دَرْسٌ أَعْطَاهُ الشيخُ عبدُ الله الهرريُّ رحمهُ اللهُ تعالى رحمة واسعة فِي بَيْتِه فِي بُرْج أبي حَيْدَرٍ فِي شَهْر شَوَّالٍ سَنَةَ ثمان وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق لثالث عشر من شهر تشرين الأول الموافق لسنة سبع وألفين رومية لطلاب عِلمٍ مِن قِسم الدّراسات الإسلاميّة فِي الجامعة العالَمِيَّة وهو فِي مسائلَ من علم العقائد.
رحَّب الشّيخُ عبدُ الله بنُ محمّدٍ الهرريّ رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً بطلاب العلم الشّرعيّ قائلًا:
فِي سُنَن ابن مَاجَهْ أنَّ أبا سَعيدٍ الخُدْرِيّ كانَ إِذَا أتاهُ مَنْ يَطْلُبُ الحَدِيثَ قَالَ مَرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله”اهـ. مَعْنَاهُ: الرَّسُولُ r أَوْصانا بِتَعْظِيم طُلَّاب العِلْم وَلِذَلِكَ أُرَحّبُ بِكُمْ.
ثمَّ قالَ: الحمدُ لله وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى رَسُول الله وَعَلَى ءَالِهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَفْضلَ الأْعْمَال مَعْرفَةُ الله، وَمَعْرِفَةُ الله تَكُونُ بِالتَّنْزِيه، أَي: بِاعْتِقَاد أَنَّهُ مَوْجُودٌ لا كالـمَوْجُودَات. الموْجُودَاتُ سِوَى اللهِ تَعَالَى حادِثاتٌ كانَتْ مَعْدُومَةً ثم وُجِدَتْ بِإِيجاد الله ليس بالطَّبيعة ولا بِالعِلَّة كما تَقولُ الفلاسِفَةُ. ابنُ سينا كافِرٌ وَالفارَابِي كافِرٌ وابنُ رُشْدٍ الحفيدُ صاحبُ بِداية المجْتهد كَافِرٌ هؤلاء يقال لَهُم الفلاسفةُ الإسلاميّونَ؛ لأنَّهم يدَّعون الإسلامَ ويظنُّونَ بِأَنْفُسِهم أَنَّهُم مسلمونَ وكانُوا قبل أن يدرسوا الفلسفةَ مسلمينَ. بعض من كان مُفتِيًا فِي سوريّة أخذَ اسم المفتِي بواسطة عملٍ عَمِلَهُ ولم يكن عالـمًا قال مرَّةً الإسلامُ يأمرُ بكذا الإسلامُ يأْمرُ بكذا الإسلامُ يأمرُ بالفلسفة وهو لا يعرفُ معنى الفلسفة الأصليَّة، الفلاسفةُ يقولونَ: وجودَ الله اقْتَضَى وجودَ العالم كما يَقولُ محمدُ سعيدٍ البوطي اللهُ عِلَّةُ العالم فكفروا بهذا، والذينَ قالوا منهم العالـمُ وُجِدَ بالطّبيعة كفّارٌ أيضًا. الفلاسفةُ تقول: اللهُ عِلَّةٌ لِوجُود العالم، معْناهُ: العالـمُ حَدثَ بوجود الله ليس اللهُ خلقهُ بِاخْتِيارِه إنَّما وجودُ الله اقْتَضَى وجودَ العالم وهذا كفْرٌ. وءاخَرُونَ يقولونَ العالم وُجِدَ بالطَّبيعة وهذا كُفْر. الحَقُّ أن اللهَ أَوْجَدَ العالـمَ بمشيئتِه وَاخْتِيَارِه.
ثم إن اللهَ تعالى ليسَ جَوهرًا ولا عرضًا. الجوهرُ حَجمٌ لا يَقْبَلُ القِسْمَةَ لا بِالتَّقْدِيرِ وَلا بِالتَّحْقِيق لا تَرَاهُ العيونُ مِنْ قِلَّتِه. اللهُ ليس هذا وليس جسمًا. إذا اجْتمعَ جَوْهران فأكثرُ يَصيرُ جِسْمًا، اللهُ ليس جوهرًا وَلا جسمًا، ليس شيئًا لهُ مِقدارُ أي مِقياسٌ وهَذا معنى قولِه تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَه بِمِقْدَارٍ} [سورة الرعد: 8]، مَعْنَاهُ كلُّ المخلوقات لهَا مِقْدَارٌ، أي: مقياسٌ. الصَّغِيرُ والكبيرُ، اللهُ لا يجوزُ أن يكونَ لَهُ مقياسٌ كبيرٌ بِقَدر العالم ولا مِقْيَاسٌ أكبر من العالـمَ. كل شيءٍ له مِقياسٌ يحتاجُ إلى شيءٍ خَصَّهُ بذلك المقياس لذلك لا يجوزُ على الله أن يكون له مقدارٌ. بعضُ أهل التوحيد يُعَبّرُونَ عن هذا بقولهم: اللهُ موجودٌ ليس له كميَّةٌ ولا كيفيَّةٌ. الإيمانُ فيه إثباتٌ وتنزيهٌ، التَّنْزِيهُ نَفِي التَّشْبِيه، نَفِي التَّشْبِيه يقالُ له التَّنْزِيهُ أما الإثباتُ فهو اعتقادُ أن اللهَ موجودٌ وأنه أَزلِيٌّ أَبَدِيٌّ وأن صفاتِه أزليةٌ أبديَّةٌ فلا تقومُ به صفةٌ حادثةٌ.
النّورُ ما كان مَوجودًا والظَّلامُ ما كان مَوجودًا قبل أن يخلُقَهُما اللهُ. قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [سورة الأنعام: 1] هذه الآيةُ معناها أن السَّمـٰوات والأرضَ كانت معدومةً والنُّورَ والظّلامَ كانا معدومَين ثم خلقها اللهُ تعالى، معناهُ: لا يكونُ اللهُ نورًا ولا ظلامًا ولا ريحًا ولا غير ذلك من الأجسام اللَّطيفة. ومع ذلك يُسمّى اللهُ النُّورَ، النُّورُ إذا أُطلِقَ على الله، معناهُ: الـمُنيرُ هو أنارَ السّمـٰوات السّبع، القمرُ وَجْهُهُ إلى السماء وَقفاهُ إلينا، {اللهُ نُورُ السَّمَـٰواتِ وَالْأَرْضِ} [سورة النور: 35] تَفسيرهُ مُنَوّرُ السّمـٰوات والأرض ليس معناه الضّوءَ. الضّوءُ والظّلامُ مخلوقان قَرينان هذا حادثٌ وهذا حادثٌ وإن كان الضَّوءُ أنفعَ لِلخلق.
عليكم بإِتقَان عِلْم التَّوْحِيد.
الوهابي وكل من يَعْتَقِدُ أَنَّ اللهَ جِسْمٌ لَطِيفٌ أو كَثِيفٌ كَافِرٌ. أبو الحَسَن الأَشْعَرِيُ قَالَ هَذا فِي كِتَابِ النَّوَادِر، والشَّافِعيُّ قَالَ الـمُجَسّمُ كَافِرٌ.اهـ.
كُتُبُ ابن حجرٍ الـمَكّيّ احذرُوا ما فيها منَ الكلام المخالف وكذلك كتابٌ اسمه «القواعد» مَذْكُورٌ فِيه: أن العامّيَّ الذي يعتقدُ أن اللهَ فِي جِهَةٍ لا يكفرُ. هذا غلطٌ، من قال: إن اللهَ حالٌّ فِي جِهَة السّماء أو العرش كَافِرٌ لأنهُ جعلهُ جِسمًا. كل شيءٍ يَحُلُّ فِي جهةٍ جِسْمٌ. النُّورُ يَحُلُّ فِي الأَرْض ثم يَذْهَبُ وَيَأتي الظَّلامُ مَكانَهُ.
