الجمعة أبريل 19, 2024

باب ذكر أقداحه وءانيته وركوته وربعته وسريره عليه السلام

أقداحُهُ الرَّيَّانُ والمُغيثُ *** وءاخرٌ مُضَبَّبٌ يَغيثُ

بهِ إذا ما مَسَّهُم مِنْ حاجِ *** وقدحٌ ءاخرُ مِن زُجاجِ

وقدح تحتَ السريرِ عَيدانْ *** يقضي بهِ حاجتهُ في الأحيانْ

كان له اقداح كثيرة قدح يسمى الريان [بفتح الراء وشدة المثناة التحتية]، وءاخر يسمى المغيث [بضم الميم ومعجمة]، وءاخر مضبب بعضه [يقدر أكثر من نصف المد أو أقل من المد، وفيه ثلاث ضبات من فضة وحلقة يعلق بها] يغيثهم به إذا ما مستهم حاجة فيشربون فيه فيشفون رواه الطبراني [1]، وقدح ءاخر من زجاج، وكان له قدح من عيدان [بفتح أوله وسكون ثانيه اشتهر نقله قاضي القضاة السعدي الحنبلي وكان يُجعلُ] تحت سريره يقضي به حاجته ويبول فيه بالليل في الأحيان الباردة.

مَرْكِنُهُ منْ شبهٍ وتَوْرَه *** حجارةٌ مَنْ نالَهُ يَميرُهْ

رَكوتهُ كانت تُسمى الصَّادرهْ *** قصعتُهُ الغرَّاء ليست قاصرهْ

كانَ له صاعٌ لأجلِ الفِطرةِ *** وقعْبُهُ كانَ اسمهُ بالسَّعةِ

وكان مركنه أي مخضبه من شَبَهِ وهو ضرب من النحاس تكون فيه الحناء، وكان له تور من حجارة يتوضأ فيه [والتَّوْرُ بمثناة فوقية إناء كبير يتطهر منه من ناله يميره]، وكانت ركوته تسمى الصادرة [سميت به لأنه يصدر عنها بالرحى]، وكانت قصعته تسمى الغراء ليست قاصرة أي ليست قليلة السعة بل كانت كبيرة جدًا [بحيث لا يحملها إلا أربعة رجال كما رواه أحمد وغيره [2] إذا ما مسهم بزيادة ما]، وكان له صاع لأجل إخراج زكاة الفطر به، وكانت له قعبة من صفر موسومة بالسعة.

كنتْ له ربعَةٌ اي مُرَبَّعَهْ *** كجُونَةٍ يُجعلُ فيها أمْتِعَهْ

سِواكهُ ومِشْطُهُ والمُكْحُلَهْ *** كذلكَ المِرءاةُ والمِقراضُ لهْ

كان له ربعة مربعة اسكندرانية أهداها له المقوقس [مع مارية أم إبراهيم]، وكانت كالجونة [بضم الجيم ما يجعل فيه الطيب، وكان] يجعل فيها أمتعته أي سواكه ومشطه وكان من عاج وقيل من ذبل [3]، ومكحلته [التي كان يكتحل منها عند النوم]، ومرءاته [قال السهيلي: واسمها المدله كان ينظر فيها]، ومقراضه [يسمى الجامع كما رواه الطبراني] وكانت هذه الأشياء لا يفارقها في السفر.

كانَ لهُ سريرٌ اهداهُ لهُ *** أسعدُ وهْوَ ساجٌ استعملهُ

مُوَشَّحٌ بالليفِ ثم وُضعا *** عليهِ لمَّا ماتَ ثم رُفِعا

عليهِ أيضًا بعدَهُ الصّديقُ *** كذاك أيضًا عُمرُ الفاروقُ

وكان له سرير ينام عليه أهداه له أسعد بن زرارة وهو من ساج أي قوائمه منه [كما روى البلاذري عن عائشة قالت: كانت قريش بمكة وليس شيء أحب إلينا من السرير ننام عليه، فلما قدم رسول الله المدينة ونزل منزل أبي أيوب قال: “أما لكم سرير”؟ قالوا: لا، فبلغ أسعد بن زرارة فبعث له سريرًا له عمود وقوائمه ساج، وكان ينام عليه حتى تحول إلى منزلي وكان فيه، فوهبه لي وكان ينام عليه حتى توفي صلى الله عليه وسلم وهو فوقه، وطلبه الناس منا يحملون عليه موتاهم، فحمل عليه أبو بكر وعمر والناس طلبًا لبركته]، وقوله: “استعمله” أي استعمله له أسعد وهو موشح بالليف [اشترى ألواحه عبد الله بن إسحاق مولى معاوية بأربعة ءالاف درهم، ذكره حماد، وأنه بيع في ميراث عائشة]، ثم وضع عليه لما مات، ثم وضع عليه بعده الصديق، ثم الفاروق، ثم كان الناس يحملون عليه موتاهم تبركًا به، وقوله: “ثم وضعا” و”رفعا” بألف الإطلاق.

[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [24/205-206].

[2] لم نجده في مسند أحمد لكن أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الأكل من أعلى الصفحة، والبيهقي في دلائل النبوة [6/334].

[3] شيء كالعاج، وقيل عظام دابة بحرية يتخذ منها الأسورة والأمشاط.