بَابٌ فِيمَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا أَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ
رَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ حُلُولِ الْبَلاءِ وَمِنْ دَرْكِ الشَّقَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». وَمَعْنَى دَرْكِ الشَّقَاءِ أَنْ يَلْحَقَنِى الشَّقَاءُ، وَمَعْنَى وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ اكْفِنِى شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِى دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ».
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ». وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ أَىْ ذَهَابِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ أَىْ نُزُولِ الْبَلاءِ فَجْأَةً.
وَرَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِى مِنَ الْخَطَايَا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ اللَّهُمَّ أَنْقِ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». نَقِىَ الشَّىْءُ بِالْكَسْرِ نَقَاوَةً بِالْفَتْحِ فَهُوَ نَقِىٌّ أَىْ نَظِيفٌ وَهُنَا مَعْنَاهُ طَهِّرْ قَلْبِى، وَمَعْنَى الْهَرَمِ كِبَرُ السِّنِّ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ فِى الْمُصَنَّفِ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُما عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا أَنْ تَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِمَّا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلِ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِى خَيْرًا». وَالْقَضَاءُ مَعْنَاهُ الْخَلْقُ وَلَيْسَ قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى حَادِثًا وَإِنَّمَا نَقُولُ تَخْلِيقُ اللَّهِ أَزَلِىٌّ وَالْمَخْلُوقُ حَادِثٌ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَدُعَاءٍ لا يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِىُّ وَالطَّبَرَانِىُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ كَعْبِ بنِ عَمْرٍو رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ وَالتَّرَدِّى وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَمِّ وَالْغَرَقِ وَالْحَرِيقِ وَالْهَدْمِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِى الشَّيْطَانُ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُقْتَلَ فِى سَبِيلِكَ مُدْبِرًا وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا». مَعْنَى الْهَرَمِ كِبَرُ السِّنِّ، وَالتَّرَدِّى السُّقُوطُ مِنْ أَعْلَى، وَمَعْنَى الْهَدْمِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الدَّارُ مَثَلًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِى الشَّيْطَانُ أَىْ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَمَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِأَذًى، مُدْبِرًا أَىْ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ، لَدِيغًا أَىْ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».
وَرَوَى التِّرْمِذِىُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ «اللَّهُمَّ جَنِّبْنِى مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ». وَالأَدْوَاءُ جَمْعُ دَاءٍ وَهُوَ الْمَرَضُ.
وَرَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» وَفِى رِوَايَةٍ «وَضِلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». وَمَعْنَى ضِلَعِ الدَّيْنِ أَىْ شِدَّتِهِ وَثِقَلِ حَمْلِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِى صَلاتِى قَالَ «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِى إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِىُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَشَتَّى الأَسْقَامِ». الْبَرَصُ دَاءٌ جِلْدِىٌّ مَعْرُوفٌ، وَالْجُذَامُ مَرَضٌ يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَيُسْقِطُهُ. وَشَتَّى الأَسْقَامِ أَىْ مُخْتَلَفِ الأَمْرَاضِ.