ثم إن اللهَ تعالى ليس له بِدَايةٌ وصفاتهُ ليس لها ابتداءٌ لا يوجدُ من هو هكذا إلا اللهُ فإن الله تبارك وتعالى لما كان أزليًّا ليس لوجوده ابتداء وجب أن تكون صفاتهُ كذلك أزليَّةً أبديَّةً لا تنقطع. قال أهل التّوحيد من أهل السُّنَّة: قُدرتُهُ قدرَةٌ واحدةٌ أزليَّةٌ أبديَّةٌ، ومشيئتهُ كذلك مشيئةٌ واحدةٌ أزليَّةٌ أبديَّةٌ، وسمْعُهُ كذلك سَمْعٌ واحدٌ أزلِيٌّ أبدِيٌّ لا يَنقطعُ ولا يَتجدَّدُ؛ بل هو دائمٌ، وبصرُهُ بصرٌ واحدٌ أزلِيٌّ أبديٌّ كذلك عِلْمُهُ عِلْمٌ واحدٌ أزلِيٌّ أبديٌّ لا يزيدُ ولا ينقصُ، كذلك كلامه كلامٌ واحدٌ؛ لأنّه ليس حرفًا ولا صوتًا. الحرفُ والصوتُ لهما ابتِدَاءٌ وانتهَاءٌ فهما حادثان. الكُتُبُ الأربعةُ ليس الله قرأها بهذه اللُّغَات إِنَّما كَتَبَها فِي اللّوح المحفُوظ أمرَ القلمَ فجرى بقُدْرَتِهِ عَلَى اللَّوْح المحفوظ فكتب وأمرَ جبريل أن يُنزلها على هؤلاء الأنبياء. القرءانُ يقال له كلامُ الله ولا يجوزُ أن يقال مخلوقٌ لأنّهُ يوهمُ أن كلام الله الذّاتيَّ مخلوقٌ حادثٌ.
في القرْن الثّاني امتُحِنَ المسلمونَ، علماء دعوا إلى القول بأن القرءان مخلوقٌ([i]) فمنهم من امتنع ومنهم من أجاب خوفًا من القتل. أحمد بن نصرٍ الخزاعيّ من أكابر علماء الحديث t طلب فقيل له قل القرءانُ مخلوقٌ فقال لا أقولُ فَقطعَ رأسهُ ورفعَ على رمح وَوُكّلَ به من يجعله مستدْبِرَ القِبْلَة فالرّأسُ فِي اللَّيل كان يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ وَيقرَأُ القرءان.
أما عندَ التّعلِيم فيجوزُ أن نقولَ القرءانُ بمعنى اللّفظ الـمُنزَّل على سيدنا محمدٍ مخلوقٌ ليس من تأليف جبريلَ ولا سيدنا محمد حتى لا يُتوهَّمَ أن كلامَ الله الذَّاتِيّ حرفٌ وصوتٌ كما تقول المشبهةُ.
الماتريديةُ والأشعريَّةُ مُتّفقونَ على أن اللهَ لا تقومُ به صفةٌ حادثةٌ. أبو حنيفةَ قال من شكَّ فِي أن صفةَ الله حادثةٌ أو قديمةٌ كافرٌ ومن توقّفَ كذلك كافرٌ.اهـ. وقال أيضًا نحن نتكلَّمُ بالآلات والحروف واللهُ يتكلَّمُ بلا ءالَةٍ ولا حرْفٍ.اهـ. وَحْدَةُ الكَلام تَخفَى على كثيرٍ من النّاس وهي مجْمَعٌ عليها. أبو علِيّ السَّكُونِي من علماء إشْبِيليةَ مات سنةَ سبعمائةٍ وسبعَ عشرَة قال: وَحْدَةُ الكَلام مُجْمَعٌ عليهَا.اهـ. معنَاهُ: لا خِلافَ بينَ أهل السُّنَّة أنَّ كلامَ الله واحِدٌ لأنَّهُ ليس حرفًا وصوتًا. اللهُ يَستحيلُ أن يتكلَّمَ بحرفٍ وصوتٍ؛ لأن الحرفَ والصَّوت لهما ابتداءٌ وانتهَاءٌ. التّكلُّم بِحرفٍ وصَوتٍ صِفتنا صِفَةُ الإِنس والجِنّ والملائكة أما كلامُ الله تعالى فليس له ابتِدَاءٌ ولا انتهاءٌ. كذلك قُدْرَةُ الله وسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِلْمُهُ وَكلامُهُ ليس لها ابتِدَاءٌ ولا انتهاءٌ.
أهل السُّنَّة هم الذين بقوا على ما كان عليه الصَّحابةُ. الصَّحابةُ اتَّبعوا الرَّسولَ ثم التَّابعونَ اتَّبعوا الصَّحَابَة ثم التَّابعونَ علَّموا مذهب أهل السُّنَّة أَتباعَ التَّابعينَ وهكذا خلفًا عن سلفٍ وصل إلينا، ثم شذَّ عن ذلك أناسٌ بعضهم فِي زمن سيدنا علِيّ، فرقتان؛ إحداهما: الخوارجُ هاتان خلافُ مذهب أهل السُّنَّة ثم بعد ذلك ظهرت المعتزلةُ. بعض هذه الفرق الشاذّة كُفَّارٌ وبعضُها ليسوا كافرين لكن فسّاقٌ. الرسول u قال: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي إِلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُم فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»([ii]).اهـ. معناه: ما كان عليه الصَّحَابَةُ ومَن تَبِعَهُم وهم أكثر الأُمَّة. أما الاثنتان والسَّبعون فرقَةً فمجموعهُم أَقلُّ من أَهل السُّنَّة. وفي رِوَايَةٍ قِيلَ من هم يا رسول الله قَال: «مَا أنا عليْه وأَصحابي».اهـ. معنى الحديث: أن مَن خالفَ أهل السُّنَّة استحقَّ النّار بعضهم كفَّارٌ يُؤَبَّدُونَ فِي النَّار وَبَعْضُهُم الذينَ لم يبلغوا درجةَ الكفر لا يؤبَّدُونَ فِي النَّار.
ثم إنه قد كثر التَّساهلُ فِي حكْم المجسّم حتى إِنَّ بعض الـمُتأخّرِينَ مثل ابن حَجَرٍ الـمَكِيّ يقولونَ الصَّوابُ تركُ تَكفيرهِم وهذا قولٌ فاسدٌ. أبو الحسن الأشعريُّ قال: المجسّم جاهلٌ بخالقه فهُو كافرٌ بربّه.اهـ. من يعتقدُ أن اللهَ جسْمٌ كثيفٌ أو لطيفٌ هو كافرٌ، لو قال اللهُ جِسْمٌ لطيفٌ كبيرٌ نُورٌ فهو كافرٌ.
ثم بعض الـمُؤلَّفَات لِلمالكيَّة والشّافعيَّة والحَنَفِيَّة والحنابِلَة احذَرُوا ما فيها. فِي ثلاثة كتبٍ لِلْحَنَفِيَّة والحنابِلَة احذَرُوا ما فيها. فِي ثلاثة كتبٍ لِلْحَنَفِيَّة مذكورٌ أنه يجوزُ كتابةُ الفاتحة بالبول والدّم إن عُلِمَ فِي ذلِك شفاءٌ. كتابةُ الفاتحة بالبَول كُفْرٌ. هَذِهِ الكُتُبُ الثَّلاثةُ لِمُتَأخّرِينَ من الحنفيَّة، عند المتقدمين لا وجود لهذا الكلام. كذلك بعْض المالكيَّة قَالَ يَجُوزُ الاستنجاءُ من البَوْل بِالإِصْبَع بَدَلَ الحَجَر.اهـ. وَبَعْضُهُمْ قال يجوزُ الاسْتِنْجاءُ باليد التي فيها خَاتم فِيه اسم الله.اهـ. هذا كُفْرٌ وبعض الشَّافِعِيَّة قال: إنه يجب أكل لحم الضَّأْن مَرَّةً فِي العمُر.اهـ. احْذَرُوا هَذا.
وفي «شرْح حاشية البَيْجُورِي» عَلَى جوهرة التَّوْحِيد نحو ثَمَانِيَة أبياتٍ منسوبةٍ لِلْغَزَالِيّ ءاخِرُ بَيْتٍ منها فيه كفرٌ وهو:
وهو فَوْقَ الفَوْق لا فَوْقَ لَهُ |
| |
| وَهْوَ فِي كُلّ النَّوَاحِي لا يَزُولُ | |
فَوْقَ الفَوْق لَهُ تَأْوِيلٌ، بحَسَب الظَّاهر لا يَصِحُّ لَكِنْ له تَأوِيلٌ. بعضُ الوهّابيّة قال اللهُ بِلا مَكَانٍ لأنَّ اللهَ فَوْقَ العَرْش وفَوْقَ العَرْش لا مَكَانَ.اهـ. هَذَا غَلَطٌ، يُوجدُ فَوقَ العَرش مكانٌ، ثَبَتَ فِي الحَديث أنَّه يُوجَدُ فوقَ العرش كتابٌ. والجزءُ الأخيرُ من هذا البيت وهو فِي كل النَّواحي لا يزولُ هذا كفرٌ، مَعْنَاهُ: اللهُ حَالٌّ فِي كل النَّواحي. هذا الكتاب يدرّس فِي معهد الفتح فِي سوريَّة وفي عدة معاهد أخرى وربما فِي مصر يشتغلونَ بِه أيضًا ولا يَنتبهونَ لهذا الكَلام الذي هو ضِدُّ التَّوْحِيد. هذا الكَلامُ يُنْسَبُ لِلْغَزَالي ولا وجودَ له فِي كُتُب الغَزَالي، وَبَعْضُهُم يَنْسُبُهُ لِلدّيرِينِي وهُوَ مِنْ مَشَايخ الرِفَاعِيَّة الكِبَار وليس له، وبعضهم نسبَهُ لِزَين العَابِدِينَ t وهو كذبٌ عليه.
