باب ذكر وفد الجن من جن نصيبين
وبعدَ أن مضَتْ له خَمْسونا *** وربعُ عامٍ جاءَهُ يَسْعَونا
جِنُّ نَصِيْبِيْنَ لهُ وكانا *** يقرأُ في صلاته قُرءانا
بنَخلةٍ فاستمعوا وأسلموا *** ورجعوا فأنذروا قومَهُم
لما انصرف المصطفى من الطائف راجعًا إلى مكة نزل إلى نخلة فقام يصلي من الليل وكان إذ ذاك مضى له من عمره خمسون سنة وربع عام وهو ثلاثة أشهر، جاءه يسعون جنُّ نصيبين بالجزيرة هكذا في مسلم [1]، وفي تفسير عبد بن حميد من نينوى “بنخلة” وهم تسعة وكان يصلي “فاستمعوا” لقراءته فلما فرغ أسلموا وولوا إلى قومهم منذرين فأنزل الله: {وإذْ صَرَفْنا إليكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ} [سورة الأحقاف] الآية. وروي [2] من حديث [أبي] المعلى عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطًا وقال: “لا تحدثنَّ شيئًا حتى ءاتيك” ثم قال: “لا يروعَنَّكَ أو لا يهولنك شيء تراه” ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط –جيل أسود من الهند- وكانوا كما قال الله: {كادوا يكونونَ عليهِ لِبدًا} [سورة الجن] فلوددت أن أقوم فأذب عنه بالغًا ما بلغتُ ثم ذكرتُ عهده فمكثت ثم تفرقوا عنه فسمعتهم يقولون: “يا رسول الله شُقَّتُنا بعيدةٌ ونحن منطلقون فزودنا” الحديث، وفيه: “فلما ولّوا قلت: من هؤلاء؟ قال: “جن نصيبين”، واختلف في تسميتهم على أقوال كثيرة. والشُقَّة: بُعْد تسير إلى الارض البعيدة. وقول الناظم: “قرءانا” حشو كمل به الوزن، ونخلة غير منصرف لأنه اسم موضع بقرب مكة.
[1] الذي في مسلم لفظ: “جن الجزيرة” فقط وليس ذكر نصيبين كتاب الصلاة: باب الجهر بالقراءة في الصبح، ولفظ: “جن نصيبين” في صحيح البخاري: كتاب مناقب الانصار: باب ذكر الجن.
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [10/66].