براءة أهل التصوف من عقيدة الحلول والوحدة المطلقة
يقول الله تبارك وتعالى: {ومَن أظلمُ ممَّنِ افترى على اللهِ كذبًا} [سورة الأنعام].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد”. رواه البخاري.
اعلم ثبتك الله على الحق أن الغلو في الدين ممنوع، والغلو مجاوزة الحد، ومن الغلو ما هو كفر وخروج عن الملة المحمدية كادعاء بعضهم أنه لا يحصل شيء في العالم إلا بتصرف الشيخ نعوذ بالله من الكفر.
واعلم أن الانحراف عن الإسلام بدعوى التصوف غير مقبول، وقد رفضه أشياخ هذه الطائفة الكريمة، فقد حذروا مرارًا وتكرارًا من المنحرفين القائلين بوحدة الوجود والقائلين بالحلول والمغالين في المشايخ إلى حد مخالفة الشرع الحنيف.
وقد ابتليت طوائف من الناس بعقائد فاسدة مضلة ليست من الإسلام في شيء، ودخلت باسم الدين ليهون على أصحابها المارقين التلبيس على الأمة في عقائدها، ومن أخطر هذه الفئات القبيحة بكفر طائفة استفحل شرها تدَّعي أنها صوفية وتسمي نفسها بطائفة التصوف الإسلامي وما أبعدها عن التصوف، وما أبعدها عن الإسلام وهم أهل الحلول والوحدة المطلقة.
وذلك لأن عقيدة السادة الصوفية الحقيقيين الصادقين غير المدعين المارقين هي التمسك بعقيدة المسلمين والأمر بالواجبات واجتناب المحرمات والتزام نهج الصالحين وعدم التعلق بالدنيا والإقبال بهمة على الآخرة واتباع مسلك الزاهدين.
وإنه يحزّ في أنفسنا ما نرى وما نسمع من أدعياء التصوف الذين شوهوا سمعة الطرق الصوفية، وادعائهم الولاية والمقامات والأحوال ودرجة القطبية والإرشاد، وافترائهم على المشايخ الأجلاء، بكلام جُلُّه افتراء، كافترائهم على الشيخ محي الدين بن عربي والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي يزيد البسطامي وغيرهم من أئمة الدين وأعلام المسلمين وسادة الصوفية الصادقين، والكثير من هؤلاء الأدعياء ارتدوا عن الدين لزندقتهم وانغماسهم في مستنقع القول بالحلول والزندقة ووحدة الوجود المطلقة التي حاربها السادة الصوفية وأعلنوا براءتهم ممن يقول بها وفي هذا يقول السيد الشريف أحمد الرفاعي الكبير: “كل طريقة خالفت الشريعة فهي زندقة”.
فلا يغرنك كل مدَّع للتصوف والطريقة وهو يقول بالحلول والوحدة المطلقة فهو زنديق على الحقيقة لما في فعله من ضرر على نفسه وعلى الخليقة.
واعلم أن كثيرًا من الناس يذمون طرق الصوفية جهلًا وتعنتًا فلا أولئك نجوا ولا هؤلاء أنفوا إنما يذم من حاد عن الشريعة واتخذ الباطل هواه سبلًا.
وإننا نذكر في هذا الموضع ما ورد نسبته إلى بعض الأكابر من الافتراءات مما لا يليق بهم ولا بأمثالهم مع بيان فساد معتقد مدعي التصوف القائلين بالحلول والوحدة المطلقة.
كذلك التنبيه والتحذير من بعض ما افتراه هؤلاء على أهل التصوف من أقوال وأفعال مخالفة لمنهج القوم الموافق لطريق السنة المخالف للبدعة.
وقال الشيخ أحمد الرفاعي: “لفظتان ثلمتان في الدين القول بالوحدة، والشطح المجاوز لحدّ التحدث بالنعمة”.إ.هـ.