الفسادُ انتشر فِي كل الدُّنْيَا، اللهُ تعالى يُنْجِي من شاءَ من هذا الفساد.
في مصْرَ أناسٌ مُلحِدونَ دخلوا باسم الأزهر بينَ النَّاس فَأَضَلُّوا بَعْضَ النَّاس كَمَا حَصَلَ هُنَا. فِي سُورِيَّة سَعِيد البُوطِي تخرَّجَ من كليَّة أصول الدين من مِصرَ طلع مُلْحِدًا سمَّى الله عِلَّةً سَمَّى اللهَ واسِطَةً سَمَّى الله مَنْبَعًا سَمَّى الله أَصْلًا. كل هذا كفرٌ. اللهُ لا يُسَمَّى عِلَّةً، العِلَّةُ المرض كيف يسمَّى الله باسمٍ معناه الـمَرض.
ثم أُحَذّرُكم من الوَهَّابِيَّة. وَهَّابِي لَمَّا كُنْتُ فِي الحبشة جاء من مكّةَ أو المدينة نزل عند وهابِي يعرفهُ هناك، ذهبت إليه أخَذت كِتَابَ أبِي حَنيفَةَ الوصية قرأتُ عليه ولقاء الله تَعَالَى فِي الجَنَّة بلا كَيْفِيَّةٍ ولا تَشْبِيهٍ وَلا جِهَةٍ حَقٌّ.اهـ. أحدهما قال هذا فِي الآخِرَة مرادهُ أن الله اليومَ فِي جهةٍ لكن فِي الآخِرَة يكُونُ بلا جهةٍ، وكلهُ تَصْرِيحٌ بأن اللهَ يَتَغَيَّرُ والتَّغَيُّرُ مِنْ صِفَات الخَلْق. مَا أَكْفَرَ الوَهَّابِيَّةَ، الذِي يعرفُ عَقِيدَتَهَا ولا يُكَفّرُهَا هو كافِرٌ.
ثم المسألةُ الأخرى من العقيدة من أهم المسائل الاعتقادِيَّة وهي اعْتِقَادُ أنهُ لا خَالِقَ لِلْجِسْم وَلا لِلأَعْمَال إلَّا الله.
الـمُعْتَزِلَةُ ومن وَافَقَهُم يَعْتَقِدُون أن الإنْسَانَ يَخْلُقُ عَمَلَهُ حركاته وسكناته وَتَفْكِيرَهُ وَقُدْرَتَهُ وَمشِيئَتَهُ، هَذَا كُفْرٌ، اللهُ خَالِقُ كُلّ شيء، الجِسمُ هو خَالِقُهُ والحركاتُ والسُّكُونُ وأعمالُ العباد هو خالقها. العبادُ لا يخلقونَ شيئًا. انتهَى.
والله تعالى أعلم وأحكم.
[i])) أيْ: طُلِبَ منهم أن يقولوا ذلك بمعنى أن الله ليس متصفًا بصفة الكلام؛ بل هو متكلم بمعنى أنه خالق الكلام فِي غيره فعلى هذا المعنى طلب منهم أن يقولوا: القرءان مخلوق، أي: على معنى نفْي صفة الكلام الذاتيّ الذي لا يشبه كلامنا عن الله تعالى.
[ii])) رواه البيهقيّ فِي سننه بَابُ مَا تُرَدُّ بِه شَهَادَةُ أَهْل الْأَهْوَاء.