الخميس نوفمبر 21, 2024

باب ذكر حجه وعُمَره

بكسر الحاء، وعمر بضم العين وفتح الميم جمع عمرة.

قدْ حجَّ بعدَ هجرةٍ لِطيبه *** سنةَ عشْر قطْ بغيرِ مِرْيَه

واعتمرَ النبيُّ بعدَ الهجرةِ *** أربعةً والكُلُّ في ذي القَعْدةِ

إلا التي في حجَّةِ الوداعِ *** قَرَنها لمْ يَخْلُ بالنزاعِ

قد حج المصطفى بعد الهجرة من مكة إلى المدينة سنة عشر من الهجرة [ولم يحج بعد الهجرة] غيرها “قط بلا مرية” أي شك، وفي البخاري [1]: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر واحدة وتسمى حجة الوداع.

واعتمر بعد الهجرة عمرًا كلها في ذي القعدة إلا العمرة التي اعتمر بها في حجة الوداع فإنه قرنها أي قرن فيها بين الحج والعمرة معًا على خلاف فيه فقيل: حج قارنًا، وقيل: متمتعًا وهو الأصح، وقيل: بل مفردًا.

أوَّلُها سنةَ سِتّ صُدَا *** فيها عن البيتِ فحَلَّ قَصْدا

كانتْ بها بَيْعَتُهُ المَرْضِيَّهْ *** ثمَّ تليها عُمرةُ القَضِيَّهْ

سنةَ سبعٍ بعدها الجِعْرانهْ *** عامَ ثمانٍ واعدُدَنْ قِرانَهْ

ولم يَعُدَّ مالكٌ ذي الرابعهْ *** وقالَ حجَّ مُفردًا وتابعَهْ

بعضُهمُ وحجَّ قبلَ الهجرةِ *** ثنتينِ أو أكثرَ أو فمرَّةِ

ولم يصحَّ عَدَدُ الحَجَّاتِ *** مِن قبلِ هجرةٍ ولا العُمراتِ

أول عمرة اعتمرها المصطفى عمرة الحديبية وكانت يوم الاثنين هلال ذي القعدة سنة ست من الهجرة لما أن صُدَّ أي صده المشركون فيها عن الوصول إلى البيت فتحلل عن الهجرة بذبح هديه وحسبت له عمرة، ولم تذكرها عائشة رضي الله عنها في عمره، وكانت بها بيعة الرضوان.

ثم تليها العمرة الثانية وهي التي تسمى عمرة القضية وعمرة القضاء وعمرة القصاص حيث صالحوه من العام المقبل وكانت في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة.

وبعدها العمرة الثالثة حين قسم غنائم حنين وكانت من الجعرانة وكانت عام ثمان من الهجرة، وقول الناظم: “واعددن قرانه” أي واعدد أنت.

العمرة الرابعة عمرة قرانه بين العمرة والحج على الصحيح، ولم يعد مالك بن أنس في الموطإ [2] هذه الرابعة وهي عمرته مع حجة الوداع مفردًا بالحج دون العمرة، وتابعه على مقالته هذه بعضهم كالشافعي في أحد قوليه.

وأما عدد ما حجه المصطفى قبل الهجرة فقد قيل: إنه حج ثنتين لما رواه الرمذي [3] عن جابر: “حج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج ثنتين قبل أن يهاجر”، وقيل: أكثر من ثنتين، وفي الإكليل عن جابر: “حج النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر حججًا”، وقيل: مرة واحدة فقط، والراجح أنه لم يصح عدد الحجات التي حجها قبل الهجرة ولا عدد المرات التي اعتمرها قبلها.

[1] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المغازي: باب حجة الوداع.

[2] الموطأ [ص/285].

[3] سنن الترمذي: كتاب الحج: باب ما جاء كم حج النبي صلى الله عليه وسلم.