باب ذكر إسلام عبد الله بن مسعود المذكور
أفرده بباب لأن إسلامه قد ترتب على هذه المعجزة العظيمة الآتية.
جاءَ لهُ النبيُّ وهْوَ يرعى *** غُنَيمةً يُسيمُها في المرعى
قالَ لهُ شاؤُكَ فيها لبنُ *** قالَ نعم لكنني مُؤتَمن
قالَ فهل فيها إذًا من شاةِ *** ما مسَّها الفَحلُ إذًا فتأتي
بها فمسَّ الضَّرعَ وهْوَ يدعو *** فامتدَّ ضَرعُها ودرّ الضّرعُ
فاحتلبَ الشاةَ وأسقى ثمّ مَصْ *** في شربهِ قالَ لهُ اقلُصْ فقلصْ
قال فعلِّمني لعلّي أعلمُ *** قالَ لهُ غُليِّمٌ مُعَلَّمُ
قوله: “غُنيمة” تصغير غنمة، وقوله: “يسيمها” بضم أوله قال تعالى: {فيهِ تُسيمونَ} [سورة النحل] أي ترعون مواشيكم من السّمة العلامة لأنها تؤثر في الأرض علامات في الرعي، وقوله: “شاؤك” بالضم جمع شاة وتجمع على شياه رجوعًا للأصل، وأصل ذلك ما في المعجم الصغير عن ابن مسعود [1]: “كنت في غنم لآل عقبة بن أبي معيط فجاء رسول الله ومعه أبو بكر فقال رسول الله: هل عندك لبن؟ قلت: نعم لكنني مؤتمن عليها أي أمين، قال فهل عندك شاة لم ينزُ عليها الفحل؟ قلت: نعم، فأتيته بشاة فمسح النبي مكان الضرع بيده وهو يدعو وما كان لها ضرع فإذا ضرع حافل مملوء لبنًا فأتيت النبي بصخرة منقعرة فاحتلب الشاة فسقى أبا بكر ثم سقاني ثم شرب ثم قال للضرع: “اقلص” فرجع كما كان، فلما رأيت هذا قلت: يا رسول الله علمني فمسح رأسي وقال: “بارك الله فيك فإنك غلامٌ معلم” انتهى.
وقول الناظم: “وأسقى” لغة في سقى، وقوله: “مص في شربه” مزيد على هذه الرواية إما باطلاع الناظم عليه في رواية أخرى لم نقف عليها أو لأن الاستقراء قاض بأنه كان يمص في شربه أبدًا.
وقوله: “اقلص” بضم [2] الهمزة واللام، أي ازَوِ وانضمَّ فقلص، بسكون الصاد في النظم. وقوله: “غليمٌ” بالضم والتشديد مصغرًا ولفظ الحديث غلام.
[1] أخرجه أحمد في مسنده [1/379-462]، والطبراني في المعجم الكبير [9/79]، والمعجم الصغير [ص/205]، وابن حبان في صحيحه: انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان [9/100]، وانظر مجمع الزوائد [6/17].
[2] أي أصلها من الضم وإلا فإنها لا تضم في أثناء القراءة لأجل الوزن.