بيان جواز الاستغاثة بالنّبيّ عليه الصلاة والسلام والردّ على هؤلاء المشبهة المجسمة
بعض الناس يصولون على الناس ويجولون بتكفيريات لا ينجو منها حسب أصولهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتراهم يضعون قواعد مبتدعة تخالف الكتاب والسنة وتخالف ما عليه أهل اللغة العربية، وكل ذلك نصرة لمذهبهم الكاسد، وهؤلاء المشبهة المجسمة أتباع ابن تيمية لا غرض لهم من تلك القواعد الفاسدة التي يتبعونها الا تكفير المسلمين.
فقد روى مسلم في باب صحبة المماليك من صحيحه عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه أنه كان يضربُ غلامه فجعل (اي الغلام) يقول أعوذ بالله، قال فجعل يضربُ فقال (اي الغلام): أعوذ برسول الله، فتركه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله، للهُ أقدرُ عليكَ منكَ عليه)، فأعتَـقَه. انتهى
وفي هذا الحديث دلالة واضحة على جواز ومشروعية التوسل به صلى الله عليه وسلم حيث استعاذ ذلك المملوك بالنبي وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك وأنكر على أبي مسعود ضربه فلما أعتقه أعلمه أنه لو لم يعتقه لعذِّبَ.
ومن شأنه صلى الله عليه وسلم أنه لا يقوم لغضبه شيء إذا انتهكت حرمات الله، فلما لم يزجر ذلك المملوك في قوله (أعوذ برسول الله) ولم يُنكر عليه عُلِمَ أن ذلك جائز.
قال النووي في شرحه على مسلم: عن أبي مسعود أنه كان يضرب غلامه فجعل يقول أعوذ بالله فجعل يضربه فقال أعوذ برسول الله فتركه، قال العلماء لعله لم يسمع استعاذته الأولى لشدة غضبه كما لم يسمع نداء النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون لما استعاذ (اي الغلام) برسول الله تنبه (اي ابو مسعود) لمكانه صلى الله عليه وسلم.
النووي لم يقل ان الغلام كفر لاستعاذته برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال العلامة مرتضى الزبيدي في شرح القاموس: العوذ الالتجاء كالعياذ بالكسر والمعاذ والمعاذة والتعوذ والاستعاذة، عاذ به يعوذ: لاذ به ولجأ إليه واعتصم. وعذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه.
ولم يقل الزبيدي ولا غيره من اهل اللغة والعلم بالعربية ان الاستعاذة عبادة وإن المستعيذ بالنبي مشرك، هذا تكفير للصحابي الذي قال للنبي بحضوره (أعوذ برسول الله) والنبي لم يكفره ولا قال له حرام ولا أشركت ولا كفرت.
قال القرطبي في اوائل تفسيره ما نصه: معنى الاستعاذة في كلام العرب الاستجارة والتحيز إلى الشيء، على معنى الامتناع به من المكروه، يقال عذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه. وهو عياذي أي ملجئي. وأعذت غيري به وعوذته بمعنى (اي بمعنى واحد).
انظر الى قول القرطبي وقبله الزبيدي: عذت بفلان أي لجأت اليه، والله لا يقال فيه لفظ فلان، دل ذلك على ان هذا معروف في لغة العرب.
ثم ماذا يفعلون بالامام احمد بن حنبل؟ هل يكفرونه وقد روى عن الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه أنه قال للنبي وهو بحضرته صلى الله عليه وسلم: ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻛﻮاﻓﺪ ﻋﺎﺩ ﻗﺎﻝ له النبي (هيه، ﻭﻣﺎ ﻭاﻓﺪ ﻋﺎﺩ)؟ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻨﻪ…..الى آخر الحديث، فلو كانت الاستعاذة بالنبي شركا وكفرا هل كان النبي صلى الله عليه يسكت وهو قد أرسله الله لينقذ الناس من الكفر، ثم النبي لا يليق به ان يسكت عن الحرام فضلا عن ان يسكت عن الشرك، اما المجسمة المشبهة نفاة التوسل جعلوا النبي ساكتا عن الحق، هؤلاء طعنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وطعنوا بأصحاب رسول الله رضي الله عنهم.
فالحارث جمع الاستعاذة بالرسول مع الاستعاذة بالله لأن الله هو المستعاذ به في الحقيقة وأما الرسول فمستعاذ به على معنى أنه سبب صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء المجسمة نفاة التوسل يطعنون بالأحاديث النبوية لأنها تنقض عليهم معتقداتهم الفاسدة، هذا حديث “أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري اسناده حسن ونصه:
وقد أخرج قصة عاد الثانية أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الحديث وفيه: فقلت أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد، قال وما وافد عاد وهو أعلم بالحديث، هذا كلام ابن حجر في شرح البخاري، ولم يقل ابن حجر كفر صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، بل مقتضى كلام الوهابية تكفير النبي وأنه مقر بالشرك والضلال والعياذ بالله تعالى.
رزق الله من كتبه ونشره العافية في الدين والدنيا ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم عاجلا وآجلا، آمين.