الإثنين أبريل 14, 2025

باب ذِكْرِ الفِتن

  • عن أَبِي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سُنُونَ خَدَّاعَاتٌ([1])، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ([2])»، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يا رَسولَ اللهِ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ النَّاسِ»([3]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن نُعَيمِ بنِ حمّادٍ حدَّثَنا سفيانُ بنُ عُيَينةَ عن أبِي الزِّنادِ عن الأعرَجِ عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ فِيهِ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ، وَسَيَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ فِيهِ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا([4])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ غرِيبٌ أخرجَه الترمذِيُّ وحسَّنَه.

وقرأتُ بِخَطّ الذّهَبِيّ([5]) أنّ هذا الحدِيثَ لا أصلَ لهُ ولا شاهِدَ، تفَرّدَ به نُعَيمٌ وهو مُنكَرُ الحدِيثِ على إمامَتِه. قلتُ: نُعَيمٌ مِن شُيُوخِ البُخارِيّ ولَـم يَطعَنْ فيهِ أحَدٌ بحُجّةٍ، وقَد أثْنَى علَيهِ أحمدُ وابنُ مَعِينٍ.

  • عن علِيّ بنِ زَيد بِن جُدْعانَ عن أبِي نَضرةَ عن أبِي سَعيدٍ الخُدرِيّ رضي الله عنه قال: خَطَبَنا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعدَ صَلاةِ العَصرِ مُغَيْرِبانَ الشَّمسِ([6])، حَفِظَها مَن حَفِظَها ونَسِيَها مَن نَسِيَها، فكانَ فِيما قال: «أَلا إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ([7])، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا([8]) فَناظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ([9])، أَلا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ([10])، أَلا وَإِنَّ بَنِي ءادَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى، مِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا([11])، وَيَحْيا كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ كافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كافِرًا وَيَحْيَا كافِرًا، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، أَلا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرةٌ تَوَقَّدُ فِي قَلْبِ ابنِ ءادَمَ، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُم ذَلِكَ فَالأَرْضَ الأَرْضَ([12])، أَلا وَإِنَّ خَيْرَ الرِّجالِ([13]) مَن كَانَ بَطِيءَ الْغَضَبِ سَرِيعَ الْفَيْءِ([14])، أَلَا وَإِنَّ شَرَّ الرِّجالِ مَن كَانَ سَرِيعَ الْغَضَبِ بَطِيءَ الْفَيْءِ، فَإِنْ كَانَ سَرِيعَ الْغَضَبِ سَرِيعَ الْفَيْءِ أوْ بَطِيءَ الغَضَبِ بَطِيءَ الفَيْءِ فَإِنَّها بِهَا([15])، أَلا إِنَّ خَيْرَ التُّجَّارِ مَنْ كَانَ حَسَنَ الطَّلَبِ، حَسَنَ الْقَضَاءِ([16])، أَلا إِنَّ شَرَّ التُّجَّارِ مَنْ كَانَ سَيِّئَ الطَّلَبِ سَيِّئَ الْقَضَاءِ([17])، فَإِذَا كَانَ حَسَنَ الطَّلَبِ سَيِّئَ الْقَضَاءِ أَوْ سَيِّئَ الطَّلَبِ حَسَنَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهَا بِهَا([18])، أَلا إِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ([19])، أَلا وَلا عُذْرَ أَكْبَرُ مِنْ عُذْرِ إِمَامِ عَامَّةٍ([20])، أَلا وَإِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ([21])، أَلا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولُ بِالْحَقِّ إِذَا شَهِدَهُ أَوْ عَلِمَهُ([22])»، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا([23])، إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْي يَوْمِكُم هَذَا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ بِطُولِه، والحاكِمُ والترمذِيُ مِن وَجهٍ ءاخَر مُطوَّلًا، وابنُ ماجهْ مُقتصِرًا على بَعضِه.
  • عن أبي سَعيدٍ الخُدريّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنةِ بَنِي إسْرائِيلَ كانَتْ فِي النِّساءِ([24])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن أبِي سَعِيدٍ الخُدريّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الـمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ([25])، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ ([26])فَنِعْمَ الـمَعُونَةُ هُوَ([27])»([28]). هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه ابنُ خُزيمةَ.
  • عن عُبَيدِ بنِ سَنُوطا([29]) أنّه سَمِعَ خَوْلةَ بنتَ قَيسٍ امرأةَ حَمزةَ ابنِ عبدِ الـمُطلِّب تُحَدِّثُ أنّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ علَى حَمزةَ بَيتَه فتَذاكَرا الدُّنيا فقالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّنْيا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ([30])، فَمَنْ أَخَذَها بِحَقِّها بُورِكَ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مالِ اللهِ([31]) وَمالِ رَسُولِه([32]) لَهُ النَّارُ يَوْمَ القِيامَةِ». أخرجَه أحمدُ وصحَّحه الترمذِيُّ، وأَصلُه في البُخارِيّ مِن وجهٍ ءاخَرَ عن خَوْلةَ بنتِ ثامِر([33]).
  • عن النُّعْمان بنِ أَبِي عَيّاشٍ أنّه سَمِعَ خَوْلَةَ بِنتَ ثامِرٍ تَقولُ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: «إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوةٌ، وَإِنَّ رِجالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيامةِ». هذَا حدِيثٌ صَحِيحٌ أخرجَه أحمدُ، وأخرجَ البخارِيُّ الطّرَفَ الثّانيّ مِنه.
  • عن كَعبِ بنِ عُجْرةَ رضي الله عنه قال: خَرجَ علَينا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّهُ يَكُونُ عَلَيكُم بَعْدِي أُمَرَاءُ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيهِم فَصَدَّقَهُم بِكَذِبِهم وَأَعانَهُم عَلَى ظُلْمِهِم فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ([34]) وَلَيْسَ بِوَاردٍ عَلَيَّ الحَوْضَ([35])، وَمَن لَمْ يُصَدِّقْهُم بِكَذِبِهم ولَمْ يُعِنْهُم عَلى ظُلْمِهِم فَهُوَ مِنِّي وَأَنا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن حُذَيفةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ بَعْدِي أُمرَاءُ يَظْلِمُونَ وَيَكْذِبُونَ»، فذكَر الحديثَ نحوَه. هذا حديثٌ صَحِيح أخرجَه أحمد.
  • عن قَتادةَ عن سُلَيمانَ بنِ أَبِي سُلَيمانَ يُحدِّثُ عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيّ رضي الله عنه أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يَكُونُ أُمَرَاءُ يَغْشَاهُمْ غَوَاشٍ([36]) مِن النَّاسِ يظْلِمُونَ ويَكْذِبُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُم بِكَذِبِهِم وَأَعَانَهُم عَلَى ظُلْمِهِم فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ([37])». وفي روايةٍ: «وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُم بِكَذِبِهم وَلَمْ يُعِنْهُم عَلَى ظُلْمِهِم فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُم». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحد.
  • عن عبدِ اللهِ بنِ خَبّابٍ عن أَبِيه رضي الله عنه قال: كُنّا قُعُودًا علَى بابِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فخَرَجَ علَينا فقال: «أَلَا تسْمَعُونَ»، فقُلْنا: قَد سَمِعْنا، مَرَّتَينِ أو ثَلاثًا، فقال: «إنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَا تُعِينُوهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ،، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ» فذكَر بقِيّة الحديثِ مِثْل حديث كَعْب بن عُجْرَة. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
  • عن ابن عُمرَ رضي الله عنهُما قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ سيَكُونُ أُمَرَاءُ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَنْ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه البَزّار.
  • عن النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهُما قال: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونَحنُ في المسجِد بَعدَ صَلاةِ العِشاءِ فرَفَعَ بَصَرَه إلَى السَّماءِ ثُمّ خَفَضَ حتَّى ظَنَنّا أنّه حَدَثَ في السّماءِ شَيءٌ، ثُمّ قالَ: «أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَمَالَأَهُمْ([38]) عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَا أَنَا مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُمَالِئْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَإِنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ كُلَّهُ حَرامٌ، أَلَا وَإِنَّ سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلـٰـهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ جُنَّةٌ مِن النَّارِ([39])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الطّبَرانيّ.

[1])) قال السِّندي في حاشيته على ابن ماجه (2/494): «(خَدَّاعاتٌ) بتَشدِيدِ الدّالِ للْمُبالَغَةِ. قالَ السُّيوطِيُّ: أي: تَكثُر فِيها الأَمطارُ ويَقِلُّ الرَّيْعُ، فذلكَ خَدْعُها، أي: لأنَّهم تُطْمِعهُم بالخَيرِ ثُمّ تُخْلِفُ. وقيلَ: الخَدِعَة القلِيلةُ المطَر مِن خَدَعَ الرِّيقُ إذَا جَفَّ».

[2])) قال ابن الأثير في النّهاية (2/185): «الرُّوَيْبِضةُ تَصغِيرُ الرابِضةِ وهو العاجِزُ الّذي رَبَضَ عن مَعالِي الأُمورِ وقَعَدَ عن طلَبِها، وزيادةُ التاءِ للمُبالَغةِ».

[3])) قال الحافظ ابنُ بطّالٍ (ت449هـ) في شرح البخاريّ (10/207): «وقَد رأَينا أكثَرَ هذِه العَلاماتِ وما بقِيَ فغَيرُ بَعِيدٍ».

[4])) قال الملّا عليّ في المرقاة (1/264): «أي: مِن الأمر بالمعرُوف والنَّهيِ عن الـمُنكَر، إذْ لا يَجُوز صَرفُ هذا القولِ إلى عُمومِ المأموراتِ لأنّه عُرِفَ أنّ مُسلِمًا لا يُعذَر فيما يُهمِلُ مِن الفَرضِ الّذي تَعلَّق بخاصّةِ نَفْسِه، هكذا قاله الشُّرّاح».

[5])) ليسَ كُلّ ما في كُتب الذّهبي مُعتمَدًا، فإنّ فيها التّجسيمَ والتّشبيهَ والعياذُ بالله تعالَى، لا سيّما كتابُه الـمُسمَّى «العَرش».

[6])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/351): «وَقتَ مَغيبِها. يقال: غرَبَتِ الشَّمسُ تَغرُب غُروبًا ومُغَيرِبانًا».

[7])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (17/55): «ومعنَى: «الدُّنْيا خَضِرَةٌ حُلْوةٌ» يَحتمِل أنّ الـمُرادَ به شَيئان: أحَدُهما: حسنُها للنُّفوس ونَضارتُها ولَذَّتُها كالفاكِهة الخضراءِ الحُلوةِ، فإنَّ النُّفوسَ تَطلُبُها طلَبًا حَثِيثًا فكذَا الدُّنيا. والثّانِي: سُرعةُ فَنائِها كالشيءٍ الأخضَرِ في هذَينِ الوَصفين».

وقال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (11/246): «ومعناه: أنَّ صُورةَ الدُّنيا حسَنةٌ مُونِقةٌ، والعرَبُ تُسمِّي كلَّ شيءٍ مُشرِقٍ ناضِرٍ أخضرَ».

وقال شيخنا رحمه الله: «قالَ رسولُ اللهِ r: «الدُّنْيَا حُلْوةٌ خَضِرَة» فشبَّهَا بالخُضْرةِ الّتي هي طَعمُها حُلوٌ ومَنظَرُها سارٌّ».

[8])) قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهِم (7/312): «(إِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُم فِيهَا)، أي: جعَلَكُم فيها خَلَفًا مِمّن كانَ قَبلَكُم، فإنّها لَم تَصِل إلى قوم إِلّا بَعدَ ذَهاب ءاخَرين».

[9])) قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهِم (7/3129: «(فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)، أي: يُبصِرُ أعمالَكُم فيُجازِي كُلًّا بعمَلِه، إنْ خَيرًا فخَيرٌ، وإنْ شَرًّا فشَرٌّ».

وقال شيُخنا رحمه الله: «مَعناه: أنّه عزَّ وجلَّ يَرى ماذَا تَعمَلُون». وليسَ معنَى ذلك انّه تعالَى يَحدُث له بصَرٌ عِندَ وُجودِ الأَعمالِ مِن العِبادِ، فهو عَزَّ وجَلَّ مُتّصِفٌ بالبصَرِ الأزَلِيّ الـمُنزَّه عن التكيُّفِ والتقَيُّدِ بالزّمان.

[10])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (17/55): «معناه: تجنَّبُوا الافتِتانَ بِها وبالنِّساءِ. وتَدخُل في النّساءِ الزَّوجاتُ وغَيرُهنّ».

وقال الـمُظهِريّ في المفاتيح (4/11): «قوله r: «وَاتَّقُوا النِّساءَ»، أي: احذَرُوا أنْ تَمِيلُوا إلى النِّساءِ بالحَرام».

[11])) قال القَسطلّاني في إرشاد الساري (2/450): «حديثُ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرَةِ» ظاهِرُه تَعمِيمُ الوَصفِ المذكورِ في جَمِيع الـمَولُودِين. وحكَى قومٌ أنّ ذلكَ لا يَقتَضِي العُمومَ، واحتَجُّوا بِما رَواهُ سَعِيدُ بنُ مَنصورٍ يَرفَعُه: «إِنَّ بَنِي ءادَمَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا» إلخ، قالُوا: فَفي هذا ما يدُلّ على أنّ الحَدِيثَ ليسَ علَى عُمومِه. وأُجِيب: بأنّ حدِيثَ سَعِيدِ بنِ مَنصُورٍ فيه ابنُ جُدْعانَ وهو ضَعيفٌ، ويَكفي في الرَّدِ علَيهم حدِيثُ أبي صالِحٍ عن أبِي هُريرةَ عِندَ مُسلِم: «لَيْسَ مَوْلُودٌ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الفِطْرةِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ لِسانُهُ»، وأصرَحُ مِنهُ روايةُ جَعفرِ بنِ رَبِيعةَ بِلفَظِ: «كُلُّ بَنِي ءادَمَ يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرةِ»».اهـ. مختصَرًا.

وقال شيخنا رحمه الله: «ما في هذا الحدِيثِ مِن قولِه: «وَإِنَّ بَنِي ءادَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبقاتٍ شَتَّى» إلَى «وَمِنْهُم مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا» مُعارَضٌ بالحدِيث المتّفَقِ علَيه وهو: «ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرَة، فأَبَوَاهُ يُهَوِّدانِهِ أَوْ يُنَصِّرانِهِ»».

[12])) قال الملّا عليّ القاري في المرقاة (8/3218): «(فَإِنَّهُ جَمْرَةٌ)، أي: حَرارةٌ غَرِيزيّةٌ وَحِدّةٌ جِبِلّيّةٌ مُشعِلةٌ جَمْرةَ نارٍ مَكمُونةً في كانُونِ النَّفْسِ (عَلَى قَلْبِ ابْنِ ءَادَمَ)، أي: مُتَعالِيةٌ علَيه عِندَ غلَبَتِهِ بِحَيثُ لا تُخلِي للقَلبِ والعَقلِ معَها مَجالَ تَصَرُّفٍ وتَعَقُّل. (أَلا تَرَوْنَ)، أي: أَلا تَنْظُرُونَ (إِلَى انْتِفاخٍ أَوْداجِهِ)، أي: عُرُوقِ حَلْقِ الغَضْبانِ (وَحُمْرَةِ َعَيْنَيْهِ) كما يُوجَدُ مِصلُ هذا عِندَ حَرارةِ الطَّبِيعةِ في أثرِ الحُمَّى، فإنّ الظاهِرَ عُنوانُ الباطِن، وكُلُّ إِناءٍ يَترشَّحُ بِما فِيه. (فَمَنْ أَحَسَّ بِشَيءٍ مِنْ ذَلِكَ) أي: أَدرَكَ ظُهورَ أثَرٍ مِنهُ أو مَن عَلِمَ في باطِنِه شَيئًا مِنهُ (فَلْيَضْطَجِعْ) أي: تَواضُعًا لله وإِظهارًا لِعَجْزِه عَنهُ (وَلْيَتَلَبَّدْ بِالأَرْضِ)، أي: لِيلتَصِقْ بِها حالَ اضْطِجاعِه أو يزِدْ علَيه بالتَّمَرُّغِ في تُرابِها حتَّى يَسكُنَ غضَبُه، وإنّما أَمَر بِه لِـمَا فِيه مِن الضَّعةِ عن الاستِعلاءِ وتِذكارِ أنّ مَن كانَ أَصلُه مِن التُّرابِ لا يَستَحِقُّ أنْ يَتكبَّرَ ويَتجَبَّرَ على الأصحابِ».

[13])) أي: مِن خَيرِهم، وإلا فقَد تُوجَدُ هذِه الصِّفةُ فِيمَن هو فاسِدُ الاعتِقاد.

[14])) أي: الرُّجوعِ.

[15])) قال المناويّ في التّيسير (1/235): «(فَإِنَّها بِهَا)، أي: فإنّ إحدَى الخَصلتَين تُقابِلُ الأُخرَى».

[16])) قال المناويّ في التّيسير (1/235): «(حَسَنَ القَضاءِ)، أي: الوَفاءِ لِـمَا علَيه مِن دَينِ التّجارةِ ونَحوها (حَسَنَ الطَّلَب)، أي: سَهِلَ التقاضِي يَرحَمُ الـمُعسِرَ ولا يُضايقُ الـمُوسِرَ في تافِهٍ ولا يُرهِقُه إلى الوَفاءِ في وقتٍ مُعيَّن».

[17])) قال المناويّ في التّيسير (1/235): «(سَيّئَ القَضاءِ مُسِيءَ الطَّلَبِ)، أي: لا يُوفِّي لغَرِيمِه دَينَه إلّا بمَشقّة ومَطْلٍ معَ يَسارِه».

[18])) قال المناوي في التّيسير (1/235): «(فَإِنَّها بِهَا)، أي: فإِحدَى الخَصلتَين تُقابَلُ بالأُخرَى».

[19])) قال ابن العطّار في العُدّة (3/1694): «ومَعنَى «يُرْفَعُ لِكُلِّ غادِرٍ لِوَاءٌ فَيُقالُ: هَذِه غُدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ»، أي: تُجعَل عَلامةٌ يُشهَرُ بها في النّاسِ يومَ القِيامةِ فِي مجمَعٍ يَظهَرُ ذلكَ فيه للأوّلِينَ والآخرِينَ مُقابَلةً للذَّنْبِ بما يُناسِبُ ضِدَّه في العُقوبةِ؛ حيثُ إنّ الغادِرَ أخفَى جِهةَ غَدْرِه ومَكرِه فعُوقِبَ بنَقيضِه وهو شُهرَتُه على رُؤوسِ الأشهادِ».

وقال ابن الأثير في النّهاية (4/279): «(لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيامَةِ)، أي: عَلامةٌ يُشهَرُ بِها في النّاسِ، لأنّ مَوضُوعَ اللِّواءِ شُهْرَةُ مَكانِ الرّئِيس، وجَمعُه أَلْوِيةٌ».

[20])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (10/3265): «قال التُّورِبِشتيُّ: أرادَ بِأميرِ العامّةِ الـمُتغِلِّبَ الّذي يَستَولِي على أُمورِ الـمُسلمِين وبِلادِهم، بتأَمُّر العامّةِ ومُعاضدَتِهم إيّاه مِن غَيرِ مُؤامَرةٍ مِن الخاصّة وأهلِ العَقدِ مِن أُولِي العِلم ومَن يَنضَمُّ إلَيهِم مِن ذَوِي السّابِقة ووُجوهِ النّاس».

[21])) قال شيخنا رحمه الله: «الحديث: «أَفْضَلُ الجِهادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِندَ سُلْطانٍ جائِرٍ» رواه أبو داود وابنُ ماجه والترمذِيُّ وغَيرُهم، والمرادُ بهِ الكَلامُ بحَقٍّ أمامَ سُلطانٍ جائرٍ إذَا كانَ يُرجَى مَصلَحةٌ دِينِيّةٌ وإلّا فلَيسَتِ الـمُخاطَرةُ شرعيّةً لِقَولِه r: «لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِن أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قِيلَ: وكَيفَ يُذِلُّ نَفسَ يا رَسولَ الله؟ قال: «يَتَعَرَّضُ لِـمَا لا يُطِيقُ مِن البَلَاءِ» رواه الترمذِيُّ وابنُ حِبّان والبَيهقيُّ في كتاب «الأدَب» وغيرُهم، وهو صِحيحٌ باتّفاقِ أهلِ الحَديث. اليومَ أفضلُ الجِهادِ هو إحياءُ عِلمِ أهلِ السُّنَّة لأنّه بِسبَب قِلّةِ مَن يَفهَمُ عِلمَ أهلِ السُّنَّةِ الوَهّابِيّةُ كَثُرَتْ وحِزبُ الإخوانِ كَثُرُوا وحِزبُ التَّحرِير أَثَّرَ في النّاسِ. الّذِي يَعمَل في نَشرِ مَذهبِ أهلِ السُّنَّة ثَوابُه عَظِيمٌ ومَن أعانَ÷ على هذا ثوابُه عظَيمٌ».

[22])) قال السُّيوطِيّ في شرح ابنِ ماجه (ص289): «الهَيبةُ قد تكُون بِخَوفِ تلَفِ النَّفسِ والمالِ، فالأمرُ للِعَزِيمة لا للوُجوبِ، فإنّ الإجماع على أنّ الأمرَ بالمعروفِ يَسقُط في هذه الحالةِ، وأمّا الهَيبةُ بسبَبِ الطَّعنِ والـمَلامةِ فليسَتْ بشَيءٍ ولا يَبعُد أن تكُون هي مُرادةً في الحدِيث؛ فقد وَرَد: «قُلِ الحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا وَلَا تَخَفْ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» فعلَى هذا الحدِيثُ على ظاهرِه ليس للتأوِيل فِيه مَساغٌ».اهـ. مختصرًا.

[23])) قال الطِّيبيّ في المشكاة (10/3266): «(فِيمَا مَضَى مِنها)، أي: في جُملةِ ما مضَى مِنها، يعنِي نسبةَ ما بقيَ مِن أيّام الدنيا على جملةِ ما مضَى كنِسبةِ ما بقي مِن يَومِكم هذا إلى ما مضَى مِنهُ».

[24])) قال الملّا علي القاري في المرقاة (5/2045): «(كانَتْ فِي النِّساءِ) أي: في شأَنهِنّ وأَمرِهنّ».

وقال المناويّ في فيض القدير (2/179): «يُرِيدُ قَتلَ النَّفسِ الّتي أُمِرَ بَنُو إسرائيلَ فيها بِذَبحِ البقَرةِ، واسمُ المقتُول عامِيلُ قَتلَله ابنُ أَخِيه أو عَمِّه لِيتزَوَّج ابنتَه أو زَوجتَه».

[25])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (7/126): «شبَّهَه في الرَّغبةِ فيه والـمَيلِ إليه وحِرصِ النُّفوسِ علَيه بالفاكِهةِ الخَضراءِ الحُلوةِ الـمُستلَذّةِ، فإنّ الأخضرَ مَرغُوبٌ فيه علَى انفِرادِه والحُلوُ كذلك على انفِرادِه، فاجتِماعُهما أشَدُّ».

[26])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (10/3278): «(فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ)، أي: باحتِياجِه وحِلِّه ووَضَعَه في حَقِّه بأنْ أَخرَجَ منه حَقَّه الواجِبَ فيه شَرعًا كالزَّكاةِ فنِعمَ الـمُعِينُ هو لِصاحبِهِ، يَبلُغُ بِه الخَيرَ وَيَنجُو بِه مِن الشَّرَ».

[27])) قال الملّا علي القاري في المرقاة (8/3232): «(فَنِعْمَ الـمَعُونَةُ)، أي: ما يُستَعانُ بِه على الطاعةِ ويُدفَع به ضَرُوراتُ الـمُؤنةِ، إذِ الـمُرادُ بالـمَعُونةِ الوَصفُ مُبالَغةً أي فَنِعَم الـمُعِينُ علَى الدِّين (هُوَ)، أي: المالُ، ونَظِيرُه ما وَرَد: «نِعْمَ الـمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِح»».

[28])) قال شيخنا رحمه الله: «قولُه r: «المالُ حُلْوةٌ خَضِرَةٌ»، معناه: أنّ المال كالنَّباتِ الذي هو أخضَرُ مِمّا يَشتَهِيه النّاسُ، مَنظَرُه جمِيلٌ حسَنٌ والنَّفسُ تَمِيلُ إليه، شَبَّه رَسولُ اللهِ r المالَ بالخَضِرةِ الحُلوةِ الحسَنةِ الـمَنظَر، فإنّ النَّفسَ تَشتهِيه كما تَمِيلُ إلى الخُضْراواتِ الـمُستَحْسَنةِ الّتِي تَشتَهِيها العَينُ. شبَّه المالَ بهذِه الخُضرةِ ونِعمَ التَّشبِيهُ، ثُم فصَّلَ في المالِ فقال: «فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَنِعْمَ الـمَعُونَةُ» أيك أنّ هذا المال الّذي يأخذُه الـمُؤمِنُ مِن الـمَوضِع الّذي أَحَلَّه اللهُ وَوَضَعَه فيما أَحَلَّ اللهُ كان ذلك عَونًا له على ءاخِرَتِه، لأنّ اللهَ تبارك وتعالى جعَلَ هذا المالَ وَسِيلةً لِكَسبِ الـمَثُوباتِ والأُجورِ في الآخِرة. كان أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يَملِكُ مِن المال الحَلالِ مَليُونًا مِن الأَواقِي أي مَليُونَ أُوقِيّةٍ وكان يَصرِفُه في خِدمةِ رَسولِ الله r وفي خِدمةِ ضُعَفاءِ الـمُسلمِين الّذِين كانُوا مُضْطهَدِين مِن قِبَلِ الـمُشرِكِين أي قَبلَ الهِجرةِ، وأَنفَقَ الكَثِيرَ الكَثِيرَ مِن هذا المالِ الكَثِيرِ في مَرضاةِ اللهِ، حتَّى إنّه أَتَى عليه يَومٌ دعا فيه رَسولُ اللهِ r إلى بَذلِ المالِ في مَصالِح الـمُسلمِين فأَنْفَقَ أبو بكرٍ جمِيعَ ما عِندَه مِن بَقِيّةِ تِلكَ الثَّروةِ الّتي كانت معَه في بَدء الدَّعوةِ الإسلاميّة، فلَم يَفعَلْ ذلك أحدٌ يَفعَلْ ذلك أَحدٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ r، وإنّما عُمَر بنُ الخطّاب اقتَفَى بأَثَرِه وأَنفَقَ نِصفَ ما يَملِكُ. فما كان مِن المالِ على هذا الوَجهِ أي ما يكُونُ مُكتسَبًا مِن طرِيقٍ حَلالٍ ويُنفَقُ في أمرٍ حَلالٍ كان ذلك نِعمَ الـمَعُونةُ علَى مَصالِح الآخِرةِ كما أنّه مَعثونةٌ علَى مَصالِح الـمَعِيشة».

[29])) ويُقال لهك «عُبَيدُ سَنُوطا»، أبو الولِيد المدَنِيُّ مِن الـمَوالِي وعِدادُه في أهلِ المدِينة. قال الحافظ العسقلانيّ في تقريب التّهذيب (ص379): «عُبَيد سَنُوطا بفَتح الـمُهمَلة وضَمّ النُّون، ويُقال: ابنُ سُنُوطا».

[30])) قال ابن الأثير في النّهاية (2/41): «(حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ)، أي: غَضّةٌ ناعِمةٌ طَرِيّةٌ».

[31])) قال شيخنا رحمه الله: «(مُتَخَوِّضٌ)، أي: مُتَصَرِّفٌ، فالّذي يأخُذ مالَ الزَّكاةِ وهو مِن غَيرِ أهلِه والّذي يأخُذُ مالَ الدّولةِ وهو مِن غَيرِ أهلِه والّذي يأكُل مالَ اليَتيمِ بِغَيرِ حَقٍّ وكذلِكَ الّذي يأكُلُ الرِّبا كلُّهم يَدخلُونَ تحتَ هذا الحديثِ. أمّا إذا كانتِ الدَّولةُ إسلامِيّةً مُستقِيمةً أي تَعمَلُ بشَرعِ اللهِ كما كان عُمَر بن الخطّابِ رضي الله عنه فهؤلاءِ يَعرِفونَ الـمَصادِر الّتي تَستحِقُّ شرعًا أن يُصرَف المالُ فِيها، فإذَا أَعطَوهُ مالًا يأخُذُ ولا يَبحَثُ، إنْ أعطَوهُ قليلًا أو كثيرًا فلَهُ أنْ يَنتفِع بِه.

عُمَر رضي الله عنه لـمّا صارَ خلِيفةً قال: «أنا أعتَبِرُ نَفسي بالنِّسبةِ لِبَيتِ المالِ كوَلِيّ اليَتيمِ، إنِ احتَجتُ استَقَرَضْت»، أي: ءاخُذُ بنِيّةِ أنْ أرُدَّ فيما بَعدُ معَ كونِه يَستحِقُّ أنْ يأخُذَ ولا يَرُدَّ، وهذا مِن شِدّة ورَعِه، قال: «وإِلَّا استعْفَفْتُ»، أي: إنْ لَم اَحتَجْ لا ءاخُذ، مع انّه في أيّامِه كان بَيتُ المالِ غنِيًّا إلى حَدٍّ كَبِيرٍ، ما بنَى مِن بَيتِ المالِ قَصرًا ولا أشترَى أراضِيَ إنّما هذا كان حالَهُ، مع أنّ الدُّول كانتْ تَرتعِدُ مِن هَيبَتِه دُونَ مَظهَرٍ فَخمٍ مِن حيثُ اللِّباسُ ولا مِن حيثُ الـمَسكَنُ، مع هذا كانت قُلوبُ العِبادِ تَهابُه».

[32])) أي: مِن غَنِيمةٍ وغيرِها، قاله الملّا علي في المرقاة (6/2593).

[33])) قال الحافظ العسقلانيّ في الإصابة (8/113): «قال عليّ بنُ الـمَدِينيّ: هي بِنتُ قَيسِ بن قَهْدٍ بالقافِ، وثامِرٌ لقَبٌ. وحكَى ذلك أبو عُمَر أيضًا. ويُقال: هُما ثِنتانِ، نعَم، الحدِيثُ الّذي رُوِي عن خَولةَ بنتِ ثامرٍ جاءَ عن خَولةَ بنتِ قيسٍ».

[34])) أي: ليسَ على طريقَتِي الـمَرْضِيّة.

[35])) قال ابن حجَرٍ الهَيتميّ في الفَتاوَى الحدِيثيّة (ص18): «نقَل القُرطبِيُّ عن العُلَماء أنّه يُطْردُ عن الحَوضِ مَن ارْتَدَّ أو أَحدَثَ بِدعةً كالرَّوافِض والظَّلمةِ الـمُفسرِفِينَ في الجَوْرِ والـمُعْلِنِ بالـمَعاصِي.اهـ. مُلخَّصًا. وهذا بِناءً علَى أنّ الحوضَ قَبلَ الصِّراطِ، والّذِي رَجَّحه القاضِي عِياضٌ أنّه بَعدَه وأنّ الشُّربَ مِنهُ بَعدَ الحِسابِ والنَّجاةِ مِن النّارِ، وأيَّدَه الحافِظُ ابنُ حجَرٍ. ولا يُنافِيه أنّ جَمْعًا يُدْفَعُون عنه بَعدَ رُؤيَتِه إلى النّارِ لأنّهُم يُقرَّبُون مِنهُ بِحَيثُ يَرَوْنَه فيُدفَعُون في النّارِ قَبلَ أنْ يخلُصُوا مِن بَقِيّةِ الصِّراطِ». مُختصَرًا.

[36])) وفي روايةٍ: «حَوَاشٍ».

[37])) أي: ليسَ على طريقَتِي الـمَرْضِيّة.

[38])) أي: تابعَهُم.

[39])) أي: وِقايةٌ مِن عَذَابِها.