السبت سبتمبر 28, 2024

الدرس السابع والثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم

بيانُ الخمرةِ وحكمها ومفاسدها

درس ألقاهُ المحدّثُ الفقيهُ الشيخُ عبد الله بن محمّد العبدري الحبشي رحمه الله وهو في بيانِ الخمرة وحكمها ومفاسدها. قال رحمه الله رحمةً واسعةً:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين.

أما بعد فقد روينا بالإسناد المتصل في صَحِيحَيِ الإمامين البخاري([i]) ومسلم([ii]) من حديث جابرِ بنِ عبدِ الله رضيَ الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ ورسولَهُ حرَّمَ بيْعَ الخَمْرِ والـمَيتةِ والخِنزيرِ والأصنامِ قيلَ أفرأيتَ يا رسول الله شُحومَ الـمَيتةِ تُطْلَى بها السُّفُنُ وتُدْهَنُ بها الجُلودُ ويستصبِحُ بها الناسُ قالَ لا هُوَ حرامٌ اهـ.

هذا الحديثُ الذي اتفق البخاريُّ ومسلمٌ على روايته فيه تحريمُ بيعِ أربعةِ أشياءَ أحدُها الخمرُ والثاني الميتةُ والثالثُ الخنزيرُ والرابعُ الأصنامُ فهذه الأشياءُ الأربعةُ بيعُها حرامٌ بتحريمِ رسولِ الله ثم اتفقَ على ذلك الأئمةُ المجتهدونَ ولم يختلف في هذا الحكم اثنانِ من الأئمةِ بل كلُّهُم مُتَّفِقُونَ على تحريمِ بيع هذه الأشياء الأربعةِ.

فأما الخمرُ فهو ما قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه ما خامَرَ العقلَ([iii]) اهـ أي كلُّ ما أسكَرَ أو غيَّرَ العقلَ معَ فرحٍ وطرَبٍ فهو خمرٌ.

وذلكَ أنَّ ما يُغيّرُ العقلَ ثلاثةُ أنواع الأولُ ما يُعْطِي طرَبًا ونَشْوَةً وهو الخَمرُ والثاني ما لا يُعطِي طربًا لكنه يُفسِدُ العقلَ فهذا لا يُسمَّى خمرًا والثالث ما يُغيّبُ الإحساسَ.

الخمرُ هو ما يُغيّرُ العقلَ ويُحدِثُ في شاربِهِ نشوةً وطربًا وما ليس كذلكَ فلا يُسمَّى خمرًا. هذا هو الخمرُ الذي هو من أكبرِ الكبائرِ أي أكبرُ المحرَّماتِ بعد القتل ظلمًا وعُدْوانًا والزّنَى والرّبا، بعد هؤلاء الثلاثِ الخمرُ هو أكبرُ المعاصي.

وأما ما لا يُحدِثُ طربًا ونشوةً لكنه يفسِدُ العقلَ فإنهُ حرامٌ لكنه ليس في الحُرمةِ بمرتبة الخمر، فهذه المخدّراتُ التي ليس فيها نشوةٌ وطربٌ وعربدةٌ لا تُسَمَّى خمرًا والكلُّ حرامٌ لكن المحرمات بعضُها أشدُّ من بعضٍ، الخمرُ هو أشدُّ هؤلاءِ لذلك جعلَ اللهُ على شارِبها الحدَّ، وهو جَلدُ أربعينَ ويجوزُ أن يبلُغَ به الحاكمُ ثمانينَ.

ووردَ في عقوبة شاربه في الآخرةِ أحاديثُ صحيحةٌ منها ما رواه مسلمٌ من حديث ابن عباسٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ على الله عهدًا لمن شَرِبَ الـمُسْكِرَ أن يَسْقِيَهُ طينَةَ الخَبَالِ قيل وما طينة الخبال يا رسول الله قال عُصارةُ أهلِ النارِ([iv]) اهـ لكنَّ الناسَ الذين لا يعرفون مراتب أحكام الشرع جعلوا الخمرَ الذي هو أشدُّ أقلَّ من غيرِهِ في العقوبةِ بل هم يسمحون ببيع الخمورِ وشُربِها مع أنهم يُشَدِّدُونَ في بعضِ أنواع المخدراتِ التشديدَ البالغَ حتى إن بعضهم كان يقرر حبسَ خمسٍ وعشرينَ سنة على شرب الحشيشة.

