بَابُ الْحَيْضِ
وَفِيهِ النِّفَاسُ وَالاِسْتِحَاضَةُ. (أَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ تَقْرِيبًا فَلَوْ رَأَتِ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِزَمَنٍ لا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا فَهُوَ حَيْضٌ. أَوْ بِمَا يَسَعُهُمَا فَلا. وَلا حَدَّ لآخِرِهِ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ مَا دَامَتِ الْمَرْأَةُ حَيَّةً. (وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ مُتَّصِلاً وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) بِلَيَالِيهَا وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ (وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ) كُلُّ ذَلِكَ بِالاِسْتِقْرَاءِ مِنَ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (وَأَقَلُّ طُهْرٍ فَاصِلٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لأِنَّ الشَّهْرَ لا يَخْلُو عَادَةً عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ. وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ «بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ» عَنِ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَقَدَّمَ الْحَيْضُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَوْ تَأَخَّرَ بِأَنْ رَأَتْ أَكْثَرَ النِّفَاسِ وَانْقَطَعَ الدَّمَ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلا حَدَّ لأِكْثَرِهِ) بِالإِجْمَاعِ وَغَالِبُهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ بَعْدَ غَالِبِ الْحَيْضِ. (وَإِنْ رَأَتِ) الْمَرْأَةُ (يَوْمًا طُهْرًا) أَيْ نَقَاءً (وَيَوْمًا دَمًا) وَهَكَذَا وَلَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلا نَقَصَتِ الدِّمَاءُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (فَفِيهِ قَوْلانِ. أَحَدُهُمَا يُضَمُّ الطُّهْرُ إِلَى الطُّهْرِ) أَيِ النَّقَاءُ إِلَى النَّقَاءِ وَيُجْعَلُ طُهْرًا وَاحِدًا (وَالدَّمُ إِلَى الدَّمِ) وَيُجْعَلُ حَيْضًا وَاحِدًا وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ اللَّقْطِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ كَمَا لا يُحْكَمُ عَلَى أَيَّامِ الطُّهْرِ بِالدَّمِ لا يُحْكَمُ عَلَى أَيَّامِ النَّقَاءِ بِالْحَيْضِ فَيُجْعَلُ طُهْرًا فِي الصَّلاةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ دُونَ الْعِدَّةِ وَالطَّلاقِ (وَالثَّانِي لا يُضَمُّ بَلِ الْجَمِيعُ حَيْضٌ) لأِنَّ زَمَانَ النَّقَاءِ نَاقِصٌ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَجُعِلَ حَيْضًا تَبِعًا لِزَمَانِ الدَّمِ كَسَاعَاتِ الْفَتْرَةِ وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ السَّحْبِ وَهُوَ الأَظْهَرُ وَقَوْلُ الْمُعْظَمِ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ بِالأَوَّلِ، وَالْقَوْلانِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ قَطْعًا. قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْفَتْرَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا جَرَيَانُ الدَّمِ وَيَبْقَى أَثَرُهُ بِحَيْثُ لَوْ أَدْخَلَتْ فِي فَرْجِهَا قُطْنَةً لَخَرَجَ عَلَيْهَا أَثَرُ الدَّمِ مِنْ حُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ. وَالنَّقَاءُ أَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ لَوْ أَدْخَلَتْهَا لَخَرَجَتْ بَيْضَاءَ. وَلَوْ جَاوَزَ التَّقَطُّعُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَاسْتِحَاضَةٌ قَطْعًا. أَوْ نَقَصَتِ الدِّمَاءُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَدَمُ فَسَادٍ قَطْعًا وَالنَّقَاءُ بَعْدَ ءَاخِرِ الدَّمِ طُهْرٌ قَطْعًا.
