الأربعاء أبريل 16, 2025

باب ما يَقولُ إِذَا قَلِقَ فِي فِراشِهِ فَلَمْ يَنَمْ

  • عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ رَسولُ اللهِ r إذَا تَضَوَّرَ مِن اللَّيلِ([1]) قال: «لا إلـٰه إلَّا اللهُ الواحِدُ القَهَّارُ([2])، رَبُّ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَما بَيْنَهُما العَزِيزُ([3]) الغَفَّارُ». هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه النَّسائيّ في «الكبرى»، وصحّحه ابن حبّان والحاكمُ وأخرجاه مِن طرِيق يوسفَ بنِ عَدِيّ.
  • عن محمّدِ بنِ يَحيَى بنِ حَبّانَ – بفَتح الـمُهمَلة وتَشدِيد الموحَّدةِ – هو الأنصاريُّ أنّ خالدَ بنَ الوليدِ رضي الله عنه كان يَأْرَقُ مِن اللَّيلِ، فذَكَر ذلكَ للنَّبِيّ r فأمَرَه «أنْ يتَعوَّذَ بِكَلِماتِ اللهِ التّامَّةِ([4]) مِن غَضَبِه وعِقابِه ومِن شَرِّ عِبادِه ومِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وأنْ يَحضُرونِ([5])». هذا مُرسَلٌ صَحِيح الإسنادِ أخرجَه ابنُ السُّنِيّ.
  • عن محمّدِ بنِ يَحيَى بنِ حَبّانَ أنّ الولِيدَ بنَ الوليدِ بنِ الـمُغِيرةِ شَكَا إلى رَسولِ الله r حدِيثَ نَفْسٍ يَجِدُه، فقال: «إِذَا أَوَيْتَ إلَى فِراشِكَ فَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلماتِ اللهِ التّامّةِ» فذَكَره سَواءً وزادَ في ءاخِره: «فَوالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ([6]) لا يَضُرُّكَ شَيءٌ حتَّى تُصْبِحَ». وهذا مُرسَلٌ صحيحُ الإسناد أخرجَه البغَويّ في «مُعجَم الصّحابة» والإمام أحمدُ في «المسنَد».
  • عن ابنِ سابطٍ([7]) قال: أصابَ خالدَ بنَ الوَليدِ أرَقٌ فقال له النَّبِيُّ r: «أَلَا أُعُلِّمُكَ كَلِماتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ نِمْتَ»، قال: «اللَّهُمَّ ربَّ السَّمَاواتِ السَّبْعِ وَما أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الأَرَضِينِ السَّبْعِ وَما أَقَلَّتْ، وَرَبَّ الشَّياطِينِ وَما أَضَلَّتْ، كُنْ جارِي([8]) مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ جَمِيعًا أنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ([9]) أحَدٌ مِنْهُم أَوْ أَنْ يَطْغَى، عَزَّ جارُكَ([10])، وَجَلَّ ثَناؤُكَ، وَلا إلـٰـهَ غَيْرُكَ». هذا مُرسَلٌ صحِيحُ الإسنادِ أخرجَه محمدُ بنُ إسحاقَ السَّرّاجُ.

[1])) قال المناوي في التيسير (2/242): «تَضوَّر بالتّشدِيد تَلَوَّى وتقَلَّبَ في فِراشِه».

[2])) قال شيخنا رحمه الله: «اللهُ تعالى وَصَفَ نَفْسَه بأنه قهّارٌ فأثبَت لِنَفْسِه القَهَر، فإذا قُلنا: على العَرشِ استوَى، أي: قَهَرَ العرشَ الذي هو أعظمُ المخلوقاتِ، فهو قاهرٌ لكلّ شيء، هذا تفسيرٌ ليس عليه غُبارٌ. القَهرُ صفةُ كمالٍ لله تعالى، لذلك جاء في القُرءان تَسمِيتُه تعالى بالقهّار».

[3])) قال شيخنا رحمه الله: «اللهُ تعالى هو العزيزُ، معناه: الذي يَغْلِبُ ولا يُغلَبُ».

[4])) سبَق معناها في الحديث (39).

[5])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (1/202): «(مِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)، أي: طَعنِهم، وقيل: خَطراتِهم بِقَلبِ الإنسان». وقال الزّبِيديّ في تاج العروس (4/94): «الهَمزُ النَّخْسُ وهو شِبهُ الغَمزِ»، وقال المناوي في فيض القدير (1/288): «(وَمِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)، أي: نزَغاتهم ووَساوسِهم، (وأَنْ يَحْضُرُونِ)، أي: يَحُومونَ حَولِي في شيءٍ مِن أُمورِي لأنّهم إنّما يَحضُرونَ بسُوءٍ».

[6])) أي: أَحلِفُ باللهِ الّذِي نَفْسِي تحتَ مَشِيئَتِه وتَصرُّفِه، واللهُ مُنزَّه عن الجارحةِ والعُضو.

[7])) قال في الإصابة (3/3) وفي تاج العروس (5/149): «سابِطُ بنُ أبِي حُمَيْضَة بن عَمْرِو بن وَهْبِ بن حُذافَةَ الجُمَحِيّ، له صُحبَةٌ، رَوَى عنه ابنُه عبدُ الرَّحمٰن، وله صُحْبَةٌ أيضًا».

[8])) قال الملَا عليّ في المرقاة (4/1673): «أي: كُن لي مُعِينًا ومانِعًا ومُجِيرًا وحافِظًا». وسُئل شيُخنا رحمه الله عن مُناجاةِ اللهِ بِقَولِ: كُن لي جارًا مِمّن سِواكَ؟ فقال: «يجُوز، هذا مَعناهُ مُجيرًا، ولَم يَرِد هذا اللَّفظُ في الحدِيث».

[9])) قال الجَوهريّ في الصّحاح (3/961): «فَرَط عليه أي عجِل وعَدا»، ومنه قوله تعالى: {إِنَّنَا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغىٰ} [سُورة طه: 45]»، وقال الزَّبِيدي في تاج العُروس (5/195): «في العُباب: أي: يُبادِر بعُقوبَتِنا. وقال ابنُ عرَفة: أي: يَعجَل فيتَقدَّم منه مَكروهٌ».

[10])) قال الملّا عليّ في المرقاة (5/322): «عَزَّ جارُكَ)، أي: غلَبَ مُستجِيرُك وصار عزِيزًا».