هي الحشيشةُ حرامٌ تدخينُها لكنها أقلُّ من الخمر، كانتِ الخمرُ أولَى بتشديدِ العقوبة فيها لكنَّ هؤلاء ما راعَوا الشريعةَ إنما راعَوا ما استحدثوهُ من الأحكام لأنفسهم.

ثم إنَّ الخمرَ يحرُمُ قليلُها وكثيرُها أما ما سِواها من المخدراتِ فإنّ الفقهاءَ أجازوا استعمالَ القَدْرِ الذي ليس فيه ضررٌ كالأفيون فإنه يدخل في المعاجِنِ ويُستعمل بمفرده تداويًا لكثيرٍ من الأمراض، لم يُحرِّموا هذا القدر القليلَ بخلافِ الخمر فإنهم حرّموا القليلَ منه والكثيرَ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما أسكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ([v]) اهـ.

فأما تحديدُ الخمرِ لمعرفةِ حقيقتها حتى يُعرفَ كلُّ ما هو خمرٌ في حكم الشرع بحيث لا يَخرُجُ ما كان خمرًا منَ الخمرِ ولا يدْخُلُ ما ليس منها فيها فهو أنَّ الخمرَ هو الشرابُ الذي إذا شُرِبَ يُسكِر أي يغيّر العقلَ مع نشوةٍ وطربٍ وعَرْبَدَةٍ سواءٌ كان من عصير العنبِ أو من الذُرةِ أو من الشعير أو من الحنطة أي القمح أو من العسل. هذه الأنواعُ من الخمر كانت في الصدْرِ الأول أي كانت في العهد الذي نزلَ فيه تحريمُ الخمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما أُنزلَ تحريم الخمر كانت هذه الأنواع من الخمر معروفةً في بلاد العرب أما خمر الشعير فكانوا يسمونَهُ الـمِزرَ والآن يسمونه البيرة وأما خمرُ العسلِ فكانوا يسمونه البِتْعَ وإلى الآن خمرُ العسل مستعملٌ في الحبشة لأن العسل هناك كثيرٌ، أكثر الخمور هناك خمرُ العسل وخمر الذرة والشعير، وهؤلاء الثلاثةُ هي أكثرُ أنواع الخمر أما خمرُ العنب الذي هو الخمر الأصلية فكان في الجزيرة العربية قليلاً بالنسبة إلى التمر والرُطَب لأن التمر والرطب كان في الجزيرة العربية كثيرًا فكانوا يستعملون الخمرَ منه أكثر مما يستعملون من العنب، العنبُ لا يوجد في الجزيرة العربية إلا في الطائف وأمّا ما سوى الطائف فلم يكن فيها عنبٌ إلا النادر لذلك كان أغلبُ خمرِهم من التمر والرُّطبِ وأما التمرُ فهو معروفٌ يُستعمل كثيرًا وأما الرطب فهو ثمر النخل قبل أن يصيرَ ناشفًا يسمى الرطب ثم بعد أن يصير رُطَبًا يجفف في الشمس فيصيرُ تمرًا وكذلك كانوا يعملون في الجزيرة العربية الخمرَ من البُسْرِ أيضًا. البسرُ هو قبل الرُّطب. من ثمر النخل يكون البُسْرُ ثم الرُّطب ثم التمرُ فكانوا يعملون الخمر من هذه الأشياء الثلاثةِ التي كلٌّ منها ثمر النخل.

فأما متى يصير العصيرُ خمرًا فبيانُ ذلك أنَّ العصير إذا مكث إلى أن يصيرَ فيه نشيشٌ يكون صار خمرًا والنشيشُ هو صوتُ غَلَيانِ العصير، هذا العصير لما يُتْرَكُ فيمكثُ مدةَ ثلاثة أيام في البلادِ الحارة أو سبعة أيام أو أكثرَ من ذلك في البلاد الأقل حرًّا على حسبِ اختلافِ البلادِ والوعاءِ الذي يوضع فيه العصيرُ يصير في هذا الشراب نشيشٌ أي صوتٌ، يَغلِي من غير نارٍ فذلكَ هو مبدأُ الخمرية، قبل هذا النشيش كان حلالاً، كلُّ أنواع الخمور قبل النشيش حلالٌ ثم مِن وقت النشيش يكون خمرًا ثم لا يزال خمرًا محرَّمًا إلى أن تذهب منه قوةُ الإسكار وتصيرُ فيه حموضةٌ حينما تصير فيه حموضةٌ تكون ذهبت قوةُ الإسكار منه أي لا يصلح للإسكار بعد ذلك لو شرب الواحد كميةً كثيرةً لا يصلح فذلك هو الخلُّ، هذا الشرابُ حين يصير فيه حموضةٌ يُسمَّى خلاًّ ويكون طاهرًا حلالًا طيّبًا نافعًا، وقبل الغليان الذي هو النشيشُ كان طاهرًا حلالًا، ثم بعد النشيش يصير خمرًا حرامًا ثم بعد الحموضة يصير خلًّا حلالًا طاهرًا.