(وَفِي الدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِلُ) قَبْلَ الطَّلْقِ (قَوْلانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ حَيْضٌ) لأِنَّهُ بِصِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ وَقَدْرِهِ، وَسَوَاءٌ تَخَلَّلَ بَيْنَ انْقِطَاعِهِ وَالْوِلادَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَمْ أَقَلُّ فِي الأَصَحِّ. (وَالثَّانِي أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ) لأِنَّ الْحَمْلَ يَسُدُّ مَخْرَجَ الْحَيْضِ. وَعَلَى الأَوَّلِ لا يَحْرُمُ فِيهِ الطَّلاقُ وَلا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ صَاحِبُ الْحَمْلِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِهِ فِي الأَصَحِّ. وَمَا رَأَتْهُ عِنْدَ الطَّلْقِ وَمَعَ خُرُوجِ الْوَلَدِ لَيْسَ بِحَيْضٍ فِي الأَصَحِّ لأِنَّ انْزِعَاجَ الْبَدَنِ بِالطَّلْقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ لا لِلْجِبِلَّةِ وَكَمَا لا يَكُونُ حَيْضًا لا يَكُونُ نِفَاسًا. (وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْمَرْأَةِ لِزَمَانٍ يَصِحُّ فِيهِ الْحَيْضُ) بِأَنِ انْقَطَعَ لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ (فَهُوَ حَيْضٌ) سَوَاءٌ كَانَ بِصِفَةٍ أَمْ أَكْثَرَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَمْ مُعْتَادَةً وَافَقَ عَادَتَهَا أَمْ لا (وَإِنْ عَبَرَ [الدَّمُ] الأَكْثَرَ) أَيْ جَاوَزَهُ (فَإِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً) بِكَسْرِ الْيَاءِ (وَهِيَ الَّتِي تَرَى فِي بَعْضِ الأَيَّامِ دَمًا أَسْوَدَ وَفِي بَعْضِهَا دَمًا أَحْمَرَ كَانَ حَيْضُهَا أَيَّامَ [الدَّمِ] الأَسْوَدِ) وَالآخَرُ طُهْرًا. وَالضَّابِطُ أَنْ تَرَى الدَّمَ بِصِفَتَيْنِ قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ وَذَلِكَ بِاللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ وَالثُّخْنِ فَالأَسْوَدُ أَقْوَى مِنَ الأَحْمَرِ وَهُوَ مِنَ الأَشْقَرِ وَهُوَ مِنَ الأَصْفَرِ وَالأَكْدَرِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى مِمَّا لا رَائِحَةَ لَهُ. وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنَ الرَّقِيقِ وَذُو صِفَتَيْنِ أَقْوَى مِنْ ذِى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْقَوِيُّ مِنْ ذَلِكَ حَيْضٌ وَالضَّعِيفُ طُهْرٌ بِشَرْطِ أَنْ لا يَنْقُصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَّصِلَةٍ وَلا يَزِيدَ عَلَيْهَا الْقَوِيُّ وَلا يَنْقُصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً وَافَقَ عَادَتَهَا أَمْ لا. وَلَوْ تَعَادَلَتْ صِفَتَانِ قَالَ فِي التِّتِمَّةِ فَالْحُكْمُ لِلسَّابِقِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ. وَالأَصْلُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا كَانَتِ الْحَيْضَةُ فَإِنَّهَا دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلاةِ وَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ» (وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ) بِأَنْ رَأَتِ الدَّمَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِصِفَتَيْنِ وَفُقِدَ شَرْطٌ مِنَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَهَا عَادَةٌ) تَحْفَظُهَا (كَانَ حَيْضُهَا أَيَّامَ الْعَادَةِ) رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لْتَسْتَفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّي وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ هُنَا بِمَرَّةٍ وَقِيلَ بِمَرَّتَيْنِ وَقِيلَ بِثَلاثٍ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُمَيِّزَةً وَلا لَهَا عَادَةٌ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ) بِكَسْرِ الدَّالِ بِالْحَيْضِ وَفَتْحِهَا لأِنَّ الدَّمَ ابْتَدَأَهَا كَمَا فِي الإِقْلِيدِ (فَفِيهَا قَوْلانِ أَحَدُهُمَا) وَهُوَ الأَظْهَرُ (أَنَّهَا تُحَيَّضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ) يَوْمًا وَلَيْلَةً وَتِسْعٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ لأِنَّ سُقُوطَ الصَّلاةِ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مُتَيَّقَنٌ وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إِلاَّ بِيَقِينٍ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ كَالتَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ (وَالثَّانِي) أَنَّهَا (تُحَيَّضُ غَالِبَ الْحَيْضِ) سِتًّا أَوْ سَبْعًا قِيلَ تُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَالأَصَحُّ النَّظَرُ إِلَى عَادَةِ النِّسَاءِ إِنْ كَانَ سِتًّا فَسِتًّا أَوْ سَبْعًا فَسَبْعًا وَبَقِيَّةُ الشَّهْرِ طُهْرُهَا. وَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا مِنَ الأَبَوَيْنِ فِي الأَصَحِّ (وَإِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فَنَسِيَتْ عَدَدَهَا) أَيْ قَدْرَهَا (وَوَقْتَهَا) وَلا تَمْيِيزَ لَهَا وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ (فَفِيهَا قَوْلانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَالْمُبْتَدَأَةِ) فَتُحَيَّضُ عَلَى الأَظْهَرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَعَلَى مُقَابِلِهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لأِنَّ الْعَادَةَ الْمَنْسِيَّةَ لا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ الْحُكْمِ مِنْهَا فَتَكُونُ كَالْمَعْدُومَةِ كَمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ الَّذِي لا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ الْحُكْمِ مِنْهُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ يُلْحَقُ بِالْمَعْدُومِ (وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ) أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالاِحْتِيَاطِ فَلا تُجْعَلُ كَالْمُبْتَدَأَةِ لاِحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ مَرَّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَلا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَائِضًا دَائِمًا لِقِيَامِ الإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلانِهِ وَلا طَاهِرًا دَائِمًا لِقِيَامِ الدَّمِ وَلا التَّبْعِيضُ لأِنَّهُ تَحَكُّمٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الاِحْتِيَاطُ وَذَلِكَ (أَنَّهُ لا يَطَأُهَا الزَّوْجُ) وَكَذَا السَّيِّدُ لاِحْتِمَالِ الْحَيْضِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَلا فَسْخَ لَهُ (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا لاِحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الدَّمِ حِينَئِذٍ فَإِنْ عَلِمَتْ وَقْتَ الاِنْقِطَاعِ كَعِنْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كُلَّ يَوْمٍ عَقِبَ الْغُرُوبِ خَاصَّةً وَلا يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ نَفْلٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهَا الْقِرَاءَةُ خَارِجَ الصَّلاةِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ قِيلَ وَالنَّفْلُ أَيْضًا إِذْ لا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ. وَالثَّالِثُ تُصَلِّي الرَّاتِبَةَ دُونَ غَيْرِهَا وَيَجْرِي الْخِلافُ فِي نَوَافِلِ الصَّوْمِ وَالطَّوَافِ (وَتَصُومُ [شَهْرَ] رَمَضَانَ) لاِحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا فِي جَمِيعِهِ (ثُمَّ تَصُومُ شَهْرًا ءَاخَرَ فَيَصِحُّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) بِأَنْ كَانَا كَامِلَيْنِ مِنْ كُلٍّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ لاِحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ وَيَنْقَطِعَ فِي ءَاخَرٍ فَيُفْسِدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا (ثُمَّ تَصُومُ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثَلاثَةً فِي أَوَّلِهَا وَثَلاثَةً فِي ءَاخِرِهَا فَيَصِحُّ لَهَا مِنْهَا مَا بَقِيَ مِنَ الصَّوْمِ) وَهُوَ يَوْمَانِ لأِنَّ الْحَيْضَ إِنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ صَوْمِهَا فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَيَصِحُّ لَهَا السَّابِعَ عَشَرَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ وَإِنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَحَّ لَهَا الأَوَّلُ وَالأَخِيرُ أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ لَهَا الأَوَّلانِ أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ لَهَا السَّادِسَ عَشَرَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الأَصْحَابُ فِي تَضْعِيفِ مَا عَلَيْهَا فِي الْقَضَاءِ وَزِيَادَةِ يَوْمَيْنِ مُبْتَدِئَةً بِصَوْمِ مَا عَلَيْهَا وِلاءً ثُمَّ بِمِثْلِهِ مِنَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ صَوْمِهَا ثُمَّ بِالْيَوْمَيْنِ بَيْنَهُمَا مُتَّصِلَيْنِ بِالأَوَّلِ أَوِ الأَخِرِ أَوْ لا مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ. وَاسْتَدْرَكَهُ الدَّارِمِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ يُمْكِنُ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ عَلَى الضِعْفِ بِأَنْ تُفَرِّقَ مَا عَلَيْهَا فَتَصُومَ يَوْمًا وَتُفْطِرَ يَوْمًا ثُمَّ تَصُومَ يَوْمًا ثُمَّ تُمْهَلُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ صَوْمِهَا فَتَصُومُ الضِّعْفَ مُفَرَّقًا أَيْضًا وَتَصُومُ يَوْمًا بَيْنَ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِأَحَدِ الصَّوْمَيْنِ فَفِي يَوْمَيْنِ تَصُومُ خَمْسَةً مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ الأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ وَيَوْمًا بَيْنَ الرَّابِعِ وَالسَّادِسَ عَشَرَ وَلا يَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ (وَإِنْ كَانَتْ نَاسِيَةً لِلْوَقْتِ ذَاكِرَةً لِلْعَدَدِ أَوْ نَاسِيَةً لِلْعَدَدِ ذَاكِرَةً لِلْوَقْتِ فَكُلُّ زَمَانٍ تَيَقَنَّا فِيهِ حَيْضَهَا جَعَلْنَاهَا فِيهِ حَائِضًا، وَكُلُّ زَمَانٍ تَيَقَنَّا فِيهِ طُهْرَهَا جَعَلْنَاهَا فِيهِ طَاهِرًا وَكُلُّ زَمَانٍ شَكَكْنَا فِيهِ جَعَلْنَاهَا فِي الصَّلاةِ طَاهِرًا وَفِي الْوَطْءِ حَائِضًا وَكُلُّ زَمَانٍ احْتَمَلَ انْقِطَاعُ الدَّمِ فِيهِ أَمَرْنَاهَا بِالْغُسْلِ) لِكُلِّ فَرْضٍ احْتِيَاطًا. وَلا نَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ فِي زَمَانٍ يَحْتَمِلُ الطُّرُوءَ وَيُسَمَّى هَذَا حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ وَمُحْتَمِلَ الاِنْقِطَاعِ طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ فَالذَّاكِرَةُ لِلْعَدَدِ كَأَنْ تَقُولَ حَيْضِي خَمْسَةٌ فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنَ الشَّهْرِ لا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا وَأَعْلَمُ أَنِّي فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ طَاهِرٌ فَالسَّادِسُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالأَوَّلُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَكَذَا الْعَشْرَانِ الأَخِيرَانِ وَالثَّانِي إِلَى ءَاخِرِ الْخَامِسِ مُحْتَمِلٌ لِلطُّرُوءِ وَالسَّابِعُ إِلَى ءَاخِرِ الْعَاشِرِ مُحْتَمِلٌ لِلاِنْقِطَاعِ وَالذَّاكِرَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالاِنْقِطَاعَ.
(وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ حَرُمَ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) وَطْئًا وَغَيْرَهُ (وَقِيلَ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ وَحْدَهُ) وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ (وَالْمَذْهَبُ الأَوَّلُ). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ سَعْدٍ قَالَ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ «مَا فَوْقَ الإِزَارِ» وَاسْتَدَلَّ الثَّانِي بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ إِلاَّ النِّكَاحَ» وَقِيلَ إِنْ أَمِنَ مِنَ الْوَطْءِ بِقُوَّةِ وَرَعٍ أَوْ ضَعْفِ شَهْوَةٍ جَازَ وَإِلاَّ فَلا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلا يَحْرُمُ الاِسْتِمْتَاعُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ وَفِيهِ تَفْسِيرُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّلاةُ وَالصَّوْمُ) بِالإِجْمَاعِ قَالَ الإِمَامُ وَلا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ لأِنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ وَالإِضْعَافُ إِنَّمَا يَصْلُحُ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ لا لِلتَّحْرِيْمِ (وَالطَّوَافُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ) لِحَدِيثِ «لا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (وَقِيلَ يَحْرُمُ الْعُبُورُ فِيهِ) أَيْضًا لإِطْلاقِ الْحَدِيثِ (وَقِيلَ لا يَحْرُمُ) كَالْجُنُبِ وَهَذَا هُوَ الأَصَحُّ، وَمَحَلُّهُ مَا إِذَا أَمِنَتِ التَّلْوِيثَ فَإِنْ خَافَتْهُ حَرُمَ قَطْعًا (وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ ارْتَفَعَ تَحْرِيْمُ الصَّوْمِ) لاِنْتِفَاءِ مَانِعِهِ وَعَدَمِ شَرْطِ الطَّهَارَةِ فِيهِ (وَيَبْقَى سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى أَنْ تَغْتَسِلَ) أَوْ تَتَيَمَّمَ بِشَرْطِهِ أَمَّا مَا عَدَا الاِسْتِمْتَاعَ فَلِبَقَاءِ الْحَدَثِ الْمَانِعِ أَمَّا الاِسْتِمْتَاعُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ أَيْ يَغْتَسِلْنَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَرَّحَتْ بِهِ قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ وَيَرْتَفِعُ أَيْضًا تَحْرِيْمُ عُبُورِ الْمَسْجِدِ إِنْ قُلْنَا بِهِ كَمَا اسْتَثْنَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي فِي الطَّلاقِ حُرْمَتُهُ فِي الْحَيْضِ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ فَيَرْتَفِعُ أَيْضًا بِانْقِطَاعِهِ وَعَدَّ فِي الْمُهَذَّبِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الْغُسْلَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فَيُسْتَثْنَى شَرْعًا. (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ) وَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ الْوِلادَةِ (مَجَّةٌ) أَيْ دَفْعَةٌ وَزَمَانُهَا لَحْظَةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لا حَدَّ لأِقَلِّهِ أَيْ لا يُقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا وَلا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ فَالْمُرَادُ مِنَ الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ فِي الإِقْلِيدِ. (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) مِمَّا اسْتَقْرَأَهُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا (وَإِذَا عَبَرَ الدَّمُ ) أَيِ السِّتِّينَ أَيْ جَاوَزَ (الأَكْثَرَ فَهُوَ كَالْحَيْضِ) إِذَا عَبَرَ أَكْثَرَهُ (فِي الرَّدِّ إِلَى التَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ وَالأَقَلِّ وَالْغَالِبِ) فَتُرَدُّ الْمُمَيِّزَةُ إِلَى التَّمْيِيزِ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ فِي النِّفَاسِ أَوْ مُعْتَادَةً بِشَرْطِ أَنْ لا يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى سِتِّينَ يَوْمًا وَلا ضَبْطَ لأِقَلِّهِ وَلا لِلضَّعِيفِ وَغَيْرُهَا الْمُعْتَادَةُ إِلَى عَادَتِهَا وَالْمُبْتَدَأَةُ إِلَى لَحْظَةٍ وَفِي قَوْلٍ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالنَّاسِيَةُ كَذَلِكَ فِي قَوْلٍ وَفِي الأَظْهَرِ تَحْتَاطُ. (وَإِذَا نُفِسَتِ الْمَرْأَةُ) بِضَمِّ النُّونِ فِي الأَصَحِّ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ وَلَدَتْ (حَرُمَ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا يَسْقُطُ عَنِ الْحَائِضِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا (وَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ) وَهِيَ الْمُجَاوِزُ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ مُسْتَمِرًّا (فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ) بِالْفَتْحِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَفَتْحُ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدُ الصَّادِ بِأَنْ تَشُدَّهُ بَعْدَ حَشْوِهِ مَثَلاً بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تُخْرِجُ أَحَدَهُمَا إِلَى بَطْنِهَا وَالأُخْرَى إِلَى صُلْبِهَا وَتَرْبِطَهَا بِخِرْقَةٍ وَتَشَدَّهَا عَلَى وَسَطِهَا كَالتِّكَّةِ فَإِنْ تَأَذَّتْ بِالشَّدِّ أَوِ الْحَشْوِ تَرَكَتْهُ وَكَذَا تَتْرُكُ الْحَشْوَ إِنْ كَانَتْ صَائِمَةً وَالشَّدَّ إِنْ كَانَ الدَّمُ قَلِيلاً يَنْدَفِعُ بِالْحَشْوِ (وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ» الْحَدِيثَ السَّابِقَ فِي مَسْئَلَةِ الْمُمَيِّزَةِ. وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ وَتَتَنَفَّلُ مَا شَاءَتْ وَقِيلَ لا يَجُوزُ لَهَا النَّفْلُ أَصْلاً إِذْ لا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، وَيَجِبُ أَيْضًا لِكُلِّ فَرْضٍ تَجْدِيدُ الْغَسْلِ وَالْعَصْبِ فِي الأَصَحِّ وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْعِبَارَةِ لَهُ بِتَعْلِيقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِالأَفْعَالِ الثَّلاثَةِ قَبْلَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّنَازُعِ (وَلا تُؤَخِّرُ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الاِشْتِغَالَ بِأَسْبَابِ الصَّلاةِ) مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالاِجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالأَذَانِ وَالإِقَامَةِ (وَالدُّخُولَ فِيهَا) تَقْلِيلاً لِلْحَدَثِ (فَإِنْ أَخَّرَتْ وَدَمُهَا يَجْرِي اسْتَأْنَفَتِ الطَّهَارَةَ) لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَقِيلَ لا كَمَا لَوْ طَوَّلَتِ الصَّلاةَ. وَزَمَنُ التَّأْخِيرِ الَّذِي لا يَضُرُّ انْتِظَارُ الْجَمَاعَةِ. قَالَ الإِمَامُ وَضَابِطُ التَّأْخِيرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الزَّمَنِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ صَلاتَيِ الْجَمْعِ وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى الأَمْرِ بِالْبِدَارِ (وَإِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلاةِ) انْقِطَاعًا كُلِّيًّا أَيْ شُفِيَتْ (اسْتَأْنَفَتِ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاةَ) وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ (وَقِيلَ تَمْضِي فِيهَا) كَالْمُتَيَمِّمِ إِذَا رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا وَفَرَقَ الأَوَّلُ بِدَوَامِ الْحَدَثِ وَعَلَيْهِ لَوْبَانَ عَدَمُ الشِّفَاءِ بِأَنْ عَادَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاةَ بَانَ بَقَاءُ وُضُوئِهَا بِحَالِهِ وَالأَصَحُّ نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهَا إِعَادَةُ الصَّلاةِ إِنْ كَانَتْ صَلَّتْ فِي الأَصَحِّ لأِنَّهَا شَرَعَتْ فِيهَا وَهِيَ مُتَرَدِّدَةٌ فَلَوِ اعْتَادَتِ انْقِطَاعَهُ هَذَا الزَّمَنَ فَانْقَطَعَ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهَا جَزْمًا إِذْ لا أَثَرَ لَهُ فَلَوِ امْتَدَّ عَلَى خِلافِ الْعَادَةِ بَانَ بُطْلانُهَا فِي الأَصَحِّ، (وَحُكْمُ سَلِسِ الْبَوْلِ وَسَلِسِ الْمَذْيِ) بِكَسْرِ اللاَّمِ (كَحُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ) فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْغَسْلِ وَالتَّعْصِيبِ وَالْوُضُوءِ لِكُلِّ فَرْضٍ فِي وَقْتِهِ وَالْمُبَادَرَةِ وَوُجُوبِ الاِسْتِئْنَافِ بِالاِنْقِطَاعِ. وَمَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فِيمَا عَدَا الْوُضُوءَ أَوْ سَلِسُ الرِّيحِ فَكَهِيَ فِي الْوُضُوءِ خَاصَّةً. وَمَنْ دَامَ خُرُوجُ مَنِيِّهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ.