الخميس نوفمبر 21, 2024

بَابُ السَّاعَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا

   (وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ) تَقْرِيبًا (وَعِنْدَ الاِسْتِوَاءِ حَتَّى تَزُولَ وَعِنْدَ الاِصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ وَبَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ). رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: »ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ« أَيْ تَمِيلُ وَهِيَ حَالَةُ صُفْرَتِهَا. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ »أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ وَنَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ«.

   (وَلا يُكْرَهُ فِيهَا مَا لَهُ سَبَبٌ) مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ (كَصَلاةِ الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلاوَةِ) وَالشُّكْرِ (وَقَضَاءِ الْفَائِتَةِ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلاً وَالْمَنْذُورَةِ وَصَلاةِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَسُنَّةِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ »أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَهُ رَكْعَتَا سُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهَا فَقَضَاهَا بَعْدَ الْعَصْرِ« رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَرَوَيَا أَنَّهُ قَالَ: »مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا« وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: »فَوَقْتُهَا إِذَا ذَكَرَهَا« وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى صَلاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ وَالْوَقْتِ، وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى صَلاةٍ لا سَبَبَ لَهَا وَهِيَ النَّافِلَةُ الْمُطْلَقَةُ أَوْ سَبَبُهَا مُتَأَخِّرٌ كَرَكْعَتَيِ الإِحْرَامِ لأِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَقَدْ لا يُوجَدُ. نَعَمْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْفَائِتَةِ لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِيهَا لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ عَلَى الأَقْيَسِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ سَجَدَ فِيهَا لَمْ يَجُزْ. ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ.

   (وَلا يُكْرَهُ شَىْءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ بِمَكَّةَ) أَيْ بِحَرَمِهَا سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَالْبَلَدُ وَغَيْرُهُمَا لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ: »لا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ وَلا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلاَّ بِمَكَّةَ« وَحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ وَغَيْرِهِمَا: »يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ« فَقِيلَ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ وَقِيلَ الْمَسْجِدِ. (وَلا) يُكْرَهُ شَىْءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ (عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ الصَّلاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ: »إِنَّ جَهَنَّمَ لا تُسَجَّرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ« وَسَوَاءٌ مَنْ حَضَرَ الْجَامِعَ وَغَيْرُهُ. وَمَنْ غَلَبَهُ النُّعَاسُ وَغَيْرُهُ وَالْمُبَكِّرُ وَغَيْرُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ لا يُكْرَهُ فِي سَائِرِ السَّاعَاتِ أَيْضًا.

   تِتِمَّةٌ: الصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيْمِ وَقِيلَ لِلتَّنْزِيهِ وَعَلَيْهِمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ. وَقِيلَ يَنْعَقِدُ كَالصَّلاةِ فِي الأَمْكِنَةِ الْمَنْهِيِ عَنْهَا. وَالْفَرْقُ عَلَى الأَوَّلِ أَنَّ النَّهْيَ فِي الأَوْقَاتِ عَائِدٌ إِلَى نَفْسِ الصَّلاةِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّنْزِيهِ إِذْ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ عِبَادَةً مَأْمُورًا بِهَا وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ الرَّاجِعَانِ إِلَى نَفْسِ الشَّىْءِ يَتَنَاقَضَانِ وَفِي الأَمْكِنَةِ إِلَى أَمْرٍ خَارِجٍ وَذَلِكَ لا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الأُصُولِ.