هذا الشرابُ الذي يُسمَّى الخمرَ من أيّ نوعٍ كان حكمُهُ أنهُ يحرُمُ بيعُهُ كما يحرُمُ شراؤه. ولا يجوز بيعُ الخمر للكافر ولا هِبَتُهُ ولا أن يُهدِيَ الكافرَ خمرًا كما لا يجوزُ إهداءُ المسلم خمرًا، لا فَرْقَ في ذلك، هذا من كبائر الذنوبِ وهذا من كبائر الذنوب هذا ملعونٌ وهذا ملعونٌ. حتى في البلادِ التي فيها مسلمونَ وكفارٌ والحاكِمُ فيها مسلمٌ لا يجوزُ أن يُعطِيَ فيها الرخصةَ للكفار لاستيرادِ الخمرِ أو تصديره، حتى إنَّ أهلَ الذِّمَّةِ كانوا في الماضي يُمنَعُونَ من إظهارِ بيعِ الخمر، الخليفةُ كان يعاقِبُ مَن أظهرَ منهم الخمرَ وكذلك كانَ يُعاقَب من أظهر بيعَ الخِنزيرِ حيًّا أو بيعَ لحمِهِ، كانوا يُمنَعُون في الوقتِ الذي كانوا فيه ذِمِّيِّينَ. ولقد ذُكرَ لي أن رجلًا يتَّسِمُ بصورةِ أهلِ العلم كان في رحلةٍ إلى بعضِ البلادِ الإسلاميةِ فاسْتُفْتِيَ في جوازِ الرخصة للكفار في استيراد الخمر فأجاب بأنه يجوز أن يُرَخَّصَ لهم، هذا شأنُ مَنْ لا يتقي اللهَ ولا يُبالي إن كفرَ أو أصابَ إنَّما همُّهُ المالُ.

فتلَخَّصَ لنا أنَّ الخمرَ لا يجوزُ بيعُها ولا إهداؤها وكذلك لا يجوزُ أكلُ ثمَنِها فمَنْ أُعْطِيَ من ثمنِ الخمرِ التي بِيعَتْ به الخمرُ شيئًا فعَلِمَ ذلكَ أنه من ثمنِ الخمرِ يقينًا حَرُمَ عليه أن يقبِضَ المالَ لو كان عن دَينٍ له على شخصٍ كافرٍ.

وأمّا مفاسدُها أي المفاسدُ التي توصِلُ إليها الخمرُ فهي كثيرةٌ لا تُحْصَى يكفي في ذلك أنَّها تجرّئُ على الزنى بالـمَحرَمِ وغيرِ الـمَحْرَمِ وتُجَرِّئُ على قتلِ الصديقِ وغيرِ ذلك. رَوَينا في صحيح ابن حبانَ مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ عابِدًا من العُبَّادِ فيمن كانوا قبلَ هذه الأمةِ عَشِقَتْهُ امرأةٌ فبَعَثَتْ إليهِ ليَأتِيَها إلى دارِها للشهادةِ قالت ائْتِنا لِتَشْهَدَ لنا شهادةً فحضرَ فكانَ كلَّما دخلَ بابًا أغلِقَ هذا البابُ دونَهُ حتى وصل إلى امرأةٍ جميلةٍ عندها غُلامٌ ووِعاءُ خمرٍ فقالت له إنَّا لم نَدْعُكَ لشهادةٍ ولكن دَعَوتُكَ لتقتلَ هذا الغلامَ أو تقعَ عليَّ أو تشرب من هذا الخمر فإنْ أبَيتَ فضَحْتُكَ فأبَى ورأى أنَّ شُرْبَ الخمر أخفُّ عليه فشرب فاستزادَ حتى سَكِرَ فوقعَ عليها وقتلَ الغلام([vi]).

ومن مفاسدِ الخمر ما رويناهُ بالإسنادِ الصحيحِ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه قال كان المجوسُ لهم كتابٌ وعِلْمٌ يدْرُسُونَهُ ثمَّ إنَّ مَلِكَهُم شربَ الخمرَ فسَكِرَ فوقعَ على أختِهِ ثم لما صَحَا تكلَّمَ في ذلكَ بعضُ الناس الذينَ شعروا بما وقع منه فجمعَ الناسَ فقال لهم أترغَبونَ عن سُنَّةِ أبيكُم ءادمَ كان يُزَوِّجُ بَنيهِ من أخواتِهِم فأطاعهُ قسمٌ وخالَفَهُ قسم فقتل الذين خالَفُوهُ فرُفِعَ كتابُهُم([vii]) اهـ كانوا مسلمين وكان لهم كتابٌ سماويّ، لكنهُ بسبب الخمر طغى مَلِكُهُم، فزنى بأختِهِ فأرادَ أن يمشيَ هذا الأمرُ أي زواجُ الأخ بأخته في رَعِيَّتِهِ فاحتالَ عليهم فموَّهَ بقوله إن ءادم كان يُزوِّجُ بنيه من أخواتِهِم فلمّا حصل ذلك أُسرِيَ بكتابهم أي رُفعَ ذلك الكتابُ من بينهم فصاروا يعبدون النار ويقولون إنَّ العالـمَ بتدبيرِ النورِ والظُّلمةِ وأحيانًا يقولونَ الخيرُ بخلقِ الله والشرُّ بخلق الشيطان، يقولونَ الشرُّ أي المعاصي بتدبيرِ الشيطان يكونُ ليس بخلق الله، يقولون الله ليس خالقًا للشرّ إنما الشرُّ يوجد بخلق إبليس بخلق الشيطان فصاروا كَفَرَةً يعبدون النار ويتزوجون أخواتهم، إلى يومنا هذا يتزوجون أخواتِهِم، بل يتزوجون بناتِهم. هذه المفسدةُ سبَبُها الخمرُ فكيف تتساوى الخمرةُ والحشيشةُ. الخمر مفتاح كلّ شرّ كما جاءَ في الحديث لكن الناس الذين تركوا شريعة الله يُحَبَّبُ إليهم مُحدثاتُ الأمورِ أي الأمور التي يستحدثها الناس من أفكارهم الناقصة تُحَبَّبُ إليهم لأنهم ابتعدوا من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم فلمَّا ابتعدوا من سنةِ الرسول صلى الله عليه وسلم حُبِّبَ إليهم أن يعملوا شرائعَ من عند أنفسهم مثل هذه الخصلة أنهم يسمحون ببيع الخمور ولا يُعاقبون شاربيها ويُعذّبونَ شارب الحشيشة خمسًا وعشرين سنة. الحشيشةُ وإن لم تكن من الصغائر بل من الكبائر لكن بينها وبين شرب الخمر فرق كبير.

أما خمرة الشعير التي يسَمُّونها البيرة فالفرق بينها وبين خمر العنبِ أن خمرَها أي خمرَ الشعير طبعُها باردٌ أما خمر العنب فطبعها حارٌّ، خمرةُ الشعير تُروي العطشان كذلك خمرة الذرة تُروي العطشانَ وأما خمرة العنب فإنها تزيدُ العطشان عطشًا ولا تُرويه لذلك لا يجوز للإنسان الذي دبَّ به العطش أن يشرب خمرَ العنب وما في معناها لأنَّ الخمورَ التي طبعُها حارٌّ لا يجوزُ شُربُها للعطشان مهما بلغ به العطشُ لو خاف أن يموت من شدة العطش لا يجوز أن يشرب خمرة العنب لأنها لا تزيده إلا عطشًا فلِأيّ فائدةٍ يشربها ليس فيها فائدةٌ للعطشان. العطشان يجوز أن يشرب من خمر الشعير وخمر الذرة القدرَ الذي يُنقِذُ به نفسه.

