- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.