الأحد ديسمبر 7, 2025

بيان
بطلان قول المعتزلة بخلق العبد فعله،
وأنه كفر

يجب تكفير المعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعاله الاختيارية أي يحدثها من العدم إلى الوجود لأنهم كذبوا قول الله تعالى: {هل من خالق غير الله} [فاطر:3]، وقول الله: {قل الله خالق كل شيء} [الرعد: 16] وءايات أخرى كثيرة وأحاديث عديدة. وهؤلاء المعتزلة هم القدرية الذين سماهم رسول الله ﷺ مجوس هذه الأمة، وهم الذين شدد عليهم النكير عبد الله ابن عمر([1]) رضي الله عنهما وغيره من أكابر الصحابة ومن جاء بعدهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما([2]): «كلام القدرية كفر»، وقال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه للقدري: «إن عدت إلى هذا لأقطعن الذي فيه عيناك»، وكذلك الحسن بن علي بن أبي طالب والإمام المجتهد عبد الله ابن المبارك([3]) فقد حذر من ثور بن يزيد وعمرو بن عبيد الذي كان من رءوس المعتزلة، وقد ألف في الرد عليهم الحسن بن محمد ابن الحنفية([4]) حفيد سيدنا علي بن أبي طالب وكذا الإمام الحسن البصري([5]) والخليفة الأموي المجتهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه([6])، وعلى تكفيرهم كان الإمام مالك فقال حين سئل عن نكاح المعتزلة: {ولعبد مؤمن خير من مشرك} [البقرة: 221]، نقل ذلك عنه أبو بكر بن العربي المالكي([7])، والزركشي في شرحه على أصول ابن السبكي([8])، وكذلك كفرهم إماما أهل السنة أبو منصور الماتريدي الحنفي([9])، وأبو منصور عبد القاهر البغدادي التميمي الشافعي([10]) شيخ الأشاعرة وشيخ الحافظ البيهقي.

وقد قال الإمام الفقيه المحدث اللغوي محمد مرتضى الزبيدي([11]): «لم يتوقف علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة» اهــ. وقال الزاهد الصفار من أكابر الحنفية([12]): «يجب إكفار القدري – أي: المعتزلي – في قوله: إن العبد يخلق أفعال نفسه، وفي قوله: إن الله لم يشأ وقوع الشر» اهــ.

وممن نقل أيضا تكفيرهم الإمام شيخ الإسلام البلقيني ورد عليهم الإمام المتولي في كتابه الغنية في العقيدة وهما من أكابر أصحاب الوجوه من الشافعية والإمام أبو الحسن شيث ابن إبراهيم المالكي، وكذلك الإمام ابن التلمساني الشافعي في كتابه شرح لمع الأدلة لإمام الحرمين وغيرهم، ولم يصح عن إمام مجتهد كالشافعي وغيره القول بترك تكفير هذا الصنف من المعتزلة.

فبعد هذا لا يلتفت إلى ما يخالفه ولا يغتر بعدم تكفير بعض المتأخرين لهم فقد نقل الأستاذ أبو منصور التميمي في كتابه التذكرة البغدادية وكتابه تفسير الأسماء والصفات تكفيرهم عن الأئمة فقال([13]): «أصحابنا أجمعوا على تكفير المعتزلة»([14]). وقوله: «أصحابنا» يعني به الأشاعرة والشافعية.

وما يذكر من العبارات التي تفهم ترك تكفيرهم عن بعض المشاهير كالنووي([15]) فقد يؤول بأن مراده من لم يثبت فيهم ما يقتضي تكفيرهم من مسائلهم لأن منهم من ينتسب إليهم ولا يقول بجميع مقالاتهم فلا يحكم على جميع من انتسب إلى الاعتزال بحكم واحد.

وقول الشافعي رضي الله عنه: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» محمول على من لم تثبت فيهم قضية معينة تقتضي تكفيرهم.

فلا يجوز التردد في تكفير المعتزلة القائلين بأن الله كان قادرا على خلق حركات العباد وسكونهم ثم لما أعطاهم القدرة عليها صار عاجزا عنها، إذ كيف يسوغ ترك تكفيرهم بعد هذا الذي هو صريح في نسبة العجز إلى الله تعالى.

فتبصر أيها المطالع ولا تكن مترددا.

 

 

([1]) صحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان.

([2]) تهذيب التهذيب (6/383).

([3]) تاريخ مدينة دمشق (11/193).

([4]) له رسالة طبعت في بيروت سنة 1977ر.

([5]) أصول الدين (ص307).

([6]) حلية الأولياء (5/346).

([7]) أحكام القرءان (2/802).

([8]) تشنيف المسامع (4/223).

([9]) التوحيد (ص227).

([10]) أصول الدين (ص335).

([11]) إتحاف السادة المتقين (2/135).

([12]) الفتاوى البزازية (6/318).

([13]) أصول الدين (ص337، 341، 342، 343).

([14]) تفسير الأسماء والصفات (ق/191).

([15]) روضة الطالبين (1/355).