بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
(يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ( بَدَلاً عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي بِخِلافِ الْغُسْلِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا )لِلْمُسَافِرِ( سَفَرَ الْقَصْرِ )ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ( أَيْ وَثَلاثَ لَيَالٍ مُتَّصِلَةً بِهِنَّ سَوَاءٌ سَبَقَ الْيَوْمُ الأَوَّلُ لَيْلَتَهُ أَمْ لا )وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً( رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ شُرَيْحِ بنِ هَانِىءٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ». وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ كَالْمُقِيمِ. وَصَاحِبُ الضَّرُورَةِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إِلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ يَمْسَحُ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ لِنَوَافِلَ فَقَطْ إِنْ كَانَ فَعَلَ بِوُضُوءِ الْغَسْلِ فَرْضًا وَيَجِبُ النَّزْعُ لِفَرْضٍ ءَاخَرَ )وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ( الْمَذْكُورَةِ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ )مِنْ حِينِ يُحْدِثُ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ( لأِنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِالْحَدَثِ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ )فَإِنْ مَسَحَ فِي الْحَضَرِ( وَلَوْ وَاحِدَةً فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ )ثُمَّ سَافَرَ أَوْ مَسَحَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ أَتَّمَ مَسْحَ مُقِيمٍ( فَقَطْ فِي الأُولَى وَلَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ فِي الثَّانِيَةِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَضَرِ فَإِنْ كَانَ أَقَامَ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُقِيمِ فِي الثَّانِيَةِ أَتَّمَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا نَزَعَ وَأَجْزَأَهُ مَا مَضَى )وَإِنْ شَكَّ فِي وَقْتِ الْمَسْحِ( هَلْ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ أَوْ شَكَّ )فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ( بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الْحَدَثِ مَثَلاً )بَنَى الأَمْرَ عَلَى مَا يُوجِبُ الْغَسْلَ( فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَنْ يَنْزِعَ فِي الأُولَى بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي وَقْتٍ يَنْتَهِي إِلَيْهِ تَحَقُّقُهُ لأِنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ بِشُرُوطٍ مِنْهَا الْمُدَّةُ فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ إِلَى الأَصْلِ مِنَ الْغَسْلِ وَلا )يَجُوزُ الْمَسْحُ( إِلاَّ بِشَرْطِ أَنْ )يَلْبَسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ( لِحَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ: «أَرْخَصَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسَافِرِ إِلَى أَنْ قَالَ: «إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» فَلَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا فِي الْخُفِّ لَمْ يَجُزْ إِلاَّ أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلَهُمَا فِيهِ وَلَوْ أَدْخَلَ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ غَسْلِهَا ثُمَّ غَسَلَ الأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يَجُزْ إِلاَّ أَنْ يَنْزِعَ الأُولَى ثُمَّ يُدْخِلَهَا وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفِّ وَأَدْخَلَهُمَا جَازَ (وَلا يَجُوزُ( الْمَسْحُ )إِلاَّ عَلَى خُفٍّ صَحِيحٍ سَاتِرٍ لِلْقَدَمِ( بِكَعْبِهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ غَيْرِ الأَعْلَى بِخِلافِ الْمُتَخَرِّقِ مِنَ الْقَدَمِ بِحَيْثُ تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْهُ فَلا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَلَوْ تَخَرَّقَتِ الْبِطَانَةُ أَوِ الظِّهَارَةُ وَالْبَاقِي صَفِيقٌ لَمْ يَضُرَّ وَإِلاَّ ضَرَّ وَلَوْ رُؤِيَ الْقَدَمُ مِنْ أَعْلاهُ لِكَوْنِهِ وَاسِعَ الرَّأْسِ لَمْ يَضُرَّ )يُمْكِنُ تِبَاعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ( لِتَرَدُّدِ الْمُسَافِرِ لِحَاجَاتِهِ عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى الْعَادَةِ بِخِلافِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِغِلَظِهِ كَالْخَشَبَةِ أَوْ رِقَّتِهِ أَوْ ضِيقِهِ أَوْ سَعَتِهِ فَلا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ )وَفِي الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ( وَهُمَا خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ كُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْمَسْحِ )قَوْلانِ( أَظْهَرُهُمَا )لا يَجُوزُ( لأِنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْخُفِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَالْجُرْمُوقُ لا تَعُمُّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ )وَالثَّانِي يَجُوزُ( لأِنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ تُحْوِجُ إِلَيْهِ وَفِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ بَيْنَهُمَا وَيَمْسَحُ الأَسْفَلَ وَلَوْ كَانَ الأَسْفَلُ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْمَسْحِ جَازَ عَلَى الأَعْلَى لأِنَّهُ كَاللِّفَافَةِ، وَلَوْ كَانَ صَالِحًا دُونَ الأَعْلَى وَمَسَحَ الأَسْفَلَ أَوِ الأَعْلَى وَوَصَلَ إِلَيْهِ الْبَلَلُ بِقَصْدِهِ أَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ جَازَ، وَإِنْ قَصَدَ الأَعْلَى فَقَطْ أَوْ لَمْ يَصِلِ الْبَلَلُ أَوْ كَانَا غَيْرَ صَالِحَيْنِ فَلا )وَالسُّنَّةُ أَنْ يَمْسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ( السَّاتِرَ لِمِشْطِ الرِّجْلِ )وَأَسْفَلَهُ فَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى مَوْضِعِ الأَصَابِعِ وَالْيُسْرَى تَحْتَ عَقِبِهِ( أَيْ مُؤَخَّرِ قَدَمِهِ )ثُمَّ يُمِرُّ الْيُمْنَى إِلَى سَاقِهِ وَالْيُسْرَى إِلَى مَوْضِعِ الأَصَابِعِ( مِنْ أَسْفَلَ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَلا يَسْتَوْعِبُهُ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَغَسْلُهُ )فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الْقَلِيلِ مِنْ أَعْلاهُ أَجْزَأَهُ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْفَلِهِ( أَوْ عَقِبِهِ أَوْ حَرْفِهِ )لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ( لأِنَّهُ لَمْ يَرِدِ الاِقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا وَرَدَ الاِقْتِصَارُ عَلَى الأَعْلَى فِي حَدِيثٍ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ يُجْزِئُ قِيَاسًا عَلَى الأَعْلَى، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي )وَإِنْ ظَهَرَتِ الرِّجْلُ( مِنَ الْخُفِّ بِأَنْ تَخَرَّقَ أَوْ نَزَعَهَا )أَوِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ( الْوَاجِبُ عِنْدَهَا النَّزْعُ )وَهُوَ عَلَى طَهَارَةِ الْمَسْحِ غَسَلَ الْقَدَمَيْنِ( فَقَطْ وُجُوبًا )فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ( لِبُطْلانِ طَهَارَتِهِمَا بِالنَّزْعِ أَوِ الاِنْقِضَاءِ )وَاسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ فِي الْقَوْلِ الآخَرِ( لِبُطْلانِ كُلِّ الطَّهَارَةِ بِبُطْلانِ بَعْضِهَا.
الإشعارات