هذا حدِيثٌ غرِيبٌ أخرجَه أبو داودَ في أواخِر كتابِ الأدَبِ وهو في ءاخرِ كتابِ السُّنَن، وأخرَجه ابنُ أبِي حاتِمِ في التّفسِير قال حدَّثنا أبِي قال حدَّثنا أبو محمّد اليَماميُّ قال: حدَّثنا النَّضرُ ورِجالُه مُوثَّقون أخرَجَ لهُم مُسلِمٌ لكِن في عِكرِمةَ([7]) مَقالٌ، والنَّضرُ له غرائِبُ، وهذا المتنُ شاذٌّ([8]).
[1])) قال أبو العبّاسِ القُرطُبِيّ في الـمُفهِم (1/345): «أَمَرَ بالانتِهاءِ عن تِلكَ الوَساوسِ والخواطرِ، أي: عنِ الالْتِفاتِ إلَيها والإصغاءِ نَحوَها؛ بل يُعرِضُ عنها ولا يُبالِي بها. وليسَ ذلك نَهيًا عن إيقاع ما وقَع مِنها ولا عن أنْ لا يقَع مِنه لأنّ ذلكَ ليسَ داخِلًا تحتَ الاختيارِ ولا الكَسبِ فلا يُكلَّفُ بِها».
[2])) أي: يُذهِبُ عنه ما يَجِدهُ، والرّواية بضمّ الياء وكَسرِ الهاءِ في «يُذْهِبُ».
قال شيخنا رحمه الله: «في هذا الحديث دواءٌ لِما يُخالجُ كثيرًا من النُّفوسِ ويتحدَّثُ به كثيرٌ من النّاس فيما بينهم. وقد حصَل ما تَحدَّث به رسولُ اللهِ r في الحديث. وقولُهم: «مَن خَلَقَ اللهَ» هو سؤالُ الـمُحال، وذلك أنَّ الذي تَقتضِيهِ البراهينُ العقليّةُ والنُّصوصُ القرءانيّةُ أنَّ صانِعَ العالم يجب أن يكون أزليًّا فيستحيلُ أن يكون للصّانِع خالقٌ، ثمَّ الأزليُّ لا يكون إلّا أبديًّا، أي: أنَّ الذي لم يَسبِقْهُ عدمٌ لا يَلحقُهُ عدَمُ، فبَيْن الخالقيَّة والمخلُوقيَّة اختلافٌ ظاهر. فإنْ كان هذا خُطورًا يخطُرُ في الباب فعلاجُهُ كما أشار إليه هذا الحديثُ أنْ يَنجُو عن هذا بِغَيره، أي: يَشَغلَ فِكرَهُ بِغَيره ويدفَعهُ بما هو الـمُعتقَدُ الصَّحيحُ وليَقُل: ءامَنتُ باللهِ ورُسلِهِ أو ءامنتُ باللهِ وبرُسلِهِ فإنَّ هذا ينفعُهُ في قطع هذا الخاطر. والخاطرُ هو ما لا تملِكُ مَنعَه مِن أنْ يَرِدَ على قَلبِك ويَتميَّزُ بكونه بلا إرادة».
[3])) قال الحافظ النّوويّ في شرح مُسلِم (14/190): «أمّا خِنْزِرٌ فبِخاءٍ مُعجَمةٍ مكسُورةٍ ثُمّ نُونٍ ساكنةٍ ثُمّ زايٍ مكسُورةٍ ومَفتُوحةٍ. ويقال أيضًا: بفَتحِ الخاءِ والزايِ، حكاه القاضي. ويقال أيضًا: بضمّ الخاءِ وفَتحِ الزاي، حكاه ابنُ الأثير في «النهاية» وهو غَرِيب».
[4])) واسمُه عبدُ الحَمِيد بنُ حُمَيدِ بنِ نَصرٍ الكَسِّيّ أو الكَشِّيّ، أحدُ المحدِّثين الّذي روَى عنهُم البُخاريّ ومُسلِمٌ والتّرمذيُّ.
[5])) قال شيخنا رحمه الله: «أَورَدَ ذلكَ لِتَضعِيفِ الحَدِيثِ الّذي بَعدَه».
[6])) قال شيخنا رحمه الله: «هو الأوّلُ، أي: الأزليُّ الّذي لا ابتداء لوُجودِه والآخِرُ، أي: الأبدِيّ الذي لا انتِهاءَ لوُجودِه، والظّاهِر اللهُ تعالى ظاهرٌ من حيث الدَّلائلُ العقليَّةُ الَّتي قامت على وجوهِ وقُدرتهِ وعلمِهِ وإرادتهِ لأنَّه ما مِن شيءٍ إلَّا وهو يدُلُّ دلالةً عقليَّةً على وجود اللهِ كما قال أبو العَتاهية:
فَيا عَجَبًا كَيْفَ يُعصَى الإلهُ |
| أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجاحِدُ |
ومعناها: أنَّ جميع الكائناتِ وحركاتِها وسكناتِها تدُلُّ دلالةً عقليَّةً على وجود اللهِ تعالى وكأنَّها تنطقُ نُطقًا بذلك، فما كان منها نُطقًا كالملائكة والـمُؤمنين من الإنسِ والجِنّ فتلك شهادةٌ حِسيَّةٌ، وأمّا ما لا ينطقُ منها حِسًّا فهي شهادةٌ معنويَّةٌ كأنَّ لسان حالها ينطقُ ويقول: أنا مِن صُنع حكيمٍ عليمٍ قادرٍ مُرِيدٍ مُنزَّهٍ عن النَّقصِ هو اللهُ. والجماداتُ قد تنطقُ بالنُّطقِ الذي يفهمُهُ البَشرُ بالشَّهادة لِوجود اللهِ وتقديسهِ كالطَّعامِ الذي سبَّح في يد رسولِ اللهِ r وكتسبيحِ السُّبحة في يد أبي مُسلِمٍ الخَولانيّ، كان يُسبّحُ بها ثمَّ نام فصارتِ السُّبحةُ تدورُ على ذِراعهِ تقولُ: «سبحانك يا مُنْبِت النَّباتِ ويا دائم الثَّباتِ». رواه الحافظُ أبو القاسم بنُ عساكِر في كتابه تاريخِ دمشق (27/217). ومعنَى دائمِ الثَّباتِ دائمُ الوجود ليس معناه السُّكونَ. وحصل لامرأةٍ في عرسالٍ أنَّها كانت ذاتَ مساءٍ في الكَرمِ فسمِعتِ الكرمَ يقول: اللهُ الله. وأمّا الباطنُ مِن أسماء اللهِ فمعناه على ما قال بعض العُلماء: الذي يَعلمُ حقائقَ الأُمور، وبعضُهم قال: الذي لا تُدركُهُ الأوهامُ، أي: لا تَبلُغُهُ تَصوُّراتُ العباد».
[7])) قال شيخنا رحمه الله: «يعنِي: ابنَ عمّارٍ».
[8])) قال شيخنا رحمه الله: «أقولُ: رَدُّ الحافظِ كافٍ وشافٍ لهذا الـمَقامِ، وهذا صَوابٌ لا يجُوز العُدولُ عنه إلى ما خالَفَه وهو ما في أذكارِ النّوَوِيّ أنّ حدِيثَ أبِي زُمَيلٍ إسنادُه جَيّدٌ، وهذا مِن عُيوبِ هذا الكِتابِ فلْيُحذَرْ، مِن أين له الجَودةُ؟!».
الإشعارات