أما التداوي بالخمر فقد اختلف العلماء في ذلك فقال بعضٌ منهم لا يجوزُ التداوي بالخمر إنْ وجدَ ما يقوم مقامها من الأدوية الطاهرة وإن لم يَجِدْ دواءً طاهرًا وهذا أحدُ القولين للأئمة وهناك قولٌ ثانٍ أنه يجوز التداوي بها إذا أخبره طبيبٌ مسلمٌ ثِقةٌ بأنه ليس له دواءٌ إلا هذه الخمرة قالوا في هذه الحالة يجوز له أن يتداوَى بها إذا أخبره طبيبٌ مسلمٌ ثقةٌ ليس من هؤلاء المسلمين الذين لا يُبالون إنْ غَشُّوا الناس أو نصحوهم إنما إذا أخبره طبيبٌ مسلم ثقة أي دَيّنٌ يعرف الحلال والحرام قالوا يجوزُ أن يتداوَى بها في هذه الحال أي إذا لم يجد دواءً ءاخرَ طاهِرًا يتداوَى به.

أمَّا الميتةُ فهي ما زالت حياتُها بدون ذكاةٍ شرعيةٍ كالبهيمة التي تموتُ بمرضٍ أو البهيمةِ التي يذبحُها مَن لا تَحِلُّ ذبيحَتُهُ كالدرزيّ والمجوسيّ والشُّيوعيّ وغيرِ ذلك.

الشيوعيُّ الذي يقول نظامُ الإسلام غيرُ صحيح إلا نظام الاشتراكية هذا الشيوعيُّ الكافرُ لا تجوزُ ذبيحَتُهُ ولا يجوز إنكاحُهُ المسلمةَ فلذلك البلادُ التي كان المسلمون فيها كثرةً ثم انقلبوا شيوعيةً أو لم يبقَ فيهم من المسلمين إلا القليلُ اللحومُ التي تَرِدُ من تلك البلاد لا يجوزُ أكلُها ولا بيعها ولا شراؤها لأنها ميتةٌ فالتي تموتُ من غير ذبحٍ والتي تموتُ من ذَبْحِ هذا الشيوعيّ أو الدرزيّ كلٌّ مَيتةٌ هذا ميتةٌ وهذا ميْتَةٌ.

أما إذا علِمنا أنَّ هناكَ شركةً أصحابُها مسلمونَ ويذبَحُونَ الذبائحَ على الطريقة الشرعية الإسلامية إذا عَلِمْنا ذلك يجوز أن نأكلَ منها أما إذا لم نعلم وكان الأمرُ مُشْكِلاً علينا هل ذبحت الذبائح على الطريقة الشرعية الإسلامية أو لا فلا يجوز أن نأكلَ من تلك اللحوم. أما ما يذبحُهُ المسلمُ بالطريقة الشرعية فهو حلالٌ وكذلك ما يذبحه النصرانيُّ أو اليهوديُّ مع كونهما كافرَين فإنه يجوز أكلُ ذبائحهما لأنَّ الله تعالى رخَّصَ لنا في ذلك مع كُفْرِ الفريقين اليهودِ والنصارى فالله تعالى أحلَّ لنا مع كفرهم أن نأكلَ ذبائحَهم إنْ ذبَحُوها من غير ذِكرِ اسم المسيح ولا الصليبِ أي إذا لم نعلم هل سُمِّيَ اسمُ المسيحِ أو سُمِّيَ اسمُ الله يحِلُّ لنا أن نأكلَ منها وأما إنْ علِمنا أن الذابحَ قال باسمِ الصليبِ عند الذبحِ فعندئذٍ نعتَبِرُها مَيتَةً لو كانت كيفيَّةُ ذبحِهِ كذبحِ المسلمين وهو أن يقطعَ مَجرَى النفسِ ومَجرَى الطعامِ والشرابِ بشيءٍ له حَدٌّ. فذبيحةُ النصرانيّ إنما تحرُمُ إذا سُمِّيَ المسيحُ أو الصليبُ.

انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم

[i])) رواه البخاري في صحيحه بابُ بَيْعِ الـمَيتةِ والأصنامِ.

[ii])) رواه مسلم في صحيحه باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.

[iii])) رواه البخاري في صحيحه بابُ قولهِ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والـمَيسِرُ والأنصابُ والأزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطانِ﴾، ورواه مسلم في صحيحه باب في نزول تحريم الخمر.

[iv])) رواه مسلم في صحيحه باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام.

[v])) رواه ابن حبان في صحيحه باب ذِكر الخَبَرِ المُدحضِ قولَ مَنْ أباحَ شُرْبَ القليلِ منَ المُسكِرِ ما لم يُسْكِرْ.

[vi])) رواه ابن حبان في صحيحه في ذكر ما يجب مجانبته من الخمر على الأحوال.

[vii])) رواه عبد الرزاق في مصنفه باب أخذ الجزية من المجوس.