الجمعة مارس 29, 2024

(أَيْ الـمـجرور وَسـميَ بِذلِكَ لأنَّكَ تَخْفِضُ اللسان عِنْدَما تَنْطِقُ بِهِ)(الـمـخفُوضَاتُ ثَلاثَةٌ مـخفُوضٌ بِالـحرْفِ) (جاءَ مِنَ البيْتِ، مـخفُوض بِحَرف الذي هُوَ مِنْ) نـحو: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ (وَمـخفُوضٌ بِالإِضَافَةِ) نـحو: جاءَ غُلامُ زَيْدٍ (لأَنَّكَ أَضَفْتَ غُلام إلى زَيْد، زَيْد مُضاف إلَيْه أُضِيفَ إلَيْهِ غُلام فَخُفِضَ) (وَتَابِعٌ لِلـمـخفُوضِ) نـحو: مَرَرْتُ بِزيدٍ العالـم (العالـم نَعْت لِزَيْد وَزَيْد مـجرور فَهُوَ مـجرور) وعَمْروٍ وَبِزَيْدٍ نَفْسِهِ وَبِزيْدٍ أَخيكَ (عَطْف وَتَوْكِيد وَبَدَل)، وَكَلامُهُ يُوهِمُ أَنَّ التّابِعَ مـخفُوضٌ بِالتَّبَعِيَّة والصَّحِيحُ أَنهُ مـخفُوضٌ بِما جَرَّ الـمتْبُوع (فَهُوَ مـخفُوض بِالذي خَفَضَ الـمتْبوع وكَأَنَّكَ تَقُولُ مَرَرْتِ بِزَيْدٍ مَرَرْتُ بالعالـم)، إِلّا البَدَل فَعَلَى نِيَّةِ تَكْرارِ العامِل، فلـم يخْرجِ الـخفضُ عَنِ الـخفْضِ بالـحرفِ أوِ بِالـمضافِ (فالأَصْل أنَّ المـخفوضات اثنان. أما التَّبَعِيّة فليست هِيَ التي تخفِضُ. مثلا جاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، هُنا عَمرو ليس مجرورا، وهو تابِع لِزَيْد. فالتَّبَعِيَّة بِحَدِّ ذاتِها لا تُوجِبُ الـجرّ. رَأيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا هُنا مَنْصُوبَة فَإذًا الذي خَفَضَ التّابِع هُو الذي خَفَضَ الـمتْبوع إِلا بالبَدَل على نِيَّة تَكْرارِ العامِل). (فَأَمّا الـمـخفُوضُ بِالـحرْفِ فَهُوَ مَا يُخْفَضُ بِمِنْ وَإِلَى) نـحو: سِرْتُ مِنَ البَصْرةِ إلى الكوفة (وَعَنْ) نـحو: رَميْتُ السَّهم عَنِ القَوْسِ (وَعلى) نـحو: رَكِبْتُ على الفَرَسِ (وفي) نـحو: الـماءُ في الكَوْزِ (ورُبَّ) نـحو: رُبَّ رَجلٍ كريـم لَقِيتُهُ (والباءُ) نـحو: مَرَرْتُ بِزيدٍ (والكافُ) نـحو: زَيدٌ كالبَدْرِ (واللام) نـحو: الـمالُ لِزَيْدٍ (وحُروفُ القَسـم وهي: الواوَ والباءَ والتّاء) نـحو: واللهِ وباللهِ وتاللهِ (وَ بِـمُذْ وَمُنْذُ) (مِنْ حُروفِ الـجرّ) نـحو: ما رَأَيْتُهُ مُذْ أَوْ مُنْذُ يَوْمِ الـجمعةِ، فَما نافِيَة، ورأيتُهُ فِعلٌ وفاعِلٌ ومَفعولٌ، ومُذْ ومُنذُ حَرفا جَرٍّ ويَومِ مـجرورٌ بـمذْ أو منذُ، والـجمعةِ مضافٌ إليهِ. (وَأَمَّا مَا يُخْفَضُ بِالإِضَافَةِ فَنـحوَ قَوْلِكَ: غُلامُ زيدٍ) فإذا قُلْتَ مثلاً: جاءَ غُلامُ زَيدٍ فجاءَ فعلٌ ماضٍ، وغُلامُ فاعل، وزيدٌ مُضافٌ إلَيْهِ، وَهُوَ مـجرورٌ بالـمضافِ وهُوَ غُلام، وكَلامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مـجرُورٌ بالإضافةِ وهذا قَوْلٌ ضَعِيفٌ والصحيحُ أنهُ مـجرورٌ بالـمضافِ (كَأنّ الإضافَةَ هِيَ التي تَجُرّ. حَقيقَةً الـمضاف هُوَ الذي جَرَّ الـمضاف إلَيْهِ. مرَرْتُ بِغُلامِ زَيْدٍ. غُلام هُوَ الذي جَرَّ زَيْد). (وهُو عَلى قِسـميْن) يعني أنَّ الإضافَةَ تَنْقَسـم إلى قِسـميْن تارةً تًكونُ على مَعنى اللام وتارَةً تكونُ على معنى مِنْ وَأَشارَ إلَيْهِما بِقولِهِ: (ما يُقَدَّرُ بِاللامِ نـحو: غُلامُ زَيدٍ) أي غُلامٌ لِزَيدٍ (وَما يُقَدَّرُ بِمِنْ نـحو: ثُوْبُ خَزٍّ وَبابُ ساجٍ وَخاتَمُ حَدِيد) أيْ ثَوبٌ مِنْ خَزٍّ وبابٌ مِنْ ساجٍ وخاتَمٌ مِنْ حَدِيد (وَما أَشبَهَ ذلك) مِن أمثلةِ القِسـميْن، وضابِطُ الإِضافَةِ التي تَكُونُ على مَعنى مِنْ أنْ يكونَ الـمضافُ إلَيهِ جِنْسًا للـمضافِ (مَثلًا الـخاتَم مِن جِنْسَ الـحدِيد) فَتَكُونُ مِنْ لِبَيانِ الـجنْس؛ وَبَقِيَ قِسـم ثالِث تَكونُ الإضافةُ فيه على معنى في وهو أن يكونَ الـمضافُ إلَيهِ ظَرفاً للـمضافِ نـحو ﴿تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [سورة البقرة/226] (تَرَبُّصُ مُضاف أَرْبَعَةِ مُضاف إلَيْهِ والتّقدِير هُنا تَرَبُّصٌ فِي أربَعَةِ أشْهُر لأنه على مَعْنَى الظَّرْف وبالغالِب تَكونُ بِمَعنَى اللام أَو مِنْ) أَي ترَبُّصُ في أربعةِ أشْهر، فإذا لـم يَكنْ الـمضافُ جِنْساً للـمضافِ إليهِ ولا ظرفاً لهُ فهي على معنى اللام كما قال ابن مالك:

والثانِيَ اجْرُرْ وانْوِ مِنْ أَوْ في إذا      لـم يَصْلـُح إلّا ذاكَ واللامَ خُذا

                  لـما سِوَى ذَيْنِك…

(أَي اجرر الثانِي أي الـمضاف إلَيْه وانْوِي مِنْ يَعنِي يَكونُ التَّقْدِير مِنْ، أَو في إذا لـم يَصْلـح إلا ذاكَ، ويكونُ أَيْضًا على تَقْدِير اللام، وقوله لما سوى ذينك أي ما لا يُقَدَّر فِيهِ مِنْ ولا فِي، يُقَدَّر فِيهِ اللام. هذا معناهُ)

واللهُ سبحانه وتعالى أَعْلـم. جزاكم الله خيرًا لا تنسونا بدعوة صالحة وفقكم الله وإلى الأمام.